الجمعة، 23 سبتمبر 2016

فجّر دموعك يا عمر...

كان يبذل جهده كي لا يُرى حزنه الدفين، وقلبُه المتحرق، وهما يدفعان بدموع عينيه إلى أن تسيل على وجنتيه، وبنحيب بكائه مختلطًا مع الأخبار التي ينقلها عن حلب، وهي تنزف وتُقصف، وتهدم، وتدمر...عن حلب وأيامها تعج بصراخ الأطفال، وأنات الجرحى، وآهات الثكالى...عن حلب وشوارعها مُدت ببساط أرجواني قان، يعبق بالمسك معطرًا أجواءها التي خنقها الدخان ورائحة البارود...هكذا بدا عمر الحلبي، مراسل قناة الجزيرة على الشاشة...ولكنه لم يفلح.. وبكى بكاء الرجال...
فجِّرْ دموعَك يا عمــــر===دعْــهــا تَساقطُ كالمــطرْ
لا تمنعـــــن هطولهـــا===في منعـــهــا كل الخــطر
فجر دموعــــــك ثـــرةً===لا تخش لوم الْمُـحْـتَـضَرْ
دع من يلومـك يا أخي===في جوفــــه قلب حجـــر
تبكي الرجــالُ بحرقــة===وبـــكا النساء هـو الأمـرْ
فجر دموعــــك باكـــيًا===حلبًا ولا تخفِ الخــــبــر
حلب غدت في محنـــة===لم يبق فيها مـــن أثـــــرْ
فدم الطفولة قد جـــرى===كالسيل فيهـــا وانهــمــرْ
في كل شبر من ثــــرا===ها شاهدٌ يــروي العبــــر
فهنا بـيـــوت دُمِّــــرت===بركامهــــا الطفـــل انقبرْ
وهنــاك شيــــخٌ هــائـمٌ===أغلى الغــوالي قــد هجـر
وعلى الرصيف أحبّــة===لهـــــمُ حكاياتٌ أخـــــــر
وهناك مــــــوت ساقط===من طائــــرات كالشـررْ
يرمي بها من لـــم يكن===يومـــًا يُـعــدّ من البشــرْ
لم يُبــقِ فيـــها مَــعْـلمًا=== لم يُبق حـــــيًا لم يــــذر
دع شـــاهدًا ومشــاهدًا===تروي تفاصيل الخبـــــر
يــــــروي مآسي أمّــة===مسكتْ بأذنـــابِ البقــــرْ
بدمائــــها وبقــوتـــها===شحذت سكاكين الغـجـــر
وبِحُـمقهــــا وغبــائها===لم تــدر ما عنهـــا استتر
ظـــــنّت بأعداء لهـــا===خيرًا، وتلك من الكُـــبـرْ
قالت لهم: هــذي سكا===كيني لكم، وخذوا الحـذر
حُــزّت رقاب كماتهـا===وغـــدت هشيمًا محتظـر
هل يستحقُّ العيش من===لبنيه قد حفر الحفــــر؟
فجر دموعك ياعمــر===فلعـــلّه يُجــــلى البصــرْ
-----------------------------------------------


السبت، 10 سبتمبر 2016

يهْفو إليك القلبُ يا عرفاتُ

يهفـــو إليـــك القلبُ يا عـــرفـــاتُ===فعـلى صعيدك تُنــثـر البركاتُ
 وعلى رباك الروض أهدى عطرَه===وتنـــافستْ في نشرهِ الزهراتُ
 وعلى صعيدك موكب نشــد العـلا===وله عليـــك بما مضى وقـفاتُ
 اليومَ يأتيــــــك الحجيـج بدعــــــوة===ممّـنْ تُضاءُ بنــوره الظلمـاتُ
 نـاداهمُ أنْ يا عـــــبــــادي أقْبِــلوا===فاليـوم تُـمْحى عنـكم السـقطاتُ
 واليــوم تغبـــطكم ملائــــكة السما===واليوم تُغْــفَـــرُ منـــكمُ الزلاتُ
 واليومَ تشرق في الدنى شمس لكم===من نورها عــم الورى قبــساتُ
 واليـــــوم تأتيكم سحـائب رحمتـي===تدعـوكمُ لرحابـــهــا الجنـــاتُ
 واليوم أنــظر من علٍ لجمــــوعكم===فتعمـكم من نظرتـي الرحماتُ
 بكُـمُ أُبَاهي يا عبــــــادي غيـركــم===ممّــن أتــت في مدحهـم آيــاتُ
 أهل السمــــوات العلى أدعـــوهــم===ليروكم وثيـــــابـــــكم رثــّـاتُ
 شُعْــــثًا وغبرًا جئتموني، قد همت===منــكم على هذا الثرى عَبَرات
 من كل فـــج جئتـــــمونـي شُـرّعًا===وتسارعت من شوقكم خطواتُ
 إن المُـــحـــــبَّ إذا أتى لحبـــيبــه===مُنِـــحـــت له بمجيئه الرغبـاتُ
 مَنْ غيرُكم هو صفوتي فاستبشروا===يحـلو بكــم وبنوركم عــرفات
 هيّــــا سلوني، إنـّـــني لَمُجيــبـُـكم===ما قطُّ رُدّتْ عــندي الدعــواتُ
 فخــزائـــني، مفتـــوحـــة لأحبتي===وجميع ما فيــها لكم منحـــــاتُ
 عفْـــوٌ ومغفـــــرةٌ ورزقٌ وافــــرٌ===وسعــــادةٌ، ونــفــــائس وهِبَاتُ
 نصرٌ وتمكـينٌ وفـــوز ظــاهــرٌ===تُخْـزي العدا،تـزهو بها الساحاتُ
 إني لأعْــلمُ أنّــكم فـــي محـنــــةً===وعليكم قــــد سُـــلّطت هجمــاتُ
 أغريتــــــمُ أعــداءكم بتــــفـــرق===ألهــــاكمُ عنهم هـــوًى وفـتــاتُ
 سيزولُ عنكم إنْ أطعـــــتم ربـكم===وصفَتْ لكم، مع بعضكم نيـَّـاتُ


اليوم يوم التروية


    اليوم يوم التـــرويـــــــة===يغشى النفــــوسَ التحليةْ
    يمضي الحجيج إلى منًى===يرجون فيها التــــــزكيةْ
    شغلوا القــــلوب بساحِها===بالذكـــر أو بالتـــلبـيــــةْ
    لا يفترون عـــن الدعـــا===في الجهر أو في التورية
    كانوا ضيــوف مليـكهــم===أنـــــــواره متـجــــليــــةْ
    نزلوا رحـــــابًا أزلِفـــتْ===وجـــدوا الضيافة وافيـة
    فتعــــارفوا وتآلفُــــــوا===وتناصحوا بالتـــــــوصية
    أن يقـــتدوا بنبيّـــــــهـم===في الصبح أو في الأمسية
    في طاعـــة وعــــبــادة===يتجنــــــبون المعصيـــــة
    يتوحدون على الهـــدى===وعلى الخـــــلال السامية
    يتــــذكرون ســــــواهمُ===مَن في البِـــــلاد النـــائية
    في فقـــرهم ومصـابهم===فـــــي كل حالٍ مُـزريـــةْ
    في ظــلمِ طاغـوت عتا===يــــرميهمُ بالداهـــــيـــــةْ
    يتعاهـــــدون لنصـرهم===بالمـــال أو بالغـــاليــــــةْ
    كي يستحقــوا نظــــرةً===من ربهــــم هي حانيـــــةْ
    وغدا إلى عرفـات كي===يقفوا بنـــــــفس صـافيـــةْ
    يا ربّ فـارْزقنـــا كما ===هــم، في السنين الآتيـــــةْ

الثلاثاء، 6 سبتمبر 2016

طيبي صباحًا دار عامر واسعدي


    قريتي الحبيبة "هتيا"، ليس غريبًا، أو بدعًا من الأمور، أنْ تزفّ شهيدًا تلو الآخر، من أجل الحرية والكرامة، في سبيل الله...
    وها هو البطل الشهيد محمد رجب عامر الأفندي، أحدهم، فهنيئًا له الشهادة، وهنيئًا لأبويه ما وعد الرحمن من أن يكون شفيعًا لهما... 
    وهنيئًا لنا جميعًا بهذا الوسام الذي تقلده بهذه الشهادة......
    مع ذلك، فإن القلب ليحزن، والعين لتدمع على فراق الغالين ....فنسأل الله تعالى أن يفرغ المزيد من الصبر، ويمنح العظيم من الأجر لوالديه وذويه ومحبيه. إنا لله وإنا إليه راجعون:
طيبي صباحًا دار عامر واسعدي===واستبشــري بدم الشهيد وزغردي
كالمسك يحمله صبـــــا أم الفــــدا===خصــت بــه "هتيا"، فنعم المورد
أعلمت يا أم الفـــدا مـــن ذا الذي===روّى ثـــــراك بأحـمـــر متـــورّدِ
أعلمت من هذا الذي شـد الرحال===إليــــــك يا أمّ الفــــداء ليفـتـــــدي
هو فارس، كالليث يقبـل مشــهرًا===سيفًا يصـــد بـه البغــيّ المعتـــدي
بمحــمد قد كان يُعــــرف ذكــره===من "آل راجح"، سيـــدٌ من سيــــدِ
كم كان يرفل في نعــيــم وافـــــر===مستمتعــًا بلذيذ عــيش أرغــــــــدِ
ويسير في أقـــرانـــه متـــــنقـــلًا===بين الرياض، يسير فوق العســجد
لكنّ نفـــسًا عنــــده جُبـــلت على===عـــز، وتأبى عــــيش ذلٍ أســــود
سمعتْ هتافًا من بعــيـــد قـائــــلًا===يا نفس هيـــا نحو ربك واصعدي
هذي حماة استصرخت أهل الوفا===هيّــا أجـــبــيـــها، ولا تـــتــرددي
فإذا بـــــــه كالليْـث هــب ملبيّــــًا===ومضى ليـــدفع عن شريعة أحمد
أبلى وأحسن في البــلاء بمَــــطلع===للعشــــر من ذي الحجــة المتفرد
حتى إذا ما كان ثالثـــهـــا ســـــما===بالروح يعــرج للكـريْـــم الواحـدِ
رباه فاجعل روحه في جوف طيــ===ـرٍ أخْــضر،بيـن الجنــان تـغــرّدِ