الجمعة، 22 أغسطس 2014

مع الشهداء القادة.....


مع الشهداء القادة...
كان شهداء غزة الثلاثة، يوم الأربعاء المنصرم، على موعد مع عرس كبير، يُقام لأجلهم، في موكب عظيم، جمهوره كرام بررة، يحملون ورودًا نضرة، ذات روائح عطرة، أما عرائسه، فهي قبسات نيرات، وومضات ساطعات، من نور رباني، تطوف، في سماء المكان، وتسابق الزمان، تتنافس مع الحور العين، أيها يسبق ليكون وسامًا يزين صدر كل شهيد...
كان لسان حالهم يقول:
سبحنا في بحار النور نــــرنو****لمَــــــولانا، وقـــــــاربُـــــنا يسيــرُ
نسينا ظُلمة الدنيا وصِـــــــــرنا****إلى فـــردوس بارئـــنـــــا نطيرُ
في الحقيقة لم يكونوا ثلاثة... كانوا شعبًا حرًا أبيًا، يتسابق جميع أبنائه لمثل هذا الزفاف، يمتطون بُراق الشهادة، ليصلوا بلمح البصر إلى المقام الندي، والظل الوارف، والجوار الكريم...وقبل ذلك كله؛ لتحلق أرواحهم في عليين بعد أن نعمت برضوان خالقها العظيم.
نبَـتنا في ثـــــــرى أرض طهور****وربّـــانــــــــا عبــــــاقـــرة صقــــــورُ
بحـــــــبل الله لُذنا واعتصـــمْـنــا****فما غزت النفوسَ لنا كُدورُ
نشأنا إخـوةً في اللـــه نمضي****وما عاقت مسيرتنا القشورُ
ليس ما سبق كلماتٍ منمقةً، ولا سطورَ عن أساطير، يسبح فيها خيال أديبٍ، فيزيَّن له أن يقول ما يحلو له أن يقول...
لا ، بل هي حقائق، بأسماء وكنًى، بلحم ودم، قضوا شهداء في أرض ولدتهم، فاحتضنتهم كما تحتضن الأم فلذة كبدها بعد أن قرت عينًا ببرهم ووفائهم...
أجل... هو ذاك؛ فالأم أرض غزة، والعرس لأبناء لها، محمّدَين ورائد، محمد أبو شمالة، ومحمد برهوم، ورائد العطار...خيار من خيار..حقائق بيّنات ظهرت على لسان صادقات، مؤمنات عفيفات، تعطرت جباههن برذاذ دماء هؤلاء الشهداء...كُنّ لهم أزواجًا أو أمهات... وأرحامًا قريبات ... كانت ألسنتهن تنطق بكلام واحد، كأنهن تواصوا به...أو كأنهن اغترفـنه من إناء واحد، فيه درر حسان من بديع العبارات، وأنصع الكلمات...لقد قلن ببيان ساحر، وجلاء مُبهر( ألا لا يفرحَنَّ العدو بأنه قتل القادة... فقد استشهد من قبل قادَة أُوَل: أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي، ونزار ريان، ويحيى عياش...وغيرهم كثير...واستمر الجهاد... فالأرض ولود، والمدرسة التي تربى فيها السابقون هي نفسها التي نشَّأت هؤلاء، وهي هي التي ستجود بقادة المستقبل وفرسانه... النبع ثر، والأرحام طاهرة نقية، والأرض معطاء...فإمّا أن نموت شهداء أو نعيش بكرامة وإباء...) هذا ما قالته الأمهات والزوجات... قلن ذلك وعيونهن تتراقص فرحًا بمشهد هذا العرس، وشرف هذا الوسام الذي زينهن جميعًا...
يَقـــــول الجاهلون مقـــــــال ســوءٍ****بأنّ القتــــــل يجعـــــلنا نخـــــورُ
فهل مَن كان في الظلماء ميتًا****كم هو قلبــــــُه حيٌ مــــــنــــيرُ
سنورث غـــــــــزة الغــــرّاء صِـــيْدًا****ذوي جـلّدٍ، وليس لهم نظيرُ
ويرجف منهــــــمُ الأعـــداء ذعـــرًا****بأيديهم لقـــد حُفـــرت قبــــــورُ
سنورث قـــــــــــادةً أقوى مضــاءً****بهم يُهدى لنا النصر الكبيرُ

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق