الخميس، 7 أغسطس 2014

سعادة تقتحم الأحزان

سعادة تقتحم الأحزان ...
حل عيد الفطر، لعام ألف وأربعمائة وخمسة وثلاثين، علينا والأحزان تحيط بنا من كل جانب!! فغزة تُقصف بلا هوادة، والقتلى بمختلف أنواعهم ولاسيما الأطفال والنساء يتصدرون المشهد المؤلم، وبراميل الموت والدمار تنزل متتابعة على جل مدن سوريا، وما أدراك ما هذه البراميل؟! إنها سلاح الرعديد الجبان... وهو يعلم أنها قاتلة أو مدمرة، أو مرعبة...  يرسلها إلى العزل من النساء والشيوخ والأطفال والشباب، وأينما كانت إصابتها فهي محققة للغرض لدى مرسلها... وليست سائر بلاد المسلمين بمنجاة مما أصاب الشام...هذا على المستوى العام؛ أما الهموم الخاصة، فلها شأن آخر، ووقع مختلف... وإن كان النوعان يصبان في إرهاق النفس إلى أبعد مدى...
كنا كذلك، ولكن الله أرحم بعباده... حين قدر زيارة أحبة خُلّص، قريبين من الروح والقلب، بعيدين عن الجسد والمقام... منهم من لا نعرف، لطول الفترة، ومنهم من تقطعت القلوب لرؤياهم... اقتحموا علينا أسوار أحزاننا تلك.. وإذ بالنفوس تستروح نسماتهم، والقلوب تردد مع وجيبها أصوات حداءاتهم، والعيون تتهيأ بعد صوم طويل لتفطر على نضارة وجوههم... إنها أختي من الرضاعة، لطفية وابنها "بدوي" أختي أم إبراهيم، التي أحبتني وأحببتها مذ كنا نتسابق على نهل اللبن الصافي الحر السائغ من أمنا فاطمة، رحمها الله، وابنها بدوي الذي ما شهدت مولده ولا نشأته ولا دراسته، ولكن روحه كانت تسري في عروقي، أحسست بذلك حين خاطبني عن بعد...وأخذت الذكريات تتدفق بسرعة، تتسابق فيما بينها، أيها سيأخذ مكان الصدارة... ومن أيها سيبدأ الحديث وهو يخرج من ثغر باسم، وقلب صدوق... واختلطت أشجان الذكريات بأفراح اللقاء... ومن هذه وتلك ولدت هذه القصيدة:   
أتتنا أم إبراهيم تسعى
تــنـــفّس صبحنـــا، أهدى عبيرا****بيوم العيـــــد صافحـــنا الزهــــورا
بيــــــوم العيـــد كان لنـــــــا لقــــاءٌ****بأحبـــــــابٍ، فـــلَـــم نَـرهم دهـــــورا
أتـــانا العيــــد والآهـــاتُ تعـــــــلو****وتصعَــــــد من حناجِـــرنا زفِـــيــرا
ففــــــــــي سوريّـــــــة الثكلى أنيـــنٌ****وغــــــــــزةُ تُستبـــــــــاح ولا مجيــــرا
وفي أرض العراق تشبّ نـــــارٌ****فكانـــــــت فيــــــه شـــرًا مُستطــيرا
أتانــــــا العيــد والأكبـــاد حـــــــرّى****إلى الأحبـاب تطمح أن تطيــرا
وبينا نحْــــــن فــــي غَــــــمٍّ وهـــــمٍّ****وأفْـــئــدةٌ لنـــا انفـــطرت فطــــــــورا
وفوق صدورنا جثَــــمت جبالٌ****من الأرزاء، زادتْـــــها ســـــعِـــــــيرا
أتـــتــــــنا أم إبـــــــــراهيم تســــعـــى****ببسمَــــتها، لتمْــــــنَـــحنـــــــا ســـرورا
أتت، معهــــا ورود من ديـاري****لِـــنَــــنشق من أيَــــاديــــها العَــــبِــيرا
مُحـــمّــلةً بفــــــيض من حنـــــانٍ****وأشــــواقٍ، مُضمّـــــــخــــةٍ عطـــورا
صبا "هتيا" مع الأحباب حيــا****مرابعنـــا، فمــار الصـــدر مَـــــورا
أتَـــــت "لُطفيّةٌ" واللطف دومــــًا****لهـــا خُـــلُــــــقٌ وسل عـــــنها خبيرا
أتت أختي ونـــور العين منــــي****فكانت في الدّجـــى بــــدرًا ونـــورا
إذا صمَـــتَـــتْ يُزيّــــنُــــــهــــا وقَـار****ولست تـــــــرى لمنطقهــــا نظـــيرا
لهــــا ثغــــرٌ يجــــــــود بكل خــيرٍ****ولم تَـــنْــــــــطق تفَــــاهَـــــاتٍ وزورا
جلسنا حــولها نُصغي إليْــــهـــــا****وقـــــــــد ملأت مجـــــالسَنا حُبـــورا
لها ذهْــــــــن تـــوقــــد مثـــل نجــمٍ****وذاكــــــــرة مُحـــــــــــالٌ أن تحـــــــورا
أزاحت عن كواهِـــــــــلنــــا جبـــالًا****من الأحــــزان أعيتْـــــــنــــا كثيْــــــرا
وأقصت عن حنايــــــانا همــومًا****يـــــكاد المرء مِــــنْهــا أن يخــــــورا
ألا يا ربّ فاحفظهــــا وصُنْـــــها****وأبعـــــد عن محبــــــيهــــا الشرورا
الجمعة  5 شوال/1435 الموافق 1/آب/2014


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق