الأحد، 24 سبتمبر 2017

حداء الروح

إلهي قـــد فتحْـــــتَ إليّ بابـــا===دعوتَ إليكَ عبدَكَ فاستجابـا
لقد نجـــيتـني من سجــن دنـيا===عليَّ جنتْ وكنْتُ بها مُصابا
وجرحي كان ينزف بين قومي===صرختُ فلم أجدْ أحدًا أجابـا
علمــتَ بأنّــني جُرِّعْـــتُ مــرّاً===وأنّـي فيكَ أفْـنـيْـتُ الشَّـبـابـا
فقلتَ: تعــال يا عبدي ولذ بـي===تجــــد ما لذ من نِعمٍ وطــابا
فجئــــتُك راجــيًا عفوًا وعــونًا===بحُبّـــك يا إلــهي القلبُ ذابا
بظلكَ يا كريـــمُ أنخْــــتُ رحلي===بـقـلـبٍ مُـخْـبـِتٍ لكَ قدْ أنابـا
إلهي أنْـــــت رحمــــنٌ رحيــم===فأجْــزل لي برحمتــك الثوابـا
مضت تسعون من عمري وفيها===أغذُّ السير لا أخشى الذئابا
ارادوا النيل منـــي في شبابي===وفي شيخوختي، وبدوا غضابا
مضتْ سنواتُ عُـمْري ياحبيبي===لبابك كنتُ أنجذبُ انْجـــذابـا
هو الحُـــبُّ الذي فيـه ارتقائي===لعليــيــن، أرتشـف الشــرابـا
عكفتُ على كتابك في خشوعٍ===فقالوا: عـــاكفٌ يتـــلو الكتابا
فلا تــدعوه يتْــــلوه لكـــيْــلا===تروا ممّا تلا العَــجَــبَ العجابا
خذوا منــه الكتابَ وأبعــدوه===لأنّ كــتابـــــه يُغـــري الشبـابا
نظرتُ إليهِـــم شزرًا وعــيني=== ترى الجُعـلان فيهــمْ والذّبابا
إذا قــالوا فقـــــولهمُ افتـــــراءٌ===وكان الوعـــد عنـدهمُ سرابا
فآثــرتُ البقـــاء بقعْــر سـجْـنٍ===على قصر أرى فيــه الخــرابا
أرى فيه المظالم مشرعَـــــاتٍ===ولم أر فــــــيه مَنْ للـــه تـابا
إلهي سيــدي كن بي رحيمـــا===أرى قومي رموا فوقي الترابا
إلهي إن شــــوقي في ازديادٍ===وإنّــي منـــك أزدادُ اقتــــرابـــا
فأطفئ نار شوقي يا حبيبــي===أمِطْ، مولاي،عن عيني الحجابا
أكن في ظل عرشك في أمانٍ===وأرشفُ مـن منــاهلك الرّضابـا
***********

الاثنين، 18 سبتمبر 2017

سبعون عامًا مضت من رحلة العمر

سبعون عامًا مضتْ من رِحْلةِ العمْر===سبعــون عامًا مضت، بيْ مركبي يجري
سبعون عامًا مضتْ أحداثها صُنعت ===بأمر خالقـــــــــها في العسر واليسر
أمرٌ جزمتُ بـــهَ حـــــقًا بلا غـــبشٍ===مــــن أنني مسرعٌ فيها إلى قـــــبري
ما قط قد وقفتْ حتى ولو ظـــــهرتْ===للناس واقفــــــةً، فالنّــــاسُ لا تدري
بالشـــر مظلمـــةٌ بالخير مــــزهـــرة===أعـوذ من شـــــرّهــا بماحـــقِ الشرّ
لكنَّ زهْــــــرتَـــها ربي سيحفظهـــا===ترقى إليْـــــــهِ بما يُرضيهِ مـن أمري
سبعون عامًا مضـــت وإننــي ولِــــهٌ===في أمر دنْـيـــاي من مالٍ ومـــن ذرِّ
أحسستُ مدتها كساعة قُضـيـــــت===والدهر يبدو لنــــــــا أقـــلَّ من شهــــرِ
لذيذُ ســـرّائها نسيــــــتُ فرحتـَـــهُ===ومـــرُّ ضـــرائها يبْقى مــدى العمــــرِ
لكنّ إيمـــــاننـــــا باللـــه يُســـعدنا===شُـكْــرًا لنعمـــائه، لا حـــمــــدَ كالشكر
عند البلاء نرى في الصبر راحـلةً===أنْعِم بهِ مَـــركبًا، لا ظهــــر كالصبـْــرِ
سبعون عامًا مضت والله يرقــبنـــا===سُبـحـانه، عالمًا فـــي السـر والجهـْــر
سبعون عامًا مضت ونحن في محـنٍ===في المال والأهل أو إفسادُ ذي الأمرِ
عاشرت مَن ظلَموا،عاشرتُ مَن ظُلِموا===والناسُ معظمهم ماتوا من القهْـــرِ
رأيــتُ مَـــن حسبوا خيرًا لما صنعوا===شــرًا، وقــد أوغـلوا في ذلك الشــرّ
رأيت من يَقْلبُ المعــــــنى ويحرفُه===عمَّا أريدَ بـه، مِــــنْ مُحْــكَمِ الذكْـــــرِ
رأيتُ ذا عـــــــفّـــة بالعهْـــر مُتّــهمٌ===رأيت أهلَ الخنا تعيـشُ في القصــــرِ
أمّا الأمينُ فـــــقعر السّـجن مجـلسُـهُ===والخــائن الوغدُ يلهــو داخـــل الخدر
رأيْـــتُ ذا لحيــة طويــلةٍ سحَــــرتْ===جُهَّـــالَ أمتـــنا، تبًـــا لذي ســــحْـــرِ
رأيتُ من يــدَّعــي علمًا ومعــــــرفةً===يصــيرُ زوجـًا لمن من جنسه يغري
ومثلـه البنتْ لو فــي نفسها عشقــتْ===صـديقةً غــدتا زوجــين فـي الجهـــر
رأيـــتُ مـــدّعيًا ديــــــنًا بلا خُــــلُقٍ===لــه يــدٌ غُمِــستُ في السُّحت والنُكـر
رأيْـتُ مَن أصلحوا دنياهمُ نجــحوا===حـــتى ولو أنهـــــم يُدعـــون بالكــــفرِ
سبعون عامًا تلاشى نصفها نــــــكدًا===في غربة، مرّها، مُضــاعَفُ المــــرِّ
سمعتُ أمِّي تئــــنُّ وهـــي صابِــرةٌ===تجْـــــري مدامعُـهـا، تسيل كالنّهـــــرِ
طال الفــراق ولم تجدْنــــــي مرتميًا===في حضنِها، وأبــــي مشتَّتُ الفِكـــــرِ
رأيتُ مـَـــــنْ قُتِــلوا بحُــر مــــالهـمُ===أعــطَـوه قاتـــــلَهم منْ قبلُ بالجـبـْــرِ
رأيْــتُ مَن هُــدّمت، قصفًا، منازلُهم===رأيــتُهـــــم لجـــؤوا للــكوخ والجُحْر
رأيتُ في الشام لصّــًا صار يحكُمُها===ولمْ أجــدْ مـثـلهُ في الحُــمْق والغـــدرِ
رأيتُ ثــورتَنا في الشام قـدْ صعدتْ===لكنها خـذلَتْ مـــن كاذبٍ يفـــــــــري
   فالله أرجـــــو بأن يمـــدّهــا مــــــددًا===بـه نـــــراها ارتقتْ مـــدارجَ النصر  
سبعون عامًا مضتْ وإنها أخــــذتْ===مني كثــيرًا، وأبقَــت أبْـيــض الشّـعْـرِ
أبقتْ همُومي كما عهــدتـُـها جبــلًا===من هول وطأتِها قد قــوّستْ ظهــــري
من لي سـواكَ لكي يُزيلَ وطأتَهـــا===يا خالــقي مَسَّـني الشيْــــطانُ بالضُّـــرّ
فاغفرْ إلهي ذنــوبًا كـنتُ فاعـــــلَها===وامـــحُ الخطايا التي قد ثَـقَّـلت وزري
واغفرْ لأهلي وأرحامي ومَن وقفوا===في غُربتي سنـدًا في الــــيسر والعسرِ
واغفرْ لذريتي وارحَـــمْ تَفَـــــرُّقَها===في الشرق والغرب أو في البر والبحر
ربــاه لي إخــوةٌ في الدين أحببتُهم===فاغـفِــرْ لهـم وقهِــــم شرورَ ذي مـكْــرِ
سبعون عامًا مضتْ ولم يخِبْ أملي===بأنْ أرى سَــعةً فــي الرّزق والعـمْــر
أزيــدُ من عــــمــلي للخــير أبـــذلُه===للنـــاس، ألقـــاهُــم بالطــيبِ والبــشْرِ
أقضي حــوائجهم، أفكُّ عُسْــرتـــهم===أعْطــي فقيــــرهمُ، ما أبشـــع الفقـــرِ
أمضي إلى فتْــيـةٍ باعــوا نفــوسهم===لله خــــالصة، يــوفـــــــــون بالنــــذر
    أشــدُّ من أزْرهم، أُصغي لِمطْـلبِهمْ===من خالقي، وحده، أرنــــو إلى الأجـرِ     
الأحد 17/أيلول/2017


الأربعاء، 30 أغسطس 2017

أعلى الشآم وأهلها تتغابى؟!

عالَمُ الزيفِ والنفاقِ يريد أن يزين المجرم ويُزوقه، ويروج بأن الثورة الشامية تحتضر...وبأن على الناس المخدوعين بها أن يعيدوا حساباتهم، ويعودوا معتذرين  نادمين باكين أمام "سيد الوطن" الذي يشهد عالَم الزيف، هذا، أنه قد أعيد تأهيله من جديد....
إلى عالَم الزيف هذا أقول:
أعَلى الشآمِ وأهلها تتَـــــغابَـى===وتصوغُ فــــيها يا جهـولُ خطابا
تبدو كأستاذٍ لهم لتسوسـَــــــهم===وتريــــدَهــــــم لك تُبّـــعًا طلابـا
يا عالَمَ الزيْـــفِ الذي توّجتــَه===في الشام تنصـر مُجرمًا قد خـابا
يا عالَمًا لم يرضَ أنْ يرقى إلى===ألا يـــــكـــــونَ منافـــقًا كـــذابا
أوهَـــمتَ أهلَ الشام أنكَ ناصرٌ===لهــمُ بثـــورتهـم على من عَـابا
نمّقْـتَ من زيف الكلام صحائفًا===وقَـــطعتَ في بحر النفاق عبابا
وبذلتَ جهدًا مُضْنيـًا  في خذلهم===شوهْـــــتَ ثورتهم بما لك طابا
أبصــرتَ قــــتــلهم بكل دنــاءة===فهززتَ رأسك تشجبُ استغرابا
ورأيتَ كل جريمةٍ في حقـــــهم===هي جنحـــةٌ، لا تستــحق حسابا
سمّيتَ صــدَّهم لعــــــدوان أتى===أولادَهـــم ونساءَهـــــم إرهـــابا
وزرعتَ فوضى في صفوفهم وقد===أوحيتَ أنهـــمُ غــدوا أسرابـا
كل يُغــرّد في سماء مهــــيمـــن===يُملي عليهم جـــيـــئة وذهــابــا
وبأن ثورتهم غـــدت مخطـــوفةً===وغدتْ بعين الآخـرين ســـرابا
إعلامُـــك المسموم راح مُزيِّنـــًا===للقاتليـــــــن،وزادهــم إطنــابــا
سحرَ الذين قلوبُهم في غـــفــــلةٍ===فإذا بهــــم يتــــــسابقون إيـــابا
عادوا إلى حضن الذي هدم البيو===ت، مفاخرًا، أو قتّل الأصحـابا
عادوا إلـــيه، مسبِّحــين بحمـــدِه===متندِّمــــينَ، وقبـَّـلوا الأعـْـتــابا
أفهمتَهــــم في أنهــــمْ عادوا إلى===وطنٍ حنونٍ يُذهب الأوصــابــا
وبأنَّ ما قــــــــدْ كان يُدعى ثورةً===ولّى وأضْحى سُــبةً وخــــرابا
فلأنْتَ أولُ عالم فـيْ سُخـفِ مـــا===قد قلتـَه، وعلى الورى تتغابى
يا أيُّهــــــا الأفّـــاكُ إنّـــــا أمّــــةٌ===في الشام نُخرس مُرجفًا عرّابا
أتظنُّ نفسَك بالحديــــــد تقودنـــا===فنكون ملكَك أعـــبُـــدًا أذنــابَــا
أتظــنّ أنّــــك تستطيــــعُ شراءنا===فنـرى الذي ما قد تراه صوابا
ما قامَـــتْ الشام الجـريح بثـــورةٍ===إلا لتمضيَ لا تهــــــابُ كلابا
ما قامت الشــــام الجريحُ بثـــورة===إلا لتغْـمـدَ في الفسـاد حــرابا
والشامُ تعلم مــــا لديها منْ أســــو===دٍ ضاريات تستجيب غضـابا
والشام إن هتـــفـتْ يُلبِّ هتـــافَهــا===فلذاتُهــا، شيبًا لهــــا وشبـــابا
يا عـالَمــًا، ما كنْــتَ يـومًا عــالِمًا===بالشام إنْ سيمـتْ أذى وعذابا
ما كنت يــومًا عالمًا إنْ فــــتّحــتْ===لتذود عن حُرُماتِـــها الأبوابا
وفّـــــر عليك الجهدَ إنّـــك خــاسر===وستخسر الشاراتِ والألقــابا
فامسكْ بأيدي تابعيك وعد بهـــــم===لا،لن تروا في شامنا الترحابا
الثلاثاء 7/ذي الحجة/1438 الموافق لـ 29/آب/2017
 


الأحد، 23 يوليو 2017

عاديتِ مَنْ كان التَّوسُّطُ نهجَه

فلتطلقي* ما شئت من أسمــــاء===الفكر عندك واضح بجــلاء
ضيقٌ، وعقمٌ وانغلاق في الرؤى===وتشــددٌ بحمــاقةٍ وغبـــاء
أعرضتِ عن نُصح الأئمة دائمًا===وأطعتِ مُبتدعًا وذا أهـواءِ
لا ترقـــبين بمُـــؤمِـــن إلًّا ولا===عهـدًا ولا أن كان من رفقاء
عاديتِ من كان التّوسّط نهجـه===كم نُشْــتِـه بالقــذف والإيـذاء
وغرزت خنجرك الذي سمّمته===في قلب ثورة شعبنا الغــرّاءِ
فغدت تئنّ وتشتكي مـن سُـــمّهِ===وغدت مثار شماتة الأعـداءِ
لم تخلعي ثوب التطرف لحظة===أعطيــــتِ سادتـه تمام ولاء
وجدارك الواهي دليل هشاشة===كل العدا اخترقوا بلا إعـيــاء
وصلوا لمرتبة القيادة والمشو===رة معتلين مناصب الحكمــاء
فإذا بمن قد كان فيك مغـررًا===يمضي يقاتل تحـت شــر لواء
وإذا بصبيان لديــــك تأهّــبوا===للقتل والإفســــاد في الأنحــاءِ
عملًا بفتوى من ربيب جهالةٍ===يُصْغي لقـول أكابر الجهـــلاء
لا ريب أنّ لديكِ فـــلذاتٍ لنـا===خُدِعوا بما زوقتِ من أزيـــاء
هاموا ببرق خُلّبيٍ شــــع من===غيم عـــــــقيــــم فاقـــدٍ لرواء
حسبوه غيثًا جاء يسقي أرضهم===فتكون ذات خصوبة وعطاءِ
وإذا بـه نـار تلظى أحرقــــت===رطب الغصون بفعـلة رعناء
يا أيها الأبنــاء هذا حضننـــا===لــــوذوا به من نفثة الرقطــاء
عودوا إليـــــه فإنّـــهُ لمظــلّةٌ===ستقيكم مـــن لفحة الرمضــاءِ
هيّا إلينـــا يا بنــيّ وأسرعـوا===من قبل أن تقعوا بشر بــــلاءِ
-------------------------------------------
·       إلى جميع فصائل الغلو والتطرف 

الاثنين، 10 يوليو 2017

لا لن أعود للحس أحذية العبيد..

لا لن أعـود للحس أحذية العبيــ===ــد ولو بـدوا في صورة الأسياد
لا لن أعــود لكي أمـرّغ جبهتي===فـي طينــة جُـــبِلتْ من الأحقادِ
لا لنْ أَعُـود لكي يُقال اسجد لمَنْ===هو منْ سفاحٍ قــد أتى وسُفـــادِ
لا لن أعــود لكي أخـون وصيةً===أوصى بهـــا الأجـــداد للأحفـاد
أأعــود كي أنسى دمـــاء أحبتي===سالـت بطعْـنة خنجر الأوغـــادِ
أأعــود كي تسـعى ورائي لعنــة===تبــقى تلاحــقني مـدى الآمـــادِ
أأعــود كي أُرمى بسهـم شمــاتةٍ===تــرميـــه عين منــافــقٍ قـــوادِ
لو أنهم فرشوا الدروب بعســجد===لرأيـــته زبلًا وشـــــوك قتــــاد
لكِنّـني سأعــودُ أرفَـــــعُ هامتي===للــه أَسْجـــدُ ناصري وعمـادي
*********

الاثنين، 3 يوليو 2017

هذا أبو إقبال فذُّ زمانه..

يا أمّــــــتي صبرًا عـلى الأرزاء=== فــي بُكْــرة تنتابُنـــا ومساءِ
صبرًا على خــــطبٍ ألمّ بساحنا===بوفـاة حَــبْــــرٍ باذلٍ معطـــاء
اليوم ظهرًا قــد دعـــــاه ربّـــه ===منْ بعْــــد سقْــمٍ نــابـَه وبـلاءِ
عـلَمٌ من الشام الجريح قد ارتقى===نحو السماء بوجهـه الوضّــاءِ
قطنا التي سعدت به وبـعــــلمــه===كم أرضعتهُ لبـــانها بصفـــاء
واختار والدُه له اســمًا مشـــــرقًا===قد كان حقًا زينــة الأسمـــاءِ
فقد ابتدى بمحمد وأتى أديب بعده===وبصـالح خـتم اسمه بالحــاءِ
آل الغلاييني وعمـــدتــــهم* أنــا===روا دربَـه للمجد والعـــليـــاءِ
وردَ المناهل عـــــــذبةً فإذا بـــه===عــذبٌ فـراتٌ مانــح لـــرواء
في ظل دوح قـد تــربّـى راشــفًا===عسلًا تقطَّر من ربى الفيحـاء
ودمشق كم أهْــــدتْ إليه نـفائسًا===من منـبر البلغــاء والعظـمـاء
من منبرٍ كان "السباعي**" مُنشئًا===لعرينِـه في همّـــةٍ عَــليـــاءِ
عِلْــمًا وتربيةً وأخـــلاقًا سـمتْ===بالدارسين إلى ذرى الجــوزاء
ضمّته جامعـــــة الشآم لركبهـا=== في موكب العلماء والصّلحـاءِ
فأبان شـرعة ربّـه في صرحهـا===شرح الحديْث بدقّـــة وجـــــلاء
وغدا بمسجدها خطـيبًا بارعـــاً===يُعْــلي قــضـايا شعبه بــوفـــاء
والحــــــقّ بيّنه وكان نصــيرَه===لم يخشَ فيه رعــونةَ الجهــلاء
و"حضارة الإسلام***"كان مديرها===فيهـا غـذاء الروح للأدباء
أسفاره في العلم عـــز نظيــرها===قدْ أُزلفـتْ لِمجـــاورٍ أو نــــاءِ
لكنّ أعــداء الحقيــقة لم يــرُق===لهمُ سُــطوع البدر في الظلمــاءِ
طبع الخـفافــيش القبوع بكهفها===تسعى إلى الإفـــساد والإيـــذاءِ
كادوا له، وتآمروا فــي خســةٍ===أقصــوه حتى صار في الغرباء
وضع الكريمُ له القبول بأرضه===فغدا بــه من خيـــرة الفضــلاء
فتحت ذراعيها الرياض ببهجة===واستقــــــبلته ببســمة وحيــــاء
أهدى لجامعــة الإمام أريجـــه===فغــدت بـــه كالروضــةِ الغنّـاء
هذا أبــــو إقبال، فــــذّ زمــانه===بــــزّ الرجــالَ بِفِـــطنــةٍ وذكاء
من زاره في بيْــــته ألفى لديـــ===ـهِ سماحةً صُبغت بفيض سخاء
يأتي إليهِ بــوجـهــه مُتـــــبسّمــًا===حتى ولو قد كان فـي إعيـــاء
غصّت دمشق بدمعــها لمْ تُبــده===حبستْه في أعمــاقــها بعنــــاء
حبسته كي يبقى رصيد جمارها===يومًا لتحــرق زُمـــرة اللقطاء
غصت وفيها القلب يبكي ناعيـًا ===نجمًا هــوى في عــزةٍ وإبــاءِ
فاستقبلتْـه بــطاح نـــجد ترتَــوي===من ريـه، بوركتِ من بطحاءِ
كم من فحـول الشام أصبح ثاويًا===في روضك المصبوغ بالحنّاءِ
يا ربّ أكرمهم وأعلِ مقـــامهــم===واجعل محبيهـــم من السعداء
-------------------------------
*الشيخ إبراهيم الغلاييني
** الدكتور مصطفى السباعي مؤسس كلية الشريعة بجامعة دمشق
***مجلة حضارة الإسلام.

الأحد، 18 يونيو 2017

يا إلهي مَن أُناجي

يا إلهـــــي من أنـــاجي***إن أتـــاني الهــمُّ يجـــري
أو أتــــاني طارقٌ فــي***ظلمــــة مـــــن شــــر أمرِ
أو ألمــــت بي رزايــــا***ضاق منها رحب صدري
من أناجي غــــير ربي***عالمـٍ ســـــري وجهــــري
قال لي: إنـــي قـــريْـب***لك فــــــــي بــــرٍّ وبحـــرِ
فادْعُنــي إنّـــي مُجيــبٌ***لك فــــي عُسْـــرٍ ويُــسْــر
=========

السبت، 17 يونيو 2017

العشر الأواخر من رمضان

عشْرٌ أتيْنَكَ فاغتنمْهـــا بالعمـــــلْ===واطــرحْ بعيدًا عنـكَ أنواعَ الكسلْ
عشْرٌ بهنَّ الكونُ يُشْـــرقُ ساطعًا===بالنـُّـورِ فامْـشِ خطاكَ فيها يا بطلْ
فاللهُ مـدَّ إليــــــكَ حبــلَ وصـــالِهِ===طوبى لمـَـــــنْ فيهــنَّ بالله اتَّصـلْ
فيهــنَّ كُـنْ مستغفــــــرًا ومصليًا===أو داعـيًا، ومـنَ الكريم على وجـلْ
وتَحَـــرّ فيْهــــا ليــلةَ القـدْر التي===قد خـاب مَنْ عنْ خيرها يومًا غفـلْ
هي ليلةٌ لكنّهــا في الأجــر تعــــ===ـــدلُ ألفَ شهـــرٍ كامـلاتٍ لا أقـَـلْ
واحرصْ على ألا تُضيِّعَ لحظــةً===مِنْ غيْــر بذلٍ أو تـرى دمـعًا هطلْ
من خشية الرحمنِ تبكي خــاشعًا===كالنهرِ تجْــري من مهابتِـهِ المُــقـلْ
واجأر إلى المولى بدعوات وكـن===مُـتَـيَـــقِّـنًا بإجــابـــةٍ، ودعِ المـــللْ
واستحضر الأصحابَ لما جاهدوا===أو أنفَـقــوا منْ غيْــر بُخلٍ أو زللْ
سابقْــهُــمُ بجهــــادِهم وبِـبَـذلهـِـــم===وادعُ الإلَــهَ بأنْ يكافـِئ مَـنْ بــذلْ
واستحضـر الوقــــفاتِ يومَ قيامةٍ===عن هَـولِها، القرآنُ فيهـا قـــدْ نزلْ
يومًا ستمْثُـلُ بين أيـــــدي عــادلٍ===والجلدُ منْـكَ يُجيبـه عـــمّـــا ســألْ
لو قــيل: هــذا كان يخـذل مسـلمًا===هلْ عنـــده منْ حُـجّــة فيْـما خذل؟
لو قيـــــــل هذا كان يمنـعُ سائلًا===لم يُعطِــه، وبوجهــــــه بابًا قـفــــلْ
مَنْ ذا الذي يُنْجيكَ إن زلّت بك الـ===قدمان أو قيْـل اسحبوهُ على عَجلْ
هيّا اغتنــمْ رمضـانَ قبلَ رحـيـلِه===من قبلِ أنْ تــتَحسَّـــرنّ إذا رحــلْ
********



الجمعة، 16 يونيو 2017

ترجّل فارسٌ منّا فألفى..

كل شيء كان كما لو أن الأمر من اختياره، رحمه الله...
الشياطين مصفدة، والليلة هي الأولى من العشر الأواخر من رمضان... من عام ألف وأربعمئة وثمانية وثلاثين ...والناس قائمون راكعون ساجدون، والملائكة تغص بهم المساجد...والسلام يخيم بهدوء ووقار على تلك الليالي.. .والرحمن يخاطب عباده: ألا من مستغفر فأغفر له، ألا من داع فأستجيب له، ألا من سائل فأعطيه....

في هذا الجو الذي تحف به السكينة، وتغشاه الرحمة، جاءته الدعوة من رب غفور رحيم...فلبى بعد أن صلى العشاء والتراويح وأتم ختمته للقرآن...

إنه أستاذ اللغة العربية الذي اقترن اسمه بها، أستاذ آدابها وبلاغتها، أستاذ شعرها ونثرها، أستاذ قصتها ومقالاتها... أستاذ نوادرها وطرائفها... أستاذ نحوها وصرفها، أستاذ عروضها وقوافيها...إنه الأستاذ أحمد محمد قطيع...
عرفتْه أذناي قبل عيني، ونفسي قبل جسمي، وسكن في فؤادي وكأنه على موعد معه منذ عالم الذر...
ثم صحبته لفترة وهو في الرياض مع ثالثنا حبيبه الأستاذ محمد أمين شاكر، رحمه الله، فقلما كانت صحبة أمتع منها وأكثر أنسًا... 
الحديث عنه يطول، ويطول...رحمه الله تعالى وأجزل له المثوبة وعظم الله أجر ذويه ومحبيه ...وعوض الله الأمة خيرًا.


رويــدك أيُّهـــــا النـــاعي عليّا===أهـــانَ عليـك حزني يا أخيّا؟
هي الأحزانُ تتـــــرى  كل يوم===وحـــــزني اليوم جفّف مُقلتيا
قضـــــى من كان للآداب سفرًا===وللأخــلاق ينبـــــوعًا ثريــّـا
قضى الجبلُ الأشمُّ وكان طـودًا===على الأعداء كان فتًى عصيا
قضى من كان في الظلماء بدرًا===وكان سنــــاه وهاجًا بهيــــــا
قضى مـــن كان موردَ كل ظامٍ===وكان لهـــائمٍ سُقْــيــــا وريّــا
ألا يا أيُّهـــــــــا الأستاذ عـــذرًا===فلم يـــكُ ما أدبِّجُ فيك شيّـــــا
أُعــزّي آل قــــــــطيعٍ عــــزاءً===بدمعٍ كان مــن عيني سخــيّا
أُعــزي أهـــــل إدلبَ في كبيرٍ===عليـــه الناس قد هــاموا بكـيا
أعـزّي الشام بالشامـــي أهــدى===نفـــيسًا مــــــن لآلئــــه شهيا
وتشهـــــــد إدلبٌ عدلًا وصدقًا===بــهـــا كــمْ كان ذا ود وفيــــا
ألا يا أحـــمدُ المحمود ذكــــرًا===أرى شـــهر الصيام بكم حفيـا
بفــــاتح عشرة غـــرٍّ حِســـــانٍ=== مضــى لله صـــوامًا تقيـــــا
لعشر قـــــد بقين بشهر صـــوم===أتاه نـــــداء سيــده نـــــديــــا
كأني بالهتـــــاف يـزف بشرى===لمن قد كان للمولى رضــــيـا
فطورك عـــندنا فيـــــــما تبقى===مع الأحباب كلْ رُطـبًا جـــنيّا
ترجّل فـــــــارس منّـــا فألفى===جــوادًا للجنــــانِ يقــــول: هيـا
**********

الأربعاء، 14 يونيو 2017

رمضانُ لوّح مُؤْذِنًا برحيلهِ

مَنْ شاء توديعَ الحبيبِ يَجِئْ بما===يُرضي الحبيبَ ويُكثرُ الإرضـاءَ
رمضانَ لـــوّح مؤذنًـا برحيـــلهِ===ويقول: لا، لا أستــــــطيعُ بقـــاءَ
ما لي أراكمْ تُبصـرونَ حبـــيبَكم===حزمَ المتاعَ وأسرجَ الــبلقــــــاءَ
وقـلوبُكم أقْسى من الصخْر الذي===حينًا يشَــــــقَّـــــقُ ثم يمنح ُمــاء
أيهونُ عندكمُ الفراقُ وقــد جَــلا===لكمُ القلوبَ وأذهــــبَ الإعيــــاءَ
رمضانُ أمّنــكم على كنــزٍ فــلا===ترمُوه خـــلفَ ظهوركم مُستـــاءَ
يشـكو إلى الرحْـمـَـنِ هجرَكم لهُ===وهـُـــو الذي يُغنــيــكم إغْنــــــاء
رمضانُ أمّـــنكم عــلى أهْــلٍ له===واسوا الضعيفَ وفرّحوا الفقـراءَ
ما للأمانــــة قد غدتْ مَنْسيَّـــــةً===فتــذكَّروها قبــــــلَ أنْ تتنــــاءى
رمضانُ قد أخذ العهودَ عــليـكمُ===ألا تُثـيـروا فــــــيكمُ البغضـــــاءَ
هو ذا يُودعـُــكم وأنْــتـم تُلهـبــو===ـنَ النــارَ فيـــــما بينـــــكم إذكاءَ
بتدابـــــرٍ وتنـــــاجشٍ وتحــاسدٍ===وتقـــاطعٍ، فرّحــــــتمُ الأعْــــداءَ
رمضانُ يحْـمِـــل للإلــه فعـالَكم===فــدَعوه يحمل لُحْمــــةً وصفـــاءَ
لا تــذرفُــوا دمعًــا عليـه مُزيفًا ===يمقتْــكُمُ ويــــردُّكمْ تعــــســــــاءَ
صــدق الدموعِ يكونُ فــــــــي ===بذلِ النفيسِ محـــــبـــةً وسخــــاءَ
صـــدقُ الدَمــوعِ يكونُ فــــــي===إصــلاحِ ذاتِ البيـــنِ، لا شحْنـاءَ
صـــدقُ الدّمـــوع يكونُ فـــــي===إخــلاصِكم، لا سُـمعـــةً وريــــاءَ
*********


الجمعة، 26 مايو 2017

جاءَ الحبيب فبشّر المشتاقا


جاء الحبيبُ فبشّر المشتـــــــاقا***وغَـدًا به يا صاحبي نـتلاقى
رمضانُ هلَّ هلالُه فاجـــعلْ له***علَمًا يُرفْرفُ في السَّما خفّاقا
إنْ كنتَ حقًا مِـنْ مُحبي ضيفِنا***أكـــرِمْ وفادتَه وكـنْ سبــّــاقا
أكرمْه في هَجْر المعاصي كلّها***يسطعْ جبينُكَ يا أخي إشراقا
وأعِنْه كي يغدو شفيعًا شاهدًا***لكَ لا علـيك، فأكثر الإنـفــــاقا
كنْ صائمًا ومصليًا أو تاليـــا***مُتصـــدقا أو واصـــلًا تـــوّاقا
أو عالمًا ومعلمًا أو ذاكــرًا*** أو داعــيًا ومـــوزعًا أطبــــــاقا
وتفقَّد الفقراءَ واجبرْ كسرهم***وإذا بذلتَ فــــلا تَخَفْ إمـــلاقا
واقْضِ الحوائجَ للأنام بسرعة***وبغَيْرِ مَـــنّ، إخـــوةً ورفــاقا
لا تنسَ برَّ الوالدين وإنْ برر***ت فطِيْبُ ذكرِكَ يعبــق الآفاقا
أدِمِ الصــلاةَ على النبيّ وآلـــهِ*** في كل حيـــنٍ كنْ له مشتاقا
واذكرْ ديارًا قـــد تشـرَّد أهلها***مِنْ جَورِ طاغوتٍ أذى ونفاقا
فامددْ يديك إليهمُ وانصرهـــمُ***ودعِ الذي يرجــــو لهم إخفاقا
وإذا دعتْك النفسُ نَحْـَو ضلالةٍ***لا تَستجبْ، وتذكّـر الْميثاقـــا
طوبى لعبدٍ لم يُضـــيعْ ساعـة***من لــــيله ونهـــاره إشــــفاقا
هو في رضا الرحمنِ يبقى دائمًا***يحيا سعيدًا لا يرى إرهاقـا
الجمعة 30/شعبان/1438 الموافق 26/أيار/2017