الجمعة، 22 فبراير 2013


نفح من الطيب أم نفح من الغار

في رثاء الشهيد ياسر المصطفى

مضى كالليث، لم يثنه تخاذل المتوانين، ولا تهويل المرجفين، واتجه إلى أشرس معركة يخوضها الثوار السوريون في محافظة إدلب، معركة "وادي الضيف" وقد سُميت باسم واد قريب من معرة النعمان، وروى بدمه الطاهر تراب ذلك الوادي يوم الأربعاء الثالث من ربيع الآخر لعام ألف وأربعمئة للهجرة، الموافق للثالث عشر من شباط لعام ثلاثة عشر وألفين للميلاد. رحمه الله، ونفع به جميع محبيه، والثورة التي استشهد إبانها طالبًا للحرية والكرامة، ورافضا للذلة والمهانة:

نفح من الطيب أم نفح من الغار        ألقى بشــــــــــارتــــه في ساحــــــــــة الدار
ألقى بشارتــــــــــــــــه وارتــــــد معتــــــــــذرًا        أفشيــــتُ بينــــكمُ جــهـــــــــري وأســــــراري
جهري تمثل في صيحات منتصـرٍ        "الله أكبر" دكّت حصــــــــن غـــــــدار
وكان سري حديثَ النفس تكتمــه        عن فارس قد بدا كالكوكب الساري
جاء "المعـرة" والأبصــــــار تـــرمقــه         ذو هامةٍ، كُلـلتْ بالآس والغـــــــــــــــارِ
يا وادي الضيف صبرا فالفتى عجلٌ     للموت يطلبه في حمــــــأة النـــــــــــــــــــارِ
لا خوف يبعـــــــده عمــــــا يقـــربـــــــــه          من جنــــة أزلفـــــــت في زحف ثــوارِ
يا وادي الضيف إن الضيف منشغل    في الذود عنك يريد الأخذ بالثــــــــــارِ
وافـــــــــاك مبــتـــــــــــهـــــلاً للـــــه يســــــالهُ         نيل الشهـــــادة أو نصــــرًا بإصــــــــرارِ
وافاك ياسرُ في نفس متيــــــمـــــــــــةٍ         تأبى المذلّـــــة تبـغي المحـــــو للعــــــارِ
وافاك يحمل من "معراتةٍ" قـــبســًا         من نور وثبتها كالضيغم الضـــاري
شممتَ ريح شذى من قلبه عبقتْ       فقلت جدْ، يا حبيبي، بالدم الجـاري
لبى وجاد بأغلى ما يجود بــــــــــه         حـــرٌّ كريم، فـــطب نفسًا بأحـــــــــــــــــــرارِ
يا وادي الضيف لا تيأس بُعيد فتًى     روّاك من دمـــه حبـــًا لإيثــــــــــــــــــــــــــــــــــارِ
بشّــــــر حبيبته،أرضَ الشــــآم،غدًا        بنصـــر ثورتـــــــــنــــــــا والنــــاصر البــــاري
معراتةَ المجد تيهي إنــه بطـــــــــــلٌ        تحـــلو حكايَــــــــتُـــــــــه ليـــلاً لسُمّــــــــــــــــــــــــارِ
ندعو الكريم بأن يُعـــليــــه منــزلـــةً        في جنــــة الخــــلدِ، في ظلٍ لغـــفـــــــــــــارِ
محمد جميل جانودي
الجمعة في 6/ربيع الآخر/ 1434 هـ الموافق لـ 15/شباط/2013 م
       

 

الثلاثاء، 5 فبراير 2013


في ذكرى استشهاد أمين..
استشهد الملازم الأول المهندس أمين قرة علي يوم الرابع من شباط لعام 2012 للميلاد، على ثرى محافظة حمص الطهور، وهو من أبناء جسر الشغور، فاختلط الدم الجسري الغاضب الفائر بالتراب الحمصي الزكي الطاهر، ليُنتجا تربة خصبة، تنبت الأحرار والشهداء....
أمينُ، عليـك من روحي ســــــــلام        أمين، مـــضى عليــــك اليـــوم عـــامُ
وقبرك قد علتـــه زهــــــــــور مجـــــــــدٍ        وثغــــــر الشـــــــــــام زينــــــه ابتســـــــــــــــــامُ
شــــذاهـــا فاح ممتزجـــًا بمســــــــــــــــك        تضــــوع من دمــــائك يا هــــمـــــــــــــــامُ
وإذ بالأرض غير الأرض أضحت      توارى عن معـــالمها الظــــــــــــــــــــلامُ
وشمسك أشــــــرقــــــت في كل نـــاحٍ        ولم يحجــــب محاسنَهــــــا الغمـــــــــامُ
غراسكَ قد نمــــــــــــــــــــت ولها ثمــــــارٌ        تعجَّب من حلاوتهــــا الأنــــــــــــــــــــامُ
فطعـــم المـــــوت في نيل المعــالي         لذيـــــــــــــذٌ، قــــد تــــذوقـــــــــــــه الكــــــــــرامُ
لأجل الشــــام كان المــــوت شهـداً         لديك، وراح يدفعـــــــــك الغَـــــــــــــــرامُ
وكـــنــــــــت مُتـــــيّـــمًا بالشـــــــامِ حتــى          هتفت بحــــرقة: آهٍ شــــــــــــــــــــــــــــــــــآمُ
أيعــــلو في سمـــــاكِ بُغاث نحْسٍ          ونسرُكِ قـــد أذلّتــــــــــــهُ اللئــــــــــــــــــــــــــامُ
أيمرح في رحــــابك ذو هــــــــــــــــوانٍ         ويُســـجَن عــــالم حـــــــرٌ إمــــــــــــــــــــــــــامُ
أتُنتَهك الحــــرائـــــر في عــــــــــــــــــراءٍ          ويُثـــلَمُ عــــرضُهــــن ولا مـــــــــــــــــــــلامُ
ومُـومس قرمطٍ تقضي وتمضي          لهـــــــا شــــــأن وقـــــــــولٌ واحتــــــــــرامُ!
شآمي قد دهـــــاكِ اليـــوم خــــطبٌ          لشـــــدتـــــــــــه تشيب له الفطــــــــــــــــــامُ
قـــفزتَ أمينُ، مثل الليثِ تعــــــــــدو          وفي يدك المهنـــد والحُســـــــــــــــــامُ
وقُـــــــــــــــدتَ سريّـــــــــــة للحــــق لبّــــتْ           نداك وجندهــا معك استقـــــــــاموا
سبقــــتهـــم إلى شـــــــــــــــرفٍ رفــــيـــــــع           وعند اللـــــه طاب لك المُقـــــــــــــامُ
فقــام لبيب فيهـــــــم مــــــن جــديـــــــــدٍ           يواصل ما بــــدأت به وقــــــامـوا[1]
مضوا فيما رسمتَ لهم أســـــــودًا         وساروا في خطاك ولـــم ينــــــــــــاموا
وجيل إثر جيل سوف يمضـــي         وفي يـــــــدهم لثـــورتـــنـــــــــــا الزمــــــــــــــامُ
فلا شـــرق له فيـــــــــــــها نـــصيـــــبٌ         ولا غــــرب له فيـــــها كـــــــــــــــــــــــــــــــــــلامُ
بُعـــيدك، يا أمين، جـــــرتْ أمـــــورٌ         وأحـــــداثٌ لثورتــــــنـــــــــا عِظـــــــــــــــــــــامُ
فنصـــر إثر نصـــــر كان يـــــأتي          له تشـــــدو البــــلابلُ والحمــــــــــــــــــــــامُ
وزاد النـــــــــاس إصـــــرارًا وعـــزمـــًا          بأيــــديـــــهم ســـــيـــــنــــــدحـــــــر "النظام"
فمـــا يثنـــــــيهم الخـــذلان ممّـــــــــن           شعـــــارهم "الأمـــــان" أو "الســـلامُ"
ولم يُر منهــــــــــــــمُ أمنٌ وســـــــــــــــلمٌ           ومنهم جاءنــــــــا المــــوتُ الــــــــزّؤامُ
ومــــا يثنيــــهم معســــــول وعـــــــــــــدٍ           ولا التهــــديد يُطــــلقه الطّغــــــــــــــــــــامُ
فثـــورتهم ستمضي في خُطـاها           بنــــــــــــــور اللـــــه ينــقشــــع الظــــــــلامُ
رسمتَ، أمين، والشهـــداء نهجــــــاً         بــه للثـــــــــورة العظمــــــــــى قُـــــــــــــــــوامُ
وطب نفسـًا بظل العـرش واهــنأ          فنعــم العيشُ عيشكَ والمَــــقــــــــــــــامُ
خالك/ محمد جميل جانودي.
الإثنين 23/ربيع الأول/ 1434 الموافق لـ 4/شباط/2013            


[1] هو الملازم الأول لبيب الضيخ أخو خطيبة أمين، الذي استشهد هو الآخر بعد أمين بحوالي تسعة شهور، رحمهما الله تعالى.