الأحد، 24 سبتمبر 2017

حداء الروح

إلهي قـــد فتحْـــــتَ إليّ بابـــا===دعوتَ إليكَ عبدَكَ فاستجابـا
لقد نجـــيتـني من سجــن دنـيا===عليَّ جنتْ وكنْتُ بها مُصابا
وجرحي كان ينزف بين قومي===صرختُ فلم أجدْ أحدًا أجابـا
علمــتَ بأنّــني جُرِّعْـــتُ مــرّاً===وأنّـي فيكَ أفْـنـيْـتُ الشَّـبـابـا
فقلتَ: تعــال يا عبدي ولذ بـي===تجــــد ما لذ من نِعمٍ وطــابا
فجئــــتُك راجــيًا عفوًا وعــونًا===بحُبّـــك يا إلــهي القلبُ ذابا
بظلكَ يا كريـــمُ أنخْــــتُ رحلي===بـقـلـبٍ مُـخْـبـِتٍ لكَ قدْ أنابـا
إلهي أنْـــــت رحمــــنٌ رحيــم===فأجْــزل لي برحمتــك الثوابـا
مضت تسعون من عمري وفيها===أغذُّ السير لا أخشى الذئابا
ارادوا النيل منـــي في شبابي===وفي شيخوختي، وبدوا غضابا
مضتْ سنواتُ عُـمْري ياحبيبي===لبابك كنتُ أنجذبُ انْجـــذابـا
هو الحُـــبُّ الذي فيـه ارتقائي===لعليــيــن، أرتشـف الشــرابـا
عكفتُ على كتابك في خشوعٍ===فقالوا: عـــاكفٌ يتـــلو الكتابا
فلا تــدعوه يتْــــلوه لكـــيْــلا===تروا ممّا تلا العَــجَــبَ العجابا
خذوا منــه الكتابَ وأبعــدوه===لأنّ كــتابـــــه يُغـــري الشبـابا
نظرتُ إليهِـــم شزرًا وعــيني=== ترى الجُعـلان فيهــمْ والذّبابا
إذا قــالوا فقـــــولهمُ افتـــــراءٌ===وكان الوعـــد عنـدهمُ سرابا
فآثــرتُ البقـــاء بقعْــر سـجْـنٍ===على قصر أرى فيــه الخــرابا
أرى فيه المظالم مشرعَـــــاتٍ===ولم أر فــــــيه مَنْ للـــه تـابا
إلهي سيــدي كن بي رحيمـــا===أرى قومي رموا فوقي الترابا
إلهي إن شــــوقي في ازديادٍ===وإنّــي منـــك أزدادُ اقتــــرابـــا
فأطفئ نار شوقي يا حبيبــي===أمِطْ، مولاي،عن عيني الحجابا
أكن في ظل عرشك في أمانٍ===وأرشفُ مـن منــاهلك الرّضابـا
***********

الاثنين، 18 سبتمبر 2017

سبعون عامًا مضت من رحلة العمر

سبعون عامًا مضتْ من رِحْلةِ العمْر===سبعــون عامًا مضت، بيْ مركبي يجري
سبعون عامًا مضتْ أحداثها صُنعت ===بأمر خالقـــــــــها في العسر واليسر
أمرٌ جزمتُ بـــهَ حـــــقًا بلا غـــبشٍ===مــــن أنني مسرعٌ فيها إلى قـــــبري
ما قط قد وقفتْ حتى ولو ظـــــهرتْ===للناس واقفــــــةً، فالنّــــاسُ لا تدري
بالشـــر مظلمـــةٌ بالخير مــــزهـــرة===أعـوذ من شـــــرّهــا بماحـــقِ الشرّ
لكنَّ زهْــــــرتَـــها ربي سيحفظهـــا===ترقى إليْـــــــهِ بما يُرضيهِ مـن أمري
سبعون عامًا مضـــت وإننــي ولِــــهٌ===في أمر دنْـيـــاي من مالٍ ومـــن ذرِّ
أحسستُ مدتها كساعة قُضـيـــــت===والدهر يبدو لنــــــــا أقـــلَّ من شهــــرِ
لذيذُ ســـرّائها نسيــــــتُ فرحتـَـــهُ===ومـــرُّ ضـــرائها يبْقى مــدى العمــــرِ
لكنّ إيمـــــاننـــــا باللـــه يُســـعدنا===شُـكْــرًا لنعمـــائه، لا حـــمــــدَ كالشكر
عند البلاء نرى في الصبر راحـلةً===أنْعِم بهِ مَـــركبًا، لا ظهــــر كالصبـْــرِ
سبعون عامًا مضت والله يرقــبنـــا===سُبـحـانه، عالمًا فـــي السـر والجهـْــر
سبعون عامًا مضت ونحن في محـنٍ===في المال والأهل أو إفسادُ ذي الأمرِ
عاشرت مَن ظلَموا،عاشرتُ مَن ظُلِموا===والناسُ معظمهم ماتوا من القهْـــرِ
رأيــتُ مَـــن حسبوا خيرًا لما صنعوا===شــرًا، وقــد أوغـلوا في ذلك الشــرّ
رأيت من يَقْلبُ المعــــــنى ويحرفُه===عمَّا أريدَ بـه، مِــــنْ مُحْــكَمِ الذكْـــــرِ
رأيتُ ذا عـــــــفّـــة بالعهْـــر مُتّــهمٌ===رأيت أهلَ الخنا تعيـشُ في القصــــرِ
أمّا الأمينُ فـــــقعر السّـجن مجـلسُـهُ===والخــائن الوغدُ يلهــو داخـــل الخدر
رأيْـــتُ ذا لحيــة طويــلةٍ سحَــــرتْ===جُهَّـــالَ أمتـــنا، تبًـــا لذي ســــحْـــرِ
رأيتُ من يــدَّعــي علمًا ومعــــــرفةً===يصــيرُ زوجـًا لمن من جنسه يغري
ومثلـه البنتْ لو فــي نفسها عشقــتْ===صـديقةً غــدتا زوجــين فـي الجهـــر
رأيـــتُ مـــدّعيًا ديــــــنًا بلا خُــــلُقٍ===لــه يــدٌ غُمِــستُ في السُّحت والنُكـر
رأيْـتُ مَن أصلحوا دنياهمُ نجــحوا===حـــتى ولو أنهـــــم يُدعـــون بالكــــفرِ
سبعون عامًا تلاشى نصفها نــــــكدًا===في غربة، مرّها، مُضــاعَفُ المــــرِّ
سمعتُ أمِّي تئــــنُّ وهـــي صابِــرةٌ===تجْـــــري مدامعُـهـا، تسيل كالنّهـــــرِ
طال الفــراق ولم تجدْنــــــي مرتميًا===في حضنِها، وأبــــي مشتَّتُ الفِكـــــرِ
رأيتُ مـَـــــنْ قُتِــلوا بحُــر مــــالهـمُ===أعــطَـوه قاتـــــلَهم منْ قبلُ بالجـبـْــرِ
رأيْــتُ مَن هُــدّمت، قصفًا، منازلُهم===رأيــتُهـــــم لجـــؤوا للــكوخ والجُحْر
رأيتُ في الشام لصّــًا صار يحكُمُها===ولمْ أجــدْ مـثـلهُ في الحُــمْق والغـــدرِ
رأيتُ ثــورتَنا في الشام قـدْ صعدتْ===لكنها خـذلَتْ مـــن كاذبٍ يفـــــــــري
   فالله أرجـــــو بأن يمـــدّهــا مــــــددًا===بـه نـــــراها ارتقتْ مـــدارجَ النصر  
سبعون عامًا مضتْ وإنها أخــــذتْ===مني كثــيرًا، وأبقَــت أبْـيــض الشّـعْـرِ
أبقتْ همُومي كما عهــدتـُـها جبــلًا===من هول وطأتِها قد قــوّستْ ظهــــري
من لي سـواكَ لكي يُزيلَ وطأتَهـــا===يا خالــقي مَسَّـني الشيْــــطانُ بالضُّـــرّ
فاغفرْ إلهي ذنــوبًا كـنتُ فاعـــــلَها===وامـــحُ الخطايا التي قد ثَـقَّـلت وزري
واغفرْ لأهلي وأرحامي ومَن وقفوا===في غُربتي سنـدًا في الــــيسر والعسرِ
واغفرْ لذريتي وارحَـــمْ تَفَـــــرُّقَها===في الشرق والغرب أو في البر والبحر
ربــاه لي إخــوةٌ في الدين أحببتُهم===فاغـفِــرْ لهـم وقهِــــم شرورَ ذي مـكْــرِ
سبعون عامًا مضتْ ولم يخِبْ أملي===بأنْ أرى سَــعةً فــي الرّزق والعـمْــر
أزيــدُ من عــــمــلي للخــير أبـــذلُه===للنـــاس، ألقـــاهُــم بالطــيبِ والبــشْرِ
أقضي حــوائجهم، أفكُّ عُسْــرتـــهم===أعْطــي فقيــــرهمُ، ما أبشـــع الفقـــرِ
أمضي إلى فتْــيـةٍ باعــوا نفــوسهم===لله خــــالصة، يــوفـــــــــون بالنــــذر
    أشــدُّ من أزْرهم، أُصغي لِمطْـلبِهمْ===من خالقي، وحده، أرنــــو إلى الأجـرِ     
الأحد 17/أيلول/2017