الاثنين، 14 يناير 2013

إطلالة على مخيم الزعتري


يا نفس بالصبر الجميل تدثري

(إطلالة على مخيم الزعتري)

يا نفــسُ بالصــبر الجميل تدثـــــري        وقفي مليـــا في خــــــــيـــام الزعتري
فهـــــــــــنــاك أهـــلي والأحبّـــة كلُّهـــــــم         سيْقــوا إليهـــــا في الزمان الأغبر
وهنــــاك خـــلانُ الوفــــــــــــــا خلّـــفتُـــهم         من مــــدة في أســـــر عــــلـجٍ مفترِ
في الشام كانوا قبــــله في راحـــــــــةٍ         وسعادة، عاشوا بعقـــل نيـــــــــــــــــــــر
وهــــبــوا لسوريا نفــــــــــوسَهم ومــــــــــــا         بخـِــــلوا وجـــادوا بالعطـــاء المثمـرِ        
كانوا أعـــزّة قومهـــم وخيــــــــــــــارَهــــــــم         وأريجهــم في الحـي مثل العنبر
كانوا الرياحين التي قــــــــد أبهــــرت        عينـًا رأتهـــــم كالجبيــــــن المزهــــــــر
وهـــم الكمــــاةُ إذا تنــــادى قــــومـهــــم         لكــــريهــة، فـــزعوا بعـــــــزم مـــبهـــر
في لــــيـــلة ظلــــــمـــــاء هدد أمْــــــنــــهم         لصٌ وجــــاء بقلبِـــــــــــــــه المتحجـر
أجلاهمُ عن أرضهـــم وديـــارهــــــــم         هــــربوا ســـــراعا للجـــــــوار المقـفـــر
صحـــــراء مجـــــدبة ورمـــــــل هــائج         وهـــوام تلسع مثل طعـن الخنجرِ
في الصيف جمر لا يـزول أواره         وشتاؤهـــا يأتي بـــريحٍ صـــرصــرِ
سكنـــوا خــيـــامًا، هكـــذا قد سُمّــــيتْ        مفــــروشـــةً بالشـــــوك لا بالمــرمـرِ
وإذا السحـــاب رمـــــــــــى بأثـــقـــالٍ له         في إثـر رعـد قاصـفٍ ومُـزمْجر
       تجد الوجــوه وقد علتها غبــــــــــــــــــــرة         وغدت كوجه البــائـس المتحــــيرِ        
فالثــلجُ يُهدي الأرض ثوبــًا ناصعًا        ولهم يجــــود بثَوبه المتزمهــــــــــر
والريـــــحُ تقتــــلع الخيام بأســـرهـــــــــــــا         والناس تهرب للعـــراء الممْطَــــرِ
كم من صغير صار يرجف جسمه      من قسوة البرد الشديد وينبــــــــري
والشيخ أحـنـــــــى ظهــره مستسلــمـــــًـا        من غير ثوب ساترٍ أو مئــــــــزر
والأم تحضن طفـــــــــــــلها وتضمــــــــه         تحميه من لفح السموم الجائر
وقرأت في عينـــــي طفلٍ صـــرخــــةً         ولِفهمــــها نحــــتـــاج ألف مُعـــــــبّرِ
أتُراه يشــــكو مــــــا يُعـــــــاني مُــــــــــــــرَّهُ        تحت الخيام من العذاب المُنـــكرِ
أم إنه يَـــــشكو قطيعـــة مـُــــــــــــــــــدّع         لوشيجـــة القـــربى، أخيـــه المُوسر
أم إنــه يشكــو الأنـــــام جميعــــــــــهم         عمّا جَنــــوه بحـــــق شعــــــــبٍ ثـــائر
لا فرق في تلك الشكاوى إنمــــــــــا        هي في النتيجة قتل حق ظاهــــر
يا أيهـــا العـرب الّذين تفـــــاخـــــــروا        بأصــــولهم، هــــلا رأيتـــم منـــــــظري
هــلا رأيتم حَــــالتي؛ يُرثــــى لهــــــــــا        ودموعــيَ الحـــرّى جرت كالأنهُــــرِ
قدمـــاي حافـــيتان لا يحميهمــــــــــا        نعـــلٌ ولا أحــــد لنعْـــــــلـــــي يشــــتـــــــري
أبـــواي قد ماتا بقصف قُــريّــــــتي        وأمامَ عيني قد تـــــهــدّم متـــجـــــــــــــري
يا مُــدّعون النبْــــلَ أين فِعــــــــالكم        أم إنــــــكم بالفعــــــل نحــــــــــو تقهقـــــــــــر
أنا لستُ وهْمـــــا إنما حق بـــــــدا         أوليس فيكم، سادتي، من مُبصـرِ
إني وأتــرابي هنــــا في محنــــــــــةٍ          ما زال عنـــواني (خيام الزعتـــري)
محمد جميل جانودي
الإثنين 2/ربيع الأول/ 1434 الموافق لـ 14/كانون الثاني/2013    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق