الأربعاء، 28 سبتمبر 2022

سلوا الخضراء عنه وعن سناه



 سلوا الخضراء عنه وعن سناه..

كلمة وقصيدة في رثاء الأستاذ محمد سعيد مبيض.

عرفته من غير مُعَرّف... عرفته رجلًا يدعو للمكارم والفضائل، حاملًا همَّ أمته وما تعاني... عرفته من قبل أن أعرف اسمه ومن يكون... فدفعتني معرفتي الأولى له إلى مزيد من التعرف عليه.. فقيل لي: إنه الأستاذ محمد سعيد مبيض...ولتأكيد التعريف ثنى عليّ من سألته بالقول: إنه صهر الأستاذ إبراهيم عاصي، الذي هو علم من أعلام مدينة جسر الشغور...فحق أن يُعرف بذي المحمدتين، بعد أيام قدر الله أن التقيته وعرقته جسديًا بعد معرفته روحيًا...

وفي صيف عام 1973 كان فكّر الأستاذ سعيد أن تقوم جمعية النهضة الخيرية بعمل دورات في الرياضيات لطلاب الصف الثالث الثانوي، يهدف بذلك أغراضًا إيجابية عدة، فاتصل بي لطالبًا مني أن أقوم بهذه الدورة للطالبات في حين كان قد نسق مع الأستاذ يونس قرط أن يقوم بها للطلاب، مع تأمين السكن والأثاث المناسبين، وأن يقوم هو بنفسه بالإشراف على سير عمل الدورتين...  وهكذا توثقت الصلة معه، فلمست فيه الرجل الصدوق الجدي، والعملي، والمتابع لعمله بإتقان، ومما زاد من توثيق عرى هذه الصلة أن كان المنزل المخصص لي هو جزء مستقل من منزله، ومن أول يوم سكنته وجدته وعائلته خير أهل وأكرم جيران...وبعد ذلك كنت أراه لمامًا حين آتي إلى إدلب لغرض ما...ثم فرقتنا الهجرة القسرية التي تعرض لها كثيرون من أبناء سورية، سنة 1980 وما بعدها... ومضت السنوات، ثقيلة حينًا، وحين نحمل لنا مراغمًا كثيرًا وسعة، فتخفف علينًا بعض المعاناة... وفي عام 1997 تم إنهاء عقدي في التدريس، وفي العام نفسه كنت في مكة للحج، وعلمت من بعض الأصدقاء أن الأستاذ سعيد يحج أيضًا، وأعطاني هذا الصديق رقمه، فاتصلت به، وزرته في مقر إقامته، فكانت فرحته بهذه الزيارة كبيرة، وأمضيت معه ما يزيد عن ساعتين، ثم أخبرته بإنهاء عقدي فأبدى استعداده لأن يدبر لي عقدًا للتدريس في قطر...وبعد سفره يسر الله لي البقاء في المملكة ففضلت ذلك بسبب مدارس الأولاد، ثم قدر الله لي أن نلتقي في الرياض لأكثر من مرة، وزارني في منزلي، وعرفني في أثنائها على صهره الأستاذ أمير صناع (أبي عبد الله) وهو مهندس مبدع في مجال الإلكترونيات، وله ولدان (حفيدا الأستاذ سعيد) هما الآخران مبدعان في المجال نفسه، وأهداني بعض مؤلفاته القيمة. ومن أهم ما لاحظته في الغربة أنه كان أكثر عملًا وحماسًا لخدمة العمل الدعوي الذي كان، من قبلُ، فارسه في مدينته إدلب، وكان يحمل هم الشعوب الإسلامية، وما تعانيه، وأطلعني على منهج وضعه لسير العمل الدعوي بنجاح في الظروف الصعبة التي يمر بها جل المسلمين.

في الحقيقة، فقدت سورية والأمة بموته علمًا من أعلام الدعوة العاملين بصمت وهدوء من غير ضجيج أو بروز إعلامي. أسأل الله العلي القدير أن يجزيه عنا الجزاء الأوفى، وأن يعوض الأمة خيرًا.

عزائي لأولاده الدكتور حسان وإخوته، راجيًا من الله تعالى أن يكونوا، ورثة حقيقية له بعلمه وأدبه وأخلاقه، وأن يثبتهم على ذلك وينفع الأمة بما ترك من أولاد صالحين، وعلم نافع.

رحم الله الأستاذ الشيخ محمد سعيد مبيض (أبا حسان) وجعل له مقعد صدق في عليين، وجعله من ورثة جنة النعيم. 

لساني قد تعثر عــــــن بياني===وأمســـــــك عن بُنيــات الجَنانِ

فقلت له: إلام الصمتُ قــــل لي===أيظمأ من ســـقاه المنــهـلان؟

أجاب وعينُــه بالدّمْـــــع مـلأى===أما تدري حبيبي ما اعترانـي

أما تدري بأنّ "سعيــد" أضحى===بــرمـــــــسٍ قد بكاه الفرقدان

يُعطّر دوحةً فــــيهــــــا توارى=== تحــوط به ورود الزعفـرانِ

غريبًا قد قضــى ولـــه أيـــــادٍ===قد انطلقت بخــيراتٍ حِســـانِ

يجود على القريب بغيْـــــر مَنٍّ===ويمنع مَنْ نأى جور الزمــانِ

سـلوا الخضراء عنه وعن سناه===تُجبكم بالفصــاحـــة والبيــان

تجيــــب بنفسهــا عمــا جنتْــه===من الخيرات منه بلا ارتـهــانِ

أبو حســـــانّ أعْــلى لي كيانًا=-==ونافس من بخير قـد أتـــــاني

صروح العلم شيــدها بساحي===-أقرُّ له بصــــــــدقٍ وامتنـــانِ

فعــلّمَ ثم أدّبَ ثــــــم أعــطى===نفائس ما لديْـــــــــه بلا تـــوانِ

وأسَّس في ربوعي دار مجــدٍ=== وتفسيــر وفــــهـــمٍ للمعـــاني

وطاف بأرض "سوريـا"محبًا===يُقابَل بالحـــــفــاوة ةالتهــــاني

رأى فيها غــرابًا جاء يسعى===لإفســـادٍ وهـــــــــــــدمٍ المباني

تسلل في هـــــدوء واحتـرازٍ===ويســتــره رداء الأفــــــعـــوانِ

فحــذّر ثم أنـــذر أهـل حِــلم===أولي قـــدر وجــاهٍ ثم شــــــــان

قلم يُعطوا لما قد قـال بـــالًا===وما انتبـــــــــهوا لمكر الثعْــلبانِ

رأى فيه الغــزاة نـذير شُؤم=== لــــه كادوا بمــــــكر في ثــوانِ

فهاجر في حمى الرحمن يرجو===بــــلادًا ذات أمنٍ أو أمـــــان

وحل بدوحـةٍ عنـــاء تهـــدي===مبــاهجـــــــــها لقاص قبـل دانِ

وأرسل جُـــبه يهدي ضيـــاءً===فطـمأن من يعيش بـــلا حنـــان

ويثّ عــلومـــه في كل ناحٍ===فأنقـــــذت الأسارى والعــــواني

قضى للناس حاجات عظامًا===بإخــلاصٍ، وعـزمٍ، في تــفـــانِ

مآثره سمت من غير حصـر===له في كل مــــــــــكرمة يَـــدانِ

ألا يا ربنا أكـــــــــــرم أخانا=== أبــا حسان في عالي الجنــــانِ

وعــوّض أمةً، فقـدتْه، خيرًا===لتــصبـــح حـــرة، وبلا هــوانِ

السبت 20/صفر/1444 و 17/9/2022

 

اليوم قد مات المعَطَّر ذكرُه

 


رثاء للشيخ يوسف القرضاوي، رحمه الله:

اليوم قد مات المُعَطّرُ ذكرُه

بكت النجوم وضجّــت الأقمـــــــــــــــار===في ذا الصباح وزاغت الأبصار

علمَتْ بأنا ســوف نسأل فانبــــــــــــــرى===ليلٌ يجيْــــــب وقد تـــــــــــــــــــــــــلاه نهـــــارُ

فالليلُ أظلم فــوق ظلمتــــــــــــــــــه بمـــــــــــا===وافــــــــــاه من خبرٍ لـــــــــــه إعصـــــــــــــارُ

أمّا النّهـــــار فشمسُه غــــــابــــــــــــــــــــــتْ ولم===تسطعْ لها، مما جـــــــــــــــــرى، أنــوارُ

قالا بأنّ اليــــــــــــومَ يــــــــــــومٌ أقــــــــــــفـــــــــرت===فيه المنــــــــــــــــــــــابرُ واختفى الـــزوّار

اليوم قــــــــــــــــد مات المعَــطّــرُ ذكـــــــــــــــــرُه===حـِلقُ العـــلوم بكتــُـــه والأخيــــــارُ

الشيخ يوسفُ قد قضـى في هجرة===في دوحـــــــة من حوله الأزهــــارُ

الشيخُ قرضاوي تــــــــــوارى تـــــــاركًا===عِلْمًا بــــــــــــــــــه تتـــزيَّـــن الأســـــــــــــــــفـــــارُ

مِنْ "أولوياتٍ "و"عــلمِ فرائض"===أو "فقــــــــــــــه واقع أمّـــة" تحــــــــــــتـــــارُ

أو منهجٍ لدعـــــــــــــــــاة كل فضـــــــــيــــلةٍ===في حلّهم أو حيثــــــــــما هم ســــــاروا

اليــــــوم يــــــومٌ للبكـــاء عــــــــــــلى الذي===نعمتْ بطيْبِ كلامــــه الأمـــصــارُ

لا تعجبــــــــوا يا قــــــــــارئين قصيدتي===للشيخ سيــــفٌ للعــــــــدا بتَّـــــــــــــــــــــــــــــــارُ

كم موقفٍ للشيخ كان ضيــــــــاؤه===عمّ الورى، للعــــــــــــــالمين مَنــــــــــــــــــــارُ

جمعيــــــــــــــــــةُ العُلَـــــــــماء كان رئيسَهـــا ===فهدى بها مَنْ أسرفوا أو جـاروا

كان المنــاصـــرَ للشعوب بثـــــــــورةٍ===ضــــــــدَّ الفسادِ، وصوتـــُـــــــــه هــــــــدّارُ

وربيع أمتــــــــنـــا ســـــــــــــــقـــاه عصـــارةً===مِن قلبه، منهــــا ارتــوى الأحـــــرارُ

فغدَوا أســـودًا لا يهابون الردى===لم يثـــــــْـــــــــــنِهــــــــــــــــــم ذو فــــريــــــــــــــــة مكَّارُ

يا شيخ يوسف لو أردنا حصر ما===قدّمتَــــــــــــــه تعبت بنَــــــــــــــــــــا الأفكــــارُ

أنقذتَ من بالزيغ مفتـــــونٌ وحا===ر بأمْـــره ممـــا يَــــــــــــرى ويُـــــــــــــــــــــــــــــثــَـــــــــــــارُ

وضمَمْتَه لحنـانِ صدرك هاديًا===وقد اهْتدى، شهدتْ له الأسْحارُ

كلا ولم يحرفْك عنْ وسـَـــــــــــــــطيّة===أظهرتَـــــــــــــــــــــها لك مبـــــــــــــدأً، أشــــــــرارُ

عضَّ الأنامل مبغضٌ بكَ جاهلٌ===للظـــالمين مُــــــــــــــــــــســوّقٌ سمســــــارُ

ما كان ردُّك غيــرَ نظْـــرةِ مُشفقٍ===تدعـو له بهــــدايةٍ، ويحوطُــــه الغفارُ

يا شيخَ يوسف، لم يفلّ العزمَ فيكَ منافقٌ أو مُبغِضٌ أو مُغْرضٌ ثرثارُ

إنّ الجنـائــــــــــــــــز حجــةٌ فليعلمُــــــــــــــوا===أنْ كان فــــــــــــي تشييـــعـــــك المليـــــارُ

أعلمْـــتِ يا أرض الكنانــَـــــــــةِ أنــــه===منـــــــــك المبَجَّلُ فــــــــــــــــاهنئي يــــا دارُ

كم عالم، ومجاهدٍ من فيْض جو===دك قد قضوا وتحفـهُـــم أســـــــــــرارُ

كُثــــــــــــرٌ سواكِ استأثروا بـــرفاتهم===هم صــــــــــفـــوة، هــم نخبة أطهــارُ

أحرى بـــأمٍّ أنْ تضــــــــمّ لحجـــرها===فلذاتــــِــــــها، ولصــرحها عُمّـــــــــــــارُ

لكنّ هجــرتهم وســامٌ خـصهـم===في جنــّـــــــــــــــة طابَــــــــــت بها الأثمـــارُ

هُنّئْـتِ يا قطَــرٌ بشيخ ضــــــــــــــــــــمّــه=== منكِ الثّرى، وتشوقتْ أقْطارُ

لك كان خيرًا في الحياة وميتٌ===طـــــــــــــوبى لشعب أهــله أنصـــــارُ

يا ربنا أكـــــــــــــــــرم أخـــانا يــوسفــــًا===في جنّـــــــــــــــة، من تحـــــــــــتــــها الأنهـــــارُ

الإثنين 29/صفر/1444 و 26/أيلول/2022 - إسطنبول

الخميس، 18 يونيو 2020

ذكراك عطرٌ والأنام تشمّه


كنتَ الشفاءَ لأمّــةٍ مكلومــJةْ===كانتْ أمام عَـــدوِّهـا مهْــزومـةْ
أعْداؤها صنعُــوا لها أقواتَها===فغدتْ بما صنعوا لها موهـومـة
كم خَــدّروا أبنـاءها في غفلةٍ===منّــوهمُ في قِـرْبــةٍ مخْــرومــة
فأتيتَ تُوقظ نُوّما من خدْرهم===بيّنْـت للشعْـبِ المهـانِ خصومهْ
بيّنتَ ألّا عِـــــزَّ يكسـو أمّـــةً===وحقوقُها من غَـيْرِها مهْضومَـةْ
أنذرتَ مَـن بالجهل كان مُغيّبًا===حذرتَه مـــن حَيــَّـة مَرْقـــومـةْ
لا نتْ مَلامسُها فهــامَ بليـــنِها===لم يدرِ أنَّ نيـــوبَهـا مَسْمــومـةْ
فتجـرّع الســمَّ الزعافَ وحالُه===في نشوة بمـــذلّة موصــومــةْ
لبّى نِـدا الأفْعى وراح مُهَرْولًا===وهي التي في خُبْـثهـا معْـلومةْ
أما الذينَ قـلـوبُـهم قد أشْربَـت===عجْـلَ الضلالة فالقلوب سقيمةْ
رضعتْ لبانَ الغدرِ من أسيادِها===والرّانُ لوَّثَهــا، بـه مخْتـومةْ
بصفاقةٍ وقفَـتْ تُناصبُك العَـدا===وةَ جهْــرةً، بعــداوةٍ مَرْكــومةْ
قد رُسّخَتْ من سامريِّ زمانِها===ولها أعَــدّ جحافلًا وحـكومَــةْ
واجهْتَــهــا بشجاعَــةٍ وبَسـالةٍ===ووصمتَها في أنَّهـــا مشـؤومةْ
يا حُجّــةً للــه بـــالغــةً أتَـــتْ===في أمّــةٍ مغْـلـوبــةٍ مـظْــلومـةْ
كانت مُكبَّلةً بِــقـــيـْـدٍ مُحْكَـــمٍ===كانتْ بأمر عَـــــدوها محكومةْ
والناس بين مُغَـيَّـبٍ أو خائــنٍ===أو ساكتٍ بضـــــمائرٍ معدومةْ
فيهم قليْـلٌ ناصروكَ فأصبحوا===فئةً بمصر مُهانــــةً مَرجُـومة
لم يُدركوا أنّ الذي قَـــد جئتهم===قد كان ناقــة صالح موسومـةْ
فتآمَروا كـي يعقروهــا غِيــلة===وأتوكَ، زورًا، ألبسوكَ جريمةْ
قتلوكَ في وقتِ الضُّحى غَدْرا ولم===يتورّعُـوا فالغدرُ فيهم شيمَةْ
ذكراكَ يا مُرسيُّ تحْـدونا إلى===أنْ نسْــتمِرَّ على الهدى بعزيمةْ
ذكراكَ نــورٌ ســاطعٌ لأحِـبَّــةٍ===ولمَنْ قـــلاكَ جهنَّــــمٌ محْمومةْ
ذكْـراكَ عِطـرٌ والأنَــام تشمُّـهُ===إلا الذين أنـوفهٌـم مـــزكـُـــومةْ
الأربعاء 17/حزيران/2020 و 25/شوال/1441هـ

السبت، 16 مايو 2020

أراك اليوم يا ولدي كبيرا....


أراك اليوم يا ولدي كبيرًا...............16/أيار/2016
==============
ولدي الحبيب مصطفى...اليوم، السادس عشر من أيار تتكرر ذكرى ميلادك للمرة الثالثة والأربعين، الذكرى لأعظم أول نعمة يمنّ الله بها علي من زينة الحياة الدنيا، لما أرجو بها استمرار عملي الصالح حتى بعد موتي...ثم تكررت هذه النعمة مرارًا، متمثلة بإخوانك وأخواتك، فالحمد لله أولًا وآخرًا، وأسأله أن يجعلك وإياهم من الصالحين.
في هذه الذكرى أهديك هذه القصيدة...
أحقًا قد قـــفزتَ الأربعــيـــنا===نعمْ..إنــا ـعددنــاها سنـــيـنـا
ألا يا شهــــرَ أيــار انتظرني===فأنت لمهجتي كنت السـفيـنا
تطــير بـه ولســـتُ أراك إلا===تبـــاعد بيننا حـينًا وحــيـنــا
ذكرتك يا بُنـيَّ وأنــتَ طــفلٌ===مع الأتـراب كـنتم لاعبينـــا
تجوب حديقة الحي ابتهـــاجًا===فتقطعـها شمالًا أو يمينــــــا
ووجهك مثل وجه البدر أبدى===محاسنه ولم ينس الجبـيـــنا
وثغرك مثل زر الورد يهـدي===لنـا،يا مصطفى الدّرّ الثمينا
وعقلك كان يُـوزن في عقول===إذا عــدت تجاوزت المئيــنا
أراك الـــيوم يا ولدي كبيــرًا===وقد مست ملامحَك السنـونا
لقد حفرتْ على الوجنات لغزًا===يفســره، بصــدق، سابقونا
سأشــكوها لرحمــن رحــيـــم===أقول له: لقـــد جارت علينا
عليك رمت بأعبــــاء ثقــــالٍ===فلم تعبأ بهــا صخـرًا وطيـنا
وحُمّلتَ الأمانــة وقــتَ كربٍ===فكنـــتَ بحَمْلها بـــرّا أمينــا
فكنْ جــلدًا ولا تجزعْ فعهـدي===بنـفسك حـرةً تــأبى الركونا
وأكملْ ما بـــدأتَ بــــه طريقًا===يسير عليـه مِنْ بعـدُ البنـونا
وكنْ مثلًا لهمْ في كل خير===تكنْ في الغيب محفوظًا مصونا
إلهي ليس غيــــرك لي ملاذ===دعوتك فاستجب وامننْ علينا
فبارك يا كريــم بنـور عيني===ونــوّر دربــه خُــلُقًـا وديــــنا
----------------------------------------------------------

أختَ الحقيقةِ قد كبَوتِ فسارعي


أختَ الْحقيقةِ قد كبوتِ فسارعي..
==================
حَقًا صُدِمتُ، وحُقّ لي أنْ أُصْدَما===في أنْ أرى صــرحًا يَزلُّ ليُهــدَما
عهْدي به صرْحًا تطاول شامِـخـًا===حتّى رقـــى فوقَ الثريّا في السّمـا
والناسُ مُعجَـــبةٌ بــه ترنــو إلــى===أصـداءِ صوتٍ ذاعه مُتـــرنّمـــــا
في كلِّ فنٍّ قــــد تألَّــــــقَ وارْتقى===وبكلِّ أُمّـــــــاتِ العُـــلُـــوم تَـكلّما
ثوراتُ حـقٍ كان خيــرَ مُـنــاصر===لقيامِها، بل كان حيْــــنًا، مُلْهِـــمـا
صوتُ "الجزيرة" كان يعلو قـائلًا===لا بدَّ مـِــنْ ظلْم طغى أنْ يُهـــزَما
أنى اتجهْــــــتَ بكلِّ مِصْرٍ صوتُها===يحْـــدو الصفوفَ مؤيّـــدًا مُتقدما
هذا يُتابـــعُ ما تبثُ على الــــهـــوا===وسواهُ يغدو بـ"المباشر" مُغْــرَما
وهنــاك مَنْ عَيْنــاه شاخصتان في===ما جاء في تعليقِها، متَــفَـــهِّـــمــا
ظلّ الورى مُسْتَمَــسكين بمــا تقـو===لُ، يرونَـَهُ قــولًا سَــديدًا مُحْـكَمـا
بصمــاتُها في كل بــيْــــت أشْرقتْ===وغدتْ إلى نيلِ الحقيقـــةِ سُــلّمـا
ماذا دهاها؟! لستُ أدري ما بهـــا؟===حتى بدا خطْـبٌ غريبٌ قـد طمَـا
لمّـــا تصــــدَّرَ قـــاتلٌ شاشاتـِــــهـا===وتقــولُ عنهُ مجاهـداً ما أحْجَمـَـا
وغــدا "شَهيدًا" عـــندهـا في جَنَّــةٍ===عليــاءَ يسرحُ هــانئًا ومُنَــعَـمـــا
أمرُ الشــــــهادةِ عنْــد علّام الغُيــو===بِ، فأمرُه قد كان فيهـا مُـبـْـرَمـا
أحَبيبةَ الجمهــورِ عُــودي خُـطــوةً===نحْو الوراءِ لتنظري مَنْ أجْـرمـا
في الشامِ أو بغــدادَ أو صنـعـاءَ أو===في غيرها.. ساحاتها امتلأت دما
هلّا ســـــــألتِ عن الثّــكالى أُيِّمَتْ===مـَـنْ ذا الذي قد ذلهُـــنّ وأيَّمَـــــا
هـلّا سألتِ الشيخَ ينْــظرُ بـــاكيـــًا===في بيتِــــهِ، لما بــــدا مُتـــهـــدِّما
تَجْري على صفحاتِ خدَّيْه الدُّمو===عُ كأنْهُــرٍ حرّى فــتتــركُ مَعْلَمَـــا
هــلّا سمعْـــتِ جوابَـــــهُ مُتلَعْثـمًا===أمْ إنّ هـــــذا الشيخَ أصبَح أبْكمــا
هلْ كـنـــتِ جاهــلةً بمــــا قد قلتٌه===أم عـنْه "أرْشيْفُ" القناةِ تَكتّمــــــا
فجرائِمُ المَحْظيّ عندَكِ في الطفو===لةِ أسْفرتْ عــــن حِقْـــدِه لمّا رمى
هـــــــذا بلا رأسٍ وذاكَ تقطّــعتْ===أوْصالُه، في لحظةٍ، وتَـــفَـحّــمـــا
أيليقُ فيمن عنــدَها بَرنــامـَـــــجٌ====للطفلِ يدعو أنْ يُصــان ويَسْلَـمــا
أيليقُ فيها وصفُ من  قــد سامهُ===سوءَ العـــذابِ بأنَّه حـامي الحِمــى
إنْ كان غيرُك قد تهــاوى ساقطًا===فلأنْـــتِ أجْدر أنْ تعُـــــفـــي دائما
ما كنتُ أرغبُ أنْ أقولَ قصيدَتي===هذي بحقّـكِ بعدَ طَـوْلِــكِ أنْــجُمَــا
قاومْـــتُ لكنْ فاجأتْــني صرخــةٌ===كانَ السكوت على الحـرام مُحرّما
أختَ الحقيقة قد كــبَوتِ فَسارعي===في قشْع غَـيْـمٍ فوق صرحِك خيما
هيّــا لِرأْبِ الصـدعِ قبــلَ تـــوسّعٍ===وحَـذارِ إنْ لمْ تفعلي أن يَعْظــمَـــا
الجمعة 22/رمضان/1441 و 15/أيار/2020

الجمعة، 15 مايو 2020

أترحلُ يا حبيبي في ليال؟!


أتَـــرْحلُ يا حَبـيـبي في لَيـالٍ
أتَـــرْحَلُ يا حَبـيـبي في لَيـالٍ===وتتْـرُكُني ولمْ أبْــلغ مَنــالي
أترْحَلُ تاركًا دمْــعي سخــيًا===كسيل قــــدْ تحَـدّر من جبالِ
وحُزْني لفَّني مِنْ فَرْطِ وَجْدي===وهذا الأمرُ لمْ يَخْطُرْ ببالي
أترْحَلُ قبلَ أنْ أحظى بقَـــدْرٍ===يسيْـرٍ مِنْ جَـــواهرَ أو لَآلِ
أتيتَ بها إلينــا مِـــنْ كريــــمٍ===جَـوادٍ بالعطــاءِ ولا يُـبــالي
قدومُكَ كان في أمسٍ قريــْـبٍ===رحيلُكَ في غـدٍ مثلُ الخيالِ
وهـــذا حالُ دنيانا نـــــراهـــا===كبرْقٍ لاحَ في حُلَكِ الليـالي
أتيتَ وكنتُ في شـــوقٍ لأبقى===بظلِّكَ عنٍ يَمينٍ أو شِمـــالِ
وأنْـهَـــلُ مِنْ مَعينك كلَّ عَذْبٍ===وأروى منـكَ بالماءِ الزُّلالِ
وللسَّبْعِ المثـــاني أقـْــتنــيهـــا===بصدْري ثم للسبْـعِ الطــوالِ
وباقي الذكْرِ أرشفـُــه كشَــهْدٍ===فأنسى مُـــرّ أيــَّـــامٍ خَــوالِ
ولكنّــي ضعيفٌ يا حبيـــــبي===فلمْ أسْطِعْ وصــولًا للكمــالِ
وأنتَ تسيرُ مثلَ الريح تمْضي===لِغايتِها لدى السُّحُـِب الثِّقالِ
"وما نيـــلُ المطالبِ بالتـمني"===ولكن باجْتِهــــادٍ وابْتِهَـــالِ
فمَهْلًا علّ بعضَ الغيثِ يأتي===إليّ بمَنَ ربّي ذي الجـــــلالِ
فأروي غُلَّتي وأبلُّ صــدري===وأبقى بالحبـيبِ على اتِّصالِ
الجمعة 22/رمضان 1441 و 15/أيار/2020

الخميس، 9 أبريل 2020

سمّوكَ كورونا وأنتَ مُكوّرٌ..


سمّوك كورونا وأنتَ مُكوّرٌ!!!
فاجأتـــــنا، لَـــــم تَـطْـــرق الأبْــــوابا===وأتــيْــتَ تحْمِــلُ للأنام عذابا
فاجأـــتَنا، مَـــا كـــــنْـــتُ أحسبُ أنَّـنا===بكَ نُمْنَعُ الأحْبابَ والأصحابا
بك قد مُنعنا أن نجــــوبَ شـــــوارعًا===أو أن نؤمّ السـوق والمحرابـا
أو أنْ يُصافـــحَ بعْــضــــنا بعضًا إذا===يَـومًا مضَيــنا جيْـئة وذهــابـا
أما العِــــنـــــاقُ فــإنـــه لكَــــــبيــرةٌ===والدّمْع سـال لأجلـه مـــزرابا
والجـار لا يسطيْع رؤيَــــة جـــــاره===وإذا رآه ازورّ عـنــه وغــابـا
حُــبِسَ المسافرُ حيث ألْقــى رَحْـــلَه===لم يستَـطِـعْ عَـــودًا لـه وإيـابـا
حتّــــى وأوبتُــــهُ غـدت مجهُـــولـةً===لا يَوم يُــرْجى أن يَـكون مآبـا
أضحتْ مدائـنُـنا كقَـفْـــرٍ قـد خـــلا===أضْحَـتْ بُعَيْدَكَ جـَدبةً وخـرابـا
كلُّ الوسائِـــــــطِ عُــطّلتْ مشـلولةً===مِنْ قبلُ كانَتْ في الفـضا أسْرابا
خَلَتِ المعاملُ من سواعِــدِها التي===بالأمْسِ غـصّــت شيْـبـةً وشبابا
أضحَـــــتْ مدارسُنا تنوحُ حزينـــةً===فقدتْ براعِـــم يقْـرؤون كتـابـا
والأرضُ قَــد أهْـــــديْــــتَها فلذاتِها===في جوفِـها ضمّــتْـهـمُ ترحــابـا
سمّوكَ "كورونا" وأنْـــــتَ مُكـوّرٌ===تُخْفي بجـوفك أسْهُـــمًا وحرابـا
تسعــى حثيثًا كي تحلّ بساحـنــــا===فإذا حــللْتَ أذقْـتَـــنا الأوصـابــا
قــــلَقٌ يُثيـْـــرُ تســـاؤلاتٍ جمـــةً===نــرجـو الجوابَ إذا ملكْتَ جوابا
هَـــلْ أنتَ لُغزٌ جلّ عــن أفهْامِنا؟===فـتـشتَّـتْ، والفَـهــمُ صار سـرابا
يا أيُّهـــا الغـــازي أجِــبْــنـا إنـّـنا===رُوحٌ، وأنْــتَ تَـــعُـدّنــا أخْـــشابا
وأمِطْ لثـــــامَكَ ثمَّ أفْصِحْ شارحًا===قُـــلْ مَن تكـونُ وبيــِّن الأنسـابا؟
وإلامَ تولِغُ في دمــــانا مُسْـــرعًا===مُـتَــخفِّـيًا...وضِّحْ لــنا الأسبـابا؟
فتنحنَح الفيروسُ يـــروي قصــة===مَــا كان مِـــنّـــا خــائــفًا هيّــابـا
وأجابـَــــنا مُتــواضعًا برَزانــــةٍ===فأثـــارَ فيْــــــما قــــاله الإعْـجابا
صحّحْ كلامَك يا ابْنَ آدمَ، لا تكن===مُتــجاهلًا أو جــاهــلًا مُــرْتـابــا
وانطقْ بحــقٍ إنْ أردتَ سلامةً===بالقولِ لا تشطُــطْ وهــاتِ صوابـا
إني لِما قــــد قٌـــلتـَـــــه متعـجبٌ===فاربَـأ بنـفسكَ أن تُــرى كــذّابــا
من قبلِ أن أن داهمتُكم هَل فيْـكمُ===عدْل يسـود، وكنـتـــمُ أحْـبــــابا؟
من قــبل أن داهمتُكم هل عِـلْمكمْ===للحق سُــخّر نــاصـــرًا وثــابـا؟
لم تنصروا الحمَلَ الجريح مُعَذبًا===ونصـــــرتُـمُ وحْشًا بغـى وذئـابًا
وخيار أهل العــلم فيكم أُقْـصيتْ===في وجههم غَــلّقـــــتمُ الأبــــوابا
أما المدارس فهي تشهَـد فعْــلكم===سِيسَتْ بمن سحَـــروكمُ أغـــرابا
هلّا تجرّأتُم على من ســـــامكم===سوءَ العــذاب وسادكم أحْـــقــابــا
هــلّا وقفتُمْ ضـــدَّهُ كوقــوفــكم===ضدّي، وقــــد كشَّــــرتـُــمُ الأنْيابا
أولى بذلك مَن تبجّـح قــــــائلًا===أنَــــا ربّكم، كـــنتـــم لــهُ أذنــــابا
أولى بذلك مَــن لِمــالكمُ أتـــى===لصًــا فكــان لِحقّـــــــكمْ نهَّــــابَـــا
أولى بغضبتِكمْ عليه مُقـــارفٌ===للمُوبِـقــاتِ مُجــاهِــــرًا صخّــــابا
إني أتيتُ لكي أدربـَـــكم عـلى===ألا تَـــهــابـــــوا كـــاذبًا نصّـــابــا
إني أتيـــــتُ إليكمُ موصًى بأن===أبْــقى رحـــيْـــــمًا، لا أشــدُ عذابا
فإذا استفدتم من مجيئي فزتـــمُ===ورحَـــــلتُ عنكم لا أريْــــــد إيابا
وحبَــــاكمُ ربـــي بأمْــنٍ شاملٍ===وبـــرزقـــه..أنعِـــــمْ بــه وهّابا؟!
فاستغْفروه وعاهــِدوه بتـــــوبة===تَـــجـدوه، دومًا، غـــافرًا تــــوّابا
لكنْ إذا لم تستفيدوا فاعْـــــلموا===في أنّ أمْــــركــمُ يصيـــرُ تَــبـاب
==================================
الجمعة 17/رجب/1441 و 10/نيسان/2020