الاثنين، 3 أكتوبر 2011

تحية للمجلس الوطني عبر هذه الورقة


بسم الله الرحمن الرحيم
تحية إلى المجلس الوطني السوري الموقر من خلال هذه الورقة
تم في يوم الأحد 4/ذو القعدة/1432هـ الموافق لـ 2/10/2011 تشكيل المجلس الوطني السوري لتمثيل الشعب السوري في ثورته المباركة من أجل قيام دولة الحق والعدل والقانون بعد تنسم الحرية واسترداد الكرامة.
وهي خطوة جيدة وضرورية وملحة ليكتمل العمل التعاوني بين الداخل والخارج، ولا يسع كل سوري إلا أن يدعو لهذا المجلس بالتوفيق والنجاح في أداء مهماته، وأن يُجنبه العوائق الظاهرة والباطنة.
وبهذه المناسبة أردت أن أذكر ببعض النقاط التي ليست بغائبة عن المعنيين من الأفاضل أعضاء المجلس، وكثير غيرهم، ولكن ليقيني أن الذكرى تنفع المؤمنين.
النقطة الأولى: تحديد الهدف من تشكيل المجلس : إيجاد كيان عضوي حركي يتلاحم عناصره مع بعضهم، متعاونين بشغف واندفاع، ليمثلوا الشعب السوري بصورة عامة في العمل على تحقيق هدف ثورته المباركة التي انطلقت في منتصف آذار 2011 وما زالت مستمرة بصورتها السلمية المشرفة بالرغم من المعاناة التي تكابدها متمثلة بصور متعددة من صور القمع معدوم النظير في العالم قاطبة. هذا الهدف يتجه نحو إسقاط نظام الفساد السائد بكل ما تقتضيه هذه العبارة من مدلولات. والانتقال بسوريا إلى نظام الحق والعدل والقانون بعد نيل الشعب حريته واسترداد كرامته من خلال التفاعل الدائم مع حراك الثورة اليومي.
النقطة الثانية: تحديد وسائل تحقيق الهدف وأنواعها، ومنها:
الوسيلة الدعائية التعريفية: عن طريق توضيح مفصل للتعريف بالمجلس وبأعضائه، وبإعطاء لمحة موجزة عن سيرة كل منهم وتاريخه النضالي، وعن المجال الذي يمكن أن ينشط فيه.. فالشعب لا يمكن أن يقبل بممثلين له في هذه المرحلة وهم مجهولون بالنسبة لشريحة من شرائحه، أو أكثر، أو حتى بالنسبة لأفراد منه. وتشمل هذه الوسيلة أيضًا التعريف بالوسائل التي يُزمع المجلس اتخاذها للوصول إلى هدفه بصورة مجملة لا تفصيلية، وتشمل تعريف الشعب بالخطوات المتتابعة التي يقوم بها المجلس من غير تأخير.. وإن كانت هناك بعض الخطوات يتطلب فيها التكتم لدواع أمنية فكل شيء يُقدّر بقدره، وحين تكون النوايا صادقة فلا يمكن أن يُلجأ إلى تبرير ما يُخفى بأن إخفاءه ضروري وهو في الحقيقة نتيجة تباطؤ أو إهمال.. إلى أمور أخرى يكون من المفيد التعريف بها.
الوسيلة المالية: المال هو عصب الحياة، ومن باب أولى أن يكون عصب حياة المجلس وضمان بقائها شابة فتية، حتى يمكنه ممارسة مهامه. وهنا وفي الدرجة الأولى: على كل سوري يهمه نجاح المجلس أن يعتبر نفسه أحد منابع التمويل للمجلس، كل حسب طاقته، ولكن يجب ألا يحكم ذلك الفوضى.. وبعد ذلك يأتي ما يُتاح للمجلس من مصادر تمويل من خلال شركات أو مؤسسات سورية في المقام الأول، وبعدها لا ضير من أن تكون غير سورية على أن يكون الأمر مدروسًا بدقة وحذر حتى لا يتماشى مع ذلك فرض شروط غير مرغوبة أو تكون معيقة لعمل المجلس. ولا يقف الأمر عند جمع المال وتأمينه، بل يتعدى إلى كيفية إنفاقه، وتوزيعه بصور عادلة إلى جميع مناحي إنفاقه عبر لجان المجلس، ويجب أن يكون ذلك كله موثّقًا، ومُعلنًا للناس.
الوسيلة الإعلامية: بالتأكيد سيكون للمجلس لجنة إعلامية، تنشر عبر وسائل الإعلام، على اختلاف أنواعها، ما يُنجزه المجلس من مهام، فيفترض أن يكون نشاطها مواكبًا لمجريات الثورة وأحداثها.. والحذر من التأخر عنها.. كما يُفترض ألا تُغْفل كبيرة أو صغيرة من شأنها أن تعطي دفعًا معنويًا للمجلس أو لشباب الثورة ، بل تبرزها جلية في وسائل الإعلام بوقتها المناسب، وغني عن القول أن هذه الوسيلة تشمل الاهتمام بما يكتبه المثقفون والسياسيون والأدباء والشعراء والقانونيون وأقوال كل من يُدلي بما لديه في أمر الثورة وأمر المجلس، اللذين في حقيقة الأمر هما أمر واحد.. وعلى اللجنة الإعلامية أن لا تضيق ذرعًا بأناس يكتبون وينتقدون من منطلق مصلحة الثورة، وعليها أن تميز بينهم وبين من يدس في طيات ما يكتب أفكارًا ومعلومات، وبيانات مغلوطةً، من شأنها أن تعود إلى الثورة بالضرر. وتشمل هذه الوسيلة تسهيلَ الظهور على وسائل الإعلام لمن ينفع ظهوره، وتسهيل عقد الندوات والمقابلات السريعة زمنيًا أو العادية. ومؤازرة المشاركين بالأفكار الخاصة بالموضوع الذي سيُطرح. وتشمل كذلك إعداد صحيفة أو أكثر تتحدث باسم المجلس، أو مجلة، وبلغات متعددة ولاسيّما الحية منها.كما يحبذ إحداث فضائية إعلامية خاصة به، أو على الأقل تسخير مساحات واسعة من فضائيات النصرة للمجلس، ويحسن أن يكون للمجلس ناطقٌ إعلاميٌ باسمه.
الوسيلة الثقافية: تكون بنشر الوعي، بين الناس، والتحدث عن ما يُنجزه الثوار على الأرض من بطولات وقصص ونوادر، وما يُمارسه النظام القمعي، وكذلك تنشر آراء الناس والهيئات واقتراحاتهم، وانتقاداتهم، لتكون موضع دراسة من قبل اللجنة المختصة من لجان المجلس، الاستفادة من هذه الدراسة في عمل المجلس، كما يمكن أن يكون لها نشاط في تأليف كتب، متعددة العناوين، ذات صلة بالثورة.. (كتب توثيقية، قصص أدبية، دواوين شعر، كتب عن الشهداء، كتب عن المواقف المؤيدة والمواقف المضادة، كتب تتضمن حلقات إعلامية متجانسة ذات علاقة بالثورة؛ مثل كتاب عن حلقات الاتجاه المعاكس أو حديث الثورة أو بانوراما أو أحاديث الأساتذة المهتمين عبر القنوات الفضائية كالأستاذ زهير سالم، والدكتور برهان غليون، والدكتور رضوان زيادة والأستاذ هيثم المالح، وأحاديث الشيخ عدنان العرور وغيرهم وهم كثر وأثرياء فكريًا ونشاطًا ولله الحمد... كما تشمل بتجميع مناسب وموضوعي لأشرطة الفيديو التي أثرى نشطاء الثورة الساحة العامة بها.. ولكنها تحتاج إلى ترتيب ما، إما حسب الموضوعات أو حسب المحافظات أو حسب التاريخ.. كل ذلك يُدْرس...
