الأحد، 23 يناير 2011

الخاطرة التاسعة عشرة

بسم الله الرحمن الرحيم
كرسي للصلاة
كنت أشاهد الرائي (التلفزيون) كما أطلق عليه الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله -، وإذ بمقدّم البرنامج يعرض قصة اختراع كرسي للصلاة من قِبل رجل بحريني اسمه على ما أذكر "محمد الساعي" وظهر الرجل الذي بدا وكأنه في العقد السادس من عمره، وأخذ يشرح الدافع الذي أثار فيه اختراع الكرسي.. قال السيد محمد: كنت أستخدم كرسيًّا عاديّا، لكني كنت أُحرَجُ بأني لا أستطيع أن أكونَ على مستوى إخواني الذين هم بجواري لتسوية الصف... فهداني الله سبحانه وتعالى إلى هذا الكرسي، وعرضتْ شاشة الرائي صورته، وصورة الرجل إلى جانب إخوانه وهو يستخدم الكرسي الجديد من غير أن يُخل باستواء الصف... وفكرة الكرسي بسيطة جدّا، فقد جعل مقعد الكرسي متمفصلاً من الخلف مع هيكل الكرسي، بحيث إنه؛ حين يكون واقفًا يكون المقعد مطويًا ويقف المصلي بين جانبي الكرسي، وحين يحتاج إليه في الركوع أو السجود يعيد الكرسي إلى وضعية إمكانية الجلوس عليه. وطريقة الإعادة يدوية، فقلت لمن حولي: لو أنه جعله يأخذ الوضعيةَ المناسبة تلقائيا.. فقالَ أحدهم: هذا مُمْكن، على الأقل باستخدام زر من السهل الضغط عليه لطي المقعد أو بسطه..
أعجبني الرجل أيما إعجاب.. ودعوت له بالخير..ففي الوقت الذي يتحرق قلب المرء، حين الصلاة، إلى صف مستو، ليس فيه أحد متقدمًا أو متأخرًا.. وكثيرًا ما ينشغل عن صلاته في التفكير في هذا الأمر.. ويعجب ممن لا يأبه لتسوية الصف، ولا يُعطي أُذنًا صاغية للإمام وهو يحث على تسوية الصفوف.. مع ما في اختلافها من أثر سيء على المصلين من اختلاف قلوبهم، وتشتت أمرهم، كما ذكر الحديث الشريف..
أقول في الوقت نفسه نجد حرص هذا الرجل على تسوية الصف الذي لا نملك تفسيرًا له إلا أن هذا الحرص يقودنا إلى الجزم بحرصه على وحدة قلوب الأمة الإسلامية، وقد باشر بما يملك من إمكانات لتحقيق تلك الوحدة.. فهل ينتبه كل مسلم إلى ذلك ويسعى إلى هذا التوحيد ولو على الأقل باستوائه في الصف خلف الإمام الذي لا يُعذر في عدم تطبيقه أحد، ولاسيّما بعد أن وعد الرجل - مخترع الكرسي - بأن يعممَه ليستفيد منه كل من هو في وضع يشبه وضعه..
وقفزت بي الذاكرة إلى عهد طفولتي.. فلقد حضرت مجلسًا، عندنا في القرية، فيه عديد من الرجال، وأثاروا مسألة تسوية الصف وتراصّ الناس فيه، وكان من بينهم رجل من تركيا يُتقن العربية، كان الحاضرون يُطلقون عليه (الشيخ محمد مسطو) فما كان منه إلا أن طلب من الحاضرين أن ينهضوا ويتدربوا على كيفية الوقوف في الصف لجعله مستويًا، وأذكر أنه قال: تتم التسوية إذا تحاذت المناكب والأقدام... وأخذ يدرب الحاضرين على ذلك.. وأما بالنسبة للتراص في الصف فقال: على الأصابع أن تمسّ بعضها وكذلك المناكب.. وقال: لو فعل المسلمون ذلك لأحسوا بحلاوة إخوّتهم التي ذكرها القرآن الكريم... , وهذه حقيقة يُحسُّ بها كل من اهتم بتسوية الصف في الصلاة، يُحس بأن قلبه قد ارتبط مع قلوب إخوانه المصلين برباط التوحد والمساواة والاستقامة، وما أحوج المسلمين اليوم إلى هكذا رباط... علّهم يستعصون على كل محاولة لتفريقهم وشق صفوفهم وشرذمتهم..

الأربعاء، 19 يناير 2011

الخاطرة الثامنة عشرة

بسم الله الرحمن الرحيم
وسطية جدي وأمثاله
ظلَّ جدي رحمه الله إمامَ ومُؤذِّنَ وخطيبَ مسجدِ القرية قرابة خمسين سنة، وفي بعض الأحيان القليلة التي يكون فيها مضطرًا على عدم الحضور كان أحد أبنائه يقوم بذلك، أو أحد رجال القرية الذين عندهم الأهلية.
والذي مازلت أذكره من خطبة جدي لكل يوم الجمعة، وحفظته أيضًا هو الدّعاء الذي كان يدعو به في الخطبة الثانية. كان يقول:
((واعلموا أن الله تعالى وملائكته قد صلوا على نبيه قديمًا فقال تنبيهًا لكم وتعليما وتشريفًا لقدرنبيه المصطفى وتعظيمًا: "إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلموا تسليما". اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد. وارضَ اللهم عن ساداتنا ذوي القدر العلي، والفخر الجليّ سيدنا أبي بكر وسيدنا عمر وسيدنا عثمان وسيدنا علي، وعن باقي العشرة المبشرين بالجنة، وارض اللهم عن السبطين الشهيدين والقمرين النيرين، سيدي شباب أهل الجنة وريحانتي نبي هذه الأمة، وقرّة أعين أهل السنة سيدنا أبي محمد الحسن، وسيدنا أبي عبد الله الحسين، وارض اللهم عن أمّهما فاطمة الزهرا، وعن جدتهما خديجة الكبرى وعن عائشة أم المؤمنين، وعن سائر الصّحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين. اللهم ارحم الأربعة الكُمّل: أبا حنيفة والشافعي ومالكًا وأحمد بن حنبل، اللهم انصر من نصر الدين، وأذل الشرك والمشركين، اللهم انصر عبادك الغزاة والمجاهدين المرابطين في برك وبحرك من أمة محمد أجمعين غير الباغين
ثم يدعو بأدعية أخرى تناسب الزمان والمكان، وأخيرًا يقول:
عبادَ الله، "إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذَكّرون" فاذكروا الله العظيم يذكرْكم، واشكروه على نعَمِه يزدْكم... والله يعلم ما تصنعون. أقم الصلاة، يرحمني ويرحمكم الله...))
هكذا نُشِّئنا على حب جميع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى حب آل بيته الطيبين الطاهرين... وعلى احترام الرأي الآخر حين نترحم على جميع الأئمة مع أنّ واحدَنا كان متّبعًا لأبي حنيفة أو الشافعي... وليس بعيدًا عن الذاكرة أن بعض أصحاب مذهب معين كان لا يجيز الصلاة خلف رجل من مذهب آخر... وغير ذلك من الأمور التي هي مثار العجب والدهشة... 
الجمعة في 17/صفر/1432 
    

الخميس، 13 يناير 2011

معاوية بن أبي سفيان

بسم الله الرحمن الرحيم
معاوية كاتب الوحي
هو معاوية بن أبي سفيان (صخر بن حرب القرشي الأموي)، والذي يروق لبعضهم أن يطلق عليه "ابن آكلة الأكباد" ولست أدري أيليق بالأمة أن تُطلق على عبد الله بن عمر: ابن من كان ممتشقًا سيفه لقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو تُطلق على علي بن أبي طالب "ابن المكابر الذي آثر البقاء على دين الآباء والأجداد من الدخول في دين الحق" أو تُطلق على خالد بن الوليد " ابن من فكر وقدّر وقُتل كيف قدّر" أو ... ومعاوية أحد الّذين ائتمنهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم على كتابة الوحي، وهي مهمة جدُّ خطيرة، ولاسيّما أنه يكتب لمن لا يكتب ولا يقرأ فيستطيع التغيير والتبديل كما يشاء.. ولو افترضنا أن هذه مُتداركة بسبب وجود آخرين غيره يكتبون فلا يجرؤ على التحريف كيلا ينكشف أمره.. أفينطلي الأمر على من ينطق بالوحي، ومن يوجهه الوحي بأمر الله..- حاشاه من ذلك - فيقبل فيمن يكتبون الوحي رجلاً فيه كيت وكيت.. أوْ لا يكون خالص الإيمان والحب لله ورسوله.. إن إسناد كتابة الوحي لمعاوية لهي تزكية زكية له... تزكية يستحق بها أن يوصف بالأمانة والذكاء والفطنة.. وهل الأوصاف النبيلة في أي رجل غير هذه أو ما يندرج فيها؟! وهو الذي ولاه الخليفة الثاني على الشام، وهذه شهادة أخرى على أمانة الرجل وقوته في أداء المهام الموكلة إليه.. هذا بغض النظر عن الآثار التي رويت وهي تشهد له بما يؤهله لأن تجعل المرء المنصف يضع في فمه حصيات عدة قبل أن يخوض في أمور اجتهد فيها معاوية فيحسبها الخائض عليه لا له !!! وأما ما حصل منه في تلك الأجواء الملبدة والتي تموج بالفتنة، واجتهد في تخليص الناس منها، والتي لا نقول أنها كلها صواب.. فيبقى معاوية بشرًا، ومَن غيره من البشر بخلاف المعصومين من الأنبياء لا يُخطئ ؟ أفنضرب صفحًا عن كل منجزات الرجل وما قدمه في سبيل الأمة لجعلها تقف على قدميها بعد أن كادت أن تعصف بها الفتن ومروجوها؟ إنه عمل ليس من الإنصاف في شيء.. وهل يليق أن نحشر ما قام به من اجتهاد، ولو كان خطأ، بمناسبة وغير مناسبة ونجعله عنوانًا مكبّرًا لذلك الخطأ حتى تنحجب به كل عناوين الخير والصلاح؟؟ إن الذي يفعل ذلك يقزّم ما لديه من كبير ويشوه ما يقدم من درر، ونحن لا نريد إلا كبيرًا غير مُقزّم ودررًا ناصعة زاهية..
 إن معاوية مؤسس الدولة الإسلامية في صورتها القريبة من الراشدة، لأنها جاءت بعدها، فكانت متأثرة بها إلى حد كبير.. ولْيُعلم أن الذين يلتمسون له العذر لايضعونه إلا في مقام أدنى من ذاك الذي يولونه لعلي رضي الله عنه، ولآل بيته الطيبين الطاهرين، ولكن لأمر يريده الله مكنّ لمعاوية؛ ومن يدري فلربما كان ذلك هو الأنسب للأمة بعد الذي تعرّضت له... ألم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم عن أبي ذر أنه ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر، ولكنه منعه من الإمارة لأنه لا يصلح لها ولا تصلح له.. فلنتق الله في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضوانه عليهم أجمعين.. وليبق ماثلاً في أذهاننا أنهم بشر وغير معصومين فلندع الله أن يغفر لهم ما بدر منهم مما هو غير صحيح.. وأن يجزيهم الخير على ما قدموه وبذلوه...والاستفاضة في هذا الحديث واسعة لكن يكفي ما أردت الإشارة إليه،.. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل...
محمد جميل جانودي
الخميس 9/صفر/1432هـ 

الاثنين، 10 يناير 2011

الخاطرة السابعة عشرة

روزنامة جدي (2)
دخلت ذات يوم على جدي وسألته عن التاريخ فأجابني حالاً بالتاريخ الهجري لذلك اليوم، فقلت له: أسألك عن التاريخ الميلادي، فهز رأسه ثم قال:
معك حق يا بُني، فقد نسيتُ أنك تسأل عن التاريخ لأمر يتعلق بمراجعة الجهات الحكومية، لأنها تحدد تواريخ مراجعاتها (عمليّاً) بالتاريخ الميلادي، عِلْمًا بأنه يوجد منذ زمن أمر سلطاني ينص على استخدام التاريخ الهجري وذكره قبل غيره، ولكن كم وكم من النصوص التي لا يكون هوانا تبعًا لها نلقيها وراء ظهورنا.. وكم وكم من النصوص التي يكفهر لها وجه الأجانب (أي الفرنجة) نُعْرض عنها حتى ننال رضاهم!! وهكذا حتى استمرأْنا ذلك، فأصبحنا نسمع الآية الكريمة تُتلى وهي تأمر وتنهى فلا نأتمِرُ ولا ننتهي.. ثم نظر في وجهي مليّاً وقال بشيءٍ من الحدة :
لا تقل : "التاريخ الميلادي" نحن نسميه التاريخ الفرنجي...لأن الفرنجة هم الذين وضعوه .. والأمر نفسه عن توقيت الساعة، فالحكومة تسير على توقيت نسميه: التوقيت الفرنجي (يقصد به الزوالي) أيضًا، أما نحن فنسيّر أمورَنا على التوقيت العربي (الغروبي)، ويكون فيه وقت المغرب تمام الساعة الثانية عشرة دائمًا، وفي هذا الوقت ينتهي اليوم، والليلة تتبع النهار الذي يليها.. أما ترى مثلاً أننا نسمي الليلة التي تسفر عن صباح الجمعة بليلة الجمعة والليلة التي تسبق صباح العيد بـليلة العيد....
قلتُ له: ولكن (روزنامتك) التي تقتنيها تبدأ بأول كانون الثاني وهو أول السنة الفرنجية فقال: وماذا أصنع يا بني؟ حبّذا لو أن أحد أصحاب المطابع يُصدر تقويمًا يبدأ بالأول من المُحرم... ثم أطلق زفرة من أعماق صدره وقال: أليس من العجب العُجاب أن نُعْرِضَ عن تاريخ وضعه سيدنا عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، ليكون تقويمًا يسير عليه المسلمون، ونجعل استخدامه – إن استخدمناه - يأتي في المرتبة الثانية... عِلْمًا بأن تقاويم عدة كانت معروفة لدى الناس، حين وضع التقويم الهجري، مثل التقويم الفارسي والتقويم الروماني..فلم يلتفت إليها، لأنّه – رضي الله عنه - أراد أن يكون للمسلمين تقويم يخصهم..يتميزون به عمن سواهم..
والآن؛ وبعد مرور ما يُقارب خمسين سنة على هذه القصة أقول:
ليت الأمر وقف عند استخدام التاريخ يا جدي!!
وأقـول له مُسْتأْذنًا:
جَدّي، أتـأذنُ لي بعِتـقِ جَـوَادِي      فالقــومُ من حَـوْلي بِلا أجْيَــادِ؟
أنّـى تَلَـفَّـــتَ لا يَجِـدْ منْ مُؤْنِسٍ      أو مُحْفِــزٍ للسبْـــقِ أو لِجِهَـــادِ
ودمُــوعُهُ مِـنْ مُقْـلَتَيْــهِ غزيرةٌ       تَبْكــي على الأبطــالِ والأنجادِ
كانُوا يَجُوبُـونَ الوَغَـى بِِبَِســالَةٍ      وبِعِـلْمِــهمْ صاروا مِـنَ الــرّوادِ
كَمْ كَانَ يَزْهُـو في الّلقَــا مُتباهيًا      بِفَــوَارسٍ من مِصْرَ أو بَغْـــدَادِ
يَحْكِي إلى الأَجَيَــالِ قِصَّتَهُ التي      أبْــطـالُهـا صِيْــــدٌ مِن الأجـدادِ
واليَـومَ أضْحَى يـَائِسًـا مُتمَلْمِـلاً      ممّــا يَرى مِن ضَيْــعَةِ الأحْفـَادِ
أرْجُوْكَ، جَدّي، لا تؤاخِذْني على      حَـالٍ تـذيــبُ جَـلامدَ الأكْبـَـاد
يومًا زفَرْتَ بِحُــرْقـةٍ ممْـزوجَةٍ       بِـدَمٍ على "التــأريخِ بالميــلادِ"
وصَـرختَ في وجهي بحزم قائلًا      تاريخُنا مـن هجْـــرةِ الآســادِ
تاريْخُنــا، الفَـــاروقُ حدّده لَنـــَا       ومشى عليهِ القَـوْمُ في الآمَــادِ
تِلْكَ المعَــاني أيقَـظتْنـي يَـومَهـَا       فَـأبَـيْتُ أنْ أبْــقَى مَــعَ الرُّقّــادِ
ماذا يُصيبُــك لو دريتَ بِحَـالِنـا       بِهَــــوانِنا، فــي ذِلَّـــةٍ وتَمَــــاد
تلْكَ الّتي عَــاتبتَـني منْ أَجْلِهـــا       لَمَـمًا غَدَتْ في زَحْمـةِ الإفسـادِ
أمَــمًا تَـفََــرَّقْنـا وثـــارَ خلافُـنَــا      في التُّرّهَات وفي رضا الأسْيَادِ
وأمـامَنا تُـلْقى الدُّمـى فنَضُمُّهــا        لِصُــدُورِنا في غَفــلةٍ وسُهَــادِ
صِرْنا نُمُورًا في افتراسِِ ذَواتِنا       وأرانبًـــا أهْـــليّـــــةً لِلْــعَــادي
سُـودانُنــا صــارَ اثنتـين ورُبّمَـا      أضْحَى ثلاثًا فَـوْقَ جَـمْرِ رَمَادِ
وعِراقُنَـا قَـــدْ جزَّؤوه ولمْ يَعُــد       فيه الرّشيْــدُ وَلا أخُـوهُ الهادي
والشَّامُ ليسَ كما عَهِدْتَ نَضَارَةًَ       ومَحَجّــةَ العُلَمــاءِ والـــزّهــادِ
أمّــا حَبـيـبَتُكَ الَّتـي أوْصَيْــتََـنَــا       بفِــدائِــها بالـروحِ والأجْســادِ
فَغَدَتْ تئنُّ بِمَا اعْتَرَاهَا مِنْ أذًى       وتَصيـحُ أينَ الْعَهدُ يا أولادي؟
إني أنا القدْسُ التي في مُهجتــي      أقصاكمُ، وعَلَـيْـهِ ذابَ فُــؤادي
يسْعَى العِدا سعيًا لِمَحْـوِ معالمي       مستوطنين لأنْجُـدي وَوِهَـادي
لمْ يَسْتَجبْ لنِـــــدائِها أحدٌ سِوى       نَفَـرٍ قليــلٍ، همْ أســـودُ بلادي
لم يَنْكُثـُـوا عَهْـدًا ولَمْ يَتَقَاعَسـوا       عَـنْ نُصْــرَةٍ وإجابَـةٍ لِمُنَـَــــادِ
وبنَـوا رباطــًا للخُيُــولِ وثُكْنَــةً       فهتفتُ: هيّــا للربَـاطِ؛ جَوادي
  محمد جميل جانودي...