الجمعة، 29 مايو 2015

يا أربعون، أما ارتويت زلالا

يا "أربعون" أما ارتـويـــت زلالا
قصيدة مُهداة إلى مدينة "أريحا" بمناسبة تحريرها من أساطين الفساد والبغي....فهنيئًا لها هذا النصر، ولجيش الفتح الذي حررها.. وهنيئًا لجميع الأحرار..
يا "أربعون" أما ارتـويـــت زلالا****عرقــــا تحـــدّر أو دمـــا قــد ســــالا
عرقًــــا تحـــدّر مـن جبـاهٍ غــرةٍ****هـو مثـل حــــبّات الجــمـــان تتـــالى
ودمــًا أريق على سفوحكَ طاهرًا****ومُطـــهِّـــرًا مــــما اعتــــراك وبــالا
هذي عـروسك لم تُرد مهرًا لهــا****إلا دمـــــــًا برجــــالـــــه يتــــعــــالى
وبه تُعـــطّرُ روحـها بـرواحهــــا****وغُــــدوّهـــا، وبــهِ تـــــزيد جمــــالا
لفّت ضفــــائرها عليــك لتتـــقي****شــرّ الذئـــاب ، وأقــــبـــلوا أرتـــــالا
صرخت وقالت: يا حبيبي إنــني****قـــــد صوّبُـــوا لي أسهُــمًا ونبــــــالا
سبابتي، قد كـــــنتُ أرفعهـــا إلى****ربي أُقــــرُّ لـــــه بـهــــــا إجــــــلالا
وبهــا أشــــــير لنـــوره وبهـــائه****وكتـــابــــه، وأعــــلّم الأجــــــيـــــالا
فعـــــدا عليهــا صبيـــةٌ بعثيــــّــةٌ****بمـــداهُـــمُ، قد أصبحــتْ أوصـــــالا
فزأرت في سمع الأشــاوس زأرةً****وإذا بـــهم شـــــدوا إليـــــك رحـــالا
جاؤوك من أرض الشآم جحافــلًا****في جيش قُــرمــــــط أوقعــوا زلزالا
جعَــــلوهــمُ عــبَرًا لِـــمَـنْ يــومًا يُـفـــكّر أن ينـــــــال من الأســــود منــالا
نثروهم فوق الصخور ليصــبحوا****زاد الوحـــــوش، وأصبحــوا أمثــالا
وشفت"أريحا" صدرها أن مرغت****أنف الطغــــاة، ومُـــرّغــوا أوحــالا
لحـقــت بأتــراب لها من حــــولها****دحـــروا العـــدا واستبسلوا استبسالا
وبدت عروس الأربعـين بـحُــــلّةٍ****أضفت عليــــــــها بهجـــةً وجمــــالا
يا "أربعـــون" ألا فـــــمُـدّ لها يدًا****إنـــي أريــــــد تقـــــــرّبًا ووصــــالا
همست بِقــربــــك في حياء لفهــا****إنـي  غـــدوتُ لما أردتَ حــــــــلالا
لكـــنّ شرطي أنْ نُــزف بحفـــلةٍ****نــــــدعـــو إليــــها ســــادةً ورجـــالا
مِن "آل بربـــورٍ" ففـيـهــمْ بلـــبلٌ****في شـــــدوه جاب البــــلاد وجـــــالا
من آل"بزماوي" وآل "الأحمـدو"****كم قــــدّمـــوا لكــــرامتــــي أبطـــالا
"قُربي" وفيهم صفـــوة مشهــورة****بثبـــاتهــــــــا، قـد جمّــلوا الأفعــــالا
"عبد الكريم" وفيهمُ"زهدي" الذي****أبْــــلى وقـدّم فــــي البـــــلاء مثـــالا
وســواهمُ من أهل ديـن أو تقًــــى****في الصّــبر كانـــوا قـــدوة وجـبـــالا
ادعُ الجميــع فــــإن في عــنقي لهــم****ديْـــنـــًا، أريــــد وفـــاءه أمــثـــالا
هي فرصتي فـي أن أكمّــل فرْحــتي****بالسابقـــين من الألى إكْـــمــــــالا
ويـــحـــفّ بالعـــرس الكريم فوارسٌ****"عرش الطغاة بفضلهــــم قد زالا





فلّت جموعك وانزوت مهزومة

في يوم الثلاثاء، غرة شعبان لعام ألف وأربعمئة وستة وثلاثين للهجرة النبوية الشريفة؛ كان موعد لـ"جيش الفتح" مع قرية المسطومة، تلك القرية التي أنّت مرارًا، وتجرعت مرارة من جور الطغاة وعربدة المفسدين...موعد فيه قد حلت الفضيلة مكان الرذيلة، والعدل مكان الجور، والنور مكان الظلام، موعد ولى فيه الشيطان دبره وهو يصيح ويولول مذعورًا مما رأى وسمع وهو يقول مخاطبًا أتباعه: إني أرى ما لا ترون....وأسمع ما لا تسمعون... 
فلت جموعك وانزوت مهزومة****مذعـــورة في قريــة المسطومة
واندك عرشك في ثـــوانٍ عــدةٍ****وعــلاه جنــدٌ بالــوفــا موسومة
فلت جموعك وانمحت آثـارهم ****إلا أثــــارة خـــسّــة وزهـــومـة
بقيت لتــــــروي قصة دمــويــةً****عن أمّـــة مجـــروحة مكلــومة
قد كان فــــيــها للفــــساد مراتعٌ****ومُعسْــكرٌ (لطلائـــع) مشؤومة
أطفــــالنا كانت تُلــقّن ما يرى **** طاغوتــهم، فيهــم يدس سمومه
مرت ســـــنون طويلة ومريـرة****فيها يرى جُلّ الأنـــام خصـومه
فلّت جموعك يا بن بائعة الهـوى****وتنـــاثرت أشلاؤهـم مفــرومة
والوحش ثم الطيـر فر ويشتكي**** نتن الروائح  من وضيع أرومة
قد آثرت جوعًا على أجيـــافــهم****حتى ولو عانــت سنــين عقيمة
لكنّ رحمة ربـــها جــاءت على****أيـــدي فوارس حُـــرة وكريْـمة
للفتــح جــنــد لا يُشـــقّ غبارها****أفــــعــالها بين الورى معــلومة
فاهتزت الأرض التي قد أجدبت**** يومًا، غدت من ربها مرحومة
والروض أبهجـها وزاد جمــالها****والليل أظهــر بـــدره ونجـومه
لا يستوى أهل النزاهة والتّــقى****مع زمرة مرجــومة محــــرومة

الأربعاء، 6 مايو 2015

في رثاء الشيخ رشدي مفتي

في رثاء الشيخ رشدي المفتي
رحمه الله
لم يتسنَّ لي أن ألتقيَه، كثيرًا، لكنني أنست بالجلوس إليه مرة أو مرتين على ما أذكر، كان ذلك بعد حدثني عنه، وعن مناقبه العم الكريم، والد زوجتي، عز الدين حاج يوسف، فأثار حديثه في قلبي لهفة وشوقًا إلى التعرف إليه، ولقائه، وهذا ما كان فقد رتب العم عز الدين موعدًا معه، وزرناه في بيته، في مدينة اللاذقية، المجاهدة الصابرة، ورحم الله العم عز الدين فقد كان صادقًا في كل كلمة قالها عنه، عن حماسه المنضبط، وعلمه الغزير، ورؤيته الثاقبة، وشجاعته المتزنة، وبعد نظره، وسداد قوله ورأيه،... والتقيته مرة أخرى على ما أذكر... وكم سمعت من شيخنا الكريم الشيخ عبد الباقي شريقي، ثناءً عليه، وتعدادًا لخصاله الطيبة، والأمر نفسه من كثيرين...
إنه الشيخ رشدي المفتي، معلم الأجيال، ومربي الرجال... الذي لقي وجه ربه مهاجرًا في سبيله، يوم الجمعة، الثاني عشر من رجب لعام ستة وثلاثين وأربعمئة وألف للهجرة النبوية الموافق للأول من أيار لعام خمسة عشر بعد الألفين من التقويم الميلادي... رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، وأجزل عليه بالأجر والمثوبة.
بحر من العلم أم بحر مـــن الأدب
بحر من العلم أم بحر مـــن الأدب****كلاهما حُمِعـا في فارسٍ عـــربي
في فارسٍ عُـــرفَتْ بالجُـود راحتُه****كانت مواقـــفه في منتهى العجبِ
لم يخــش في الله أن يلْـــــقى منيّته****آثـــاره حُفِـــظتْ في أنفسِ الكُتبِ
وقـــــاوم الــبغْــــي لم يأبَهْ لـه أبدًا****كم كان يصفعــه في أبلغ الخطبِ
ســـــلْ درة البحــر عما كان يفعله****في ساحةِ العلمِ أو في روضة الأدب
للــه درّكَ يا رُشْـــــديُّ مِـــنْ عَــلَمٍ****من آلِ مفتي ذوي الأفضالِ والحسبِ
هاجــرتَ للــه أو فـي اللـه مُحتسبًا****ما رمتَ في ذاك جمعَ المالِ والذهبِ
ما كنــــتَ فــي بــلَدٍ إلا وكنتَ لــهُ****ربــانَ تنـــقـذه في عـــالَمٍ لَجِـــبِ
لمّا ألمّـــتْ بأهــل الشــام نــــــازلةٌ****في ظـلّ طاغيةٍ مُسْـتَقْـذَرِ النّسبِ
رصــدتَ فعـلهمُ فـي كل ناقــصةٍ****من نشر فاحشةٍ في العجم والعربِ
آثرت سِجْـــنهم في قعْـــــر مظلمةٍ****عن أن تذلّ لهم في مرتع خصِبِ
فضحتَ سوأتَـــهم وخُـــبْث نيتـــهم****في أنهم تبـــــعٌ لكلّ مُغتـصِــــبِ
قـــاومتَ جهلهـــمُ بالعِــــلم تكْــنسُهُ****فاستنْفروا جنْدهم بالزور والكذبِ
بددتَ ظُلمتهـــم بالنّــــور فاحترقوا****وأرسلوا شؤمهــم حمالة الحطبِ
شمطاء قد نفـثت من حقدها حممًا****في نفسها زُرعت من غابر الحقب
قـابلْتهــا واثقــًا مـــــن أنها دجــلٌ****ليست سوى دمية في عالَمِ اللُّعــبِ
رُشــديُ أنتَ الذي أسستَ مدرسةً****فخــرّجـــتْ قمـمـًا وأكـرمَ النّجُـبِ
كانتْ مطيتـــك الصّعـــاب تركبها****ذلّــلتها فمضت تمشي بلا صخـبِ
نــاداك ربّـك في أيــــام مــكْـرمـةٍ****للشام إذ نُصِرت بالّرعبِ والرّهبِ
فجئتـه طائعًا، بالخــيـــر متشحـــًا****تــرجــوه منــزلةً في أرفع الرّتبِ
محمد جميل جانودي
*******