الجمعة، 29 يونيو 2012

ربّاه أكرم مصر واحفظ أهلَهـا


ربّاه أكرم مصر واحفظ أهلَهـا
شعر/ محمد جميل جانودي
غــرسوكِ قِدْمـــًا في الزمان الغابــــر         يا نَـــــخـلةً في تُرب مصر الطاهـــرِ
غرستك أيـدٍ لـمْ تُـلَــــــــوّث بالخنــــــــى         وسقتْك ماءً من مَعــيْــــــــــنٍ زاخــــــــــرِ
غرستك أيدي المؤمنين وأيقــــــنـــــــوا          فــي أن يــــــروك مســــــــرّة للنــــاظـــرِ
مســـــــت أنامِـــــلُهـــم برفق أفــــــــــرعــًا         مُخـــضــــرةً تـــــــزهو بلَـــونٍ بَـــــــــــاهـــــرِ
وتوجــــهُــــــــوا لله في صـــلواتــــــهِــــــــم         يا ربُّ صنْهــــا مِــــن سَمُـــومٍ عــابـــرِ
يا ربّ صُنْها من أذًى يَرمي بهـــــا         أرضــًا فتشقى تحْــــت حُـــــكمٍ جـــائــرِ
لكــــــــــــنّ للــه العَــــــــــــــــــليـــم بخــــلقــــــهِ        حِكَمًـــا، ومنها لم يجُـــل بالخــــــــاطـــرِ
حكمــًا يظل المـــــــرء فيــــها واقـــــفـًا         في حَـــيرةٍ، ما كانَ قـَـــــــــــــــطُّ بِــحَــــائرِ
فيــــــها رأينـــا الرّطب أصبح يابسًا          والـــــزّهْـــرَ دِيْــــــــسَ بأرْجـــلٍ وحـــــوافـــرِ
حِكَمـًا رأينــا الخطـب فيها قد طغى        في كل مصر بجهْلِ طــــــاغٍ فـــاجِـــر
أقصى العــدالة والمروءة والوفـــــــــا         عن ساحهــا، وأتـــــى بــنـــــــــذلٍ غـــادرِ
ورمى الكرام بكل مــا هو شـــائـــنٌ          لا يَــــــــــرعوي، ويُــــــرى كثـــورٍ ثــــائــــرِ
قد قال عنهم ما يعف ذوو الحجى        عن قــــــولــه، في فـــتـــــــيـــةٍ وحــــرائــــرِ
لم يبق في أرض الكنـــانة موضِـــعٌ         إلا اشتكى من جور هذا الخاســــــــر
حتى السجـون مضت تضج وتشتكي      من هــول جُرم مُختفٍ أو ظــاهـــــــــر
ربّــــــــــاه إنّـــا قــــــــــــــــدْ بُنيْـــنَـــــــا للـــــــذي        سفك الدّمــــــــا وأطـاع نفثـــةَ ســاحــــرِ
لا للــذي يَـــــــــدعو لشــــــــــــــرعٍ مُحْـــكــــم        فيـــه السعـــــادة مِــــــــن عليــــــــمٍ قــادرِ
رُحمــاك ربـــــــــي؛ كم تــــقـــيٍ صــــالــحٍ        في قعــرنا ثاوٍ بغَـــــيــــــر مُنــــاصــــــرِ
كم عَـــــــــــالمٍ، كم فَــــارسٍ، كم مُــلهَـــــمٍ        كم قائدٍ، فينـــــــا قضـوا، كم ماهرِ؟
كم ســــــــــيّـــدٍ لاقى المـــذلةَ مُــــــــرغمـــًـــا        والعـبـــــــــد يسرح في الفنـــاء الــزاهرِ
كم من فـــتًى كان الْوحـــيدَ لأُمّــــــــــــــه         خطــفوه منـــــــها فاشتكت للقــــاهـــرِ
كم نــــــــاشئ في ظل آيـــات الهــــدى         قــــذفـــوه زورًا بالـــخــــؤون الســــافـــرِ
يا مِصــرُ كم مرّت عليك مـصائبٌ          وأشـــــدّهـا ظُـــلمُ البغـــــي المـــــــاكِـــر
مــرّت عُـــقــــــــــــــــودٌ والبــِـــــــــلادُ أسيــــرة         مـرهـــونةٌ في قبْــــــــــضــــــةِ لمكـــــابِر
