الاثنين، 2 يونيو 2014

في رثاء فارس....

في رثاء فارس...
لن أقول عن أي واحد من الفوارس، الصيد الكرام، الذين نقلهم الله إلى دار كرامته، لينعموا بحسن جواره، لن أقول عن أي منهم:  لقد ترجل الفارس، وغادر صهوة جواده...بل سأقول: لبّى دعوة خالقه وسيده.. فامتطى صهوة جواد يطير به إلى مولاه، في مقعد صدق عند مليك مقتدر، في مقعدٍ يُطل به من علٍ على إخوانه الفرسان في هذه الدنيا، ويتوجه إلى ربه داعيًا إياه أن يبلغهم رسالة منه يقول فيها: أيها الأحبة، أتقنوا فروسيتكم، وأخلصوا لجيادكم، في طاعة ربكم، تجدوا ما وجدت، وتسعدوا بما سعدت... لمَ لا؟ وهو مطمئن إلى أن فرسان الحق لا تفارق جيادها إلا لما هو خير وأفضل...ولا سيما فرسان الشام.
أجل... إن الفارس الأصيل ليعلم أنه إن قُدر له أن يترك صهوة جواده، وميدان فروسيته، فهو موقن بأن ذلك دعوةُ سباقٍ للفرسان حتى تكون في الميدان، ولاسيما في أرض الشام المباركة...وأن مَثَـلَه كما قال الشاعر:
إذا مات منا سيد قام سيد****قـؤول لما قال الكرام فعول.
وهذا حالنا، إن شاء الله، في الشام مع الشيخ المربي، والقائد المعلم الداعية الفذ/ محمد منير الغضبان، فالأمل في الله كبير، والخير في الأمة كثير، في أن نُعوَّض عنه، وعن كل من يعز علينا فقده، وعزاؤنا فيه أنه قد طاب نفسًا، وقرّ عينًا، بأن رأى جهوده، وجهود إخوان وأحبة له، قد أخذت تعطي بواكير ثمارها، وأن غراسهم قد صار لها ظلال يفيء إليها كل مؤمن مخلص، فكان ما كان من أهل الشام، وأجناد الشام، حين انتفضت على الباطل الظالم الباغي.. وهذا ما كانوا يعملون من أجله، ويضحون في سبيله...
رحم الله شيخنا الدكتور محمد منير، وأسكنه فسيح جناته، وعوضنا بفوارس آخرين، يقودون ركب جند الحق إلى أن يتحقق النصر، إنه سميع مجيب:  
ربّــــــــاه إنّ مـــنـــــيــــر حــــطّ رحــــالـــه
يا سابقين إلى الكريـــم ســــراعــــــا****أرواحُـــــــكم تسمُـــــو إليْــــــه تبــاعـــــا
ألقى السكينــــــة في قلوبِـــكمُ فمــــا****أبقـــــــتْ فُــــــــؤادًا خائــــــــرًا جَــــــزّاعا
فُزتُـــــم برضوان الإلــــــــــــه وقُـــربِـــــهِ****أهــــــداكمُ من فضــــله أنْــــــــواعـــــــا
لما حللــــتم في فــــــنــــــــــاء رحــــابــه****أقصـــى وأبعــــدَ عنكم الأوجــــاعا
ونسيتمُ ضنــــــــكَ الحيَــــــاة وبُؤسَها****وشـــــــــقـــاءها وتقــــــــاتُلًا وصراعا
ونســيتم جَـــــــــور الطواغـــيتِ الذي****أُشبعْـــــتموه بحـــــــقْـــــدهم إشبــــاعـا
ونسيـــــــتمُ ضيق السجُــون وكربــها****بتّـــم عطــــاشًا ليـــــلهــا وجيـــــــــاعا
بشـــــراكــــــمُ بأحِــــــــبّـــــة أضْـــــنـــاهُــــمُ****شوق لما قـــد أطرب الأسماعَــــا
علمــــوا بــــــأنّـــــكـــــــــمُ بـــــظـــلٍ وارفٍ****مستمتعين بأُنْــــــــسه استـــمْتــاعـــا
نــــــــــاداهمُ حَـــــادٍ مـــن الرحمــــنِ أن****هــيّــــــــا إلى جنّـــاتِــــــه إســـراعــــــــا
من بينــهم لبّــــــى النــــــــداء مُجـــاهدٌ****للحــــق كان مُـــؤيــدًا تـــــــــــبّـــــاعـــا
غضبـــــــان في وجــه العِـــــدا لكنـــــه****سمحٌ لمن تبـع الهدى وأطـــاعـــا
كم كان يغضب في الإلـــه مُنافحًا****عن دينــــــــه مُستبسلًا صــــدّاعـا
كم كان يغضـــب إن رأى ذا خسّةٍ****للخيـــــر ظــلّ مُحــــاربًا منّـــــاعــــا
ولــه جبــــيـــــــنٌ مُــــشـــرقٌ لأحِــــــبّــــــةٍ****في حُبّــه قــــد أجمعــوا إجْــمـاعــا
غرس الغراس فأصبحتْ معْــطاءةً****قد أيْــنعَـــــتْ ثمـــراتُــــها إيْــــــــنــاعا
ســـــــمّــاه والــــــدُه "منيرًا" فانـــــبـــــــرى****ليكون بَــــدرًا في الدنى وشُعــاعا
قــــاد السّفيْــــــنــة ذات يــــومٍ قاصـدًا****بــرّ الأمــان لتائـــــهٍ قـــد ضــاعــا
قاد السّفيـــنــة وســــط أمْـــــواج عتتْ****ولهَــا غـــــــــدا مجــدافها وشراعــا
لمْ يــدّخِرْ جُــهــدًا بضبْـــط زمــامِهــــا****بل كان فيهَــــا مُبــــدعًا إبْـــــداعا
قــــد كان يطمــع في دمشق رُسُـوَّها****وبغــــيــرِ ذلك لم يَـــكن طمّــــاعا
لِيعــــــــيد للشــــام الجــريــــــح حـيـــاتــــه****ويصـــونَ للإســـلام فيـه قلاعــا
مــــــع إخــــوة للــــه بـــــاعــــوا أنــفســــــًا****طــوبـــى لمن للـــــه نفســـًا باعـــا
حتـــــى أقــــــــــرّ اللـــه فـــــيهـــم أعينــــًا****في ثــورة كانُــــوا لهـــا صُنـــــاعـا
زرعــوا سنابــــلها، وروّوا أرضــهـــــــــا****بدمائهـم، أكْــــرم بهِــــــــم زُراعـــــا
ربّــــــــاه إنّ مـــنـــــيــــر حـــطّ رحــالـــــه****في باب عفوك تائبًا مطـــواعــا
فاغــفــــــــر له مـــولاي وارفــــع ذكـــرهُ****للحـــق كان مُنـــاصرًا رجّــــــاعـــا
الإثنين 4/شعبان/1435 الموافق 2/حزيران/2014


  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق