الأحد، 22 يونيو 2014

أفِق هارون وانظر ما دهاها.

أفـقْ هارون وانظــــر ما دهـــاها
أفـــــقْ هارون وانظــــر ما دهـــاها****حبيــــــبتَـــك التي هتــــكوا حماها
أفِـــــقْ هـــــــارون إن الأمــــــــر جــدٌّ****فواهًا للذي شــــــــيـــــّـدتَ واهـــــــا
أفقْ وانظــــر إلى بغـــــــــداد تبـــكي****دمـــوعًا ثــــرّةً ممــــا اعْـــتــــراهــــا
فَـــــــــدُرَّةُ آل عَـــــبَّـــــاسٍ أُهِــــــيْـــنَــــتْ****وصـارتْ لُقــمةً لِـمَن اشْتــهاها
خفــافـــــيشٌ غـــزتـــهـــــا فــي ظــلامٍ****ومن قبلُ السُّـباتُ لقد غــــزاها
تســـلّلَ سِـــــرْبُــهــــا شــــيــــئــًا فشيــــئًا****إلى بغـــــداد فامـتـلأت سماهــا
تخفّت في لبـــاس الزّهــــــــد حــــتى****بدا لــلجــاهليــــــن بها تُقــــــــاهــــا
ولم تكُ ذات يــــــومٍ أهـــــل تقــــوى****فـــذو التقـوى بحـكمـتــــه قلاهـــا
بـــــدعــوى حبّ آل البيـــتِ نــادت****ولبّـــت من لبغْضـــهمُ دعــــاهــا
رطانتهـا[1] لها في النّـــفــس وقعٌ****كما لو أعمــــلت فيــها مِــــداها
ومــــهـــدت الطــــريْــــق لكل عــــــلْجٍ****مجــوســيٍّ، فحقــــق مُبْــــتغـــاها
أخــو ابنِ العلْـــقَــــمـــيِّ لها دلـــــيــلٌ****لعــاصمة الرشيــدِ وما تـــلاهـــا
فكــم مـــــن مسجـــــد أومــــى إليـــــه****رمته، وأهـــله ذاقـــوا لظـــــاهــــــا
وكم من صــرح عـلمٍ قـــــد تهـاوى****بِفْـــعـــــل إشـــارة مــــــنه ابتداهـــا
وكم من مَعـــلَمٍ للمــجـــد أضــــحى****مكانـــــًا للرذيـــلة لا يُضـــــاهـــى
وكم من "بابَكٍ"[2] قد عاث فيها****وكم من "قُرمطيّ" قـد دهـاها
وحـــوشُ قدْ أتتْ من كلّ صقــــــعٍ****تــراودها وتخــدشُ من حيــاها
وأعْمـــلت السيـــــوف بصــالحيـــــها****تخضّب ماء دجلة من دماها
فأجْــلتْ صِيْدها،غدرًا، وأقصــــت****بلابـلها، وعاثت في رُبــــاهـــــا
وزُلْـــــزِلَ كل ذي عــــــــلْم وحــــلْـــــــم****مصــائبهم لقد بلغــت مــــداهــا
وضـــجّ النــاس في شرقٍ وغـــربٍ****أيُعقــل أن نرى للمسخ جاهـــا
أيُعـقلُ أن نرى الغربـــان تشــــــــدو****ويحكم في مرابعِـــــنا غَــــبــــاها
غبــيٌ فـــــي الشــــآم لـــــــه نعــــيــبٌ****وآخَر فـــي العــراق وقد سباها
أيُعْـــــقل أن نــــــرى الأقــــزام تـعــلو****وفـي الأقدام رأسهم تنـــــــــاهى
لَعـــمْــــــــر اللــــه إن المـــــــوت خيرٌ****ولا نحني لصعـــلوك جِبــــاهَـا
فمَـــــــــا كبْـــــوُ الجياد دليــــْلُ وهــــنٍ****ولا خـــوَرٍ، بل اللـــه ابتـــلاهــا
ســــــتصحــو ثــــم تعــــدو في زُهــوٍّ****وعـــند كريهة تــــــرسو خُطاها
السبت 23/شعبان/1435 الموافق 21/حزيران/2014




[1] الرطانة: لهجة الأعاجم.
[2] بابَك الخُرّمي: باطني زعيم في طائفة الخرمية ذات العقائد الفاسدة، قاد ثورة على العباسيين استمرت حوالي عشرين سنة، حتى قضى عليها المعتصم. وقُتل بابَك. 

الثلاثاء، 10 يونيو 2014

وقفة تذكّر لأبي إياس....

وقفة تذكر لأبي إياس...
الأستاذ/ سليمان الفاضل
ليس من قبيل الصدفة أن أتحدث اليوم عن اللقاء الميمون عام 1967 بيني وبين الشيخ الفاضل حمزة زعرور وإخوة ألفتهم وأحببتهم وألفوني وأحبوني.. بعد أن منيت سوريا، في العام نفسه، بمن أذاقها المر، وفرّط في أخصب بقاعها، وأهمها موقعًا "الجولان"...كان هذا اللقاء في مسجد كفر سوسة الكبير.. وكان له أثر في تبيان الحقيقة، وإبطال الزيغ، وفضح الخيانة، ممن آذوا الأمة، وسلبوها حريتها، ونأوا بها عن أسباب عزتها ونصرها... تم ذلك من خلال قراءة القرآن وتدارسه مع الشيخ... وكان من بين هؤلاء الأحبة الأخ الكريم الأستاذ عبد الرحيم الفاضل(أبو الطاهر)  وأخوه الأستاذ سليمان الفاضل (أبو إياس)... وكان سليمان يومئذ فتَى ما أحسب عمره يزيد عن سبعة عشر عامًا...
وتمر الأيام والسنوات والعقود... وبعد فراق طويل التقيتهما، أبا الطاهر في الباحة، وأبا إياس في الرياض، وأنست به في الرياض، ونعمت بالاستماع إلى حديثه، والتنعم ببسمته التي لا تغادر ثغره، حتى في أشد أوقات معاناته...ولكن قدر الله واقع لا محالة... ولبى الأخ سليمان دعوة ربه يوم الأحد 10/شعبان/1435... وشيعته مع الجموع التي شيعته إلى مقبرة النسيم في الرياض بعد عصر الإثنين 11/شعبان/1435، ومن بين الحزن على فراقه، والفرح بشهود الله الكثيرين على صلاحه، ومن معرفتي الروحية قبل المادية به.. كانت هذه القصيدة في رثائه..
إلــهي قـــــــد أتَـــــــاك أبــو إيـــاسٍ
بمسجد كفــــــر سوسة يا سعـــــاد****لقيْــــتُ أحبتــــي وصفـا الودادُ
هنــــــــاك على حــــــداء الحقّ كنـا****تعـــانقُــنا وقد خفق الفــــــــــــؤادُ
يُعـــلِّمنــــــا كتــابَ اللــــــــه شـــــــيـــخٌ****لــه في الخيـــر أيـْـدٍ واجتــــهـادُ
سَمـــــيُّ أبـــــــــي عُمــارة وهو حقّـا****له في كل مـــكْـــرُمـــــةٍ جهـــادُ
ومن بين الأحبّــــــــة كان شبـــــلٌ****لعـــــيـــــنـــيـــــهِ بريـــــــقٌ واتّــــــقـــادُ
خــدوم، صــــــادقٌ، شهمٌ أبــــــــــيّ****له نسبٌ عـــريـــــق واعتـــــــــــدادُ
وفي بصــــــرى له أصـــــل كريـمٌ****أفــاضـلهـــا له فــــــــــيها امتـــدادُ
إذا ما جــاء قـــــلنا قَـــــــد أتـــــانـــا****سليمانٌ، لبَـــــــسمَـــتـــه اعتيـــــــادُ
نحــوط به فينظر في حـــيـــــــــاءٍ****وللشيــــــخ الوقــــور له انقـــيــــادُ
مضــى للعـــلْم لا يثــــنيه شـــيءٌ****لــه فيـــــه اســــــــتبـــــاقٌ وازديـــــادُ
غــدا عـلَمــًا وكان لــــــه ائتـــلاقٌ****وفي بصرى له ارتفعت عمـاد
فأحياها بعـــلــــــمٍ بعـــــــــــد جهـــلٍ****وأصلحــها وقـــــــد عـــــــمّ الفسادُ
إذا قـــــــال الأنــــــــــام (أبو إياسٍ)****تـــــــردده الجـــــبـالُ أو الوهــــــادُ
وظلّ عـــطاؤه يمضي جزيـــــلًا****فلم يمنعْــــــــه ســـقـــمٌ أو نَـــــــفـــادُ
ولكــنّ الأمـــــــــــور تسيــــــر دومًا****بما يقضـــي الإلـه، ومـــا يُـــرادُ
فحلّت فيه مــــن مــــــــولاه بلــوى****وأطبق فــوقــــــه محــــــنٌ شـــــدادُ
تـــــلـــــقّـــــــــاها بصبـــــر واحتساب****ولم ييأس وإن طال الــــــرّقـــــادُ
إلى أن جــــــاء مــــن مـــولاه داعٍ****بأن يا عبــدنا حـــان الحصــاد
فلبّى باســــمـــــًا ومضــــــى إليـــــه****بشـــوقٍ، إذ دنت منه سُعــــــــادُ
إلــهي قـــــــد أتَـــــــاك أبــــو إيـــاسٍ****وعنه الناس قد بعـــدوا وحادوا
ألا فاغــفــــــــر لــــه ربـــــي وأكْـــرم****وفادتــــــه، فأنْــــــــت بــــــه جـــواد
الثلاثاء 12 /شعبان/1435 الموافق 10/حزيران/2014







الاثنين، 2 يونيو 2014

في رثاء فارس....

في رثاء فارس...
لن أقول عن أي واحد من الفوارس، الصيد الكرام، الذين نقلهم الله إلى دار كرامته، لينعموا بحسن جواره، لن أقول عن أي منهم:  لقد ترجل الفارس، وغادر صهوة جواده...بل سأقول: لبّى دعوة خالقه وسيده.. فامتطى صهوة جواد يطير به إلى مولاه، في مقعد صدق عند مليك مقتدر، في مقعدٍ يُطل به من علٍ على إخوانه الفرسان في هذه الدنيا، ويتوجه إلى ربه داعيًا إياه أن يبلغهم رسالة منه يقول فيها: أيها الأحبة، أتقنوا فروسيتكم، وأخلصوا لجيادكم، في طاعة ربكم، تجدوا ما وجدت، وتسعدوا بما سعدت... لمَ لا؟ وهو مطمئن إلى أن فرسان الحق لا تفارق جيادها إلا لما هو خير وأفضل...ولا سيما فرسان الشام.
أجل... إن الفارس الأصيل ليعلم أنه إن قُدر له أن يترك صهوة جواده، وميدان فروسيته، فهو موقن بأن ذلك دعوةُ سباقٍ للفرسان حتى تكون في الميدان، ولاسيما في أرض الشام المباركة...وأن مَثَـلَه كما قال الشاعر:
إذا مات منا سيد قام سيد****قـؤول لما قال الكرام فعول.
وهذا حالنا، إن شاء الله، في الشام مع الشيخ المربي، والقائد المعلم الداعية الفذ/ محمد منير الغضبان، فالأمل في الله كبير، والخير في الأمة كثير، في أن نُعوَّض عنه، وعن كل من يعز علينا فقده، وعزاؤنا فيه أنه قد طاب نفسًا، وقرّ عينًا، بأن رأى جهوده، وجهود إخوان وأحبة له، قد أخذت تعطي بواكير ثمارها، وأن غراسهم قد صار لها ظلال يفيء إليها كل مؤمن مخلص، فكان ما كان من أهل الشام، وأجناد الشام، حين انتفضت على الباطل الظالم الباغي.. وهذا ما كانوا يعملون من أجله، ويضحون في سبيله...
رحم الله شيخنا الدكتور محمد منير، وأسكنه فسيح جناته، وعوضنا بفوارس آخرين، يقودون ركب جند الحق إلى أن يتحقق النصر، إنه سميع مجيب:  
ربّــــــــاه إنّ مـــنـــــيــــر حــــطّ رحــــالـــه
يا سابقين إلى الكريـــم ســــراعــــــا****أرواحُـــــــكم تسمُـــــو إليْــــــه تبــاعـــــا
ألقى السكينــــــة في قلوبِـــكمُ فمــــا****أبقـــــــتْ فُــــــــؤادًا خائــــــــرًا جَــــــزّاعا
فُزتُـــــم برضوان الإلــــــــــــه وقُـــربِـــــهِ****أهــــــداكمُ من فضــــله أنْــــــــواعـــــــا
لما حللــــتم في فــــــنــــــــــاء رحــــابــه****أقصـــى وأبعــــدَ عنكم الأوجــــاعا
ونسيتمُ ضنــــــــكَ الحيَــــــاة وبُؤسَها****وشـــــــــقـــاءها وتقــــــــاتُلًا وصراعا
ونســيتم جَـــــــــور الطواغـــيتِ الذي****أُشبعْـــــتموه بحـــــــقْـــــدهم إشبــــاعـا
ونسيـــــــتمُ ضيق السجُــون وكربــها****بتّـــم عطــــاشًا ليـــــلهــا وجيـــــــــاعا
بشـــــراكــــــمُ بأحِــــــــبّـــــة أضْـــــنـــاهُــــمُ****شوق لما قـــد أطرب الأسماعَــــا
علمــــوا بــــــأنّـــــكـــــــــمُ بـــــظـــلٍ وارفٍ****مستمتعين بأُنْــــــــسه استـــمْتــاعـــا
نــــــــــاداهمُ حَـــــادٍ مـــن الرحمــــنِ أن****هــيّــــــــا إلى جنّـــاتِــــــه إســـراعــــــــا
من بينــهم لبّــــــى النــــــــداء مُجـــاهدٌ****للحــــق كان مُـــؤيــدًا تـــــــــــبّـــــاعـــا
غضبـــــــان في وجــه العِـــــدا لكنـــــه****سمحٌ لمن تبـع الهدى وأطـــاعـــا
كم كان يغضب في الإلـــه مُنافحًا****عن دينــــــــه مُستبسلًا صــــدّاعـا
كم كان يغضـــب إن رأى ذا خسّةٍ****للخيـــــر ظــلّ مُحــــاربًا منّـــــاعــــا
ولــه جبــــيـــــــنٌ مُــــشـــرقٌ لأحِــــــبّــــــةٍ****في حُبّــه قــــد أجمعــوا إجْــمـاعــا
غرس الغراس فأصبحتْ معْــطاءةً****قد أيْــنعَـــــتْ ثمـــراتُــــها إيْــــــــنــاعا
ســـــــمّــاه والــــــدُه "منيرًا" فانـــــبـــــــرى****ليكون بَــــدرًا في الدنى وشُعــاعا
قــــاد السّفيْــــــنــة ذات يــــومٍ قاصـدًا****بــرّ الأمــان لتائـــــهٍ قـــد ضــاعــا
قاد السّفيـــنــة وســــط أمْـــــواج عتتْ****ولهَــا غـــــــــدا مجــدافها وشراعــا
لمْ يــدّخِرْ جُــهــدًا بضبْـــط زمــامِهــــا****بل كان فيهَــــا مُبــــدعًا إبْـــــداعا
قــــد كان يطمــع في دمشق رُسُـوَّها****وبغــــيــرِ ذلك لم يَـــكن طمّــــاعا
لِيعــــــــيد للشــــام الجــريــــــح حـيـــاتــــه****ويصـــونَ للإســـلام فيـه قلاعــا
مــــــع إخــــوة للــــه بـــــاعــــوا أنــفســــــًا****طــوبـــى لمن للـــــه نفســـًا باعـــا
حتـــــى أقــــــــــرّ اللـــه فـــــيهـــم أعينــــًا****في ثــورة كانُــــوا لهـــا صُنـــــاعـا
زرعــوا سنابــــلها، وروّوا أرضــهـــــــــا****بدمائهـم، أكْــــرم بهِــــــــم زُراعـــــا
ربّــــــــاه إنّ مـــنـــــيــــر حـــطّ رحــالـــــه****في باب عفوك تائبًا مطـــواعــا
فاغــفــــــــر له مـــولاي وارفــــع ذكـــرهُ****للحـــق كان مُنـــاصرًا رجّــــــاعـــا
الإثنين 4/شعبان/1435 الموافق 2/حزيران/2014