وصَــبـرتِ حتى قــيــلَ هلْ هـــي حيّةٌ         أم إنَّـــــها أضحَـــتْ بحــــظٍ عـــــاثِــــرِ
والشعـــبُ يرزحُ تحــــت وطـــاة مُعْـــتدٍ         مُـــــتـــــفـــرّدٍ فـــــــي حُكْـــمــــه ومُنــــاورِ
سبعون عــامًا أو يزيــــــــــــدُ ولم يـــــكن         لكِ من شفيــــعٍ عند باغٍ عــــــــاقـــر
والمُخْبِــــتـــــــــون لِربِّهـــــــــم قــــد غُــــيبُـــوا         في السّجـنِ أو دفَــــنـــوهمُ بمقـــــابـرِ
سبْــــعـــون عَــــــامًا والجــمـاعـةُ تُبْــتلى          ما بينَ مُعْـــتَــــقـــلٍ وآخــــرَ صــــابرِ
حتّــــــــــــى أراد اللـــه كشــفَ بلائِهـــــــــم        وافاهــــمُ بِـــفتًـــى صـــــدوقٍ شــــــاكِـــرِ
من أهـــل مصر ومن كريم شبابهـــــا         ممّـن سمـــا بفضــــائـــــلٍ ومــــــــآثـــرِ
ممــن تــرَبّـــى في رحــــــــاب جمــــاعـةٍ         ضحت لمصـر بكل غالٍ فاخـــــرِ
فرأى السفينـــة وســـط أمْـــــواجٍ عتـــت         تمضي بها جهلاً لسـوء مصائـــرِ
ثــــــــارت حميَّـــــــــتُه، وألْــــــقـــى نَـفســــــهُ         في البحـر بين عـقـاربٍ وخناجـرِ
حتى اعتَـــــــــلاها بعـــــد طول مشــــــقةٍ        ومضــى بها من هـول بحـرٍهـــادرِ
أرســـــــى السفينـــــــة فــوق بَـــــــــرٍ آمِـــــنٍ        فنجــت بهِ من سقطـةٍ ومَخـاطـــرِ
والنّــخْـــــــــــلُ أصبَـــح باســقًأ وثِــــــــمـــارُه        قَــــــد ذُلِّـلــتْ لأكــابــــــــــرٍ وأصــــاغرِ
يَـــــــا أيُّهــــــا المُرسيُّ، مصـــــرُ أمــــانَـــةٌ        خُـــذهــــا بِرِفـــقٍ نحــــو بــــرٍ عــامـرِ
فـــــــيـه الكــرامَــــــــة والرّخـــــــــاء وأرضُـــهُ        بالورد تضحكُ بعـــد جدب فاقـــــرِ
يا أيُّهــا الْمُـــرسيُّ أرْس الحُـــبّ فـــــــــــي        أرجـــــــاء مصر برحمـــــةٍ وتَـــــزاورِ
يا مَن حظيتَ بحــبّ مِصْـــر وأهـــلِها        أدمِ المحـــبّـــةَ بالعَــــطــــاء الوافـِــــــرِ
يا أيهــا المُـــــــرسيُّ أرس الأمــــن فــــــي       أرجائها،في البدو أو في الحاضر
وانشـره فــــــوق هضــاـبها ووهـــادهـــــــــا        وسهـــولها وضفـاف نهــر غــامـــرِ
يا أيّها المُرســيُّ أرس العــــــــدلَ فــــــــي       أنْــحـــــاء مصرَ بحِكمـــةٍ وتشـــــــاوُرِ
يا حافِـــــــظَ القـــــرآن أنجِـــــــز أمــــــــــــره        بالعلمِ، كن للعــــلم أفضــل ناشـــــــرِ
أهديــك عطرَ تحِــــــــــيـــتي من جُــــلّقٍ        قد ضُمِّخَـــتْ بعبير جُـــرح غـــــــائرِ
جُــرْحٍ أصاب الشـــام في فلـــذاتهـــــــــا        بسهـــام غــدر وُجِّــهَـــــتْ من غـــادر
يا شــامُ صـبرًا إن نصـــــــــــرك قــــــادمٌ        من مصر من شعب غيور ثائـــــرِ
ربـــاه أكْـــرم مصــرَ واحفـــظْ أهــلهــــــــا        ورئــــيسَهــــا مِـــــــن كـــائــــــــدٍ مُتــــآمــرِ
الأربعاء 8/شعبان/ 433 الموافق لـ 28/حزيران/2012

  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق