الخميس، 13 يناير 2011

معاوية بن أبي سفيان

بسم الله الرحمن الرحيم
معاوية كاتب الوحي
هو معاوية بن أبي سفيان (صخر بن حرب القرشي الأموي)، والذي يروق لبعضهم أن يطلق عليه "ابن آكلة الأكباد" ولست أدري أيليق بالأمة أن تُطلق على عبد الله بن عمر: ابن من كان ممتشقًا سيفه لقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو تُطلق على علي بن أبي طالب "ابن المكابر الذي آثر البقاء على دين الآباء والأجداد من الدخول في دين الحق" أو تُطلق على خالد بن الوليد " ابن من فكر وقدّر وقُتل كيف قدّر" أو ... ومعاوية أحد الّذين ائتمنهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم على كتابة الوحي، وهي مهمة جدُّ خطيرة، ولاسيّما أنه يكتب لمن لا يكتب ولا يقرأ فيستطيع التغيير والتبديل كما يشاء.. ولو افترضنا أن هذه مُتداركة بسبب وجود آخرين غيره يكتبون فلا يجرؤ على التحريف كيلا ينكشف أمره.. أفينطلي الأمر على من ينطق بالوحي، ومن يوجهه الوحي بأمر الله..- حاشاه من ذلك - فيقبل فيمن يكتبون الوحي رجلاً فيه كيت وكيت.. أوْ لا يكون خالص الإيمان والحب لله ورسوله.. إن إسناد كتابة الوحي لمعاوية لهي تزكية زكية له... تزكية يستحق بها أن يوصف بالأمانة والذكاء والفطنة.. وهل الأوصاف النبيلة في أي رجل غير هذه أو ما يندرج فيها؟! وهو الذي ولاه الخليفة الثاني على الشام، وهذه شهادة أخرى على أمانة الرجل وقوته في أداء المهام الموكلة إليه.. هذا بغض النظر عن الآثار التي رويت وهي تشهد له بما يؤهله لأن تجعل المرء المنصف يضع في فمه حصيات عدة قبل أن يخوض في أمور اجتهد فيها معاوية فيحسبها الخائض عليه لا له !!! وأما ما حصل منه في تلك الأجواء الملبدة والتي تموج بالفتنة، واجتهد في تخليص الناس منها، والتي لا نقول أنها كلها صواب.. فيبقى معاوية بشرًا، ومَن غيره من البشر بخلاف المعصومين من الأنبياء لا يُخطئ ؟ أفنضرب صفحًا عن كل منجزات الرجل وما قدمه في سبيل الأمة لجعلها تقف على قدميها بعد أن كادت أن تعصف بها الفتن ومروجوها؟ إنه عمل ليس من الإنصاف في شيء.. وهل يليق أن نحشر ما قام به من اجتهاد، ولو كان خطأ، بمناسبة وغير مناسبة ونجعله عنوانًا مكبّرًا لذلك الخطأ حتى تنحجب به كل عناوين الخير والصلاح؟؟ إن الذي يفعل ذلك يقزّم ما لديه من كبير ويشوه ما يقدم من درر، ونحن لا نريد إلا كبيرًا غير مُقزّم ودررًا ناصعة زاهية..
 إن معاوية مؤسس الدولة الإسلامية في صورتها القريبة من الراشدة، لأنها جاءت بعدها، فكانت متأثرة بها إلى حد كبير.. ولْيُعلم أن الذين يلتمسون له العذر لايضعونه إلا في مقام أدنى من ذاك الذي يولونه لعلي رضي الله عنه، ولآل بيته الطيبين الطاهرين، ولكن لأمر يريده الله مكنّ لمعاوية؛ ومن يدري فلربما كان ذلك هو الأنسب للأمة بعد الذي تعرّضت له... ألم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم عن أبي ذر أنه ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر، ولكنه منعه من الإمارة لأنه لا يصلح لها ولا تصلح له.. فلنتق الله في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضوانه عليهم أجمعين.. وليبق ماثلاً في أذهاننا أنهم بشر وغير معصومين فلندع الله أن يغفر لهم ما بدر منهم مما هو غير صحيح.. وأن يجزيهم الخير على ما قدموه وبذلوه...والاستفاضة في هذا الحديث واسعة لكن يكفي ما أردت الإشارة إليه،.. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل...
محمد جميل جانودي
الخميس 9/صفر/1432هـ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق