الجمعة، 22 نوفمبر 2013

كهف الثوار وصخرة الأمم المتربصة

 
كهف الثوار وصخرة الأمم المتربصة
بقي مطر السوء يهطل على الشعب السوري ما يزيد على خمسين عامًا، وهو يحمل حجارة من الظلم والقهر والاستعباد، ويحمل حمما من الذل والإفقار والهوان، ويحمل شواظا من التفرقة وتغيير الهوية والتضليل، ويحمل فيما يحمل أحماضًا مركزة تعمل على تذويب عقيدة هذا الشعب وجعله ينصهر في بوتقة الفساد والتفسخ والانحلال...
هذا المطر كان ينهمر بغزارة بصوره المختلفة، وكان الشعب يفتش، بحذر، عن مظلة تقيه وبال ذلك كله، لكن عصا القمع والبطش كانت تحول بينه وبين ما يفتش عنه، لم يجده؛ لا في الداخل، ولا حتى في رحاب أمم الأرض، وإن عثر على واحدة، فلا تجدي، لكثرة ما فيها من ثقوب وخروق...
بقي حال الشعب هكذا، إلى أن حان وقت الإنقاذ، فهيأ الله تعالى له كهفًا يأوي إليه، ويستظل به، ويحتمي بجدرانه الحصينة مما يهرب منه.... فكان هذا الكهف هو الثورة العظيمة التي انطلقت فجأة من كل ناحية من نواحي سوريا، وأخذ الناس يتوافدون إلى هذا الكهف زرافات ووحدانا، فأحسوا بحنانها الدافئ، وملاذها الآمن، وفوق هذا وذاك وجدوا أن هذا الكهف يتحول إلى مدرسة في التربية والأخلاق، في الشجاعة والفروسية، في الجود والكرم، في الإيثار والفداء، فاستطاعت الثورة هذه، في كهفها هذا، أن تغير ما شوهه مطر السوء ذاك، وتُحول، في نفوس اللاجئين إليها، الخوف إلى إقدام، والبخل إلى كرم، والأنانية إلى غيرية وإيثار، والدجل والزندقة والضلال إلى إيمان وصدق وحق مبين....حدث ذلك كله في زمن قصير، وأيام معدودة...
كانت الأمم ترقب ذلك وترصده، فلما تكشف وجه الثورة، وعلمت أن هذا الكهف الذي ما كان يُنتظر منه أن يكون سوى أداة لاتقاء بعض ما يحمله مطر السوء ذاك...وإذ به يتحول إلى حصن حصين ليس للأجساد فقط، وإنما للنفوس من أن تغرق في وحول الشهوات، وللقلوب من أن تقسو من كثرة المعاصي والآثام، وللجوارح من أن تخبط خبط عشواء... وأنه مؤهل لأن يجعل من هذه الثورة ثورة بحق بكل ما تحمله هذه الكلمة من إيجابيات، ثورة تتوجه إلى التطهير والتصفية، والتنقية، ليس فقط في حدود سوريا، وإنما يتعدى ذلك إلى ما جاورها، بل وإلى العالم بأسره، ولاسيما بعد أن اقترنت بعقيدة هذه الشعب التي كانت هي الأعلى في كل معركة يخوضها تحت رايتها على مدى التاريخ...
لم يعجب الأمم، بوجه عام، ذلك، فأرادت أن تحول بين هذا الشعب اللائذ بكهف الثورة، وبين الوصول إلى ما يصبو إليه، فتألب أكابر دهاقنتها ومجرميها في إعداد صخرة كبيرة وعتيدة، يسدون بها على الثوار باب ذلك الكهف، ويحولونه إلى سجن كبير، تُحاصَر من خلاله الثورة ومن هم في كنفها حصارا خانقا، يضطرون من داخله على إحداث ثغرات في جدران ذلك الكهف الآمن ليفقد بذلك خاصيته من الوقاية والحماية والحفظ... فعمد أولئك الدهاقنة إلى جبْلِ ملاط هذه الصخرة بخليط عجيب من التضييق في المطعم والمشرب والملبس والدواء، إلى حرمان من التسليح أيا كان، إلى هجين من مدعي الثورة ومنتحليها، إلى تشويش في الأفكار وبعثرة للأهداف، إلى إيغار للنفوس والصدور فيما بين أصحاب الكهف أنفسهم.... وأحكمت هذه الصخرة الحصار والخناق عليهم، في الوقت الذي أطلقوا فيه العنان للذئب الغادر أن يفعل ما يفعل في البلاد والعباد، سواء في القلمون، أو في حلب الشهباء، أو في الرقة وإقليم الجزيرة، وغيرها..
لم يبق أمام المحاصرين والمضيق عليهم (الثوار والشعب الحاضن لهم) إلا أن يفعلوا ما فعله أولئك الثلاثة الذين أطبقت عليهم صخرة تدحرجت من أعلى الجبل فسدت عليهم الغار الذي لجؤوا إليه للاحتماء من العواصف والمطر، فتوسل كل منهم بعمل صالح فعله راجيا تفريج الصخرة عنهم، وتم لهم ذلك....
نعم على الثوار والشعب عامة؛ كبارا وصغارا، رجالًا ونساء، أن يتذكر كل واحد منهم ما قدم من عمل صالح يبتغي به وجه الله تعالى، ويسأل الله أن يفرج عنهم صخرة الأمم تلك بذلك العمل، مع ما يملكون من أسباب مادية لذلك.... والذي لم يتذكر أنه قدم عملًا صالحا، فليبادر إلى تقديمه عاجلاً غير آجل، وكما أن أعمال الثلاثة غطت ضروريات المجتمع بفروعها الثلاثة، الاقتصادي (صاحب قطيع الغنم) والاجتماعي الأخلاقي (الرجل الذي راود المرأة عن نفسها) والإحساني القِيَمي (بر الوالدين)؛ فعلى المحاصرين من الثوار ومن هم في عدادهم، أن يراعوا ذلك كله، فيسدوا جميع الثغرات التي تنفذ منها الأمم المتربصة، محاولة إحكام إغلاق  تلك الصخرة عليهم....ونحسب، والله أعلم، أن الثلاثة إضافة إلى كون كل واحد منهم سأل الله تعالى بما أخلص من عمل، فإنهم لم يُهملوا الأسباب المادية، وهم يتوجهون إلى الله بقلوب  مخبتة في التوسل والدعاء، فتكاتفت أيديهم واستجمعوا طاقاتهم، ماديا، لإزاحة تلك الصخرة.. والذي يهمل الأخذ بالأسباب لا يفهم حقيقة التوجه والتوكل على الله، وبالمثل؛ فعلى من يهمه،  من الثوار، إزاحة صخرة الأمم التي سدت الكهف عليهم؛ وأعاقت الثورة من التقدم.. عليهم أن يفعلوا كما فعل الثلاثة، فلا يهملون أي سبب مادي متاح لهم، وهم يتوسلون إلى الله بأعمالهم الصالحة، وليكن أملهم بالله كبيرا، وسيرون أن الصخرة قد أزيحت، وأن حصارهم قد انتهى، وأن كهفهم (ثورتهم) قد عاد واحة وارفة الظلال، وعرينًا لأسود إذا زأرت ارتجف المتربصون بها، ومدرسة جامعة لكل فضيلة، وأن هدفهم قد أصبح منهم قاب قوسين أو أدنى.
محمد جميل جانودي
الجمعة 19 المحرم 1435 الموافق 22 تشرين الثاني 2013

الثلاثاء، 19 نوفمبر 2013

أبا محمود لن ننساك دهرًا...

أبا محمود لن ننساك دهرًا...
في رثاء البطل المجاهد عبد القادر صالح
تزاحَـــــــمت الملائـــــــك في السماء***صفـــــوفا تحتــــــــفي بالأصفِــــــــــيــــاء
وراحـــــــــــــت تسأل المولى مقـــامًا*** لـ (حجّي مارعٍ) بَـــطلِ اللـــــــــــــــواء
أتــاهَـــــــــــــا نعْـــيــُـه فرنَــــــت إلــــــيـــــــــه***وقَــــــــالـــــت: مرحَـــــــــبــــًا بالأوليــــــــــــاءِ
شهــــــيـــدا جئتَ في عرس كبيــرٍ***بــكــوكَــــــبــــــــةٍ تَــــــــزفُّـــــــــــك للسمـــــــــــــاء  
ضحَى يــوم تميــــز في سنــــــــــاهُ*** زها فــــــجــــرًا وأشرق فـــــــي المســـاءِ
بيــوم شمســُـه ضحكت وشعـت***بأنــــوار الشهيــــــــــــــــد بلا انقضــــــــــــاء
دنت منها النجـــوم وساءلتهــــــــا***إلام نــــــــــــــَراك زاهيــــةَ الضيــــــــــــــاء؟!
وفيْـــــــــم نَـــــــراك باسمَــــــــة ولاحت***ضفائــــــــرك المديدة في الفضـــــــــــاءِ
ألا أخبرتِـــــــنـــــــــا فــــلنـــــــا اشتيــــاق***لنعْــــــــرف سر هـــــــذا الاِحتـــــفــــــاء!!
أجـــابَــــتهم وقــــــــالت في زهـــــــــــــوٍّ***حبيبي اليــــــــــوم حقق لـــــي رجــــائي
فعــــــبــــــد القـــادر المحمودُ ذكــــرًا***تــربّــــــــى في ظـــــلال الأتقـــــــــيــــــــــــــاءِ
وروّض نفـــــــســــه ليـــــكون حـــــــرًا***ويَــــــــــأبــــى عـيْـــــــــش ذلٍ وانحنـــــــــــــاء
وهـــا هي روحـه تســمـو وتــــعلو***وتهجـــــر عـــــــيش صلصال ومــــــاءِ
قضى من أجـل أن يحيـا كريمًا***وحـــــــــــــرا مــــــن قيـــــــــود الأدعيــــــــــاء
فتًــــى من مارعٍ لم يحــن رأسًــــــا***لطـــــــاغِـــــــــــيــــــــــــةٍ ولا للأشقـــــــــيـــــــــــــــاء
تلفّــــــــت حـــولــــــه فـــــــــرأى هـــــوانًا***وإذلالاً لِــــــــــقـــــــــــــــــــــــوم أثْــــــــــــــــــريـــــــــــــاء
رأى حلَـــــــبًا تــــــــئنُّ بلا مُغيــــــث***وتشـــــــــكو مُـــــــــــــرّ جـَــــــــــــورٍ وابتــــــلاءِ
رأى إخـــــوانه سِيْــــــمُـــــــوا عـــــذابًا***وخَسْــــــــفـــًا في احـــــــــتــــــقـــــــارٍ وازدراءِ
رأى مِسْــــخًا تحكّـم في رقَـــــابٍ***لشــــــــــعـــبٍ ذاق أصـــــــنـــافَ البــــــلاءِ
رأى علْجــًا يُدنّسُ طُهرَ أرضٍ***بــــــــلادِ الشــــام، أرضِ الأنبيـــــــــــــــــــــاء
وأبصــر فتــيـــةً غـــرلًا صبـــــــاحًا***يمـــور بصــــــــــدرهم وهَــــــجُ الإبـــــــــــــاءِ
وتَــــغـــلي في عــروقهم دمــــــــــــاءٌ***لينتــــــــفضوا على رأس البـغــــــــــــــــــــــاء
فجـــــاء إليـــــــهم يحنــــــو عليـــــهم***ودرّبـــــــهـــم على حــــــــســــــــــــن الـــــــــولاء
أحـــــــبهــــــــــمُ وكان لهم حبيــــــبـــــًا***وأجْــــــــــــزل فــــــيْــــــــهم خـــير العطـــــــــــاء
ووحـــــدهـــم بظـــل لــــواء حـــــــــق***وتــــــــــوحــــــــــيــــد، وعـــــــــدل وارتقــــــــــــــــــاء
وقاد معارك التــــوحيـــد فــــــــــيهم*** ألا أكــــــرم بــــــقــــــائـــــــــد ذا اللـــــــــــــــــواء
وأثخن في العدو بصـدق عزمٍ***صــــــــــــدوقــــا كان في أوج اللــــــقــــــــاء
ولم ينــــقُـــــضْ لعــــهدٍ قطّ يومــــًا*** بحــــــــــقٍ كان خـــــــيــــــر الأوفـــــيـــــــــــاء
شجاعٌ في الوغى،أسدٌ هصورٌ***وبين ذويه يعطـــــــي في سخـــــــــــــاءِ
فــــتًــــى لكــــنــــــه شــــــيــــــخ وقــــــــــورٌ***لــــــه بمحمـــــــــــــد خيـــــــر اقتـــــــــــــــــــــــداء
يلــبي مَــــــــــن يــنـــــــــاشـــدُه لأمـــــــــر***ويُســــــــــــــــرع في الإجـــــابـــــــة والأداء
كتـــاب اللـــــه مرشــــــده ويأبــــــــــى***سواه في الكريهـــــــــــةِ والرخـــــــــــــــــــــــــاء
أبا محمود، إن غُيبت عنــــــــــــا*** فطيـــفـــك بـــــــينـــــــــــنا بعــــــــد التنـــــــائي
أبا محمود لن نــــــــنساك دهـــرا*** فـــــــروحك في القــــلوب بــــــلا مـــــراء
وظنوا أن قتلك سوف يقضي***على روح الجــــــهــــــــــاد أو الإخـــــــــــاء
نســوا أن الشــآم تظل تعطــــي***كحــــــــــــــمـــــــزة أو قـــــــتــــــــيـــــــــبة والبــــــراء
وأنــك يــــــا أبا محـــــــــــمود شبــــلٌ***من الأشـــــــبال في درب الفــــــــــــــــــداء
وطب نفسًا فركب الحـق ماضِ***على النهــــج القـــــويم بلا انكــفـــــاء
ونم في مــــــارع نـــومــــًا هنـــــــيــــئًا***سنُـكمل ما بــــــــدأت بــــــــــلا الــــــتــــواء
هنيـــئــًا بالـــــــذي أعطــــاك ربــــي***وإنّ لنــــــــــــــــا بـــهِ خيــــــرَ العــــــــــــــــــــــــزاء
الإثنين 15/المحرم/1435 الموافق 18/تشرين الثاني/2013
محمد جميل جانودي.   
 
 
 

السبت، 16 نوفمبر 2013

متى ابن العلقمي غدا شريفا؟!!

متى ابنُ العلقمي غدا شريفا؟!!!
متــــى ابنُ العـــــلقمي غــدا شريفا****وأضحى في الورى شهمًا نظــيفا
متى من يشتم الأصحاب يسعى**** لخيـــــــر محبهم ويُـــــــرى لطيفا
متى كان الوضيع يُــــرى عزيــــزًا****وخـــائــــــــــــــن قـــــومه يــغــدو شريفا
أيُعْـــــــقــل أن يُــدافـــــــعَ عن بـــــــــــلادِ****وكان لِمَـــن غــزاهـــا مُسْتـــضيفا
جثــــــــا فــي حضــــــرة القـــــــــازان ذلًا****وكان له خَــــــدومًا أو وصيفــــــا
وســـــهل غــــــــزوَهُ بغـــــــــــــــدادَ يَـــــــــومًا**** وكانتْ عنـــده بلدًا مخيـــــــفـــــــــا
وجَــــــهــز من جماعتِــــــــه جُـــــــنـــــــودا**** وصفّــــــهم لنصرتــــه صفــــوفا
سلوا الإفرنج عنـــــــه تروا عجيـــــباً**** من الأفعال، كان لهم حليـــفا
فهَـــــــل لابن الخيانَــــــــة مِـــــــن أمــانٍ**** تُــــلطّــــخــــه شتـــــاء ثم صيـــفـــا
وهَــــــــــل لسليـــــل هرطقَـــــــــة وزيْـــــفٍ****سبيلٌ كي يُرى رجلًا حصيــفا
فلو أنـــــا خضَــــضْـــــنا الماء دهـــــرا**** نريد السمنَ ما ذقنــا الرّغيفـا
محَـــــــال أن يكـون الشهُـــــــد يــــومًا****لدى الجعلان إذ ســـكن الكنيـــفا
وأنّى في أُجَـــــــاج البحْــــــــــــــر طعـم**** لذيذ، لا نَــرى عنـــه العــزوفــــا
أيخدعُــــــنـا رُغَــــــــــاءٌ مـــــــــن وريْــــــث****لعــــــلْجٍ، ريحــــه زكـــــم الأنـــــوفـــــا
وجعجَـــــعـــةٌ تُـسَـــــوّقُ منْ عــــــــــــــــدوٍ**** يــــدقُّ لهــــــا المعازفَ والدّفوفا
ويُظهر غيرَ ما يُخْــــــــفي عليـــــــنا****ومن جُـــــهــــالنا خــــــدع الألـــوفــــا
فــكم أرغـــى وأزبـــد في احتفـــــــــــالٍ****على العتبات قرر أن يطــــوفــا
يقـول "القدس"ثم يســــلّ ســـــــيفـــــًا****ليمـــلأ ساحــــــــها ذعْـــــــــرا وخــــــــوفا
وأثخنَ في بلاد الشام قتــــــــــــــــلاً****وشرد أهـــلهــــا، سكنــــوا الكُــهــــــوفا
أفِـــق يا أيّـــــــهــا المخدوعُ واعْــــلــــمْ****بأنّ العلقـــــمــــيّ غــــــدا صُنـــــوفــــا
فصنف في العمامة قــــــد تخفّى****وصنف قد بدا حمَـــــــلا أليْــــــــــفــــا
وصنف يدعي تحريــــــــــر أرض****وكان كــــــــلامـــــه كَـــــذبًا وزيْــفـــــــــــــا
وصنف يشتُـــــــــم الشيطان جهرًا****وأمّـــــا في الخــــفـــــاء يُرى عفيفـــــا
يُطـــاوعُـــــــــه بِمــــا يُـمـــلي عــــليـــــهِ****يَرى في شرعنـــــا نهْـجـــــــًا عنيفــــــا
أفِــــــق يا واثـــقًا بـــــــوعــــود قـــــــــــومٍ****ربيـــــــعهـــم عليـــــــــك غـــدا خريـفـــــــا
فَــــــــكم وعْـــــــــدٍ بمَـــــكـــر أخـــلَــــفـــوه****وصــــاروا للــــعــدا سنــــــدًا رديــفــــــــــا
أفــق واضمُـــــم إليك كــــرام قــــومٍ**** لنصر الحــــق قَـــــــد هبّـــوا وقـــوفا
فَــهـــم أهــــل وإخــــوانٌ وصحـــــبٌ****وأكرمْهُـــــــــم فقـد حـــلّــوا ضُـــــــــيُــــوفا
ودع هفــــواتِهم تمْـــــــضي وأقبِــلْ****عليْــــــهم صـــــادقا بــــرّاً عَــــــطوفـــــــــا
ودع مـــــــا يدعـيـــه ذوو ضــــلالٍ****فإن مقــــــــــــالهم أضحــــى سخيفـــــا
أفق يـــــا صاحبي فالأمْــــــر جــدٌّ**** وجنْـــــــد العهر قــد سلوا السيـوفا
الجمعة 12محرم1435 الموافق 16/11/2013
محمد جميل جانودي                             
 
 

الأربعاء، 13 نوفمبر 2013

ليلة مع الأحفاد

ليلة مع الأحفــــاد!!!
اعتذرت للأحفاد عن انقطاعي لهم لوعكة ألمت بي، ولكن ما أن وصلهم اعتذاري ذاك؛ حتى تسابقوا مساء إلى منزلي، وأمضيتُ معهم ليلة... لا كالليالي...وهذه هي الحكاية.....
قَـــــــــدموا عـــليّ أحـــبـــــــتي بــفـــــــــنــــائي****فـــــــغــدا الفـــــــنــــاء كـــروضـــــةٍ غـــــنّــــــــاءِ
قـدموا المساء فخِـــلْتُــه بهـــمُ ضــحًى****ونسيـــــــتُ أني قــــــد دخـلتُ مسائــــــــي
رَدّوا إلـــيَّ الرّوحَ بـــعْـــــــــــــــــــد مشــــــــقّـــةٍ****وسعــــادتــــــي حــــــــــــلّت مكان شقــــائي
أصبحتُ أقفـــز مثلهـــم من فرحتــي****وجمــــــــيعهم حـــــولي بلا استــــــــــثنــــــــاءِ
مثل العصافيـــر الـــتي رجـعـــــت إلى****عـــــــشّ لها، تشـــــــدو بحُسـن غِنـــــــاء
وغـــــدوت وسطـــهُـم كما لـــو أنـهـــــم****جوعى استداروا حول صحن عَشاء
هـــــذي تُــــداعبُ لِحيتـــــــــي وتهــــزّهـــا****هــــــــــذي تـــــشــــدّ عمـــامــــــــتي وردائـــــــي
هذي على عيــنــيَّ تُلــــــقي كفــــهـــــــا****وتصيح مَـــــن؟ يـــــــــا سيّـــــــــــــــد الخُــــبراءِ
أخـــرى تُـــلحُّ لكـــي أقُـــصَّ حـــكايـــةً****حتــــى تــــــــنـــــامَ بــــراحــــــــــــــــة وهنـــــــــــــــــــــاءِ
لا فــــــرق بيْــــــــن كبيــــــرة وصغيـــــرةٍ****هُــــنَّ الـــــــــــدواءُ لـــــــعِــــــلّتـــــي وعنـــــــــائــــــــي
ومُحــــمّـــدٌ يـــــــــتــــــلو قصيـــــدة جــــــدهِ****يرجــو السّــلامةَ منْ لظـــــــــى الأخْطـاءِ
عَـــــينـِــــي تنــــــقّـــــل بيـــنهـــم مســــرورةً****أذُنـــي لهـــــم في مُنــــتهى الإصْــــغــــــــــاءِ
هــذي وتـــلكَ وأختـــــها يجـــرين كي****يُرضينني، فـــمُـــــناههـــــــنّ رضــــــائــــــي!
وأنـــا أســـوي بيــــــــنهـــم في نظــــــرتي****وتعـــــاطُـــــــفي وتقـــــــــــــــــرّبي وثَــــــنــــــائِـــــــي
وتعـــجّــــــبُــــــــوا لمــــا رأونــــي فَـــــــجــــأةً****أبْــــكي، وســـــالتْ أَدْمُعــــــــــي بسخـــــــــــــاءِ
وتســـاءلــوا بعـــيــــونهم؛ ماذا جـــــرى**** هَــــــــــل جَــــــــدّنا في محْــــــــنـــــةٍ وبــــــــلاءِ
حـــولتُ وجهـيَ عنهمُ كي لا يــــروا****وجهي غــــــدا كالفحْـــــــــمــــة السّـــــــــوداءِ
ومضيـتُ أجــــهــــشُ بالبُـــكاءِ مـواريًــــا****وجـــــهــــي بكفــــي عــــــــنهــــمُ بحـــيــــــــــاءِ
مـــدّوا أنـــامــــــلَهـــم لمــــســـــح مدامـــعــي****وتســــاءلوا عَــــــــــمـــــا أثــــــار بُـــــــــكـــــائي
عجـبًا لجــــدي؛ كيف يبكي مثلنــــــا؟****مــــــا قـــــــــــــطُّ كان بخـــــائِـــــــــفٍ بـَـــــــــكّاءِ
صـــبّرتُ نفســــي والدمـــوع توقـــفـــتْ****وجمعت بعضـــي واحتبــــيت كســــائي
خـــاطبتهم والصـــوت يخنقــــــه البكا****ورجـــوتهُــــــــــــم أن يسمَـــــــــعــــوا لنــــدائــي
هل فيـــكم من بات يـــومـــــًا جـــائعــــا**** أو خائـــــــفًــــا مـــــــــن حيّــــة رقْــطــــــــــــــاءِ
هـل فيــــكمُ مــن لـم يَـجـد مأوًى يقي****حـــــــــر الهجــــير وصفْــــــعــــة الأنـــــــــواءِ
وعَــــــليهـــم ألقيْـــــــــتُ نظــــرة قــــــــــاريءٍ****لبـــــراءة فــــــــــي أعْــــــــيــــــــن البـــــــــــــــــــرءاء
هــــــذي البـــراءة تـــــمّ طمـس بريقهــــــــا****بالـــــــغــــــــــــدر والعـــــــدوان والإيــــــــــــــــذاءِ
في الشام، كلّ الشام، كان مصابُنا****فــــــي الغـــوطـــة الشرقيّة الشّمـــــــــــــــــاء
غـــربيّـــها، قَـــــــد نالـــه مــــــــــــــا نــــــالهــــــــا****مِــــــــن نفخــــة التّــــــنــــين والحـــــــربــــــــــاءِ
بكليـــهـــــــما إن الجــــرائــــــــم أذهــــــــلــــــت****أهــــل النّهــــى من نُخبـــــةٍ حُكمـــــــــــــاءِ
لم يَــــــــرو تــــــــاريـــخ الشعُـــــــوب مآسيًا****مثــل التي وقعت على الفيحــــــــــــــــاءِ
ذبْـــــــحًا وقـــــتْـــــــلًا ثم هتْـــــــكًا فاضــــحًا****للعــــرض أو لمنــــازل الشـــــــــــرفــــــــــــــاءِ
بالكيميــــــــاء رأوا ســـلاحـــاً فــــــــــــاتـــــكــــًا****فاستخْــــــــــدمـــــوه بخســــة وغبــــــــــــــــــــــــاءِ
فأتى على الشيــــخ المقــــوّس ظهــــره****فغــــــــــــدا كعـــــــــــــرجــــون بــــــــــلا أجـــــزاء
وأتـى على الطفـــــل الرضيــــع بلفحـةٍ****جعـــــلته يهــــجُـــــرُ عَــالَم الأحيــــــــــــــــاءِ
وأتى على العـــذراء في ريــــع الصبا****وإذا بهَـــــــــــا كالنّعْــــــــــجــــةِ العجفــــــــــــاءِ
وأتى عَــــــــــلى أم تجَــــــمّـــــع حَــــــــــولهـــــا****أطفالها طمعـــــًا بـــــنـــيـــــل عَشـــــــــــــــــاءِ
فغـــدوا كعــــفصٍ صار وجبـــة حاقـــدٍ****بهــــــــــمُ تعشَّى أجبَـــــــــنُ الجبَــــــــــنـــــــــــــاءِ
وأتى على ما اخضـرّ من أرض الشآ****م فداسها، فغدت من الصّحْـــراءِ
ما قَــــــــــــــارفت ذنْــــــــــــبًا ولكِـــــــن قــــــــررتْ****ألا تــــــــذلّ لحفْـــــــــــنـــــة الدخـــــــــــــــــلاءِ
فاستيقَـــــظت من نــــومِــــــــــها وتحـــــرّكتْ****تمضي بهـــدي شــــريعـــــةٍ غــــــــــــرّاءِ
فرغى العقـور وراح ينهش في الــورى****وسُعــــاره بَـــــــلغ البعـــــيــــــــــد النــــــائي
هـــــــــــذي حكايـــــــــــة جـــــــدكم وبــــكائــــــــــه****ما كان سامعهــــا كمـــــــن هو رائي
فإذا وعيـــتُـــــــم ما قصصتُ عَــــــــليـــــكمُ****فارووه للأجْــــــــــيــــال يَــــــــــا أبنــــــــــــائي  
نظرت إلى بعضهم فإذا عيونهم البريئة تجود بدموع بريئة... تشارك دموعي بالاسم فقط ولكن... شتان بين دموع الأطفال ودموع الشيوخ!!!
الأحد 7/المحرم/1435 الموافق 10/11/2013
محمد جميل جانودي.