الجمعة، 29 يونيو 2012

ربّاه أكرم مصر واحفظ أهلَهـا


ربّاه أكرم مصر واحفظ أهلَهـا
شعر/ محمد جميل جانودي
غــرسوكِ قِدْمـــًا في الزمان الغابــــر         يا نَـــــخـلةً في تُرب مصر الطاهـــرِ
غرستك أيـدٍ لـمْ تُـلَــــــــوّث بالخنــــــــى         وسقتْك ماءً من مَعــيْــــــــــنٍ زاخــــــــــرِ
غرستك أيدي المؤمنين وأيقــــــنـــــــوا          فــي أن يــــــروك مســــــــرّة للنــــاظـــرِ
مســـــــت أنامِـــــلُهـــم برفق أفــــــــــرعــًا         مُخـــضــــرةً تـــــــزهو بلَـــونٍ بَـــــــــــاهـــــرِ
وتوجــــهُــــــــوا لله في صـــلواتــــــهِــــــــم         يا ربُّ صنْهــــا مِــــن سَمُـــومٍ عــابـــرِ
يا ربّ صُنْها من أذًى يَرمي بهـــــا         أرضــًا فتشقى تحْــــت حُـــــكمٍ جـــائــرِ
لكــــــــــــنّ للــه العَــــــــــــــــــليـــم بخــــلقــــــهِ        حِكَمًـــا، ومنها لم يجُـــل بالخــــــــاطـــرِ
حكمــًا يظل المـــــــرء فيــــها واقـــــفـًا         في حَـــيرةٍ، ما كانَ قـَـــــــــــــــطُّ بِــحَــــائرِ
فيــــــها رأينـــا الرّطب أصبح يابسًا          والـــــزّهْـــرَ دِيْــــــــسَ بأرْجـــلٍ وحـــــوافـــرِ
حِكَمـًا رأينــا الخطـب فيها قد طغى        في كل مصر بجهْلِ طــــــاغٍ فـــاجِـــر
أقصى العــدالة والمروءة والوفـــــــــا         عن ساحهــا، وأتـــــى بــنـــــــــذلٍ غـــادرِ
ورمى الكرام بكل مــا هو شـــائـــنٌ          لا يَــــــــــرعوي، ويُــــــرى كثـــورٍ ثــــائــــرِ
قد قال عنهم ما يعف ذوو الحجى        عن قــــــولــه، في فـــتـــــــيـــةٍ وحــــرائــــرِ
لم يبق في أرض الكنـــانة موضِـــعٌ         إلا اشتكى من جور هذا الخاســــــــر
حتى السجـون مضت تضج وتشتكي      من هــول جُرم مُختفٍ أو ظــاهـــــــــر
ربّــــــــــاه إنّـــا قــــــــــــــــدْ بُنيْـــنَـــــــا للـــــــذي        سفك الدّمــــــــا وأطـاع نفثـــةَ ســاحــــرِ
لا للــذي يَـــــــــدعو لشــــــــــــــرعٍ مُحْـــكــــم        فيـــه السعـــــادة مِــــــــن عليــــــــمٍ قــادرِ
رُحمــاك ربـــــــــي؛ كم تــــقـــيٍ صــــالــحٍ        في قعــرنا ثاوٍ بغَـــــيــــــر مُنــــاصــــــرِ
كم عَـــــــــــالمٍ، كم فَــــارسٍ، كم مُــلهَـــــمٍ        كم قائدٍ، فينـــــــا قضـوا، كم ماهرِ؟
كم ســــــــــيّـــدٍ لاقى المـــذلةَ مُــــــــرغمـــًـــا        والعـبـــــــــد يسرح في الفنـــاء الــزاهرِ
كم من فـــتًى كان الْوحـــيدَ لأُمّــــــــــــــه         خطــفوه منـــــــها فاشتكت للقــــاهـــرِ
كم نــــــــاشئ في ظل آيـــات الهــــدى         قــــذفـــوه زورًا بالـــخــــؤون الســــافـــرِ
يا مِصــرُ كم مرّت عليك مـصائبٌ          وأشـــــدّهـا ظُـــلمُ البغـــــي المـــــــاكِـــر
مــرّت عُـــقــــــــــــــــودٌ والبــِـــــــــلادُ أسيــــرة         مـرهـــونةٌ في قبْــــــــــضــــــةِ لمكـــــابِر
وصَــبـرتِ حتى قــيــلَ هلْ هـــي حيّةٌ         أم إنَّـــــها أضحَـــتْ بحــــظٍ عـــــاثِــــرِ
والشعـــبُ يرزحُ تحــــت وطـــاة مُعْـــتدٍ         مُـــــتـــــفـــرّدٍ فـــــــي حُكْـــمــــه ومُنــــاورِ
سبعون عــامًا أو يزيــــــــــــدُ ولم يـــــكن         لكِ من شفيــــعٍ عند باغٍ عــــــــاقـــر
والمُخْبِــــتـــــــــون لِربِّهـــــــــم قــــد غُــــيبُـــوا         في السّجـنِ أو دفَــــنـــوهمُ بمقـــــابـرِ
سبْــــعـــون عَــــــامًا والجــمـاعـةُ تُبْــتلى          ما بينَ مُعْـــتَــــقـــلٍ وآخــــرَ صــــابرِ
حتّــــــــــــى أراد اللـــه كشــفَ بلائِهـــــــــم        وافاهــــمُ بِـــفتًـــى صـــــدوقٍ شــــــاكِـــرِ
من أهـــل مصر ومن كريم شبابهـــــا         ممّـن سمـــا بفضــــائـــــلٍ ومــــــــآثـــرِ
ممــن تــرَبّـــى في رحــــــــاب جمــــاعـةٍ         ضحت لمصـر بكل غالٍ فاخـــــرِ
فرأى السفينـــة وســـط أمْـــــواجٍ عتـــت         تمضي بها جهلاً لسـوء مصائـــرِ
ثــــــــارت حميَّـــــــــتُه، وألْــــــقـــى نَـفســــــهُ         في البحـر بين عـقـاربٍ وخناجـرِ
حتى اعتَـــــــــلاها بعـــــد طول مشــــــقةٍ        ومضــى بها من هـول بحـرٍهـــادرِ
أرســـــــى السفينـــــــة فــوق بَـــــــــرٍ آمِـــــنٍ        فنجــت بهِ من سقطـةٍ ومَخـاطـــرِ
والنّــخْـــــــــــلُ أصبَـــح باســقًأ وثِــــــــمـــارُه        قَــــــد ذُلِّـلــتْ لأكــابــــــــــرٍ وأصــــاغرِ
يَـــــــا أيُّهــــــا المُرسيُّ، مصـــــرُ أمــــانَـــةٌ        خُـــذهــــا بِرِفـــقٍ نحــــو بــــرٍ عــامـرِ
فـــــــيـه الكــرامَــــــــة والرّخـــــــــاء وأرضُـــهُ        بالورد تضحكُ بعـــد جدب فاقـــــرِ
يا أيُّهــا الْمُـــرسيُّ أرْس الحُـــبّ فـــــــــــي        أرجـــــــاء مصر برحمـــــةٍ وتَـــــزاورِ
يا مَن حظيتَ بحــبّ مِصْـــر وأهـــلِها        أدمِ المحـــبّـــةَ بالعَــــطــــاء الوافـِــــــرِ
يا أيهــا المُـــــــرسيُّ أرس الأمــــن فــــــي       أرجائها،في البدو أو في الحاضر
وانشـره فــــــوق هضــاـبها ووهـــادهـــــــــا        وسهـــولها وضفـاف نهــر غــامـــرِ
يا أيّها المُرســيُّ أرس العــــــــدلَ فــــــــي       أنْــحـــــاء مصرَ بحِكمـــةٍ وتشـــــــاوُرِ
يا حافِـــــــظَ القـــــرآن أنجِـــــــز أمــــــــــــره        بالعلمِ، كن للعــــلم أفضــل ناشـــــــرِ
أهديــك عطرَ تحِــــــــــيـــتي من جُــــلّقٍ        قد ضُمِّخَـــتْ بعبير جُـــرح غـــــــائرِ
جُــرْحٍ أصاب الشـــام في فلـــذاتهـــــــــا        بسهـــام غــدر وُجِّــهَـــــتْ من غـــادر
يا شــامُ صـبرًا إن نصـــــــــــرك قــــــادمٌ        من مصر من شعب غيور ثائـــــرِ
ربـــاه أكْـــرم مصــرَ واحفـــظْ أهــلهــــــــا        ورئــــيسَهــــا مِـــــــن كـــائــــــــدٍ مُتــــآمــرِ
الأربعاء 8/شعبان/ 433 الموافق لـ 28/حزيران/2012

  

الأحد، 24 يونيو 2012

من أسماء الثورة السورية.....العَصيَّـة


من أسماء الثورة السورية......... (العَـصيّة).
منذ أن أهانت الشرطة الفتى السوري في منطقة الحريقة بدمشق، وانتفض على إثرها الدمشقيون (مَن حضر منهم) في وجه الرمز المُهين... وهتفوا كلهم بصوت رجل واحد ((الشعب السوري ما بينذل))... وكانت هذه هي المرة الأولى، بعد عقم في الانتفاضات، لعقود، تعبر فيها عيّنة من الشعب العظيم عن إرادتها في نشدان الحرية والكرامة ورفض الذل.. وجاء، عقب ذلك للتو، وزير داخلية النظام ليَطْمئن أن هذه الحركة ليست مظاهرة، من خلال قوله للمتظاهرين، بعد أن شرح بعضهم موجزًا لما حدث: ((بس ما تكون مظاهرة... بس ما تكون مظاهرة)).. فرد عليه بعضهم مسكتين له: لا... لا.... ذلك لأن أنباء الثورات في البلدان العربية كانت تترى على مسمع الوزير ومعلميه... وهي تقلقهم وتقض مضاجعهم... وقد اتخذت هذه الثورات المظاهرات السلمية أداة لها.. في إسقاط أنظمة تلك البلدان...
كانت انتفاضة الحريقة، تلك، إرهاصًا من إرهاصات الثورة السورية المباركة... وأراد الوزير أن يحتوي ذلك الإرهاص، ويُخفي معالمه، ودلالاته، وراء ستار قمعه الحديدي، الذي يلوح به... ولكن الثورة التي كانت تطرق أبواب دمشق، والمدن السورية الأخرى استعصت على ذلك الاحتواء، وأبت إلا أن تعلن للوزير وسادته أن ما جرى في الحريقة كان نداء عفويًا لها من أحرار الشعب السوري لتدخل سوريا من أوسع أبوابها، ومن اتجاهاتها كافة... وهذا ما حصل...واستجابت لذلك النداء.
وانطلقت شرارة الثورة... وشقت طلائع الثوار طريقها... وحاولت آلة قمع السلطة أن توقف تلك الانطلاقة، وأن تضع السدود في دربها، كان ذلك حين تعمدت أن تقتل روح الثورة في درعا بانحطاطها في ذلك إلى أقذر الوسائل، بتعذيب الأطفال وقلع أظافرهم، لكن عيون أولئك الأطفال كانت تتحدى القتل والتعذيب والتشويه ... ثم خرج الناس بما كان يخشاه وزير داخلية السلطة الغاشمة...خرجوا بمظاهرات عارمة..وارتقى أول الشهداء هناك... وظنت السلطة أنها بذلك ستجهز على الثورة وهي في مهدها.. ولكن الثورة المباركة استعصت على تلك المحاولة... وكان لسان حالها يقول: لدينا المزيد من الشهداء... ولدينا المزيد من الإصرار...
واستعصت الثورة على الثقافة الرخيصة المبتذلة التي روّج لها النظام من أن الأمر لا يتعدى أن يكون محاولة من شرذمة عددها بعدد أصابع اليد، اندست في صفوف الناس، تستخدم السلفية تارة، وغير ذلك تارة أخرى لتزعزع الأمن الراسخ في (سوريا الأسد) والصمود والمقاومة والممانعة..!! وأن الأمر سيُقضى عليه خلال ساعات أو أيام... وإذ بالثورة تستعصي على تلك الدعاية الرخيصة، وتنتقل مئات الكيلومترات على الأرض، فتصل إلى اللاذقية وبانياس ومناطق أخرى من الساحل... وتنتقل أيضًا بروحها لتسري في نفوس جميع أحرار سوريا، ليقفوا متحدين الموت ووسائل القمع الأخرى... فاستعصت على الاحتواء والتطويق الزمانيين والمكانيين...
واستعصت الثورة على إلباسها اللبوس الطائفي المقيت حين أظهرت أصالتها الوطنية، وانتماءها الشعبي بأقوى وأشد ما يمكن في حمص الملونة والمزركشة بألوان أطياف الشعب السوري... ولقنت النظام السلطوي درسًا بأن محاولته تلك ستبوء بالخيبة والفشل... وأن الثورة هي ثورة شعبية عارمة تتجه لتحرير الشعب السوري كله من كابوس القهر والظلم...الذي خيم عليه قرونًا عدة..
واستعصت الثورة على جميع الهرطقات التي كانت تنطلق من أفواهٍ، لست أدري بم يجب أن توصف، ومن ألسنة استمرأت النفاق ودرجت عليه... كان أصحابها يتزيون بزي كان إلى وقتٍ قريب موضع احترام وتقدير وتبجيل من السوريين جميعًا بلا استثناء...
أجل استعصت الثورة على تلك الهرطقات التي تريد أن تشوهها تارة بقول أن الثوار دعاة فتنة، وتارة بعدم جواز الخروج على (ولي الأمر)، وتارة بأنها مصنوعة من أعداء قابعين وراء البحار، وتارة بأن رجالها لا تعرف جباههم السجود لله... فكان الرد قويًا ناصعًا جليًا أجلى من الشمس في نهار يوم لا غيوم في سمائه، ولا كسوف لشمسه... وتمثل ذلك الاستعصاء حين بدت أنها قامت لتقضي على فتنة التسلط، والظلم، والاستعباد، وأن القائمين بها من خيرة شباب الأمة، الذين يُقال في حقهم وحق أمثالهم أنهم ما زالت صفحاتهم عند الله بيضاء لأنهم لم يقترفوا بعدُ ذنوبًا... لأن أعمارهم كانت بعمر الورد، الذي لم يكتمل تفتح زهره بعد... وإذا بساحات المدن وصعيدها الطاهر يتألّق بلمس جباه أولئك الثوار وهم يسجدون لله، ويقيمون صلواتهم على ذلك الثرى الطاهر...
واستعصت الثورة على أن تنجر إلى عنف فوضوي، يحرق الأخضر واليابس، كما أنها استعصت (بحجة سلميتها) على أن تكون سهلة الازدراد والهضم من قبل وحوش النظام السلطوي وجلاوزته... فخرج من رحمها شبان قلوبهم قلوب أسود، وعيونهم عيون صقور، ونفوسهم نفوس ملائكية، بشخوص بشرية، طيبي الجبلة والأصل والمنبت... تجلّى استعصاؤها بواسطة هؤلاء الأشاوس الذين عُرفوا بالجيش الحر، فرسّخوا التوازن بين غصن الزيتون الذي يشير إلى سلمية الثورة، ورفقها، ولينها، وبين البندقية التي تحمي الشباب والأطفال والنساء والشيوخ من رصاص الغدر الذي أصر الظالم على ألا يكف عن رشق الناس به منذ أول انطلاقة الثورة...
واستعصت الثورة على أن تكون أداة بيد هذا الطرف أو ذاك من أطراف ادّعت أنها تريد صالحها ومساعدتها، وأخذت تلوح لها بمختلف أنواع المغريات تارة والتحذيرات تارة أخرى... تُرغبها حينًا وترهبها أحيانًا، فلم تتأثر بهذه أو تلك.. ومضت غير آبهة بما يُخطَّط لها، وهي تعلن بأعلى صوتها (( يا الله، ما لنا غيرك)) وتحملت الجوع والعطش والعري والحرمان وهي ماضية تهتف (( الموت ولا المذلة)) أنى كانت هذه المذلة... أكانت من سلطة غاشمة، أو ممن يريد ابتزازها بمغريات أو تحذيرات... فطعم المذلة واحد...
واستعصت الثورة عن محاولة حرف بوصلتها واتجاهها عما خططت له... فلم تستجب لإفراط هذا أو تفريط ذاك.، بل كانت وسطية في كل شيء... فقد استعصت عن محاولات بعضهم بإلباسها ثوبًا لا يليق بإيمان الشعب السوري الصادق بالله وكتبه ورسله، وحرصه على ألا يأتي بما لا يتفق وذلك الإيمان وفق منهج وسطي معتدل، واستعصت على كل دعوة نشاز، تتخذ من الغلو والتطرف منهجًا لها، واستعصت على أي جذب أو جر لها لتُشغَل بما يصرفها – جزئيًا أو كليًا – عن هدفها الأساسي المتمثل بإسقاط نظام الفساد والجور والفئوية والطائفية المقيت، وبناء نظام حر عادل ينعم به جميع السوريين بحياة كريمة، وعيش رغيد...
واستعصت الثورة على كل المحاولات التي تريد لقامتها أن تنحني، ولعينها أن ترف، ولهمّتها أن تضعف، ولعزيمتها أن تلين، ولمسيرتها أن تتراجع أمام أبشع أنواع القتل، وأحط وسائل العنف، وأمام هول المجازر التي ارتكبت في الحولة والقبير وبابا عمرو والحفة والقصير ودير الزور وجبل الزاوية وغير ذلك من تراب سوريا الثائر...
وأخيرًا استعصت الثورة على أهواء تعتري الذات، وتكون مقتلاً لها...فكانت متواضعة من غير مذلة، وغنية النفس من غير طغيان، وشديدة حازمة من غير جور أو ظلم، وسخية من غير تبذير، وحريصة من غير بُخل أو تقتير، وصابرة من غير خنوع، وعزيزة من غير تكبر أو عجب...
فلله درك أيتها الثورة العملاقة....كم أنتِ عصية على كل باطل، وعلى كل إرجاف أو تخذيل، وعلى كل إغراء أو تحذير...وعلى كل مكر أو خديعة..
محمد جميل جانودي
السبت 3/شعبان/1433 الموافق لـ 23/حزيران/ 2012.   

السبت، 23 يونيو 2012

مبادرة كوفي أنان

مبادرة عنان
شعر/ محمد جميل جانودي
من الأيام الأولى لمبادرة ((كوفي أنان)) كتبت هذه القصيدة، بناء على معطيات أولية حول الأطراف الأساسية المنوط بها تنفيذ المبادرة... ولكني آثرت ألا أنشرها وقتئذٍ أملاً في أن ينجح الرجل بمبادرته.. واليوم وبعد مضي أكثر من أربعة أشهر عليها وهي تنتقل من سيء إلى أسوأ.. وبدأت تتكشف نيات مخبأة، وتصريحات معبأة.. أفرجْتُ عنها...
أتطمحُ يا عنــــــان إلى النجاحِ      بمـــــــــا بادرت من لجــم السلاح
وحفظ النــاس من قتْـــــــلٍ ورمي     بألات ثــقَــــــــالٍ فــــي البطـــــــــاحِ
وســوريّـــــــــــا تنـــعّـــــم كلّ يَــــــــــومٍ     بلا حُــــــــــزنٍ ونـــــــدبٍ أو نُــــــواحِ
طموحك مثـــل آمال لشخْـــــصٍ     يريــــــد المشـــــي في داء الكساح
عنــان احفــــظ لنَفْــسِكَ ماء وجْهٍ     وعُــد من غــير عار وافتضاح
رضيتَ بأن تخُـوض غمار سبقٍ    مــع المتلونيـــــن بِـــــكل ســـــــــاح
بأرضِهِـــــــم العَـــقـــــارب سابِـحــاتٌ    وفيها السم يُوضع في الأقاحي
نسيْــــــــتَ بأنّهـــم يُعْـــــطُـــــون درسًا    بتدجيل وغـــــــدر في انشــــــــراحِ
فلا وخــز الضمير يُثــير فيــهـــــم    مــــن الآداب والقيــــــــم المــــــــــلاح
ولا نصـحُ الأنـــــــــام لهُــــــــــــم بـمُـجدٍ    ليصرفَــــــهم عَـــــن السّبع القباحِ
عليهم يشهَـــد الماضي ويـــــــــروي    لهم قصـصًا من الغـدر الصّراحِ
طبــاع الشــرّ فيهم مِـــــــــن زمــانٍ    تجــــــلّت في المُـحـــــــرّم والمُبـــــــاحِ
رجوت بأن تَرى في الشام وقــــفًا    لقتل النّـــــــاس أو رشْــــقِ الرّماح
وأن يحيَــــــــا الورى أمْــــــنــًا وسِـــلمًا    وبُعـــدًا عن تبَـــــــاريح الجــــــــــراحِ
يجُـوبُـــــــــون الشّــــــوارعَ في سَـــــلامٍ    بليــلٍ أو نهـــــــارٍ في ارْتـــــــيــــاحِ
وفي حمص الجريح تَــــــــرى أمــانًا    تشاركُـــها الأزقّـــةُ والضّــواحـــــي
رجَـــــــــاؤك كان بَــــــرقــــــــًا خُــلّبـــــــيّــًا   رجعتَ وأنتَ مقصوص الجناحِ
فــلاح الغـَــــــدر من قــرنَــــــــيِّ وغــدٍ   وأثْخن في المساء وفي الصّبَاحِ
إذا ما النّــاسُ ظَــنَّـــــــت فيكَ خـــيرًا   تُســـارع في التــفَـــــهّــــــم والسّمــاحِ
وإلا أوغـَــــــرت صــَـــــــدرًا وقَـالــــــــت   تــنحّ فمـا قصــدتَ إلى الصلاحِ
الخميس 20/جمادى الأولى/1433 الموافق لـ 12/نيسان/2012

الاثنين، 11 يونيو 2012

يا حولة الأحرار مهلاً وانظري


يا حُــولة الأحــرار مهلاً وانظري
شعر/ محمد جميل جانودي
زعموا بأني قـــد قـــتـــلتُ صغــــــــاري        وهـــــــدمـــــــــتُ فوق الأبْــــريــــاء ديـــاري
قالوا بأني قـــد بعَـــثــــــتُ عصــــابــــــةً        من إخــــوتــــي ليُـــــمــــزّقُـــــــوا أســـــتــــاري
قالوا بأن النـــار أضـــرمـــهــــا فتًــــــــى        من حيّنـــــا، ورمى الورى بِجِمـــــــــــــــــارِ
قالوا بأن النّـــوق هــــاج سُــــــــعــارُهـا        حتى غـدت في الحـــــــي كالإعــــــصارِ
فقضت على أتـــرابها وصـــغــارهـــا         من شــــــارفٍ أو ضـــامـــرٍ وحُــــــــــــــوارِ
قالوا بأنّ الصقْـــر حـــــلــقَ فـوقنـــــــــــا        ورمـــــى الـــــــورود بــــوابِــــــــلٍ من نــــــارِ
واو الجَماعة أسفرت عن سخطها         لمّــا أُشــــــــــــيْــــر بهـــــــا إلـــــــى الأشـــــرارِ
ضجت وقالت إنني أُوْجِـــــدتُ لـلْـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــعقلاء، لا لـــــلقــــــــــــــرد أو لحمــــــــــــــارِ
تبّـــًا لهــــم، إن النّفـــــــــاق صنيعــــــــــةٌ        لهـــــــمُ، بهــــا عَـــــــزفـــوا على الأوتــــــارِ
هم يضحكون على الأنام بزعمهـم         ويُــطــبّـــلـــون لِـــــــربّــــــــــــهــــم بــــــــــشــــّـــارِ
أنا لا أرى فيمـــا أتَــــــــــــــوه غــــرابــــــــــةً        فــــــقــــلوبهم قُـــدّت من الأحْـــــــجـــــــــــارِ
وطبَـــاعهم كطبــــاعِ ذئـــــبٍ غــــــــــادرٍ       سُـــحـــقًا لكلِّ مُنــــافِـــــــــــقٍ غــــــــــــــــــــــــدّار
هجَـــــــمُــوا عليَّ بلـــيْـــــــلَةٍ هـــــيّــــــأتُــــــها        لأقــول فيــــها أجمـــلَ الأشعـــــــــــــــــــــــارِ
وأعَــلمَ الأطـــفــــالَ درســــًا مُفْـــعَمـــــــــًا        بالصّبرِ والإيْـــــــــــــمـــــانِ والإيثــــــــــــــــــــارِ
هجموا عليَّ وإننــــي أُصغـــــي إلى          أنشودة في الحُـــبّ من سُمـّــــــــــــــــــاري
يا حُــــــولةَ الأمل الكبير ونبْضــَــــــه         يا معْــــــــــــــــقـــــل الأحــــــــــرار والــــــثــــــوارِ
يا مَن صفَعْـتِ الظلمَ وهو معـربدٌ          وفضحـــتِ ســـوأتـــه وثـــــوبَ العــــــــــــــارِ
ثـــوبًا ببــــاطنــــه الخيانةُ والخَنـــــــــــــــا        ونَــــــــــذالةُ الأوغـــــــــــــــــــاد والفجّــــــــــــــــــــــار
لكن ظاهــــــــــــــره لِمـــــــن في عيــــــــنه        حـولٌ، كبائعة الهـــــوى بسِـــــــــــــــــــــــــــوارِ
للعين يخطف إن رنت لشـــــواظه          ويُـــزيـــــــــــلُ عنهـــا قُـــدرةَ الإبْصــــــــــــــــارِ
يا حُـــولة الأحـــــــرار أنتِ كشــوكـة         في حلق دجّــــــالٍ أتى بعُــــــــــــــــــــــــــــــوارِ
قد جاء من بطن الكهوف ليعتلي         قممَ الجبــــــال بنفخـــــة المزمــــــــــــــــــــــارِ
أغضبتِهِ، لما فضحتِ مقاصــــدا          لفِـــــــــــعـــاله في ســـائــــــــــر الأمصــــــــارِ
فأتى بغــــــــــلْمــــانٍ له مِـــن غــــــاـبــــــةٍ        محْـــــــــــــــــــــشوة برجــــــــــــــــــالِه الأقــــــــذار
قَــدِموا إليــــــــــكِ بحقــــــدهم وغبـــــائهم        سفـــــــــكوا دماء الغُــــــــــفّــــل الأطهــــــــار
ذبحوا الشيوخ ولَم يُراعُـــوا حُـــــــرمةً         للشيْــــــــــب أو لتقَـــــــــــــــدُّم الأعمــــــــــــــــارِ
قتلوا النّســـــــاءَ ولم يُــراعــوا حُــــرمــةً        لعفـــــــــــــــــــيــــــــفــــةٍ وعَــــــليّــــةِ المقــــــــــــــدارِ
ذبحوا الصّغــــار ولَم يُـــراعوا حرمةً        لبـــــــراءة نقــــــشـــت على الأقـــــمـــــــــــــــــارِ
لم يستطيعوا فهْـــــــــــم بسمةَ ثغــــرهم        يفْــــــــــــــــتـــرُّ مثـــل تفتّــــحِ الأزهــــــــــــــــــــــارِ
وأدوا لديْــــــــــــــــهـــم لثغــــــةً باحــــــوا بها       عن عشــقِـــهــــــم لمعــيشــــة الأحـــــــــــــرارِ
أنّى لهم في أن يُــراعــوا حُــــــــــــرمــــةً       وهُمُ ســـلالـــــــــة خـــائـــــــنٍ خَـــــمّــــــــــــــــــــــارِ
لا لــنْ تُـــراعَى حُـــرْمـــــة من بائـــــــــــعٍ       للأرضِ أو لِـلْــعِـــــــــرْضِ أو سِمْســـــــــــارِ
أو كاذب ومــــــــــــــــــــــــــزوّر ومُـــــــنــــافقٍ      ومُــقــــــــــــــــبّــــــــل الأقــــدامِ للكــــــــــفّــــــــــــــارِ
أو ماجـــــــــــــــن مُتــــــــــزنــــدق ومُمَـــــاـلئ       للغاصبين لأرضِنـــــــــــا، خـــــــــــــــــــــــــوّارِ
يا حُـــولـــة الأحـــرار مهْـــلاً وانْظـــري        غضب الورى في سائــــــر الأقطــــــــار
لبــــــــــــّوا نــِـداءكِ بُــكـــــــــــــــــــــرة وعشيـــــــّةً      ونِــدا (القُبير) بعتــــــمـــة الأسحـــــــــــــــارِ
ستريْـــن منهُـــــــــــم ما يُطَيّـــبُ خــاطــرًا        لكِ أو يُـــبَـــــرّد ما اصطليـــتِ بنــــــــــارِ
سترينَ عهد الظـــــلْم والحقـــــدِ انْمحى       لتعُــــمّ رحــــــمــــةُ ربّنـــــــــــــــا الغفّـــــــــــــــــــــارِ
وترين رايـــــاتِ الكرامـــةِ رفــــــرفـــــــت         فَـــــــــــــــــــوق الشـــآم بعــــزةٍ وفَــــــخــــــــــــــارِ
ووجـــوه أهــــــلـيهــــــا بنــــــــور أشــرقت         ورؤوسهــــم قَـــــد كُلّـــلَتْ بالغـــــــــــــــــــــــارِ
جمعـة ((تجار وثوار معًا لنحقيق الانتصار)) 21/رجب/1433 الموافق لـ 8/حزيران.

الجمعة، 1 يونيو 2012

شاهد من قلب الحدث يقول:

شاهد من قلب الحدث يقول:
لا يا أبواق الكذب والدجل... لا يا من تكذبون على أنفسكم.. والكذِبُ على النفس هو أحط أنواع الكذب، وأشدها فتكًا بصاحبه ومسخًا لإنسانيته... وأيضا ألف لا لكم أنتم يا من عطلتم عقولكم، وأعطيتموها إجازة طيلة فترة الدعاية الرخيصة التي تطلقها الأبواق النشاز ضد الحق والحقيقة...فصدقتموهم... وكنتم من النافخين للدجل والبهتان في أبواقهم...
يا أبواق الدجل، إن الأجهزة التي تستخدمونها في نشر أكاذيبكم وضلالاتكم لَتستغيث من قذارة ما تروجون من خلالها، وهي عجماء صماء بكماء.. لا تملك حيال ما تُحَمِّلونها من جبال كذبكم ما تدفع عن نفسها ذاك الأذى الكبير والشر المستطير...
تستطيعون أن تتبجحوا زاعمين أنَّ ما جرى في الحولة هو من فعل عصابات إرهابية مسلحة... جاءت بزعمكم لترهب وترعب... ويستطيع كل من يجد في علقم تبجحاتكم عسلاً لذيذ الطعم أن يضحك على نفسه ويصدق تلك المزاعم....
أما أنا فلا...هل تدرون لماذا؟  لأنني ابن الحولة وبنت الحولة وشيخ الحولة وعجوز الحولة ..لأنني أعرفها بيتًا بيتًا، وأعرف عاداتها الأصيلة، وأخلاقها النبيلة، وأعرف وداعتهم وحسن ضيافتهم... فلا يمكن لذي فطرة سوية، وقلب سليم، خال من الحقد والضغينة، أن يُلوح عليهم بوردة شائكة ... أنا شاهد العيان على كل ما جرى.. فعيني هي التي رأت وأذني هي التي سمعت، وقلبي هو الذي تفطر واحترق... لذلك لا تستطيع كل وسائلكم القذرة، وأساليبكم الملتوية، أن تنال من حقيقة ما لدي... لأني رأيت أزلامكم بأم عيني.. رأيتهم وهم يقتلون ويذبحون ويخطفون ويسرقون... ورحم الله من قال(( أيُعقل أن أكذب عيني وأصدق أذني؟)) ... أما أولئك الذين يصدقونكم فهم أتفه عندي من ذبابة... لأنهم تنكروا لأعظم نعمة وهبهم الله إياها.. ألا وهي نعمة العقل... فما كلفوا أنفسهم أن يسألوا: من القاتل؟ ومن المقتول؟ أيُعقل أن يقتل المرء أهله الذين هم من عظمه ولحمه؟ وفوق ذلك هم شركاء معه في الهدف والغاية، وفي المذهب والعقيدة؟ ونحن نعتقد أن النفس البشرية لها حرمتها عند الله أيا كان مذهبها ودينها..
أما أنتم يا من تصدقون تلك الأبواق فلن تجنوا من ذلك إلا جمرًا يحرق أسماعكم، وقتادًا يُدمي حناجركم وهي تروج لأولئك الدجالين... هلاّ عدتم قليلاً إلى التاريخ القريب والبعيد.. لتروا من هم أولئك الذين كانوا يُهلكون الحرث والنسل، ويقتلون النساء والأطفال والشيوخ... من هم الذين كانوا يحيكون المؤمرات في الخفاء تمشيًا مع باطنيتهم المتجذرة في نفوسهم... اسألوا يا من تحتاجون إلى دليل على الشمس في ضحى يوم صائف لا سحابة تحجبها عن الناظرين... اسألوا الحجر الأسود في الكعبة المشرفة... ماذا حل به وبالحجيج على يد أمثال هؤلاء... اسألوا مدينة جبلة وما جرى فيها ... اقرؤوا ما ذكره المؤرخون والعلماء...ثم توقفوا قليلاً قبل أن تصدقوا ما يروج هؤلاء.. فإن أبيتم ذلك فليس أمامكم إلا أن تهبطوا إلى مستنقع القذارة والدناءة معهم.. وعما قريب ستجدون أنفسكم قد اجتمعتم معهم في مزبلة التاريخ...
لا يا ساسة العالم وقضاته.. لا يا مؤرخي الأحداث ومتتبعيها.. لا يا مالكي آلة التطبيل والتزمير والتزوير... لن أصدقكم لأن المسألة كانت معي وليس مع أي جهة أخرى... فأنا الشاهد وأنا الضحية وأنا المصاب... لن أكذب عيني وإحساسي ومعاناتي... وكذلك كل شرفاء العالم وأحراره.. لن يمسخوا عقولهم، ولن يُكَذّبوا محاكماتهم العقلية المنطقية لينجروا وراء هرطقات السحرة لديكم...فاكذبوا ما شئتم..فلن تكون إلا حلقة من كذباتكم التي طبختموها في الماضي، وتطبخونها كل يوم وأنتم تعيثون فسادًا في أرض سوريا الطهور...
أما أولئك الذين يدْعون إلى تحقيق عادل ونزيه.. فلن أقول لهم توقفوا عن ذلك.. ولكني على استعداد لأن أقدم لهم شهادتي الدامغة من غير أجر أو مقابل سوى طلب واحد منهم أخاطبهم فيه: لا ترموا بعقولكم في متاهات أكاذيب القاتل السّفاح، ولا تنخدعوا ببعض عباراته التي تعوّد على صياغتها مستلهمًا إياها من فكر باطني يُظهر فيه خلاف ما يُبطن، ويبتسم لكنه ينفث سمومه في وجوه من يبتسم لهم... ولو أنكم وقعتم في أحابيله فتكونون قد أهنتم أنفسكم أولاً والعقل الإنساني ثانيًا والعدالة ثالثًا، وهيأتم له الفرصة - بعد أن ينال منكم ما يريد - كي ينظر إليكم شزرًا وهو يفرك يديه فرحًا بما نجح به معكم، ويضحك بملء شدقيه وهو يقول: تبًا لكم.... يا لكم من أغبياء....
محمد جميل جانودي
جمعة أطفال الحولة مشاعل النصر...11/رجب/1433 الموافق لـ 1/حزيران/2012