الأربعاء، 26 ديسمبر 2012

حلفايا.....مهلاً لا تهني

حلفايا... مهــــلا لا تهني
(حلفايا) حفَرَتْ في صـدري       كلمات بدمي هي تجري
لن أنسى يـــــــــــومًا وافـــــاهـــــــــــا        جـــزار يمشي بالغـــــــــــــــدر
في يوم وقف الناس ضحًى        لينالوا خبزا في يُـــــــــــــــسر
وأمــام الفـــــرن قد اصطفــــــوا         بوجــــوه شعــــت كالبـــــــدرِ
أكْـــــثرهــــــم كانُــــــــــــــوا أطفــــــــالاً         ونساءً نشأت في الخــدرِ
وقــــفــــــوا ليعودوا بطـــــــعــــــــــــامٍ         لأقارب جاعوا من دهـرِ
وقفوا والفــــــــــــــــــرحة تغمـــرهــم         من بعد عنـــاء أو صبــرِ
يحــــــدوهم أمـــل أن يبـــــــــــقـــوا         ذخــــــرا وأمـــانًا في العسرِ
فرآهــــــــــــــــــــــم ذئب غـــــــــــــــدّارٌ          بعُيـــون تــــقـــدحُ بالشـــــــــرر
وبنفس تاقــــت لدمــــــــــــــــــــــاء          تجـري في الشارع كالنّهـرِ
وبحقـــــد رُسّــــــخ من زمــــــــــنٍ          وبقــــلبٍ قاس كالصخــــــرِ
يسترجع أفعـــــال أبيــــــــــــــــــــــه          بعقــــود وُصِـــمت بالشــــــــرِ
وبـــــــــأن أبــــاه أوصـــــــــــــــــــــاه          أن يحذر من أهـل الطّهر
وليحرق منهم مـــــن يــــــأبى         أن يبقى في صف الكــــفر
فـــــتــــــــوجه نحو خفـــــــافـــيـــشٍ         حملت أطنانًا من جمـــــــرِ
أعْــــــطاهم أمـــرًا أن يُــــلقـــوا          ما حملوا في لمح البصـر
ألقـــوها فوق من اصطفـوا        فانغــــــــــمــــسوا بـــــــدم كالبحـــــــر
بـــــــــدم لفـــــطيــــــر قرامطـة         قد رقصــوا في بهــو القصرِ!
أشـــــلاء الناس مُبَــــعْــــثــرةٌ         في الأرض لتُنبـئ عن ســـــر
عن سر عصابــــــة أشـــــرار       حكمـــــــــــت سوريّـــــةَ بالـــقهــــــــرِ
كشفــتْـــــــه الثــــورة مُســــفِــــــرةً         عن خسّـــةِ مأفـــــــونٍ قـــــــــــــذِرِ
حلفـــايــا صبــــرًا إن لنــــــــــا          بالصبــــر دروبــــًا للنّـــــــــصــــرِ
صبــــرُ الأبطـــال يُمَــــيــزه          إيــــــمـــان بـبُـــــزوغ الفجـــــــــــــــــــــرِ
حلفــــايا مهـــــلاً، لا تهنـي          فـــــ (الحــــرُّ) تَــحَـــــرّكَ للثـــــأرِ
سترين جحــــافله تمضــــي          لتَجــــرّ الباغــــي للقبــــــــــــــــــــــر
تُلقــــــيـه بمـــزبـــــلة وُجِـــــدت           لطغـــــــــاةٍ ظَلموا في البشـرِ
وتريـن الأرض قد اخضرت        وزهت بالزهــــــــــــر وبالثمـــر
حــــلفـــــايــــــــــا معــــــــــــذرة إنـــــــــــا       نرجـــــــــــــوك قَــبــــــولاً للعُـــــــــــــــــذرِ
محمد جميل جانودي
الإثنين 11/صفر/1434 الموافق لـ24/12/2012

             

 

        

 

 

 

الأربعاء، 12 ديسمبر 2012

دستور مصر حضارة وتقدم

دستور مصر حضارة وتقدم
إيّاكَ يا بـــْن النــيل أنْ تتـــرددا*** فــي أن تـلـبي دعــوة فيها الهدى
نادتك مصـرُ بأنْ تحقق عــزهـا*** فأجب ولَـــبّ وكُن أُخيَّ مـؤيِّــدا
إياكَ أن تنأى بنفسك عن هُدًى*** تحيــا بـــه عَيشـــًا رضيًـــا أرغدا
ناداك من يرنُو إليـــك بلهفـــــةٍ*** متحــبّبــــاً بالرفْــق قَـد مـد اليـدا
نــاداك يا بن النيل مَنْ أوليتَـــه*** ثـقــةً فكان لك الوفيَّ الأحمـــــدا
وسعى لتخـفيف المعانـاة التـــي***  كابــدتَها في ظــل بـاغ أفســـدا
نَــاداك "مُـرْسيٌ" بقلبٍ مــلؤه *** حـبٌ لمصــر وأهلها ولها افتدى
ودعـاكَ للخير الذي قـــد خطّـه*** حُكَماءُ مصرَـ ولم يكنْ مُستورَدا
دستورُ مصـــرَ أعــدّه أبنـاؤهـا *** بعلومهم بلغوا العُلا والفـــــرقدا
قد يمّمـوا مرضـاة ربهــــمُ بمـا*** وضعـوا، فكان لآلــئــًا وزُمُــرّدا
دُستورُ مصْر قدِ اسْتُمِـدّ قوامــهُ*** من دينهـا، من عُرفــها، فـتـورّدا
وحوى الفضائلَ من جهات عدةٍ *** حتى غــدا فيـمــا احْتوى متفردا
وبـدا كـبُستانٍ تــنـوعَ زهـــــرهُ *** وشذاه فـاح على الأنـامِ وأسعــدا
وثِماره أهـــدتْ رحيقًا سائغــــا*** للظـامئيـن فبرَّدتْ حَـرّ الصــــدى
وظلالُه وقَتِ الــورى من لفحَـةٍ*** جاءت إليـهم بالهـــلاكِ وبالــردى
دستورُ مصر، به ستبلغ مجدهـا*** وبـــه يـــكون الشّـعبُ حُـرًّا سيّدا
لا فرق بيــــــن مواطنٍ ومواطنٍ*** في حُكْمـه، ولهـم جميعــًا وحّدا
حرس الفضيلة أن تُنـال بثُلــمـــةٍ*** والعِـرضَ ممن مسَّـــه، وتوعَّدا
وحدودُ مصـر بنَـصّـــــه محميــةٌ*** تبّــــًا لمن يومــًا أتـاها واعتدى
سينـال من أجناد مصـــر جــزاءه*** يلقى بهــا يـوما عَبـوسـًا أسـودا
أما المناصب فيـه فهــــي أمانــــة*** ولمن يفرط في الأمانـة هَــــدَّدا
وبـــــه يُـعـزّ الحق كي لا يُزدرى*** ويُذل مَن في غيّــــــه قــد أَبْعدا
وبــــه يُغـاظُ عـــدوُّ مصـر بكيـده*** فَـتـراه أرغى ضــــدّه أو أزبـدا
ويهـيـج مُصْفرًّا بــــوجـــهٍ كالِــحٍ*** وفـؤاده، من حُنقــــه، قد سـوِّدا
ما ضـــرّ إلا نفسه وقــــريــــنـَـه*** تبـــا لمن بالحانقين قــدِ اقْتــدى
دستور مصر هـديّة جـادت بــهـا*** فِـلذات مصر ومن بها يـوما شدا
دستور مصـر حضارةٌ وتـــقـــــدّمٌ***سيظل مفخرةً على طول المدى
محمد جميل جانودي
الأربعاء في 13/صفر/1434 الموافق لـ 26/كانون الأول/2012

الاثنين، 3 ديسمبر 2012

رفقًا بأنفسكم أيها الثوار


رفقًا بأنفسكم أيها الثوار

المتتبع لحراك الثورة السورية يجد أنه تَمَثل، بادئ ذي بدء، بتظاهرات سلمية، انطلقت في كثير من المدن السورية، تطالب بالحرية والعدالة والكرامة، ثم تطور الأمر فيما بعد، باضطرار، على إثر الوحشية المفرطة التي استخدمتها السلطة الجائرة، فتحول جزء من هذا الحراك إلى حمل السلاح، دفاعًا عن النفس والعرض والأهل والمال والولد، وأخذ تَشَكُّل الفصائل المسلحة والكتائب والمجموعات يتتابع إلى أن وصل إلى ما لم يكن يخطر على بال، من حيث العدد، والتنوع، والقدرات، حتى أذهل ذلك المراقبين، هذه الفصائل التي قد تتباين فيما بينها في طريقة الأداء، وحجمه، إلا أن ناظمين اثنين كانا يمثلان القاسم المشترك لغالبيتها:

 الناظم الأول هو التوجه الإسلامي الوسطي لها جميعًا، ويُفسر ذلك بأن معظم الشعب الذي هو الحاضن الوحيد لمكونات هذه الفصائل هو مسلم، وبأن هذا الشعب جرب على مدى عقود أصحاب التوجهات غير الإسلامية فما زادته إلى رهقا...

الناظم الثاني: وحدة الهدف المتمثل بإسقاط النظام جملة وتفصيلا.

 وتمشيًا مع ما تقتضيه، الحالة تطلب ذلك العملَ على تشكيل كيان يُفترض به أن يكون واجهة للثورة أمام الرأي العام العالمي والمجتمع الدولي، وأخذت المحاولات في هذا الصدد تترى، إلى أن انتهى بها المطاف إلى المجلس الوطني السوري، واكتسب شرعية وجوده بادئ ذي بدء من الثوار أنفسهم، حين سموا إحدى الجمع الخاصة بالثورة باسم "المجلس الوطني يُمثلني" وحاول هذا المجلس أن يقوم بما تعشّم الناس أن يقوم به، لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، فحال دون ذلك أسباب، جلها خارجي، وبعضها داخلي، وتوجهت إليه سهام المبغضين، وأقلام المحبين، الأولى بالتجريح والفضح بما فيه وبما ليس فيه، والثانية بالنقد الكثير والنصح القليل بطريقة مثيرة، وأسلوب ممجوج إلا ما رحم الله... وانعكس ذلك كله على الفصائل في الداخل؛ فمن مهاجم، إلى متفهم، إلى متريث، وبعد تكاثُف المؤثرات الدولية، والمحلية، وأحيانًا الذاتية، سعى المجلس بعد إجراء بعض التطويرات عليه إلى أن يكون جسمًا بارزًا في كيان، يُؤمل منه أن يكون أعمُّ وأشمل، وأقرب إلى أن يمثل بصورة أجلى وأوضح مما كان يُتَوخِّى المجلس أن يُمثله سابقًا، وهو الائتلاف الوطني السوري، وترجم ذلك مسارعة بعض الجهات الدولية إلى الاعتراف به، وإتباع ذلك بأعمال تُجلي ذلك الاعتراف مثل تعيين السفراء وغير ذلك..

إن البوصلة الوحيدة التي يتطلع الثوار إلى أن يتوجه الائتلاف، بكل أنشطته وأعماله، بموجبها،  ويتناغمون معها، وكذلك الشعب من ورائهم(أي الثوار)هي تلك التي تُؤشر إبرتها إلى أمور ثلاث:

الأول: إسقاط السلطة القائمة (النظام) شكلاً ومضمونًا.

الثاني: تأمين المساعدات الحقيقية والفعالة لتُعين الثوار في تحقيق الأمر الأول.

الثالث: استقلالية قرار الائتلاف، وعدم تبعيته المخلة بأهداف الثورة لأي جهة كانت.

والأمر البدهي المتوقع من الثوار أن يتريثوا ويرقبوا بدقة أعمال الائتلاف، إما عن طريق ممثلين لهم داخله، أو على الأقل من قبل مراقبين مهنيين...

لكن الأمر لم يسر على هذا المنوال بدقة... فسرعان ما علت أصوات تعيد سيرتها التي كانت عليها في حال المجلس الوطني، وانبرت أقلام تكتب، وليتها اكتفت فيما تكتب بالنقد والإشارة إلى الخطأ، ولكن بعضها اتجه إلى التخوين والاتهام بالتآمر والتبعية المطلقة، إلى درجة أن شُبِّه كثير من رجال الائتلاف برجال على الساحة الدولية، احترقت سمعتهم بنار التبعية للآخرين والانبطاح لهم...

هذا وإن كانت السمة العامة والبارزة للفصائل إسلامية وسطية، إلا أن بعضها مضى في أن يتخذ فهمًا خاصًا لبعض آيات القرآن ونصوص الحديث في دعم ما ذهب إليه، من غير أي محاولة لحماية نفسه من الوقوع في إثم الظلم والظن السيء بإخوة له في العقيدة، كان، وما زال، لهم سابقة في العمل الدعوي والجهادي ضد سلطة الفساد في سوريا، فراح يقع في أعراضهم السياسية والدعوية، وأخذت ألسنته الحداد تسلق الكبير والصغير بما يراه، هو، أنه انحراف ومروق... وكذلك من غير أي محاولة لإبقاء جدوى لكلمة نصح أو موعظة، تهدف إلى رأب الصدع، وجمع الكلمة، ولم يفطن إلى أنه لو استمر الأمر هكذا فإن نُذُرًا تلوح في الأفق يُصدِّق قرب وقوعها قولُه تعالى: "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم"

ولأنه لا يساور المراقبَ المنصف، وباغي الخير، أيُّ شك في حسن النيات، ونبل المقصد، فلا يسعه إلا أن يرجو من هؤلاء الإخوة أن يتمهلوا في إطلاق الأحكام، وأن يتريثوا، ويراقبوا، وينصحوا بالحكمة، والموعظة الحسنة، وأن يكونوا عونًا لمن معهم في طريق التحرير، بتشجيعهم على الخطوات الإيجابية، وثنيهم عن الخطوات السلبية برفق ولين، مع البيان بالحجة الدامغة الداحضة، وأن يتفهموا منهم ما كان في إطار دائرة الاجتهاد.

وفي هذا السياق أرى من الجميل والمفيد أن أدعو هؤلاء الأحبة إلى أن يتذكروا موقف أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، يوم الحديبية، وكم ندم على وقفته تلك، إذ بقيت هاجسًا له عمل، رضي الله عنه، أعمالاً كثيرة من أجل تكفيرها، ذلك لأن كلماته كادت أن يكون لها وقع في النفوس، وصدًى كبيرٌ لدى الآخرين، ولم لا؟ وهي في الحقيقة كلمات حق ينطق بها رجل، كان من بعض ما أثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه لو سلك فجًا لسلك الشيطان فجًا غيره... الأمر الذي حدا بأبي بكر،رضي الله عنه، إلى ألا يرد عليه حين واجهه بها إلا بعبارة واحدة ((أما أنا فأقول: إنه رسول الله)) ... نعم لم يجد أبو بكر عنده ما يفند به كلمات عمر أو يدحضها... لأنها حق ولكنها، والله أعلم، لم تأت في الوقت المناسب، ولم تكن مناسبة لحل مجد وناجع في تلك الحادثة...وربما لو استجيب لها لكان لها أثر سلبي...فعمر كان شابًا جلدًا، تغلب عليه حماسة الشباب واندفاعهم، وعدم الرضوخ، ولو كان ظاهريا، لما يبدو أنه إذلال من قبل كبراء قريش... أما أبو بكر،رضي الله عنه، فكان ذلك الشيخ المتريث، المحنك، الذي صقلته التجارب، وزكّى تصرفاته ومواقفَه شدةُ قربه المادي والمعنوي من الرسول صلى الله عليه وسلم، الأمر الذي نال به لقب "الصديق". وإن كان لعمر، رضي الله عنه ، مواقف تتمشى مع حماسه كانت مأثرة ومحمدة له، كما في حال الأسرى يوم بدر.

ولرب قائل يقول: إن الذي جعل أبا بكر يطمئن إلى صواب فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يستجب لما قاله عمر هو علمه بأن محمدًا، صلى الله عليه وسلم، هو رسول يأتيه الوحي، فلا بد من قبول ما يصدر عنه ، حتى ولو لم يتماهى مع هوى النفس واندفاعها وحماسها وتطلعاتها... أما اليوم فنحن رجال وهم رجال...وهنا أقول للأحبة الذين يقولون ذلك... إن الله قدّر حصول ما وقع في صلح الحديبية، وسماه فتحًا مبينًا؛ ليكون درسًا تستفيد منه الأجيال القادمة، فتعرف كيف يتعامل شبانها المندفعون المتحمسون الغيورون مع شيوخها الذين سبقت لهم تجربة جهادية، وسياسية، ويُقدرون لهم ذلك، ولاسيما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قدر سابقات العمل حق قدرها، في حالة خطيرة، تكاد تصل إلى ما يُطلق عليه اليوم بالخيانة العظمى، كان ذلك مع حاطب بن أبي بلتعة، رضي الله عنه، حين بعث بمعلومات عن جيش المسلمين لقريش يوم فتح مكة...ولما مثل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلم منه قصة ما فعل؛ انبرى عمر رضي الله عنه مرة أخرى وقال: يا رسول الله، دعني أضرب عنقه، فإنه قد خان الله ورسوله، وقد نافق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه قد شهد بدرًا، وما يُدريك يا عمر، لعلّ الله قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)) فذرفت عينا عمر وقال: الله ورسوله أعلم.

فهل لكم أيها الأحبة الثوار أن تقدروا ماضي الشيوخ، وتستمعوا لآرائهم، وتتريثوا في الحكم عليها، وتُقدموا حسن الظن بصالحي المؤمنين... وإذا أردتم النصح والنقد فبالحكمة والموعظة الحسنة وإذا أردتم النصح والنقد فبالحكمة والموعظة الحسنةوإذا أردتم النصح أو النقد فبالحكمة والموعظة الحسنة، واعلموا أنكم حين تفعلون ذلك، ولو أخطأتم في بعض الاجتهادات، فإن الله يغفرها لكم، ويكفيكم مغبات تلك الأخطاء، بصدق توجهكم وحسن نياتكم، وتحريكم الاقتداء بهدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي صحابته، الذين كانت كلمة أبي بكر لعمر يوم الحديبية ((فاستمسك بغرزه حتى تموت، فوالله إنه لعلى الحق)) نبراسًا لهم في جميع أعمالهم.

اللهم بصر الجميع بالحق واجعلهم من أتباعه، ونور دروب العاملين كافة في أرض سوريا الصابرة لإسقاط سلطة البغي والظلم والفساد، وألف بين قلوبهم، واجعل بعضهم لبعض رديفًا ومعينا، واكشف زيف كل من تسول له نفسه الانحراف بالثورة عما بُذلت الدماء من أجله، وكن له بالمرصاد.

محمد جميل جانودي.

الإثنين في 19/المحرم/1434 الموافق لـ 3/كانون الأول/2012

الأربعاء، 28 نوفمبر 2012

لا تفتحوا هذا الباب على الثوار....


لا تفتحوا هذا الباب على الثوار....

ما بين فترة وأخرى تطالعنا صفحات التواصل الاجتماعي، أو بعض المواقع، أو الصحف بأخبار تتعلق بانتهاكات قام بها الثوار لحقوق الإنسان، أو ما شابه ذلك...

والثوار بشر، يُخطئون ويصيبون، إلا أن المتتبع لجل أعمالهم يجد في الغالب أنه أمام أناس يتمتعون بأخلاق ثورية عالية، من الانضباط، وعدم إلحاق الضرر بأحد، وعدم التجاوزات في أثناء تحركهم على الأرض والانتقال بين المدن وأحيائها، أو الدخول إلى المنازل... ومن ثم فإن ما يُذكر عن تلك التجاوزات يمكن تفسيره بأحد الأمور الآتية:

1-    خطأ وقع فيه الثوار، بالفعل، من واقع بشريتهم. وفي الغالب نسبته قليلة، وحجمه، كخطأ، صغير.

2- فعل قام به الثوار، لم يفهمه أو يدركه المراقب، فحسبه خطأ وتكلم عنه من هذا المنطلق.وهو في حقيقة الأمر مبرر.

3- خطأ قام به منتحل لصفة (الثورية) وهو إما مدسوس من قبل الخصم، أو واحد من أولئك الأشرار في المجتمع الذين احترفوا الإجرام من سرقة ونهب وقتل واعتداء على أعراض الناس وممتلكاتهم.

وحتى لا تختلط الأمور ببعضها، ويلتبس الأمر على الناس، ويبدأ كل واحد منهم بالإدلاء بدلوه في هذا الأمر قاذفًا ومتهمًا ومضخمًا ومشوهًا ..وفاتحًا بابًا من أبواب الشر على الثورة، والشك بالثوار، وتشويه سمعتهم وأدائهم، وأخلاقهم، بما يُتيح لأصحاب النفوس المريضة، والقلوب الزائغة أن تصطاد في الماء العكِر، وتستغل ذلك لصالح أعداء الثورة...

أقول: أحسب، والله أعلم، أن على من يحب الثورة، ويعمل على مصلحتها، أن يتجنب إذاعة ذلك وإشاعته، بل عليه أن يلجأ إلى أصحاب الأمر والشأن ممن عينهم الثوار لتلقي مثل هذه الحالات، ومعالجتها بالطرق الناجعة والآمنة. فإن هكذا أمرًا يُعتبر من الأمور المتعلقة بأمن الناس وخوفهم، وحسب التوجيه القرآني الكريم ينبغي عدم الخوض فيه، وعدم إشاعته، حتى لا يترتب على ذلك مفاسد غير خافية، ومخاطر داهية. قال الله تعالى: ((وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا)).

وهنا نذكر أحبتنا الثوار بأن يهيئوا عددا وافيًا، من اللجان، التي يوصى بالرجوع إليها من قبَل الناس فيما يتعلق بهذا الأمر، وأن تكون أماكنهم معروفة وسهلة، أو على الأقل يُعين عناصر اتصال أو ارتباط بين الناس وبين تلك اللجان، وألا يُهمل الخبر الذي يصلهم، بل تحسن المبادرة إلى معالجته، وإصدار بيان بشأنه، أو على الأقل يُبلغ صاحب الشأن بما توصلت إليه اللجنة المعنيّة حول شكواه، إن لم يكن ثمة حاجة إلى بيان. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

محمد جميل جانودي

في الأربعاء 14/محرم/1434 الموافق لـ 28/تشرين الثاني/2012

                   

الاثنين، 19 نوفمبر 2012

هل لنا أن نخدم الثورة من غير أن نؤذيها...؟


هل لنا أن نخدم الثورة من غير أن نؤذيها...؟
أطياف كثيرة من السوريين، وبأعداد كبيرة جدًا، يتسابقون فيما بينهم كي ينالوا شرف المشاركة في الثورة، وخدمتها، والنيات لا يعلمها إلى الله تعالى، ولكن ينبغي أن يسبق حسن الظن بهم غيره مما يخطر على النفس، فيُنظر على أنهم مخلصون فيما يسعون فيه وإليه...إلا أن هذا لا يعني أن الإخلاص وحده كاف لإنجاح العمل، نعم هو ركن، ولكن له ركن آخر يعضده ويواكبه، يسير بمحاذاته ولا يواربه.. إنه الصواب في العمل... فالإخلاص والصواب هما الجناحان اللذان تحلق بهما الثورة طائرة إلى هدفها السامي المتمثل في إسقاط نظام الفساد والتسلط والقهر وإحلال نظام الصلاح والعدل والقيم النبيلة...وفي الطريق معوقات وعقبات، وحفر ومصدات، وللوصول إلى الهدف ينبغي أن تُزال المعوقات، وتُذلل العقبات، وتُردم الحفر، وتُزاح المصدات...ولا يتم ذلك إلى بمعرفتها، والإحاطة بها.. ومن أهمها:
1-      عدم معرفة الثائر نفسه وقدراته؛ فهو إما أنه يأخذ موقعًا أدنى من موقعه الحقيقي أو أعلى... وفي الحالين ضرر على الثورة... ففي الموقع الأدنى يُؤذي مرتين، الأولى: يحتل مكان ثائر آخر يناسبه ذلك الموقع، ويكون عطاؤه فيه أفضل، والثانية: يترك المكان المناسب له لغيره الذي ربما لا يكون صالحًا له، وإن أخذ موقعًا أعلى أفسد وحرم مستحقه منه.. فالضرر يتضاعف. وكذلك إذا جهل إمكاناته، فهو إما أنه يظنها أعلى مما لديه حقيقة، فيتصدر لعمل يظن أنه قادر عليه، وليس هو كذلك، فتقع الكارثة ويفشل. وإما أنه يستهين بما لديه ويزدريه، فلا يملك الجرأة للتصدي للعمل الكبير المناسب لقدراته، فيحرم الثورة منها، ويتيح بذلك المجال للآخرين الذين ربما لا تكون لديهم الإمكانات المناسبة.
2-     عدم إدراك الثائر للثورة وأهدافها على وجه الحقيقة... ومن ثم يقف نشاطه، عند حدود إدراكه... فالثورة لم تأت لتسقط طاغوتًا فردًا، وبسقوطه ينتهي الأمر... وإن ما يرفعه الثوار على مختلف أطيافهم من شعار إسقاط النظام هو في الحقيقة الهدف الأول والأدنى للثورة.. وما كثرة التضحيات إلا لوجود أهداف تلي ذلك الهدف..... صحيح إن إسقاط النظام، بحد ذاته، هدف كبير لأنه يعني سقوط الطواغيت جميعًا، وسقوط أركانهم، وسدنتهم، وسقوط الفلسفة القهرية والتسلطية والعنصرية التي قام عليها نظام البغي والفساد، ولكن، كما مر، هو الهدف الأول... ويأتي بعده مرحلة التنظيف، وإزالة الآثار والبقايا النتنة، وبعد ذلك تأتي مرحلة المحافظة على وحدة الثوار ولحمتهم، وعدم السماح لعوامل الفرقة والشحناء والتسابق للمكاسب المتوهمة أن تفعل فعلها في النفوس، ويعقب ذلك مرحلة التأسيس والبناء لنظام العدل والمساواة، والكرامة والعزة، والتكافل والرحمة... وهذه المرحلة أشق وأصعب، وأطول زمنًا من مرحلة الإسقاط والهدم.، ثم تتلوها مرحلة الحفاظ والحماية لهذا النظام الجديد من كل ما من شأنه أن ينخر فيه؛ قاعدة وقمة... وحين لا يدرك الثائر هذا كله فإنه يقف حيث انتهى به إدراكه... فترى الثوار يركنون إلى الدعة والكسل فوجًا إثر فوج، كل حسب مستوى الطموح والإدراك عنده... وتتعثر الثورة أيضًا بهذا المعوق...
3-     عدم قدرة بعض الثوار على الربط العضوي والنفسي للمجتمع بالثورة: كلما استطاعت مكونات المجتمع أن تنصهر في بوتقة الثورة، كان الترابط النفسي والعضوي بين تلك المكونات والثورة قويًا ومتينا،  وعندئذٍ يحس كل فرد أن الثورة ثورته، وأن فيها وحدها الخير له ولمن يخصه، وحين يرتفع صوت نشاز من هنا أو هناك ناقدًا بفظاظة، ومشَهِّرًا بإغاظة، عنده فرط من التحسس السلبي مما يسمع من شعارات، يرفعها من تحلّوا بالشجاعة والبطولات، يعبرون فيها عن هوية الأمة وعقيدتها... أقول: حين يرتفع مثل هذا الصوت فإنه يعمل على تمزيق الوشائج، وتقطيع الأواصر... والأمر ذاته حين يعلو صوت آخر، صوت لا يعجبه العجب، ولا الصيام في رجب، كما في المثل الشعبي، يشكك في كل عمل، ويزدري عطاء من جاد وبذل...يتتبع عثرات العاملين، وسقطات المجاهدين، ويعمل على تضخيمها وتهويلها حتى تبدو وكأنها لأخطاء البشرية كلها حاملة، وأن أصحابها أتوا للثورة بصواعق مرسلة... حين يعلو مثل هذا الصوت فإنه يقوم بمثابة الحالقة لعمله وعمل غيره...ولاسيما إذا تستر وراء كلام معسول، عن الأفاضل منقول، من غير فهم لمقاصد أولئك الأفاضل، وما يرمي إليه خيرة الكرام الأوائل... فكلا الفريقين للثورة معوق، ولجليل منجزاتها محرق...
4-      عدم وجود الاحترام المتبادل بين بعض الثوار: بعض الثوار يترك الهجوم على النظام وأركانه، ويوجه جام غضبه على فريق آخر من الثوار، بناء على نظرة مسبقة كوّنها عن أفراده، أو بسبب أنه يختلف معهم في الأسلوب... وينسى الفريقان أنهما متحدان قلبًا وقالبًا في الهدف الأساس؛ الأمر الذي يجعل نقاط التقائهما أكثر بكثير من نقاط تفرقهما، ينسى الفريقان ذلك ويمضيان في الشتم والتخوين، وإلصاق التهم التي لا تستند على حجة محترمة، أو منطق سليم. إنهم بذلك يخدمون النظام الفاسد، ويحلبون في إنائه. وهذا معوق كبير؛ لأن له أثرين سلبيين وضارين: الأول: إضاعة الوقت في خلافات جانبية، والانشغال عن الهدف الأساس المتمثل بإنهاء نظام الفساد والقهر. والثاني: بث روح الفرقة والتباغض بين القلوب، وهذه لوحدها قاصمة للظهر.
5-      عدم الانتباه وعدم التركيز على الاختراقات الأمنية والثقافية والشرعية التي يقوم بها النظام: إن غالب تلك الاختراقات تتم بسبب وجود ما يُدعى بـ "طيبة القلب" عند بعض الثوار فينخدع ببعض الكلمات المعسولة أو بأفعال قد تشد الانتباه وهي معكوسة الهدف.. أو بوجود جهل ثقافي عام ببدهيات، ينبغي العلم بها حتى تنضبط أفعال الثوار، بضابط، يمنعها من الوقوع في الخطر.. أو بعدم توحد الرؤية الشرعية في أمور تحتمل اجتهادات عدة... كل هذا يُساعد على وجود تلك الاختراقات المعيقة للثورة.!!!
6-      عدم المعرفة الدقيقة بالعدو وكذلك بالصديق: فكم من عدو يُحسب أنه صديق، وكم من صديق يُعامل على أنه عدو... وغني القول كم لهذا من الآثار المعيقة التي تترتب على عدم المعرفة تلك.
7-     عدم تشجيع الآخرين والإعجاب بأعمالهم: يذهب بعض الثوار، عن جهل منهم، بالتقليل من شأن غيرهم وأفعالهم، وهذا يؤدي إلى التقاعس والخمول، والانزواء في مكان مغمور...فالتثبيط، والزهد فيما يقدمه الآخرون يقتل حب العمل لديهم، كما يقتل التنافس على إنجازه كاملاً غير منقوص...
8-      فقدان القدوة الحسنة عند بعض المسؤولين: يأتي ذلك سواء على المستوى السياسي أو الميداني، وهذا يجعل من هم في نطاق مسؤوليتهم يتجهون إلى الفتور، والرضا بالقليل من العمل مع وجود القدرة على فعل ما هو أكبر
9-       عدم بذل المستطاع: الثورة كبيرة وعظيمة، وعدوها شرس متوحش، فعدم تسخير جميع الطاقات لها يعمل على إعاقتها وتأخير نجاحها. وأحيانًا يمسك المرء على عدم بذل المستطاع حتى لا يتعرض لضغوط وابتلاءات، فيُرضي ضميره بذاك القليل الذي بذله، فليته يتذكر ما قال الشاعر:
تريدين لقيان المعالي رخيصة       ولا بد دون الشهد من إبر النحل
وما قال الآخر:
إذا ما كنت ذا شــــــــرف مروم        فلا تقعــــــــد بما دون النجوم
فطعم الموت في أمر حقير       كطعم الموت في أمر عظيم.  
10- عدم التنسيق بين الثوار في مسيرتهم الثورية... وهذا يؤدي إلى فوضى واضطراب في العمل... فجميع العمليات المطلوب إنجازها على الأرض، كالإغاثة؛ بصورها العديدة، وتحرير البلدان، وجمع التبرعات والمعونات، ونشر الوعي الثقافي الثوري، وغيرها...كل ذلك يتطلب تنسيقًا بين العاملين في مختلف المجالات.
تلك هي أهم المعوقات التي تعترض طريق الثورة، وحين نتحاشاها نستطيع أن نقول بقوة: إننا نخدم الثورة من غير أن نؤذيها... والأمر سهل على من يسر الله عليه... قال تعالى: (( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)).
محمد جميل جانودي
الإثنين 5/محرم/1434 الموافق لـ 19/تشرين الأول/2012

الجمعة، 9 نوفمبر 2012

رسالتي إلى المجلس الوطني السوري الجديد


رسالتي إلى أعضاء المجلس الوطني السوري الجديد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: الإخوة أعضاء المجلس الوطني السوري عامة، والإخوة أعضاء الأمانة العامة فيه، وأخص منهم أيضًا الإخوة أعضاء المكتب التنفيذي... إن العملية التي قمتم بها بما أطلقتم عليها (إعادة هيكلة المجلس)، والتي مضى زمن وأنتم تحضرون لها، وتمهدون لإجرائها، هذه العملية لا ريب أنها جاءت استجابة لإرادة ذاتية عند أعضاء المجلس في التحسين والإصلاح، كما أنها جاءت تلبية لما كان يطلبه المحبون، أو تأثرًا إيجابيا بما ينتقده الآخرون...وأحسب والله أعلم أن عبارة (إعادة الهيكلة) يمكن أن نعبر عنها بـ (عملية إصلاحية)، والمهتمون بمختلف حالات الإصلاح يرون أن هذه العملية تتم من خلال خطوتين متتاليتين: الأولى يطلقون عليها: التصفية والثانية: يُطلقون عليها التحلية، وهذا معناه أن تتم عملية التصفية أولا بتخليص الكيان المراد إصلاحه من الشوائب والأجسام الغريبة التي تتعارض مع طبيعة مهمته، وأن تتم عملية التحلية بأن يُصار إلى انتقاء الأفضل والأجمل والأحلى والأمهر ليكون عنوانًا جليًا معبرًا عن ذلك الكيان بأدق وأفضل تعبير...

ويبدو من خلال المتابعات المؤيدة والمعارضة؛ لما أسفرت عليه عملية إعادة الهيكلة المعنية، التي تمت في الدوحة، نجد أن الأمر يحتاج إلى أن يطرح أعضاء المجلس الذين نيط بهم ما تم التوصل إليه، سواء ما يتعلق بانتخاب الأمانة العامة أو المكتب التنفيذي، أو الرئيس.. أقول الأمر يحتاج إلى طرح السؤال الآتي: هل رُوعيتْ خطوتا التصفية والتحلية بدقة في ذلك كله؟ وعلى الذين يطرحون هذا السؤال أن يتولوا الإجابة عليه بأنفسهم؛ لأنهم هم أدرى من غيرهم بدقة الإجابة؛ من منطلق ((بل الإنسان على نفسه بصيرة، ولو ألقى معاذيره)) مع أنّ لغيرهم رأيًا ينبغي ألا يُزهدَ فيه. وبعد الإجابة على السؤال تتم مقارنة الواقع الحالي بالجواب الدقيق... ويُصار بأسرع وقت إلى المبادرة لتدارك الفروق الكبيرة بين ما هو كائن وبين ما ينبغي أن يكون... وهذه العملية صعبة ومحرجة، ولكن عدم القيام بها سيكون أكثر صعوبة وأكثر إحراجًا إن لم نقل أكثر خطورة...ذلك لأنه عليكم أن تتذكروا أنكم لا تمثلون صفقة تجارية، ولا حتى سياسية، ولا جمعية إصلاحية خدماتية،... وإنما يُنظر إليكم على أنكم مرشحون لتمثيل أكبر وأنقى وأطهر ثورة عرفتها البشرية منذ أمد..وهذا يقتضي منكم القيام بالتصفية الحقيقية ثم تكرير هذه التصفية حتى يكون هدفكم منها هو أن يصبح المجلس أشد بياضًا من الثلج، وتتبعون ذلك بتحلية متوازنة حتى تتطلعوا إليه إلى أن يُصبح أحلى من العسل...

إخواني أعضاء المجلس، الزموا غرز الثوار، واجعلوا ما يرفعونه من شعارات مكتوبة بدمائهم مقاطع ولازمات شعريةً؛ ترددونها في كل اجتماع لكم، وزيّنوا بها جدران صالات اجتماعاتكم... واحذروا أن تُطمعوا فيكم (الأغراب) بوعد لا يرضاه الشهداء، أو بكلمة تكون ممسكًا عليكم من قبلِ الأعداء، وطوروا إيجابيات تجربتكم السابقة، وتحاشوا سلبياتها، وصارحوا الناس، مصارحة تجيب عن كل تساؤل يتردد في صدورهم... ولا تلتفتوا إلى ما فيه ذمكم إلا بالقدر الذي تستفيدون منه في مسيرة مجلسكم على مبدأ (رحم الله امرءًا أهدى إلي عيوبي)، وجُبّوا الغيبة عن أنفسكم ما استطعتم إلى ذلك سبيلاً، ولا تنسوا الله كيلا ينساكم.

إخواني الأعزاء، لا تسمحوا لمرض تظهر أعراضه بينكم أن يستفحل أمره، ويتفاقم خطره، وبادروا إلى معالجته باليسير السهل، قبل أن تضطروا إلى القطع والبتر، وحصنوا أنفسكم بدرع مقاومة الاختراق، سواء كان هذا الاختراق من عدو ماكر، أو من صديق جاهل، فالنتيجة واحدة في الحالتين، ولتكن صدوركم رحبة لأي نقد أو نصح، ونفوسكم لينة لمن ترونه يتجه إلى الهدف الذي تقصدون. واحذروا من تأجيل الضرورات من الأعمال مهما كان السبب، وأول هذه الضرورات: معايشة معاناة الثوار، الذين وضعوا أيديهم على الزناد، ولم يأبهوا بالتحافهم السماء أو افتراشهم الثرى...حتى يستيقن الناظر إليكم جميعًا: بأنكم هم وأنهم أنتم، فلا تشبعون إذا جاعوا، ولا تكتسون إذا أصابهم العري، ولا تأمنون إذا خافوا، ولا تتثاقلون إلى الأرض إذا ما هم حلقوا في السماء بمطالبهم وطموحاتهم وأهدافهم.. بل حاولوا أن تُحَلّقوا مثلهم، وتلحقوا بهم.. فإن فعلتم ذلك كنتم حقًا أهلاً بالعبارة التي رفعوها منذ زمن (المجلس الوطني يمثلني)، ثم بادروا إلى نقل هذه المعايشة إلى عمل يتجلى بين ظهرانيهم (الثوار)، وحذار أن تتأثروا بتثبيط المثبطين، وإحباط المحبطين... واعلموا أنكم إذا أمنتم الرقيب من بني البشر فإن رب البشر هو الرقيب الذي لا يغفل عمن يراقب لحظة، يحصي الأعمال ويسأل عنها، ويحاسب عليها.

 وفقكم الله إلى كل خير، وجنبكم كل مكروه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

محبكم/ محمد جميل جانودي.

جمعة الزحف إلى دمشق

 في 24/ذو الحجة/1433 الموافق لـ 9/تشرين الثاني/2012

 

السبت، 27 أكتوبر 2012

في رثاء الشيخ عبد الباقي شريقي


في رثاء الشيخ عبد الباقي شريقي
أذّن المؤذن لفجر يوم السبت الرابع من ذي الحجة لعام ثلاثة وثلاثين وأربعمئة وألف للهجرة، ولم يدر من كانوا حول الشيخ عبد الباقي شريقي أنه في تلك اللحظات كان يلبي نداء ربه بأن أزف وقت الرحيل، وآن للنفس المطمئنة التي كابدت وعانت ما يربو عن مائة عام في الدنيا وهي في جهاد دائم في سبيل إيصال كلمة الحق للناس جميعًا... آن لهذه النفس أن ترتاح من نصب الدنيا ووصبها... لتستجيب إلى نداء عُلْوي رحيم يقول لها: ((يا أيتها النفس المطمئنة، ارجعي إلى ربك راضية مرضية....)) ففاضت روحه منسلة من جسده بهدوء حتى لم يكد يُحس بها الحاضرون، وهم يرقبونه قبل ذلك بقليل يتأهب لصلاة الفجر...ومن يدري فربما كانت روحه على موعد مع ملأ آخرين لصلاة أخرى لا نعرف عنها شيئًا؛ نحن البشر في عالم الأرض والطين...
وانتشر الخبر من خلال أثير عشرِ ذي الحجة ليكون لوقع ذلك الخبر طعم خاص عند من يتذوق حلاوة تلك العشر، ويتنسم أريجها الفواح، وهو يعطر الأرض لاستقبال يوم عرفة وأيام الحج الأخر... في جو مهيب مغمور بالرحمة والمغفرة...
رحم الله الشيخ، وأسكنه فسيح جناته، وعوض العباد والبلاد خيراً...
لبى المولى عبد الباقي
لبــى المـــولى عبد البـــــــــاقي        فتــــــــوارت شـــمـــس الآفــــاقِ
وتـــوارى البــــدرُ فــلم يظــهر        ليــــــــــلاً لِعيـــــون العُـشَّــــــــــاقِ
ضَـــمّــــتـــــهُ الأرضُ مُعطّـــرةً        فبــكـــته مَــــــحــــاجــــرُ ومــــآقِ
صبرًا يا نفسُ على خطْبٍ        جـــلَــلٍ وافــــانَـــــــــا بِــــــفـــــــــــراقِ
من مُــزنِكِ يا عينِي جودي        فالــدّمــــع لِحُــرقـــــتِـــنـــــا ســــاقِ
منّــــيْـــــــــــــتُ الـــنَّفـــــسَ بلُقـــــياهُ         لأمــتّـــــعَ خــــدّيَ بِعِـــــنــــــاقِ
نفحـاتُ الطّـــيبِ لهــا عبـــقٌ         مــنْ صــدرٍ حَـــــــانٍ دفـــــاقِ
يُرسِـــلُهــا قــــــــــــلــبٌ مَشغــــولٌ         بالخــيْـــــرِ، بِـحــبِّ الخلاقِ
من قـــلبٍ كان لــه وَمــــضٌ         مـــلأ الآفـــــاقَ بــــــــإشْــــــــراقِ
كانـــــــتْ تأتـــــيـــنا مُفْعــــمَـــــــــةً         بالحُــــــبّ وأزكــى الأشـواقِ
مـــــن عَـــلمٍ ظـــــلّ بعِــــفّتـــــــــه         عـلَمـاً في دُنــيَــــــا الأخلاقِ
شيْــــمتُــه البِـــرُّ بأَصـــــحـــابٍ         من غيــــر ريــــــاءٍ ونِفـــــــاقِ
وخِــــصـــــالُ الخــــيرِ تُـــزيّــــنهُ         فـــــــأطــــلّ بـــــوجْــــــــهٍ بَـــــرّاقِ
كــــــم قــــاومَ ظُـــلْـمـــًا وفســــادًا        وتحـمّــــــلَ فُحْـشَ الأشْــداقِ
وغـــريـــــبـــا آثــــــر أنْ يحْــــــــيــا         عَــــــن عَيْشٍ بين الْفُسّـاقِ
كم طـــاف بِـــبُــلْــدانٍ شــــــــتّى         في خدمةِ ديــــــن الخلاقِ
فــــــــي كــل مكــــانٍ حــــلّ بـــهِ         أثـَــــــرٌ عـن رجُــلٍ عِمْلاقِ
لم يَـــعرف مـــللاً أو سـَــــــأمـــًا        لم يُـــمْسـكْ خشْيَـــةَ إملاقِ
بل كانـــتْ راحــتُه تَمضـــــــي        بالجــــــــودِ وطِـــيبِ الإنفاقِ
في عشر الحــــجّة قـد لبّــــى         مــــولاه بشـــــوقٍ لـــتــــــــلاقِ
ربــــــــــاه فآنـــسْ وحشــــــتــــــــــــــه         بلــــقــــــاءِ كـــرامٍ ورفـــــــــاقِ
ربــــاهُ وأذهِــــــــــــــــــــب ظـــمأَتــــهُ         بنَمــــيــــــرٍ عــــذبٍ رقـــراقِ
واجْعـــل في الجنـــــــةِ مــــأواهُ         يا ربّ ارحمْ عبــدَ البـــاقي

يوم عرفة 9/ذي الحجة/1433 الموافق لـ25/10/2012
محمد جميل جانودي.

السبت، 8 سبتمبر 2012

همسة في آذان أحبتنا إعلاميي الثورة


همسة في آذان أحبتنا إعلاميي الثورة..
((فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون..))
إن نشر أخبار الجرائم التي يقوم بها النظام في سوريا أمر جيد ليفتضح أمره، وينكشف عواره، وإن الذي لم يصل إلى حقيقة أنه مجرم محترف من أوائل عمليات الإجرام فأحسب أنه لن يزيده المزيد من النشر قناعة (نسأل الله العافية) ... أقول ذلك لأن التركيز المفرط على نشر تلك الجرائم على الرغم من ثبوتها وتأكّد صحتها.. له أثر سلبي في نفوس الناس... فالذي يُتابع الفضائيات حين الاتصال بأولئك المرابطين في أرض الرباط المباركة، سوريا الحبيبة، يراهم، بحسن نية، يوضحون ويُجلّون ما يحصل على أيدي النظام وشبيحته من قطع للرؤوس وبقر للبطون، وتهجير للشيوخ والأطفال والنساء، في عملية هيمان على الوجوه..هذا النشر بهذه الطريقة يجعل شَعر من يصغي إليها يقف هلعًا وخوفًا واشمئزازًا، ويقشعر منها جلده.... وشيئًا فشيئًا ربما يتسرب الجزع واليأس إلى أعماق النفس... وهنا الطامة الكبرى... هذا فضلاً عن أن طريقة العرض ونقل الخبر، التي كثيرًا ما يرافقها بكاء أو ندب أو هلع، تجعل قلوب المجرمين ترقص فرحًا على ما يرون عندنا من معاناة شعورية ونفسية، مؤلمة... والأجدر بنا أن لا نوصلهم إلى هذه الدرجة من النشوة والفرح، كما يجدر بنا أن نتجنب أسباب زرع الخوف واليأس في قلوب أبناء شعبنا،وهو الذي أثبت بجدارة أنه الأقوى أمام جميع هذه الأعاصير... فالتحلي بالصبر، والتجمل به، أليق بالمؤمن، وبذلك يفوت على أعدائه نشوة الاستخفاف به، والسخرية منه، والنظر إليه بالدونية... وكما يُقال: الشكوى لغير الله مذلة...وفي الآية الكريمة ((فاصبر إن وعد الله حق، ولا يستخفنك الذين لا يوقنون)) توجيه سام، للمؤمن، حين يتعرض للشدائد، فهي تأمر بالصبر وتعِدُ بالنصر (إن وعد الله حق) وتحذر من أن يجعل المؤمن نفسه عرضة للاستخفاف والازدراء من قِبَل أعدائه...
وإن الذي تقدم ذكره لا يعني السكوت عن جرائم الفاجر اللئيم، وعدم فضحه... ولكن أن نحرص على أن تكون طريقة نشرها تتحاشى ما ذكر من سلبيات... فمثلاً حبذا لو أن الأخ الذي ينشر الخبر يعقبه بأخبار أخرى يقوم بها الثوار الأبطال ترفع المعنويات، وتشفي الصدور، على أن يتحرى الصدق فيها، أو أن يعقب على ما ينشر من جرائم؛ بعبارات تطمئن من أن معنويات الثوار عالية، وأنهم مصممون بقوة على الاستمرار والمضي في طريق الثورة حتى تحقق أهدافها.... وغير ذلك من عبارات التثبيت والتطمين، فإن التثبيت ضرورة ملحة في المواجهات، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك مرارًا... ((إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب..)) ((وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك)) ((كذلك لنثبت به فؤادك، ورتلناه ترتيلا))
جزى الله خيرًا أحبتنا إعلاميي الثورة، وسدد أقوالهم وأفكارهم لما يخدم هذه الثورة ويسير بها إلى النصر.
محبكم/محمد جميل جانودي
السبت في 21شوال 1433هـ الموافق لـ 8/أيلول/2012

الجمعة، 7 سبتمبر 2012

يا ليث نهضتنا.... إنا نحييكا


يا ليث نهضتنا...إنا نحييكا
شعر/ محمد جميل جانودي
مُرسي نطقـــــــــتَ بحـــق شــــــــعّ مِنْ فـــــيكا        فـــــــأمـــر لتسمَــــــــع قَــول الناس "لبـــيْــــكا"
لا غــــــــــــــــــــرو أنهــــــــــمُ لم يعشقوا جَــــــــسدًا        بل إنّهُــــم عشقـــــوا للروح تُــعْــــــــــــــليـــــكـــــا
هامُـــــــوا بحُبّـــــــــك من بعْــــــــــــــــد اعْتقادهـــمُ         فيك الأمــــانةَ، يا سُبحـــــان مُعطيـــــــكا
لاذوا بقُـــربِـــــك حَـــتّــــــــــى كُنْــــــتَ بَـــــــينَــــــهُم         كالبــــــدر يســـــــــطع، ما أحلى لياليـــــكا
وافيت مصـــر وحال الناس في صخبٍ         والخصم يسعى لجمع الشمل تفكيكـا
جئت الكنـــانَــــــــــة والـــــــواحـــات مُجْــــدبـــــــــة        قـــــــــد عَـــــــاث فيــــــها عُتُـلٌ كان يـــقليـكا
جئـــــــــت الكنــــانَــــــــــة والأفـــــواه جـــائعــــــــــــــةٌ        واللـــصُّ يعــــزفُ بِــــالأطْيـــــانِ "مَــزّيــــكا"
جِــــــــــئــــــــت الكنــانَــــــــــــــة والأبـــواق فــاغِـــــــرة        أفــــواهــــهــــــا بأذًى ، بالــزّور تــرميــــــــكا
جئت الكنـــانــــــة والإعْـــــــــــــلام منهَــــــــــمــــك         في الشّتمِ والقـذف في هذا وفي تيكا
وافيـــــــتَ مصر وقـــــــــــد جـفّت مدامعهــــــــا         والنـــــيـــل يا صـــاح يرثيــها ويرثيـــــكــــــا
وافيت مصر وقد حــلّت بهـــــــــا مِـــــــحَــــــنٌ         حار الحليم بهــــا، وازداد تشـــــــكيـــكـــــا
أنخْــــــــــــــــــــــــت ظهْــــــــــرك للأرزاء تحمـــــلُهـا        عن كاهل النّـــاس إذ غصت نواديكا
يُمْــــــــنــاك جــادت بخـــير كان مـــــــصـــدره         نــــــــور تـــــــلألأ فــــــــي أرجـــــاء جنبـيــــكا
طَــهَّرتَ مصر من الأدران فانتفَـــــضت         للـــه تشــــــــــــكرُ بَــــــــاريـــهَــا وبَـــــــــاريـــــــكــــا
أعْـــــــــــــــلَنـــتَ أنّـــــــك للمظـــــلوم منتـــــصـــــــرٌ         لم تلتفت أبدًا لمُــــرجِــفٍ فيكـــــــــــــــــــــــــــــــا
طهــران تشـــــــــــــــــــــــهد أن الحق فهت بــــه         في ذكرك الصّحب تبجيلاً وتبريـــــكـــا
فاغْـــــــــــــــتــاظ بالحـــق أقــــوام لَــــــه كـــرهــــــوا         جــــــرّعتـــهم علقـمًا، فاللــــه يحميــــــــــــكـــا
من فوق منـــــبَــــــــــــرهم ناصـــرت إخوتنـــــــا         في الشام، ثورتَهم، فاستـــــــــــاء قـــالوكا
ما خفتَ مكرهمُ، فالمكر ديْـــــــدنُــــــــهُــــــــــــم         يا ليث نهضتــــنا‘ إنـــــا نُحَــــــــــــــــيّــــــيـــكـــا
الإثنين في  16/شوال/1433 الوافق لـ 3/أيلول/ 2012

الأحد، 26 أغسطس 2012

أجب يا حافظ القرآن قومًا.....


أجب يا حافظ القرن قومًا
اختلف الأخوة السوريون وهم يخوضون معركتهم الكبرى من خلال ثورتهم المباركة على الظلم والفساد وطلبًا للعدل والحرية، اختلفوا في أمر الرئيس المصري محمد مرسي...وهم الذين كانوا يتلهفون إلى فوزه على خصومه والظفر بالرئاسة في أرض الكنانة مصر... لا لشيء إلا لتوخي الخير والنصرة منه وهو حافظ القرآن والمنَشأ على التحلي بأخلاقه وآدابه... وذلك على الرغم من موقفه المبدئي من تلك الثورة.. إلا أنهم يريدون منه أكثر وأكثر...وللسياسة مداخلها ومخارجها، وطرق خاصة للتعامل بها... قد لا تعجب بعض الغيارى لشدة تحمسهم للحق الذي يدعون له ويبذلون الغالي والنفيس من أجله... وهذا ما كان منهم مع الرئيس محمد مرسي، حين رأوه قد أزمع على زيارة الصين وطهران وهما – في نظر الثوار السوريين، وأحرار العالم، واقفتان مع طاغية الشام يمدانه بشتى أنواع التأييد والنصرة ولاسيما إيران...فأغضب ذلك فريقًا من السوريين مما دفعهم إلى التحدث سلبًا على ذلك الموقف ...ومن هذا الواقع المعاش قلت هذه القصيدة:
 هتفت بفرحتي، هنّـــــــــأتُ نفسي         وقلت لإخـوتي: قد فـاز مُرسي
فخــــــــــــرّوا سُــجّـــــدًا للـــه شــــــكرًا        كأنّهـــمُ غــــدَوا في يــــوم عُـــــــــــرسِ
وبشــرتُ الأنــــام بِـــــــــكل خــــــيــــرٍ       وجــــهــري بالبشـــارةِ فــاق همسـي
ألا يا نفــــسُ طيبـــــي واطمــئني        بــِـــــــه للــحَــــق يُـــرفَـــــــــعُ كــلُّ رأسِ
أحـــقّــــــــا صار لي أمــلٌ عريضٌ       به أحــيا إذا مَـــــــــــا اشتـــــدّ يأسي
أحَـــقّـــًا صار لي ركْــــــــــــن قــــويٌ       أشـــــــــدّ بــه العــــزيمــــة يــــومَ بــــأسِ
ألا يا نفــس طيبـــي في رئيــــسٍ       تَـــــقــــيٍّ صــــــــالـــحٍ، وبـــــه التَّــــأسي
فصـــيح حــــافــــــظٍ لكتـــــاب ربّـــي       ويخْــــشى اللـــه في غــــده وأمــــــس
خطيبٍ يُبـــهر المصــغي إليــــــهِ       بحُـــــجَّــــتِــــــه يُــلَــــــقِّـــــــــــــنُ كل درسِ
يُحيـــط به رجـــالٌ قـــد تــــربّــــــــــــوا      مصابيح الهُــــــدى في كل غـلـــــسِ
لقــَــــــــــد آلــى بِــــــأن يبـــــقى نصيــرًا     لكلّ مُعـــــــــــــذبٍ من غـــَيــــر لَـــبْـسِ
وقــلْتُ لإخــوتي في الشــام صبرًا      لكم في مصر مَن للهــــــــــمّ يُنـــسي
لكم في مصـــر أنْصار وجُـــــــنــْــــدٌ      ستدفَــــع عنـــــــــــــكـــمُ أيـــــــام بُـــــؤس
لكــــــــــم في مصـــر إخـــــوانٌ كــــرامٌ      لقَــــــــــــول الحق ما كانُــوا بخُـــــرس
رأى بعض الأحبة أن قــــــــــولـــــــي      أدغدغ فيـــــــــــه أحــــلامـــًا بحــــــدسِ
وقالوا كيـــف ينصــــــــــــــرنا أنــــاسٌ       تَـــــمـــدّ يـــدًا لطــاغُـــــــــوتٍ ورجـــــسِ
تُصــــافحُــه وتــــــــــــأتــــــيــــــه خفـافــــًا      يُصبِّــــــــــــــــــــحـــنًا بقتْــــلٍ ثم يُمــــــسي
أصابعُـــــــــــــــــــــــه تُلطِّخهـــــا دمـــانا       وحمرتُــهـــا بدت من فــــرط غمــــسِ
ويجـــهر بالعَــــــــــــــداوة كل يــــومٍ        وفـــاق بجُـــرْمِــه أصحــــاب مُـكْـــــسِ
 أيُعقـل من قضى زمنًـا طويــــــلاً          مِــــن الأيــام في قــــهْـــر وحبْــــسِ
أيُعـــقلُ منه أن يسعــــــى حثيـثـــــًا        إلى البـــاغي على فـــــرُش الدّمقسِ
فيُغضبنا ويُغضـــب كل شهـــم         يمسّ شــــــــــعـــورنـــا بأضـــــــر مــــسِّ
فقــــــــلتُ لهم: رُويــــدكمُ عليـــــــــــه        فحُســــن الظــــنّ للإحســـان يُـــرسي
ولا تـــقْســـوا عَــــلَيـــه في ظُنــــــونٍ        فإن اللـــــــه يعْــــــــــــــــــــلمُ كل نفـــــــسِ
دعوه أحبّــتي يعملْ بصــمْـــــــتٍ         ليَـــــنجُو مِــــن نيُــــــوبٍ ثُـــمّ ضــــرس
غـــدًا سترون منه فِــــعال خــــــيرٍ        فلا تســـعَــــــوا لمنقَــــــــــــــــبَــــة بطمسِ
محالٌ أن يكون ظهيْـــــــر ظــــلمٍ        وفي جَـــــــنَـــــــبَــــــــاته نُـــــور كشمــــــسِ
أجب يا حـــافــــظ القـــرآن قــــومـــًا        دعَــــــــاؤهُــــــــم بليــــلٍ نصر مــرسي
فجر الإثنين 9شوال/1433/ الموافق لـ 27/آب/ 2012
محمد جميل جانودي
وقبل ذلك بقليل كتبت كلمة قصيرة ألتمس فيها من الدكتور محمد مرسي ما هو مُسطّر في ثناياها..وكانت بعنوان: ((تذكير لمن أحببناه ودعونا له....))
السيد رئيس جمهورية مصر العربية الدكتور محمد مرسي... حفظه الله تعالى.
أنا وكثير من أحبتي السوريين... رفعنا أكف الضراعة إلى الله تعالى في جوف الليل أن يوفقك في جميع خطواتك حتى رأينا ذلك بأم أعيننا، فلله الحمد، وأيقنا عند ذلك أن دعوة المظلوم مستجابة، لأننا جميعًا عانينا ظلمًا مضاعفًا أضعافًا كثيرة...في ظل نظام ليست بخافية عليكم أعماله وأوصافه... وما نقرؤه ونسمعه من أخبار؛ دفعني إلى أن أذكرك بقصة صحيحة وقعت في عهد النبوة الزاهر... وأنت تعرفها بالتأكيد، لذلك قلت ((أذكرك)).. ذلك حين تم الفتح، وظهر أمر المسلمين في معظم الجزيرة العربية... رأى نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذوو الأسبقية في الإسلام مثل عمار وصهيب وبلال وسلمان ( ولم يكن قد أسلم بعد).. رأوا أبا سفيان مارًا على مقربة منهم فقالوا: ما أخذت سيوف الله مأخذها من عدو الله... ووافق ذلك مرور أبي بكر،رضي الله عنه، فسمع ما قالوا: فقال لهم أتقولون ذلك لسيد قريش؟ فنظر بعضهم إلى بعض وما أجابوا بشيء... وحين وصل أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه بالقصة فقال النبي الكريم الرحيم العظيم، طبيب القلوب والأرواح: لعلك أغضبتهم يا أبا بكر... ارجع فأرضِهم... فأسرع أبو بكر إليهم، وجلس معهم وأخذ يعتذر إليهم ويتلطف بهم وهو يكرر قوله: أأغضبتكم إخوتي... أأغضبتكم إخوتي ... حتى بدر منهم ما يشير إلى رضاهم...
سيادة الرئيس، تُرى هل يُغضب أحباءَك المستضعفين الذين كانوا يلهجون بالدعاء لتوفيقك ونصرك... هل يُغضبهم أن يكون من أوائل زياراتكم الخارجية إلى من خذلهم في المحافل الدولية...وإلى من شارك بالكلمة والعتاد والسلاح في قتلهم وقتل أطفالهم وتشريدهم؟ وإن كثيرًا من قادتهم يجهرون بذلك مرارًا ويقولون عن طالبي العدل والحرية والمدافعين عن أنفسهم ونسائهم وأطفالهم وممتلكاتهم: إنهم عصابات قتل وإرهاب، وأنتم تعلمون أنهم غير ذلك علم اليقين، وتعلمون أنهم ظلوا سلميين مسالمين شهورًا عدة والقتل والإثخان يعمل فيهم ما لا يُطاق... لست أدري... ربما بعض أولئك المستضعفين المظلومين، وهم قليل، يلتمس عذرًا ويتفهم ما يتساءلون حوله... ولكن الآخرين قد يجدون في أنفسهم شيئًا بل أشياء... فهلا وضحتم لهم، وطيبتم خواطرهم، أسوة بأبي بكر رضي الله حين عمل بتوجيهات النبي الرحيم صلى الله عليه وسلم...حتى لو كان ذلك بالإشارة والتلميح، فأحيانًا يكون التلميح أبلغ من التصريح، وما زاد على ذلك فخير....ومن ترك شيئًا لله عوضه الله خيراً منه...
وفقكم الله إلى كل خير، وبصركم بالحق، وبما وراء ظاهر الكلام ومعسوله.. وفرحنا بكثير من أعمالكم التي تكون لخير الأمة جميعًا...
ودمتم لكل سوري محب ومخلص يدعو لكم بظهر الغيب.