الثلاثاء، 22 يناير 2013

شكوى ثائر

شكوى ثائر...
من أنادي
من أنادي، فيــــــكمُ، يا لَلْعــجــب؟        مِمّ أنتم: هل قُددتــم من خشبْ؟
هل أنادي عجمـــًا قــــــد حقـــــــــــــدوا        أم أنادي عربــــًا، لا كالعـــــــــــربْ!
هل أنادي؟ أم سأبقى صامتـــــاً؟        وعريْــــــن الشــــــــام بـــــــــاكٍ مستـــلبْ
من أنادي؟ وبلادي قـد غـــــــــدت        مسرحـــًا للمفْــــــــــتـــري لمــــا غــــــــلبْ
من أنادي والصّبـــــايا تشــــــتكــــــــي      ظلم طاغٍ قــد عدا، بل واغــتصبْ
من أنـــــادي والكــرام اليــــــوم فــــــــي      قــــعــــر ســـجن مظلـمٍ فيـه العطــــــبْ
من أنادي والأقـــاحي أُحْـــــرقـــــــت       نَفـَــخَ التــــــنــــيـــــن فـــيــــــــها واقـــتــــــــربْ
من أنادي والثــــــــــكالى أَمْطـــــــرتْ      من سواد العــيـن دمعًا مختضــــــــبْ
من أنــــــــــادي وشـــــــآمي لم يــــــزل      غاصبوهـــا قاذفيــــهـــــــــــــــــا باللهــــــــــــــبْ
هــهنــــا تُـــلقى صـــــواريخُ الــــــردى      تحصــــد الأرواح في أمـــر عجــــــــبْ
وهنــــاك المـــوتُ يــأتــــي جمــــــــلةً      يقـتـــــــل الآلاف لا يــــــــــلــــقى العتــــــــبْ
لا أرى فيـــــمن أنـــــــــــــــــادي قــــــــادرًا       دفع ضــــــــر مسَّــــــــــــنا ممن كـــــذبْ
لا أرى فيـــــمن أنــــــــــــــــــــادي قــــادرًا        جلْبَ نفــــعٍ يوم بـــــــــأس ذا سغبْ
هل أنادي حجَـــــرًا فــي لعـــــبــــــــــــــــة        أم أنـــادي لُعبــــــــــــةً بين اللعــــــــــبْ
هـــل أنـــادي من تــــربّى راضيـــــــــــًا      عيشَ سفح جاثــــيًــا فوق الرّكــــــــــبْ
هل أنـــــــــــــادي خــانــــــــعـــًا مستسلمًا      للــورى عـــبْــــــــــــــدٌ ذليـــــلٌ أو ذنَـــــــــــبْ
هل أنادي عـــالَمـــــًــا لا يستحِـــــي      كلُّ ما فـــــــــــــــيــــــهِ نفـــــاقٌ وشـــــــــــــــغَـــبْ
من أنــــــــــــادي في ديار أجدبــَــت      مــِن مُغِـــــيثٍ أو مجِــيــــــب للطــــــــــلبْ
يا إلهي، من ســـــــواك اليومَ لي      مَنْ سأرجو إن أصــابتني الْكُــربْ؟!
من سواك اليــوم في دفع العـدا    عن بلادي،عن حياضي،عن حلبْ؟
عن بــــــيــــــوتٍ ورجـــــــال وقفــــــوا      في صـــــــــــلاةٍ خُشّـعـــــــــًا أو في رهــــــبْ
قد تخـــلّى النـــاس عني كلّهـــــم      عن نسائي عن رجــالي والـــــــــزّغـــــــــبْ
إنْ رضيتَ اليوم عني سيدي       في رضاك، المـــرّ يحلو والوصــــــبْ
إن رضيت اليوم عني سيدي       فُــــزتُ في نصـــــر مبين مُـــرْتـــقَــــــــــــــبْ
يا مذلين الـــــــورى لا تــفـــرحــــــــــوا      سوف يأتي(الحـر) يحدوه الغضــبْ
سوف يأتي (الحر)يمحو باطلاً      محــو شـــــمـــسٍ لظـــــلامٍ قـــــــد وقــــــبْ
ويعــــــــــمُّ الــــنّـــــورُ ســوريــــــــا الـــــتي      أهــــلهــــا لم يعـــــرفـــــوه مـــن حـــقـــــــــب!
ويســــودُ العـــدلُ في أرجـــــائـــهـــــــا       يـــومهــــا لن ينفــــــــع النّـــــــاسَ النسبْ
والفتـــى يســــمو بفـــــعــــــــلٍ صـــــالحٍ      ليس يُعــــليـــــه انتمـــــــــــاءٌ أو ذهـــــــــبْ
في ربـــــوع الشـــــام يغــــدو سيــــدًا       مــــــنْ تـــــــحـــــــــــــلّى بِعـــــــــلـــــومٍ أو أدبْ
ويُرى الطاغوت يهـوي صاغـرًا       غيـــر مأســـــــــوفٍ عـليــــــه قد ذهـــــبْ
محمد جميل جانودي
الإثنين 9/ربيع الأول/2013 الموافق لـ 21/1/2013       


الاثنين، 14 يناير 2013

إطلالة على مخيم الزعتري


يا نفس بالصبر الجميل تدثري

(إطلالة على مخيم الزعتري)

يا نفــسُ بالصــبر الجميل تدثـــــري        وقفي مليـــا في خــــــــيـــام الزعتري
فهـــــــــــنــاك أهـــلي والأحبّـــة كلُّهـــــــم         سيْقــوا إليهـــــا في الزمان الأغبر
وهنــــاك خـــلانُ الوفــــــــــــــا خلّـــفتُـــهم         من مــــدة في أســـــر عــــلـجٍ مفترِ
في الشام كانوا قبــــله في راحـــــــــةٍ         وسعادة، عاشوا بعقـــل نيـــــــــــــــــــــر
وهــــبــوا لسوريا نفــــــــــوسَهم ومــــــــــــا         بخـِــــلوا وجـــادوا بالعطـــاء المثمـرِ        
كانوا أعـــزّة قومهـــم وخيــــــــــــــارَهــــــــم         وأريجهــم في الحـي مثل العنبر
كانوا الرياحين التي قــــــــد أبهــــرت        عينـًا رأتهـــــم كالجبيــــــن المزهــــــــر
وهـــم الكمــــاةُ إذا تنــــادى قــــومـهــــم         لكــــريهــة، فـــزعوا بعـــــــزم مـــبهـــر
في لــــيـــلة ظلــــــمـــــاء هدد أمْــــــنــــهم         لصٌ وجــــاء بقلبِـــــــــــــــه المتحجـر
أجلاهمُ عن أرضهـــم وديـــارهــــــــم         هــــربوا ســـــراعا للجـــــــوار المقـفـــر
صحـــــراء مجـــــدبة ورمـــــــل هــائج         وهـــوام تلسع مثل طعـن الخنجرِ
في الصيف جمر لا يـزول أواره         وشتاؤهـــا يأتي بـــريحٍ صـــرصــرِ
سكنـــوا خــيـــامًا، هكـــذا قد سُمّــــيتْ        مفــــروشـــةً بالشـــــوك لا بالمــرمـرِ
وإذا السحـــاب رمـــــــــــى بأثـــقـــالٍ له         في إثـر رعـد قاصـفٍ ومُـزمْجر
       تجد الوجــوه وقد علتها غبــــــــــــــــــــرة         وغدت كوجه البــائـس المتحــــيرِ        
فالثــلجُ يُهدي الأرض ثوبــًا ناصعًا        ولهم يجــــود بثَوبه المتزمهــــــــــر
والريـــــحُ تقتــــلع الخيام بأســـرهـــــــــــــا         والناس تهرب للعـــراء الممْطَــــرِ
كم من صغير صار يرجف جسمه      من قسوة البرد الشديد وينبــــــــري
والشيخ أحـنـــــــى ظهــره مستسلــمـــــًـا        من غير ثوب ساترٍ أو مئــــــــزر
والأم تحضن طفـــــــــــــلها وتضمــــــــه         تحميه من لفح السموم الجائر
وقرأت في عينـــــي طفلٍ صـــرخــــةً         ولِفهمــــها نحــــتـــاج ألف مُعـــــــبّرِ
أتُراه يشــــكو مــــــا يُعـــــــاني مُــــــــــــــرَّهُ        تحت الخيام من العذاب المُنـــكرِ
أم إنه يَـــــشكو قطيعـــة مـُــــــــــــــــــدّع         لوشيجـــة القـــربى، أخيـــه المُوسر
أم إنــه يشكــو الأنـــــام جميعــــــــــهم         عمّا جَنــــوه بحـــــق شعــــــــبٍ ثـــائر
لا فرق في تلك الشكاوى إنمــــــــــا        هي في النتيجة قتل حق ظاهــــر
يا أيهـــا العـرب الّذين تفـــــاخـــــــروا        بأصــــولهم، هــــلا رأيتـــم منـــــــظري
هــلا رأيتم حَــــالتي؛ يُرثــــى لهــــــــــا        ودموعــيَ الحـــرّى جرت كالأنهُــــرِ
قدمـــاي حافـــيتان لا يحميهمــــــــــا        نعـــلٌ ولا أحــــد لنعْـــــــلـــــي يشــــتـــــــري
أبـــواي قد ماتا بقصف قُــريّــــــتي        وأمامَ عيني قد تـــــهــدّم متـــجـــــــــــــري
يا مُــدّعون النبْــــلَ أين فِعــــــــالكم        أم إنــــــكم بالفعــــــل نحــــــــــو تقهقـــــــــــر
أنا لستُ وهْمـــــا إنما حق بـــــــدا         أوليس فيكم، سادتي، من مُبصـرِ
إني وأتــرابي هنــــا في محنــــــــــةٍ          ما زال عنـــواني (خيام الزعتـــري)
محمد جميل جانودي
الإثنين 2/ربيع الأول/ 1434 الموافق لـ 14/كانون الثاني/2013    

الأربعاء، 2 يناير 2013

أبشر إياد فإن النصر آتينا

أبشر إياد فإن النصر آتينا


كلمات وقع عليها بصري، فسرعان ما لامست وجداني....كتبها الأستاذ إياد زيادة في حالة شوق وحنين لمدينته اللاذقية ...عروس الساحل السوري...بل هي عروس سوريا...وكل مدينة أو قرية في سوريا عروس ، ولكن حنّاءها اليوم هي الدماء....دماء السوريين التي حنّوا بها عرائسهم (مدنهم وقراهم) وهم يهيئونها للعرس الأكبر.. عرس النصر على الوحوش البشرية، والذئاب الغريبة عن ذئاب الطبيعة... عرس انفلات الحرائر والأحرار من قيد الاستعباد الذي كبلهم لعقود...عرس السوري بتحقيق وجوده الإنساني على أرضه؛ الذي مضى عليه زمن وهو يحس بأنه عليها غريب... كأنه لم يكن له أجداد أعدوها له بالدم والعرق، والجهد والجهاد، عرس ترتفع فيها راية بيضاء تفوح منها رائحة المسك، نقشت عليها جملة مدادها من دم تقول: سوريا لشعبها إلى الأبد...لا للِصٍ أو لوغد أو من فسد... 
قال الأستاذ إياد مخاطباً معشوقته (لله درك يا مدينتي...كم افتقدتك)، كلمات أثارت مشاعري وأحاسيسي، لِمَ لا؟ فأنا هو وهو أنا في الحالة نفسها؛ و مثلنا كل السوريين الأصلاء لا الدّخلاء.... وفي غمرة ذلك قلت: 



أبشر إياد فإن النصـــر آتينـــــــا**** إني أراه يلــوح في فـــيافــــينـــا
لِمْ لا يلوح ومهر النصر من دمناً****قد سال حتى ارتــوت منه بوادينا
غدا تعود وتاج النصر تلبســـــــه****تلـــقى به يــا أخي أهـــلاً محبينا
في اللاذقية أو في بانياس تــــرى****نــــورا تـــلألأ من هامات أهلينا
وفي دمشــق وفي دومــا وإخوتها****رايات نصر وتعلي الحق والدينا
درعا تراها وفــلذات لها رفعـــت**** أقواس نصر بهـا زانت روابينا
أما بحمص فإن أمــرهــــــا شجِن****فحمـــص نور لنا يبـــهي ليالينا
وحمص نار على من كان يبغضها****غدا نـــزف لها أحلى تهانيــــن
إيهٍ حماة، فأنتِ النصر ما بقـيـت**** فيــــــــك المآذن للأمجاد حادينا
أنشودة النصر في الشهباء نسمعها**** تروي ملاحـــم أبطال ميامينــا
وشجرة النصر تزهو اليوم خضرتها**** من ظلها إدلبٌ كانـت تنادينا
في الجسر كوكبــة قد قال قائــــلهم**** النـــــــصر نصنعه حقا بأيدينا
والله يمنحــــــه من صدق وجهتــنا**** قد جاء يُفرحنا، شكرا لمعطينا
أبشر إياد فأهْــل الدير قد وهبــــوا**** للــــه أنفســــهم واستبسلوا فينا
أسْد الجزيرة قالت قــــولة فغـــدت**** عنوان ثورتنا بالنصر تحييــنا 
لن يرجعوا أبدا حتى يَــــروا علَمًا**** للنصـــرِ فــوقهُــمُ ساد الميادينا
للـــه درّهـــمُ، أكرم بهـــم نسبًــــا****كان الفــدا لهمُ في عرفنا دَينـــــا
أبشر إيـاد فأهـــــــل الشام قاطبـة**** قد أقسموا أن يروا للحق تمكيـنا
غدًا تعـــــود بثــغر باسم نَضِــــرٍ**** وتحضن الأهل والأحباب والمينا
غدا تعود إلى الأزهار تلثمـــــــها**** وتلعـق الشهد من أصفى خوابينا 

أخي الأستاذ إياد، ما سبق ليس مجرد كلمات شعرية ليس لها رصيد من الواقعية...لا....لا... فأنا متفائل؛ لأنّ ثورة يكون ثائروها كما نراه اليوم بأم أعيننا، وتعجز عن وصفه كلماتنا،ويحتضنها شعب يتبارى مع أبنائه في حلبة سباق الفداء لتحقيق النصر، ويخدم فكرها وثقافتها علماء وأدباء ومفكرون، ينهلون من نبع صاف، ونذروا أنفسهم لأن يكونوا ترجمانًا حيًا لمعاناة أمة مكلومة أرادت أن تتعافى، وأنت أحدهم.... أقول إن ثورة هذه طاقاتها؛ لا يمكن أن تتلاشى، بل هي منتصرة إن شاء الله، تحقيقًا لا تعليقًا، ونحن الآن بأرواحنا،  نعيش في اللاذقية معًا، وعلى كل حبة تراب من الوطن الغالي، وعمّا قريب سنكون بأجسامنا أيضًا، وما ذلك منّا ببعيد بعون الله...

محمد جميل جانودي

الأربعاء في 20 صفر/1434 الموافق لـ 2/كانون الثاني/2013