الجمعة، 9 نوفمبر 2012

رسالتي إلى المجلس الوطني السوري الجديد


رسالتي إلى أعضاء المجلس الوطني السوري الجديد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: الإخوة أعضاء المجلس الوطني السوري عامة، والإخوة أعضاء الأمانة العامة فيه، وأخص منهم أيضًا الإخوة أعضاء المكتب التنفيذي... إن العملية التي قمتم بها بما أطلقتم عليها (إعادة هيكلة المجلس)، والتي مضى زمن وأنتم تحضرون لها، وتمهدون لإجرائها، هذه العملية لا ريب أنها جاءت استجابة لإرادة ذاتية عند أعضاء المجلس في التحسين والإصلاح، كما أنها جاءت تلبية لما كان يطلبه المحبون، أو تأثرًا إيجابيا بما ينتقده الآخرون...وأحسب والله أعلم أن عبارة (إعادة الهيكلة) يمكن أن نعبر عنها بـ (عملية إصلاحية)، والمهتمون بمختلف حالات الإصلاح يرون أن هذه العملية تتم من خلال خطوتين متتاليتين: الأولى يطلقون عليها: التصفية والثانية: يُطلقون عليها التحلية، وهذا معناه أن تتم عملية التصفية أولا بتخليص الكيان المراد إصلاحه من الشوائب والأجسام الغريبة التي تتعارض مع طبيعة مهمته، وأن تتم عملية التحلية بأن يُصار إلى انتقاء الأفضل والأجمل والأحلى والأمهر ليكون عنوانًا جليًا معبرًا عن ذلك الكيان بأدق وأفضل تعبير...

ويبدو من خلال المتابعات المؤيدة والمعارضة؛ لما أسفرت عليه عملية إعادة الهيكلة المعنية، التي تمت في الدوحة، نجد أن الأمر يحتاج إلى أن يطرح أعضاء المجلس الذين نيط بهم ما تم التوصل إليه، سواء ما يتعلق بانتخاب الأمانة العامة أو المكتب التنفيذي، أو الرئيس.. أقول الأمر يحتاج إلى طرح السؤال الآتي: هل رُوعيتْ خطوتا التصفية والتحلية بدقة في ذلك كله؟ وعلى الذين يطرحون هذا السؤال أن يتولوا الإجابة عليه بأنفسهم؛ لأنهم هم أدرى من غيرهم بدقة الإجابة؛ من منطلق ((بل الإنسان على نفسه بصيرة، ولو ألقى معاذيره)) مع أنّ لغيرهم رأيًا ينبغي ألا يُزهدَ فيه. وبعد الإجابة على السؤال تتم مقارنة الواقع الحالي بالجواب الدقيق... ويُصار بأسرع وقت إلى المبادرة لتدارك الفروق الكبيرة بين ما هو كائن وبين ما ينبغي أن يكون... وهذه العملية صعبة ومحرجة، ولكن عدم القيام بها سيكون أكثر صعوبة وأكثر إحراجًا إن لم نقل أكثر خطورة...ذلك لأنه عليكم أن تتذكروا أنكم لا تمثلون صفقة تجارية، ولا حتى سياسية، ولا جمعية إصلاحية خدماتية،... وإنما يُنظر إليكم على أنكم مرشحون لتمثيل أكبر وأنقى وأطهر ثورة عرفتها البشرية منذ أمد..وهذا يقتضي منكم القيام بالتصفية الحقيقية ثم تكرير هذه التصفية حتى يكون هدفكم منها هو أن يصبح المجلس أشد بياضًا من الثلج، وتتبعون ذلك بتحلية متوازنة حتى تتطلعوا إليه إلى أن يُصبح أحلى من العسل...

إخواني أعضاء المجلس، الزموا غرز الثوار، واجعلوا ما يرفعونه من شعارات مكتوبة بدمائهم مقاطع ولازمات شعريةً؛ ترددونها في كل اجتماع لكم، وزيّنوا بها جدران صالات اجتماعاتكم... واحذروا أن تُطمعوا فيكم (الأغراب) بوعد لا يرضاه الشهداء، أو بكلمة تكون ممسكًا عليكم من قبلِ الأعداء، وطوروا إيجابيات تجربتكم السابقة، وتحاشوا سلبياتها، وصارحوا الناس، مصارحة تجيب عن كل تساؤل يتردد في صدورهم... ولا تلتفتوا إلى ما فيه ذمكم إلا بالقدر الذي تستفيدون منه في مسيرة مجلسكم على مبدأ (رحم الله امرءًا أهدى إلي عيوبي)، وجُبّوا الغيبة عن أنفسكم ما استطعتم إلى ذلك سبيلاً، ولا تنسوا الله كيلا ينساكم.

إخواني الأعزاء، لا تسمحوا لمرض تظهر أعراضه بينكم أن يستفحل أمره، ويتفاقم خطره، وبادروا إلى معالجته باليسير السهل، قبل أن تضطروا إلى القطع والبتر، وحصنوا أنفسكم بدرع مقاومة الاختراق، سواء كان هذا الاختراق من عدو ماكر، أو من صديق جاهل، فالنتيجة واحدة في الحالتين، ولتكن صدوركم رحبة لأي نقد أو نصح، ونفوسكم لينة لمن ترونه يتجه إلى الهدف الذي تقصدون. واحذروا من تأجيل الضرورات من الأعمال مهما كان السبب، وأول هذه الضرورات: معايشة معاناة الثوار، الذين وضعوا أيديهم على الزناد، ولم يأبهوا بالتحافهم السماء أو افتراشهم الثرى...حتى يستيقن الناظر إليكم جميعًا: بأنكم هم وأنهم أنتم، فلا تشبعون إذا جاعوا، ولا تكتسون إذا أصابهم العري، ولا تأمنون إذا خافوا، ولا تتثاقلون إلى الأرض إذا ما هم حلقوا في السماء بمطالبهم وطموحاتهم وأهدافهم.. بل حاولوا أن تُحَلّقوا مثلهم، وتلحقوا بهم.. فإن فعلتم ذلك كنتم حقًا أهلاً بالعبارة التي رفعوها منذ زمن (المجلس الوطني يمثلني)، ثم بادروا إلى نقل هذه المعايشة إلى عمل يتجلى بين ظهرانيهم (الثوار)، وحذار أن تتأثروا بتثبيط المثبطين، وإحباط المحبطين... واعلموا أنكم إذا أمنتم الرقيب من بني البشر فإن رب البشر هو الرقيب الذي لا يغفل عمن يراقب لحظة، يحصي الأعمال ويسأل عنها، ويحاسب عليها.

 وفقكم الله إلى كل خير، وجنبكم كل مكروه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

محبكم/ محمد جميل جانودي.

جمعة الزحف إلى دمشق

 في 24/ذو الحجة/1433 الموافق لـ 9/تشرين الثاني/2012

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق