الخميس، 17 نوفمبر 2016

أرى حلبًا بما فيها تُبادُ

أرى حلبًا بمــا فيهــــا تبــــــــاد===وفي أرجــائها الأوغـاد مادوا
أرى حلبًا قد احْتضرتْ وما من===قريب أو أخ حضروا وعادوا
فهـــــذا مُســلم للنــــاس أمـــرًا===بـ"ريموت" يُوجّـــــه أو يُقــادُ
وهذا لا مُبـــالٍ فهــــــو يلهـــو===ويعبــث، ثم يأخـــذه الرقـــــادُ
أرى حلبًا تحشرج وهي تبكي===على أبنـــائها، هـــــلكوا وبادوا
لأطفـــــالٍ، وأشيـــاخٍ، وثكلى===لمَـــن يومًا عنت لهم الجيـــــادُ
لجيــران قد انطلقــوا صبــاحًا===وعند الليـــل بالأكفان عــــادوا
لمهد حضارة أضحت خرابــًا===ولم يُقم العــــزاء ولا الحـــــدادُ
ذوو الأرحـــام لم يبكوا عليها===ولـــــم يُلبس لمحنتــها ســــوادُ
ولكن سارعــــــوا في حفر قبـر===لها، ولهم نشـــاط واجتهـــــادُ 
لســــان الحــال عندهم جميعًا===الا فانـــــجوا، وموقفكم حيــــادُ
دعوا حلبًا تئن ولا تــــــبــالوا===فـــقـــد حــلّت بداركمُ سعـــــــاد
دعوا حلبًا وقد شُغلت بقصف===وشغـــلكم بذي الدنــيا ازديَــــادُ
دعوا حلبًا تُدكّ بهـــا مشافٍ===ومشــــــــفــــاكم لتجميـــــلٍ يُرادُ
دعوا حلبًا تُجوّع في حصار===أليــــــس لديْـــــكم مـــــــاء وزادُ
ألا تـــــبــًا لهم، بل ألـف تبٍ===فهم حُمــق وليس بهـــم رشــــــاد
أيُعقلُ أن يروا بوتيــن يرمي===جمار المـــــوت، يخلفـــها الرماد
فما اهتمــوا ولم يدْعـــوا لردٍ===وما غضبــوا وقـــــــد عمّ الفسادُ
أيُعقلُ أن يروا أوباشَ كسرى===يجوبون الديار ولــــمْ يُصــــادوا
لعمري إن ما يجري لعـــــارٌ===وذل، ثـــــــــم يعــــقبه اضطهاد
وهذا العار لــــن يمحى بـتاتا===إذا ما ظل فــي الكتـــبِ الجهـــادُ
ولم يُخـــــرجْه للميدان قـــومٌ===بما ملكوا، لنصـــر الحق، جادوا
ولكنْ رحمة المولى بشــامي===تجلّــــت فيه، وانعقــــد المـــــزاد
تبارى النّاس فـيه لكي ينالوا===جنان الخــلد إن حــــان الحصـــادْ
زرافاتٍ ووحـــدانًا تــداعوا===بهـــــم ملئـــت بطـــاح أو نجــــادُ
وآلوا أن يعيشوا عيـش حـر===يعـــمّـــهـــــم صـــفــــــاء أو ودادُ
وإن ما توا يُـــغَـظْ بهمُ عدوٌ===وتحيــــــا فــي مماتهــــم البـــــلادُ
شبابٌ في الجهاد لهم مضاءُ===غـــــــلاظ في عــــدوهمُ شـــــدادُ
ألا يا مـن تذاكيــتم عليهــــم===زعمتــــمْ مـا يفيــــــد ويُستفـــــادُ
حسبتم أنهــم أحجــــار لهــو===وأنّــــهـــمُ، لكـــــم، دومًا، عبـــادُ
نسيتم أنهــــــــم رهبــان ليلٍ===وفـــــرسان النهـــــــار إذا أرادوا
غـدًا ستعض يا بوتين عشرًا===ستندم حيـــن ينـــــقـــدح الزّنـــادُ
وإن رمتَ النجاة فلـن تراهــا===وهل في الشام مهربُ مـن أبادوا
وعبدك وابن عبدك سوف يشقى===ومن نتـــنٍ ستلفظـــه الوهــاد
وشمس الشام تُشرق من جديد===ويغمــــرها التـــآلف والـــــودادُ 
****