الأربعاء، 28 نوفمبر 2012

لا تفتحوا هذا الباب على الثوار....


لا تفتحوا هذا الباب على الثوار....

ما بين فترة وأخرى تطالعنا صفحات التواصل الاجتماعي، أو بعض المواقع، أو الصحف بأخبار تتعلق بانتهاكات قام بها الثوار لحقوق الإنسان، أو ما شابه ذلك...

والثوار بشر، يُخطئون ويصيبون، إلا أن المتتبع لجل أعمالهم يجد في الغالب أنه أمام أناس يتمتعون بأخلاق ثورية عالية، من الانضباط، وعدم إلحاق الضرر بأحد، وعدم التجاوزات في أثناء تحركهم على الأرض والانتقال بين المدن وأحيائها، أو الدخول إلى المنازل... ومن ثم فإن ما يُذكر عن تلك التجاوزات يمكن تفسيره بأحد الأمور الآتية:

1-    خطأ وقع فيه الثوار، بالفعل، من واقع بشريتهم. وفي الغالب نسبته قليلة، وحجمه، كخطأ، صغير.

2- فعل قام به الثوار، لم يفهمه أو يدركه المراقب، فحسبه خطأ وتكلم عنه من هذا المنطلق.وهو في حقيقة الأمر مبرر.

3- خطأ قام به منتحل لصفة (الثورية) وهو إما مدسوس من قبل الخصم، أو واحد من أولئك الأشرار في المجتمع الذين احترفوا الإجرام من سرقة ونهب وقتل واعتداء على أعراض الناس وممتلكاتهم.

وحتى لا تختلط الأمور ببعضها، ويلتبس الأمر على الناس، ويبدأ كل واحد منهم بالإدلاء بدلوه في هذا الأمر قاذفًا ومتهمًا ومضخمًا ومشوهًا ..وفاتحًا بابًا من أبواب الشر على الثورة، والشك بالثوار، وتشويه سمعتهم وأدائهم، وأخلاقهم، بما يُتيح لأصحاب النفوس المريضة، والقلوب الزائغة أن تصطاد في الماء العكِر، وتستغل ذلك لصالح أعداء الثورة...

أقول: أحسب، والله أعلم، أن على من يحب الثورة، ويعمل على مصلحتها، أن يتجنب إذاعة ذلك وإشاعته، بل عليه أن يلجأ إلى أصحاب الأمر والشأن ممن عينهم الثوار لتلقي مثل هذه الحالات، ومعالجتها بالطرق الناجعة والآمنة. فإن هكذا أمرًا يُعتبر من الأمور المتعلقة بأمن الناس وخوفهم، وحسب التوجيه القرآني الكريم ينبغي عدم الخوض فيه، وعدم إشاعته، حتى لا يترتب على ذلك مفاسد غير خافية، ومخاطر داهية. قال الله تعالى: ((وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا)).

وهنا نذكر أحبتنا الثوار بأن يهيئوا عددا وافيًا، من اللجان، التي يوصى بالرجوع إليها من قبَل الناس فيما يتعلق بهذا الأمر، وأن تكون أماكنهم معروفة وسهلة، أو على الأقل يُعين عناصر اتصال أو ارتباط بين الناس وبين تلك اللجان، وألا يُهمل الخبر الذي يصلهم، بل تحسن المبادرة إلى معالجته، وإصدار بيان بشأنه، أو على الأقل يُبلغ صاحب الشأن بما توصلت إليه اللجنة المعنيّة حول شكواه، إن لم يكن ثمة حاجة إلى بيان. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

محمد جميل جانودي

في الأربعاء 14/محرم/1434 الموافق لـ 28/تشرين الثاني/2012

                   

الاثنين، 19 نوفمبر 2012

هل لنا أن نخدم الثورة من غير أن نؤذيها...؟


هل لنا أن نخدم الثورة من غير أن نؤذيها...؟
أطياف كثيرة من السوريين، وبأعداد كبيرة جدًا، يتسابقون فيما بينهم كي ينالوا شرف المشاركة في الثورة، وخدمتها، والنيات لا يعلمها إلى الله تعالى، ولكن ينبغي أن يسبق حسن الظن بهم غيره مما يخطر على النفس، فيُنظر على أنهم مخلصون فيما يسعون فيه وإليه...إلا أن هذا لا يعني أن الإخلاص وحده كاف لإنجاح العمل، نعم هو ركن، ولكن له ركن آخر يعضده ويواكبه، يسير بمحاذاته ولا يواربه.. إنه الصواب في العمل... فالإخلاص والصواب هما الجناحان اللذان تحلق بهما الثورة طائرة إلى هدفها السامي المتمثل في إسقاط نظام الفساد والتسلط والقهر وإحلال نظام الصلاح والعدل والقيم النبيلة...وفي الطريق معوقات وعقبات، وحفر ومصدات، وللوصول إلى الهدف ينبغي أن تُزال المعوقات، وتُذلل العقبات، وتُردم الحفر، وتُزاح المصدات...ولا يتم ذلك إلى بمعرفتها، والإحاطة بها.. ومن أهمها:
1-      عدم معرفة الثائر نفسه وقدراته؛ فهو إما أنه يأخذ موقعًا أدنى من موقعه الحقيقي أو أعلى... وفي الحالين ضرر على الثورة... ففي الموقع الأدنى يُؤذي مرتين، الأولى: يحتل مكان ثائر آخر يناسبه ذلك الموقع، ويكون عطاؤه فيه أفضل، والثانية: يترك المكان المناسب له لغيره الذي ربما لا يكون صالحًا له، وإن أخذ موقعًا أعلى أفسد وحرم مستحقه منه.. فالضرر يتضاعف. وكذلك إذا جهل إمكاناته، فهو إما أنه يظنها أعلى مما لديه حقيقة، فيتصدر لعمل يظن أنه قادر عليه، وليس هو كذلك، فتقع الكارثة ويفشل. وإما أنه يستهين بما لديه ويزدريه، فلا يملك الجرأة للتصدي للعمل الكبير المناسب لقدراته، فيحرم الثورة منها، ويتيح بذلك المجال للآخرين الذين ربما لا تكون لديهم الإمكانات المناسبة.
2-     عدم إدراك الثائر للثورة وأهدافها على وجه الحقيقة... ومن ثم يقف نشاطه، عند حدود إدراكه... فالثورة لم تأت لتسقط طاغوتًا فردًا، وبسقوطه ينتهي الأمر... وإن ما يرفعه الثوار على مختلف أطيافهم من شعار إسقاط النظام هو في الحقيقة الهدف الأول والأدنى للثورة.. وما كثرة التضحيات إلا لوجود أهداف تلي ذلك الهدف..... صحيح إن إسقاط النظام، بحد ذاته، هدف كبير لأنه يعني سقوط الطواغيت جميعًا، وسقوط أركانهم، وسدنتهم، وسقوط الفلسفة القهرية والتسلطية والعنصرية التي قام عليها نظام البغي والفساد، ولكن، كما مر، هو الهدف الأول... ويأتي بعده مرحلة التنظيف، وإزالة الآثار والبقايا النتنة، وبعد ذلك تأتي مرحلة المحافظة على وحدة الثوار ولحمتهم، وعدم السماح لعوامل الفرقة والشحناء والتسابق للمكاسب المتوهمة أن تفعل فعلها في النفوس، ويعقب ذلك مرحلة التأسيس والبناء لنظام العدل والمساواة، والكرامة والعزة، والتكافل والرحمة... وهذه المرحلة أشق وأصعب، وأطول زمنًا من مرحلة الإسقاط والهدم.، ثم تتلوها مرحلة الحفاظ والحماية لهذا النظام الجديد من كل ما من شأنه أن ينخر فيه؛ قاعدة وقمة... وحين لا يدرك الثائر هذا كله فإنه يقف حيث انتهى به إدراكه... فترى الثوار يركنون إلى الدعة والكسل فوجًا إثر فوج، كل حسب مستوى الطموح والإدراك عنده... وتتعثر الثورة أيضًا بهذا المعوق...
3-     عدم قدرة بعض الثوار على الربط العضوي والنفسي للمجتمع بالثورة: كلما استطاعت مكونات المجتمع أن تنصهر في بوتقة الثورة، كان الترابط النفسي والعضوي بين تلك المكونات والثورة قويًا ومتينا،  وعندئذٍ يحس كل فرد أن الثورة ثورته، وأن فيها وحدها الخير له ولمن يخصه، وحين يرتفع صوت نشاز من هنا أو هناك ناقدًا بفظاظة، ومشَهِّرًا بإغاظة، عنده فرط من التحسس السلبي مما يسمع من شعارات، يرفعها من تحلّوا بالشجاعة والبطولات، يعبرون فيها عن هوية الأمة وعقيدتها... أقول: حين يرتفع مثل هذا الصوت فإنه يعمل على تمزيق الوشائج، وتقطيع الأواصر... والأمر ذاته حين يعلو صوت آخر، صوت لا يعجبه العجب، ولا الصيام في رجب، كما في المثل الشعبي، يشكك في كل عمل، ويزدري عطاء من جاد وبذل...يتتبع عثرات العاملين، وسقطات المجاهدين، ويعمل على تضخيمها وتهويلها حتى تبدو وكأنها لأخطاء البشرية كلها حاملة، وأن أصحابها أتوا للثورة بصواعق مرسلة... حين يعلو مثل هذا الصوت فإنه يقوم بمثابة الحالقة لعمله وعمل غيره...ولاسيما إذا تستر وراء كلام معسول، عن الأفاضل منقول، من غير فهم لمقاصد أولئك الأفاضل، وما يرمي إليه خيرة الكرام الأوائل... فكلا الفريقين للثورة معوق، ولجليل منجزاتها محرق...
4-      عدم وجود الاحترام المتبادل بين بعض الثوار: بعض الثوار يترك الهجوم على النظام وأركانه، ويوجه جام غضبه على فريق آخر من الثوار، بناء على نظرة مسبقة كوّنها عن أفراده، أو بسبب أنه يختلف معهم في الأسلوب... وينسى الفريقان أنهما متحدان قلبًا وقالبًا في الهدف الأساس؛ الأمر الذي يجعل نقاط التقائهما أكثر بكثير من نقاط تفرقهما، ينسى الفريقان ذلك ويمضيان في الشتم والتخوين، وإلصاق التهم التي لا تستند على حجة محترمة، أو منطق سليم. إنهم بذلك يخدمون النظام الفاسد، ويحلبون في إنائه. وهذا معوق كبير؛ لأن له أثرين سلبيين وضارين: الأول: إضاعة الوقت في خلافات جانبية، والانشغال عن الهدف الأساس المتمثل بإنهاء نظام الفساد والقهر. والثاني: بث روح الفرقة والتباغض بين القلوب، وهذه لوحدها قاصمة للظهر.
5-      عدم الانتباه وعدم التركيز على الاختراقات الأمنية والثقافية والشرعية التي يقوم بها النظام: إن غالب تلك الاختراقات تتم بسبب وجود ما يُدعى بـ "طيبة القلب" عند بعض الثوار فينخدع ببعض الكلمات المعسولة أو بأفعال قد تشد الانتباه وهي معكوسة الهدف.. أو بوجود جهل ثقافي عام ببدهيات، ينبغي العلم بها حتى تنضبط أفعال الثوار، بضابط، يمنعها من الوقوع في الخطر.. أو بعدم توحد الرؤية الشرعية في أمور تحتمل اجتهادات عدة... كل هذا يُساعد على وجود تلك الاختراقات المعيقة للثورة.!!!
6-      عدم المعرفة الدقيقة بالعدو وكذلك بالصديق: فكم من عدو يُحسب أنه صديق، وكم من صديق يُعامل على أنه عدو... وغني القول كم لهذا من الآثار المعيقة التي تترتب على عدم المعرفة تلك.
7-     عدم تشجيع الآخرين والإعجاب بأعمالهم: يذهب بعض الثوار، عن جهل منهم، بالتقليل من شأن غيرهم وأفعالهم، وهذا يؤدي إلى التقاعس والخمول، والانزواء في مكان مغمور...فالتثبيط، والزهد فيما يقدمه الآخرون يقتل حب العمل لديهم، كما يقتل التنافس على إنجازه كاملاً غير منقوص...
8-      فقدان القدوة الحسنة عند بعض المسؤولين: يأتي ذلك سواء على المستوى السياسي أو الميداني، وهذا يجعل من هم في نطاق مسؤوليتهم يتجهون إلى الفتور، والرضا بالقليل من العمل مع وجود القدرة على فعل ما هو أكبر
9-       عدم بذل المستطاع: الثورة كبيرة وعظيمة، وعدوها شرس متوحش، فعدم تسخير جميع الطاقات لها يعمل على إعاقتها وتأخير نجاحها. وأحيانًا يمسك المرء على عدم بذل المستطاع حتى لا يتعرض لضغوط وابتلاءات، فيُرضي ضميره بذاك القليل الذي بذله، فليته يتذكر ما قال الشاعر:
تريدين لقيان المعالي رخيصة       ولا بد دون الشهد من إبر النحل
وما قال الآخر:
إذا ما كنت ذا شــــــــرف مروم        فلا تقعــــــــد بما دون النجوم
فطعم الموت في أمر حقير       كطعم الموت في أمر عظيم.  
10- عدم التنسيق بين الثوار في مسيرتهم الثورية... وهذا يؤدي إلى فوضى واضطراب في العمل... فجميع العمليات المطلوب إنجازها على الأرض، كالإغاثة؛ بصورها العديدة، وتحرير البلدان، وجمع التبرعات والمعونات، ونشر الوعي الثقافي الثوري، وغيرها...كل ذلك يتطلب تنسيقًا بين العاملين في مختلف المجالات.
تلك هي أهم المعوقات التي تعترض طريق الثورة، وحين نتحاشاها نستطيع أن نقول بقوة: إننا نخدم الثورة من غير أن نؤذيها... والأمر سهل على من يسر الله عليه... قال تعالى: (( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)).
محمد جميل جانودي
الإثنين 5/محرم/1434 الموافق لـ 19/تشرين الأول/2012

الجمعة، 9 نوفمبر 2012

رسالتي إلى المجلس الوطني السوري الجديد


رسالتي إلى أعضاء المجلس الوطني السوري الجديد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: الإخوة أعضاء المجلس الوطني السوري عامة، والإخوة أعضاء الأمانة العامة فيه، وأخص منهم أيضًا الإخوة أعضاء المكتب التنفيذي... إن العملية التي قمتم بها بما أطلقتم عليها (إعادة هيكلة المجلس)، والتي مضى زمن وأنتم تحضرون لها، وتمهدون لإجرائها، هذه العملية لا ريب أنها جاءت استجابة لإرادة ذاتية عند أعضاء المجلس في التحسين والإصلاح، كما أنها جاءت تلبية لما كان يطلبه المحبون، أو تأثرًا إيجابيا بما ينتقده الآخرون...وأحسب والله أعلم أن عبارة (إعادة الهيكلة) يمكن أن نعبر عنها بـ (عملية إصلاحية)، والمهتمون بمختلف حالات الإصلاح يرون أن هذه العملية تتم من خلال خطوتين متتاليتين: الأولى يطلقون عليها: التصفية والثانية: يُطلقون عليها التحلية، وهذا معناه أن تتم عملية التصفية أولا بتخليص الكيان المراد إصلاحه من الشوائب والأجسام الغريبة التي تتعارض مع طبيعة مهمته، وأن تتم عملية التحلية بأن يُصار إلى انتقاء الأفضل والأجمل والأحلى والأمهر ليكون عنوانًا جليًا معبرًا عن ذلك الكيان بأدق وأفضل تعبير...

ويبدو من خلال المتابعات المؤيدة والمعارضة؛ لما أسفرت عليه عملية إعادة الهيكلة المعنية، التي تمت في الدوحة، نجد أن الأمر يحتاج إلى أن يطرح أعضاء المجلس الذين نيط بهم ما تم التوصل إليه، سواء ما يتعلق بانتخاب الأمانة العامة أو المكتب التنفيذي، أو الرئيس.. أقول الأمر يحتاج إلى طرح السؤال الآتي: هل رُوعيتْ خطوتا التصفية والتحلية بدقة في ذلك كله؟ وعلى الذين يطرحون هذا السؤال أن يتولوا الإجابة عليه بأنفسهم؛ لأنهم هم أدرى من غيرهم بدقة الإجابة؛ من منطلق ((بل الإنسان على نفسه بصيرة، ولو ألقى معاذيره)) مع أنّ لغيرهم رأيًا ينبغي ألا يُزهدَ فيه. وبعد الإجابة على السؤال تتم مقارنة الواقع الحالي بالجواب الدقيق... ويُصار بأسرع وقت إلى المبادرة لتدارك الفروق الكبيرة بين ما هو كائن وبين ما ينبغي أن يكون... وهذه العملية صعبة ومحرجة، ولكن عدم القيام بها سيكون أكثر صعوبة وأكثر إحراجًا إن لم نقل أكثر خطورة...ذلك لأنه عليكم أن تتذكروا أنكم لا تمثلون صفقة تجارية، ولا حتى سياسية، ولا جمعية إصلاحية خدماتية،... وإنما يُنظر إليكم على أنكم مرشحون لتمثيل أكبر وأنقى وأطهر ثورة عرفتها البشرية منذ أمد..وهذا يقتضي منكم القيام بالتصفية الحقيقية ثم تكرير هذه التصفية حتى يكون هدفكم منها هو أن يصبح المجلس أشد بياضًا من الثلج، وتتبعون ذلك بتحلية متوازنة حتى تتطلعوا إليه إلى أن يُصبح أحلى من العسل...

إخواني أعضاء المجلس، الزموا غرز الثوار، واجعلوا ما يرفعونه من شعارات مكتوبة بدمائهم مقاطع ولازمات شعريةً؛ ترددونها في كل اجتماع لكم، وزيّنوا بها جدران صالات اجتماعاتكم... واحذروا أن تُطمعوا فيكم (الأغراب) بوعد لا يرضاه الشهداء، أو بكلمة تكون ممسكًا عليكم من قبلِ الأعداء، وطوروا إيجابيات تجربتكم السابقة، وتحاشوا سلبياتها، وصارحوا الناس، مصارحة تجيب عن كل تساؤل يتردد في صدورهم... ولا تلتفتوا إلى ما فيه ذمكم إلا بالقدر الذي تستفيدون منه في مسيرة مجلسكم على مبدأ (رحم الله امرءًا أهدى إلي عيوبي)، وجُبّوا الغيبة عن أنفسكم ما استطعتم إلى ذلك سبيلاً، ولا تنسوا الله كيلا ينساكم.

إخواني الأعزاء، لا تسمحوا لمرض تظهر أعراضه بينكم أن يستفحل أمره، ويتفاقم خطره، وبادروا إلى معالجته باليسير السهل، قبل أن تضطروا إلى القطع والبتر، وحصنوا أنفسكم بدرع مقاومة الاختراق، سواء كان هذا الاختراق من عدو ماكر، أو من صديق جاهل، فالنتيجة واحدة في الحالتين، ولتكن صدوركم رحبة لأي نقد أو نصح، ونفوسكم لينة لمن ترونه يتجه إلى الهدف الذي تقصدون. واحذروا من تأجيل الضرورات من الأعمال مهما كان السبب، وأول هذه الضرورات: معايشة معاناة الثوار، الذين وضعوا أيديهم على الزناد، ولم يأبهوا بالتحافهم السماء أو افتراشهم الثرى...حتى يستيقن الناظر إليكم جميعًا: بأنكم هم وأنهم أنتم، فلا تشبعون إذا جاعوا، ولا تكتسون إذا أصابهم العري، ولا تأمنون إذا خافوا، ولا تتثاقلون إلى الأرض إذا ما هم حلقوا في السماء بمطالبهم وطموحاتهم وأهدافهم.. بل حاولوا أن تُحَلّقوا مثلهم، وتلحقوا بهم.. فإن فعلتم ذلك كنتم حقًا أهلاً بالعبارة التي رفعوها منذ زمن (المجلس الوطني يمثلني)، ثم بادروا إلى نقل هذه المعايشة إلى عمل يتجلى بين ظهرانيهم (الثوار)، وحذار أن تتأثروا بتثبيط المثبطين، وإحباط المحبطين... واعلموا أنكم إذا أمنتم الرقيب من بني البشر فإن رب البشر هو الرقيب الذي لا يغفل عمن يراقب لحظة، يحصي الأعمال ويسأل عنها، ويحاسب عليها.

 وفقكم الله إلى كل خير، وجنبكم كل مكروه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

محبكم/ محمد جميل جانودي.

جمعة الزحف إلى دمشق

 في 24/ذو الحجة/1433 الموافق لـ 9/تشرين الثاني/2012