الاثنين، 3 يوليو 2017

هذا أبو إقبال فذُّ زمانه..

يا أمّــــــتي صبرًا عـلى الأرزاء=== فــي بُكْــرة تنتابُنـــا ومساءِ
صبرًا على خــــطبٍ ألمّ بساحنا===بوفـاة حَــبْــــرٍ باذلٍ معطـــاء
اليوم ظهرًا قــد دعـــــاه ربّـــه ===منْ بعْــــد سقْــمٍ نــابـَه وبـلاءِ
عـلَمٌ من الشام الجريح قد ارتقى===نحو السماء بوجهـه الوضّــاءِ
قطنا التي سعدت به وبـعــــلمــه===كم أرضعتهُ لبـــانها بصفـــاء
واختار والدُه له اســمًا مشـــــرقًا===قد كان حقًا زينــة الأسمـــاءِ
فقد ابتدى بمحمد وأتى أديب بعده===وبصـالح خـتم اسمه بالحــاءِ
آل الغلاييني وعمـــدتــــهم* أنــا===روا دربَـه للمجد والعـــليـــاءِ
وردَ المناهل عـــــــذبةً فإذا بـــه===عــذبٌ فـراتٌ مانــح لـــرواء
في ظل دوح قـد تــربّـى راشــفًا===عسلًا تقطَّر من ربى الفيحـاء
ودمشق كم أهْــــدتْ إليه نـفائسًا===من منـبر البلغــاء والعظـمـاء
من منبرٍ كان "السباعي**" مُنشئًا===لعرينِـه في همّـــةٍ عَــليـــاءِ
عِلْــمًا وتربيةً وأخـــلاقًا سـمتْ===بالدارسين إلى ذرى الجــوزاء
ضمّته جامعـــــة الشآم لركبهـا=== في موكب العلماء والصّلحـاءِ
فأبان شـرعة ربّـه في صرحهـا===شرح الحديْث بدقّـــة وجـــــلاء
وغدا بمسجدها خطـيبًا بارعـــاً===يُعْــلي قــضـايا شعبه بــوفـــاء
والحــــــقّ بيّنه وكان نصــيرَه===لم يخشَ فيه رعــونةَ الجهــلاء
و"حضارة الإسلام***"كان مديرها===فيهـا غـذاء الروح للأدباء
أسفاره في العلم عـــز نظيــرها===قدْ أُزلفـتْ لِمجـــاورٍ أو نــــاءِ
لكنّ أعــداء الحقيــقة لم يــرُق===لهمُ سُــطوع البدر في الظلمــاءِ
طبع الخـفافــيش القبوع بكهفها===تسعى إلى الإفـــساد والإيـــذاءِ
كادوا له، وتآمروا فــي خســةٍ===أقصــوه حتى صار في الغرباء
وضع الكريمُ له القبول بأرضه===فغدا بــه من خيـــرة الفضــلاء
فتحت ذراعيها الرياض ببهجة===واستقــــــبلته ببســمة وحيــــاء
أهدى لجامعــة الإمام أريجـــه===فغــدت بـــه كالروضــةِ الغنّـاء
هذا أبــــو إقبال، فــــذّ زمــانه===بــــزّ الرجــالَ بِفِـــطنــةٍ وذكاء
من زاره في بيْــــته ألفى لديـــ===ـهِ سماحةً صُبغت بفيض سخاء
يأتي إليهِ بــوجـهــه مُتـــــبسّمــًا===حتى ولو قد كان فـي إعيـــاء
غصّت دمشق بدمعــها لمْ تُبــده===حبستْه في أعمــاقــها بعنــــاء
حبسته كي يبقى رصيد جمارها===يومًا لتحــرق زُمـــرة اللقطاء
غصت وفيها القلب يبكي ناعيـًا ===نجمًا هــوى في عــزةٍ وإبــاءِ
فاستقبلتْـه بــطاح نـــجد ترتَــوي===من ريـه، بوركتِ من بطحاءِ
كم من فحـول الشام أصبح ثاويًا===في روضك المصبوغ بالحنّاءِ
يا ربّ أكرمهم وأعلِ مقـــامهــم===واجعل محبيهـــم من السعداء
-------------------------------
*الشيخ إبراهيم الغلاييني
** الدكتور مصطفى السباعي مؤسس كلية الشريعة بجامعة دمشق
***مجلة حضارة الإسلام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق