السبت، 27 سبتمبر 2014

شآمي..أنت قاهرةُ الأعادي

شآمي أنت قاهرة الأعـــــادي
شآمي أنت قاهرة الأعـــــادي****فلا تخشي خفـــافيش البــوادي
إذا انتشر الضياءِ أوتْ وكنّتْ****وتفْعَــلُ فعــلها وقــتَ السّـــوادِ
لقد ظنــــوا بأنهـــمُ صقــــورٌ****تُحــلّق في السماءِ بلا اصطيـادِ
نسُوا أن العـلوَّ بغيـر حـــــــقٍّ****نهــايته الهبــوطُ إلى الوهــــادِ
وظنـــــوا أنّ مكـــرَهمُ لَمُــجْدٍ****وخدعتَـهم تمـــرُّ على العبـــادِ
فقالوا: قد أتوكِ لـــدَحـر ظــلْمٍ****وإرهَـــــــابٍ تفشّــى في البلادِ
أمـــا علموا بأنــّك كنت حربًا****عــلى فـــئة الحمــاقة والعِـنــادِ
وأنّــكِ أنـــتِ قد عانيتِ منهـا****ومنها ذُقْــتِ مُــرّاً في اضطهادِ
وأنّ بنيـــكِ قـــد قاموا عليهـا****أرادوا وأدَهـــا قبْــلَ التّــمــادي
أمــا علموا بهــذا أم تعـــاموا****وهـــذا طبعُــهم: جَحدُ الأيــادي
فما مدّوا إليْــكِ العــونَ يـومًا****ومـا أعطَــوك من مَــــالٍ وزادِ
وما رأفُــوا بحالِك يوم كانـتْ****براميْــلُ المنـــايا في ازديـــــادِ
وما زالتْ تغــصُّ بكل حقــدٍ****وتُرمى في الشّــوارع والنوادي
وراميهــا أخو شـــرٍ كريـهٌ ****له جـــادوا بجُـــنــــدٍ أو عتـــــادِ
وقالوا:سوف نبعد عن صراعٍ****ونبْـــقى واقفـــــين على الحيادِ
إذا كان الــذي قــالوه حقــــّــًا****فَـفـيـمَ تجــاهُـل اللص المُعادي
تسنّم ذروة الإرهــاب حــتى****غــدا مثـَلًا يقــــال بـكلِّ نـــــــاد
تمـــرّ عليه آلـــتُهمْ ســـريعـًا****بلا قصــفٍ ولا ضــغــط الزناد
يُـــغازلُهم، فلا يـــجدون ردًا****عليــــــهِ سوى ترانيْـــــم الودادِ
أيُـــتْرَكُ مثــلهُ يبغي ويطغى****لِـيـقـــتلَ بالألـــوف بـلا انتقـــادِ
أيُـتْرَكُ مَنْ يُريقُ دماء شعبٍ****كأنْــهــــارٍ تســـيْـــلُ بِــــكل وادِ
وتُقْصَفُ يا شآمُ قُراكِ قـصْفًا****بـدعوى ضـرب أوكــار الفسـادِ
فيُقتــل نِســوةٌ بجـوار طفـــلٍ****وهَــــذي "كــفر ديّانٍ" تُنـــادي
وأمّا إن أتى الأشرارَ قصـفٌ****فـإيــْـهــــــامٌ وذرّ للــــــرمــــادِ
بني قــومي سألْـقــاكمْ قـريبــًا****فمــوعِــدنا، غدًا، يوم التــنادي
سأسْــألُــكم: إلام خذَلْـتـــموني****وشككتُم بعـــزمي واجتهـــادي
وأخطــائي الصغيرة خلْتموها****جبالًا من كبَــــائر، في اطــراد
جـــوادي احتـار ممـا قُلْتمــوهُ****وعــانــــــى مثـــله كلُّ الجيـادِ
قــليــلٌ منــكمُ وفّـــى وأوْفـــى****مُحـبّــًا في العطاء وفي الجهاد
جـــزاه اللــه خيــرًا ثـمَّ خيــرًا****وكافـــأهُ العـــطـاءَ بلا نـفــــادِ
شآمي إنّ فيكِ رجــالَ صِـدقٍ****شــآمي كيف تخشين الأعــادي
شآمي فاصبري حـــتى تنالي****جـزاء الصــبر، بُشرى للفـــؤادِ
رجـالُكِ سوف تمْحقُ كل باغ****وتصعـــقُـــه بفــرسانٍ شِـــــدادِ
رجالُك يا شآم الْمَجـــدِ ثـاروا****ولن يقفــوا إذا عَدَتِ العـــوادي
غرستِ بكل نــاحيــــةً شهيدًا****وسوف تقرّ عيــنُكِ في الحصادِ
السبت 3/11/1435 الموافق 27/9/2014


الجمعة، 26 سبتمبر 2014

تعامل الثوار مع مراحل الثورة.

تعامل الثوار مع مراحل الثورة.
مرت الثورة السورية بمنعطفات ومراحل كثيرة وخطيرة، وما زالت تمر، ولا تكاد مرحلة تؤذن بالرحيل إلا وتحل مكانها مرحلة أكثر تعقيدًا من الأولى...وإذا كان واجبًا على أي مهتم بهذه الثورة أن يعرف كل شيء عن أي مرحلة (ظروف نشأتها، وهدفها، ومشجعاتها ومثبطاتها، ومآلاتها، وأدواتها، وانعكاساتها على الثورة...)، فإن من باب أولى أن يكون ذلك أكثر وجوبًا على الثوار أنفسهم قيادات وجنودًا. وإذا وجدت ثمة غفلة عن ذلك فإنه نذير خطير على الثورة وعلى منحنى فعالياتها...
مرت الثورة أولًا بمرحلة البدء والمبادرة، وحسب رأي كثيرين أنها كانت عفوية...وانتقلت إلى مرحلة إثبات الوجود والتنامي، وهي لم تتعد مرحلة (السلمية)، وانطلقت النداءات للتدخل الدولي، وكانت بين مؤيد ومعرض، وجدّتْ مرحلة اللجوء إلى دول الجوار، وانتقلت بعد شهور كثيرة نسبيًا إلى مرحلة استخدام السلاح للدفاع عن النفس، حيث واكب الانشقاقات وتشكيل الجيش الحر، ثم أخذ المظهر المسلح يتنامى، ويزداد بروزًا على حساب الحراك السلمي، هذا التنامي تجلى في تشكيل كثير من الكتائب الموزعة على الأراضي السورية كافة تقريبًا، وحمي الوطيس، وأخذت الإنجازات الثورية تتحقق، وتفنن النظام في وسائل قمعها ومواجهتها، ثم جاءت مرحلة التدخل الدولي على شكل مؤتمرات، وتعدد هذه المؤتمرات (زمانيًا ومكانيًا، وحتى في طريقة المعالجة)، وأخذت المراوغات تطل برأسها من هنا وهناك، لدرجة أن المرء كاد يضيع في دهاليز التصريحات والمشروعات، كان ذلك يتم في وقت يشتد فيه النفخ في نار التنازع والخلاف، بين الفصائل والكتائب، والنافخون الحقيقيون يعرفون ماذا يقصدون من ذلك، ثم أعقب ذلك تنازع مسلح بين الفصائل، لكنه كان محدودًا ولم يطفُ على السطح، اللهم إلا ما وقع، وبصورة تم احتواؤها، نسبيًا، وإلى حد ما، بين مجموعات من الإخوة الأكراد وبعض الفصائل الأخرى، إلى أن تجلى بأشأم صوره بين "تنظيم الدولة" والذي تعارف بعضهم على تسميته "داعش" وبين معظم الفصائل الأخرى، وكان الإعلام يلعب دورًا كبيرًا وحسَاسًا في إذكاء ذلك، وإظهار كلا الطرفين بأنه غول لا يمكن التفاهم معه في نظر الطرف الآخر، وعاد التدخل الدولي مرة أخرى ليكون له دور مادي بارز، ولكن في هذه المرة، تحت شعار "محاربة الإرهاب"!!!، وتشكل تحالف لهذا الغرض، وبدأ التنفيذ، بالتحليق في الأجواء السورية، وعلى أراضيها، بخطة يضعها المعنيون بالأمر في هذا التحالف...
ما كان الهدف مما تقدم، السرد التاريخي بترتيب زمني للمراحل، وإنما أردت أن أضع سؤالًا كبيرًا أمام الثوار الحقيقيين، جميعًا، الذين اتفقوا، جميعًا، على هدف واحد، وضعوه نصب أعينهم، واعتبروا الحيود عنه خيانة للثورة ولدماء شهدائها... هذا السؤال هو: هل قام هؤلاء الثوار، بطريقة منهجية مدروسة، بالواجب الذي أكدنا عليه في بداية هذا المقال (الدراية التامة بكل مرحلة من ظروف نشأتها إلى انتهائها وما بينهما). هل كان لدى الثوار حس مستقبلي يتوقعون به، حسب المعطيات التي بين أيديهم، شيئًا عن المرحلة القادمة؟ وعن ربطها بالسابقة؟ وهل يوجد تسلسل منطقي بين ترتيب تلك المراحل، وهل يوجد دور تكاملي بينها؟ هل خططوا للتعامل معها، وحددوا محطات منها يمكن أن يستغلوها إيجابيًا لصالح الثورة، وأخرى سلبية ينبغي عليهم أن يتفادوها ويُبعدوها عن طريقهم؟ هل عرفوا هدف المرحلة الذي هم يريدونه، إن كانت المرحلة بفعلهم هم، أو الذي يريده غيرهم؟ هل اتخذوا الاحتياطات الكافية لمواجهة أي خطر يحيق بهم في تلك المراحل، ولكل مرحلة خطرها الخاص بها واحتياطاتها المتعلقة به؟
 أنا لا أسأل هذه الأسئلة لأشكك في خلو ميدان الثورة من رجال مخلصين نبيهين خبيرين يضعون نصب أعينهم ما تم ذكره، معاذ الله؟ فالواقع أثبت وجودهم، ولله الحمد، والكمال لله وحده، ولكن أردت التأكيد على ذلك، والانتباه، بمهارة وذكاء، إلى كل مرحلة، فهناك مراحل أخرى تنتظر؟ ما بعد الغارات؟ ماذا عن النظام في أثناء هذه الغارات وفيما بعدها؟ وماذا عن الهدف الأساسي الذي وضعوه نصب أعينهم؟ وكيف يتعاملون مع المستجدات لعدم المساس بهدفهم، وأنه سيبقى هدفًا إستراتيجيا وليس تكتيكيا...وما أنجع الوسائل والسبل وأكثرها حكمة في التعاطي مع كل جديد؟ أسئلة كثيرة.... أسأل الله تعالى أن يكون للتذكير بها، عند جميع المهتمين بهذه الثورة وناشدي نجاحها وقع كبير في نفوسهم.ِ
 ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من أمرنا رشدا.


الثلاثاء، 23 سبتمبر 2014

ناديتِ سلمى ومَـْن ناديتِــــهم صُـمُّ

ناديتِ سلمى ومَـْن ناديتِــــهم صُـمُّ
عشية مأساة صنعاء، وما سبقها من مآس حلّت بالأمة... 
أطلقت "سلمى" العربية صرختها وجُرحها ينزف دمًا:
ناديتِ سلْمى ومَـنْ ناديتِــــهم صـمُّ****ما مِـــنْ مُجيبٍ لديْــهم، إنّــهـمْ بُــكمُ
ناديتِ سلمى أنَــاسًا جُـــلّ هَـمهـــمُ****إرضــاءُ شهوتِـهـم والشاهِــقُ الفخمُ
ناديتِ سلمى ونابُ الوحشِ مُنْغرزٌ****في صدرِكِ الغضّ يـا سلمى له وَسْمُ
أحسنتِ ظـنّكِ يا سـلْمى بهِــمْ وهُـمُ****مثــلُ الدّمى، لُعَبٌ، يلهُــو بهم قــزمُ
أحسنتِ ظــنّكِ فــيمن كان ديــدنهم****نصــبَ العـــداء لمنْ فــي رأسه فهمُ
ما كنـــتِ عالمَــةً في أنّ سيّــــدهم****أعْطى أوامِــره: أن يُــــوأد الشــــهمُ
أن يُوصم الحـر بالإجـــرامِ مُتشحًا****ثوبَ الخيانَـــة، لا يرقــى له جُـــرْمُ
أن يَصدُرَ الأمرُ للأوغادِ كي يلجوا****أبـــوابَــنا، ولــهُم في شأنـــِنَا حُــكمُ
قد تاهَ صوتك يا سلمى فـما سمعت**** أصـــداءَهُ أذُنٌ، أو جــــاءهَـــا عِـلمُ
ناديت في الشرق أنْ هُـبوا لعزتكم****ناديتِ في الغــرب أن يكــفيــكمُ ظلمُ
لا الشّرقُ أصغى لما ناديتِ يمنعهُ****عَجْــزٌ وجهــلٌ وكبْــرٌ، قبْـــلهــا نـومُ
والغربُ،في خُبْــثه،ما كان مُكترثًا****كثــعـــلبٍ ماكرٍ فـــي وعـــدِهِ وهْـــمُ
ناديتِ في العُربِ أنْ وافاكمُ خطَـرٌ****فاستنهِضُوا هممـًا، يمضي بكمْ عزمُ
بلدانُـــــكم خُطِفَتْ أمـــامَ أعيُنـــكمْ****وأنْــتُـــمُ شـــزرٌ لخــيْـــركمْ خصـــمُ
لأهــلكمْ أوغروا صدوركم سَفَهـــًا****فقـــلْـــتمُ فِـــيهــمُ قــولًا بـــــهِ غُــرْمُ
ألْـــصَقـــتُمُ بهـــمُ شــرًا وإنّ لهُــمْ****فضلًا عــلى أُمّـــةٍ قد هـــدّهــا سُقْــمُ
ردّدْتُـــمُ فيـــهــمُ قـــولًا لطاغـيـــةٍ****فانضافَ، منْ قولكم، في رميـهِ سهمُ
حاربتُمُ بعضكم كي تُصْبحوا عدَمًا****أمـا العـــدا فلهُــم في حـربِـكم غُنـْــمُ
في الشامِ مذبحةٌ قد أصبحتْ علمًا****لِمُـجـرمٍ قـــذِرٍ، في ذكــــــرهِ شــــؤمُ
أمّــا العـراق فقــدْ أودتْ به مِحـنٌ****وجُــلُّ عُمـــرانه قــد طالـــهُ الهَــــدمُ
عاثتْ بــــهِ فِـــرَقٌ قد كان أرسلها****عــلْجٌ لـه نتَـــنٌ، في ريحِـــه زَهْــــمُ
وأرز لُبنـــانَ قد جاءتْــه عاصــفة****وإذ بــه فحْـــمــةٌ تلهـــو بِــــهــــا قمُّ
في مصـرَ مهـــزلةٌ أعَدَ مسرحـها****مُــمَـــثّـــلٌ فغـــدتْ يلفُّـــهـــا العَــتْــمُ
ألْقـــى مصابيْحَها في بئر جارتها****طــوعًا لَـــها، وأتَـــى لِبئرهـــا الردمُ
نهـــارُهـــا قــد غدا كالليل مكتـئبًا****ونِـيْــــلُهــا قـــد بكا ودمعُـــــهُ جــــمُّ
صنعاءُ مأسورة،في الحزن غارقة****قــد خـــانَها مارقٌ، بـــالغـــدر مُعْتَـمُّ
أجـــدادُه انحـدروا من قُرْمُطٍ نسبًا****عن كلّ مِكْــــرُمة هُـــم، دائمًا، عُقْــمُ
يــا أمّتي، إنّــهَــــــا والله كارثــــةٌ****تُودي بنـــا ولهَــــا في ظهــرنا قَصْمُ
يا أمتي فَــمتى أراك صـاحيَـــــــةً****والخيــرَ أبصـــره في صــدرنا ينْـمو
نحنو على بعضـنا حُـنُـــوَّ والـــدةٍ****وروحهــا، إن رأت أبنَـــاءَها، تسمـو
أليـــسَ من بينِـــنـــا يا أمّتي بطلٌ****يُزيل فرقــتَـــنا، فـــي المجــــد مهتـمُّ
لم يُـــلهِــهِ وتَـــرٌ أو رقص غانيةٍ****لم يَـثْــــــنــهِ، أبــَـــدًا، مــــدْحٌ ولا ذمُّ
يمشي بخُطتِــــه من بنْتِ فكـــرتهِ****لا يتبعَـــــنّ الذي في طبعِــــه لُــــؤمُ
أليـــس من بينـــنا واعٍ لمحنَـــتِــنا****يُصــغِـي لقولتنــا، مِــنْ طبْعِــه الحِلْمُ
مُستمســكٌ بعُرى الرّحمن خالــقِنا****وأُمّـــهُ (عــائشٌ) ما مـــــثْـــــلَهـــا أمّ
يا أمّـتـــي، رجعــةً لله صافـــيـــةً****فيهَــا نغيْــــظ العـــدا، لأهـــلِنـــا سِلْمُ
ناشـدتُـكمْ فاعْـــلمــوا أني أحبـــُّكمُ****لا تأمنــوا "ناصحًا" في نُصحـه السُّمُّ

الثلاثاء 28/ذو القعدة/ 1435 الموافق 23/أيلول/2014

الأربعاء، 17 سبتمبر 2014

عُدْ يا بُنَيَّ ولا تُجَرِّعْني الأسى...

عــدْ يا بُنــيّ ولا تجَـــرعْـني الأسى
أطلقتَ سهْـمًا نحــــو قلبــي قاتــلا ****لما جَـــفـــوتَ أبُـوتي مُتمـــلمـلا
وبعُــــدتَ عَـن عشٍّ حَـــباكَ حنانـَـه****ونشـــأتَ فيهِ مُنَعّــــمــًا ومُـدلّلا
أهفُـــو إليْــــكَ وأنْــت في أحشاء أمْـ****مِك نَـــــائمًا، وأقول: هيّـا أقبِلا
للشمس أنْـــظرُ، أستـحثُّ لها الخطا****لأراك يا ولدي القــويّ الأكمــلا
صــبّـرتُ نفْـسي كـي أراك بجـانبي****قمـــرًا منيرًا بل أراك الأجمــلا
منّــيتُ نفســــي أن تقـــود سفينتـــي****بمهـــارة، نحو العــــلا متــهللا
عاهــدتُ ربّــــــي أن أحقق غايـتي****في أن أراك لنــــور ربّك حاملا
أسقيْــــكَ من شهْــــد الفُـؤاد لترتوي****عسلًا وقَــد أعــــددتُه لك مَنْهلا
ولِمَا تُعَـــــاني كان صـــدري واسعًا****تُلقــــي همـومَك فيه كي تتحللا
أعْــــددتُ من كبدي لسُقمِــك جُرعةً****حتى ولو قـــــد سبَّبَتْ ليَ مقْتلا
وجعْــلتُ منْ جفْــــنَيَّ درعًا واقــــيًا****لكَ يا بُنـــيّ فلا تخـافُ غوائـلا
لـمْ تُــلْـــقِ بـــالاً للــــذي كابــــدتُـــه****ولمــا لأجلك كنتُ، دومًا، باذلا
فمضيْــتَ في كبـــد السّمـاء محـلقًا****وأدرتَ ظهرك مُعْـرضًا متجاهلا
وحططتَ رحلك في متاهاتٍ بـــدَتْ****غنّـــاءَ فــي عينيك كانت أجْمَلا
سحَـــرتْــــــكَ في لمعَـــانِها لكِــــنَّها**** كانت يبَابـًا مُقْـــفِــرًا أو قـاحِلا
فيها شِبـــاكٌ كي تصيْـــدَ بهــا فتًــى****قد كان عن خُبْــث الطويّةِ غافلا
تُغْــويْكَ حتّى إن أُصِـــبْــتَ بــدائـها****ألفيْـت نفسك بالقــذارة مُوغـــلا
 وألِـفـتَ أصحابًا نسيْتَ بقُــرْبِهـم****أمّــًا رعَـــتك، وكنــتَ مــنها الأولا
وأتاك مــن قلبِـي هُتـــافٌ صــــادقٌ****عُــد يــــا بُــني ولا تكن متثاقلا
عــدْ يا بُنــيّ ولا تجَـــرعْـني الأسى****دمعي عليك غـدا غزيراً هاطلا
تنْــــتــابني فـــي كلّ يــومٍ محْــنــــةٌ****لمّــا أراك بِـــدارِ ســــوءٍ نازلا
لمّـا أراكَ تخِـذتَ من أهــلِ الهــوى****خـــلًا يُحــبُّ من المقام الأسفـلا
يسْــــعى وأتـــرابٌ له أن يجــعَــلو****كَ شبيههم فتَـكون شيئـــًا مُهْــمَلا
عــدْ يــا بُــنَــــيّ إلى أبيك فـــإنّـــه****شـوقـــًا أعـــدّ فــــؤاده لك منزلا
عُـــد يا بُــنيّ فــإن ثغــريَ ظامـئ****لرضاب ثغــرك راشــفًا ومقــبّلا
الأربعاء 22/11/1435 الموافق 17/9/2014


الجمعة، 5 سبتمبر 2014

يا بحر تونس

يا بحر تونس....
أكدت وكالات الأنباء وفاة 37 سوريا بعد غرق قاربهم الذين كانوا يستقلّونه في هجرة "غير شرعية"!!!! من ليبيا إلى ايطاليا مرورا بتونس، فيهم 24 رجلًا، و8 نساء و5 أطفال....
وفيهم قلت القصيدة الآتية:
يا بحر تونس هل ستغدو شاهـدا****يومًا على غَــرقى لشــعبٍ أبْعـدا
غاصوا بمائك في ثوان وامحـت****آثـارهم، وتجـرّعوا كأسَ الرّدى
فزعوا إليكَ يسوقهم سوط  بـدتْ**** آثَـــــاره فيهم كطعنَـات المِــدى
حملته أيدي الظالميـن فأمعَــــنتْ****برقابهــم ضربًا، وكان مُســــددا
هربوا من الشام الحبيبة وامتطوا****ظهر المنــايا راكعـين وسُـــجدا
هربوا من الموت الرؤام يصبــه****وغـــدٌ، بكل فضيــلة قد ألحــــدا
أدواتُــــ في قتْـــــلهم أعجـــوبــةٌ****وبها غـدا في الْمجرمين الأوحدا
ألــــقَـى براميلًا تعـــج بحــــقـدِه****وبحــقد أجــــدادٍ لَــــه قَـــد زودا
ألقى بها فوق البيـوت فهُــــدّمت****والساكنون غــدوا رمـــادًا أسودا
ونجـــا فريْــــق منهــمُ فتفــرّقوا****في حـيْرةٍ، والحزن فيهم قد بـــدا
عبروا ديار الْعُرب من أطرافـها****أمـلًا بـأن يجـدوا الغيور المنجدا
أملًا بأن يـــجِـدوا مَــلاذًا آمِــنًا****صرخوا فما وجدوا لصرختهم صدى
قنطوا وكاد اليأس يقتلهم أسًى****لـمْ يُبصــروا أحـــدًا يمـدّ لهمْ يــــدا
نظروا إلى الأفق البعيد لعلهــم****يجدون فيــــه منـــاصرًا ومؤيـــدا
فرأوا وميـضَا باهـتًا أغـــراهمُ****ظنوا به عـــيشًا هنيــــــّـًا أرغـــدا
بيني وبينكمُ بحـــار فاحـذروا****غيلانــــــها، أو موجهـــا إن أزبــدا
سمعوا الكلام فما أتوا شطآنها ****وأتَــــــوا إليــــك تــفــاؤلًا وتوددا
يا بحـر تونس لا تخيب ظنهم ****وانشــــر أمانك لا تــــــكن مترددا
يحـــدوهم أمــلٌ بأنـــــك مثلهم****وهــدير مــوجـك بالعروبــة غرّدا
حتى إذا ركبوك مـــال سفينهم****والغــول كشّـــر منــذرًا متوعــــدا
ألقاهمُ في وسط موجك ضاحكًا****ومضـــى بدمْــــــع كاذب ليُنـــددا
ما كان جُرمُك يا صديقي إنمـا****جـرم الطغـاة لكلٍ شيءٍ قـــد أفسدا  
يا بحر تونس قف وصلّ عليهنمُ****إن الصلاة تُغيــظ أكبــــاد العــدا

الإثنين 6/ذو القعدة/ 1435 الموافق 1/أيلول/ 2014