الوسيلة الأمنية: تكون بالحذر والحيطة، واتخاذ تدابير الحماية والحفظ للمجلس على مستوى الأعضاء أو على مستوى الهدف أو الوسائل، فإن مجلسًا أنيطت به أهم عملية تغيير تشهدها المنطقة منذ أمد بعيد، لا يُمكن أن يتركه المتربصون به من غير أن يعملوا على إعاقة أعماله، وحرفها عن الاتجاه الصحيح، فسيعمدون إلى بلبلة الأفكار، وصرف النظر عن الهدف الرئيسي، وتشتيت الآراء، والتثبيط، والتيئيس وحتى ربما إثارة الشكوك حول الرموز المشهود لها بتاريخ من الجهاد والنضال من أجل الحرية والعدالة...فباليقظة التامة، والمراقبة الدقيقة، والمتابعة المستمرة، والتذكير الدائم، يمكن بكل ذلك تجاوز كثير من العقبات في هذا المجال.
الوسيلة الوقائية: وأعني بها محاولة تتبع ما يُثيره خصوم المجلس والمتربصون به من شُبه، ودعايات، ويسندون إليه من تهم وأقوال وأفعال، ويفسرون ما يكون قد صدر منه على غير المقصود، وذلك بندب جنود عمل من السوريين الذين هم في صف الثورة والتغيير، وممن لديهم الكفاءات العالية للقيام بهذه الوسيلة خير قيام، وليتهم لا يكتفون في هذه الحالة بالمواقف الدفاعية، وإنما يتخذون دور المهاجم ويتعاملون مع الطرف الآخر بمبدأ ( رمتني بدائها وانسلت) أو (ضربني وبكى وسبقني واشتكى) وإن كان الواقع قد تجاوز ذلك فما من أحد تقريبًا يُصدق تلك الافتراءات والتهم.
وسيلة الوجود القوي في الساحات: يجب أن يكون للمجلس وجود ما، يُمثله في كل مكان في العالم، وتتفاوت درجة قوة هذا التمثيل من مكان إلى آخر حسب الأهمية.. فيفترض، أنّى تحرك المرء العادي، أن يجد نشاطًا ملموسًا، ووجودًا فاعلاً للمجلس، يقوم بكل ما ذكر أعلاه لتحقيق الهدف الأساسي من تشكيله. ولا نعجب إذا قلنا أن هذا الوجود قد يكون بأسرة واحدة تعيش في مزرعة، فيكون الأبرز من أفرادها قائمًا بهذه المهمة ولو بأيسر صورها، وقِسْ على ذلك...وعلى هذه الوسيلة أن يظهر نشاطها في المدارس والمصانع ومناطق التجمع البشري، والأسواق، وداخل المؤسسات العامة، والشركات، وغير ذلك.
الوسيلة الرابطة بين الداخل والخارج: ربما تكون هذه الوسيلة من أصعب الوسائل، ولكنها هي بالتأكيد من أهمها، فيجب ألا تنقطع هذه الصلة، بل إن مرتكز نجاح المجلس في الوصول إلى هدفه هو نجاح تحقق هذه الصلة بكل ما تقتضيه من معنى... صلة تشاورية، صلة تكافلية، صلة روحية، صلة تكميلية (بمعنى تكامل الأراء والأفكار وتلاقحها)، صلة تنسيقية بحيث لا يوجد أي تضارب بين ما يصدر عن أحد جناحي المجلس مع ما يصدر عن جناحه الآخر.
الوسيلة الروحية: هذه الوسيلة بنظر كثيرين من أهم الوسائل إن لم تكن أهمها.. فإن الذي ما من شك فيه أن المجتمع السوري مجتمع مؤمن بالله سبحانه وتعالى، بغض النظر عن الدين الذي يتجلى من خلاله هذا الإيمان، وأن جميع الأديان في سوريا مجتمعة ومتفقة على مجموعة من القيم والمبادئ والتي لها ارتباط وثيق بهدف المجلس، مثل محاربة الظلم والفساد، والتمايز على غير أساس العمل الصالح، وهنا تبرز أهمية الطاقة الروحية لدى الناس جميعًا في تحفيز وجود فعال لهذه المبادئ... فتتفاعل القوى العاملة بعيدًا عن أي غش أو خداع أو غدر أو خيانة أو مواربة بدافع قوي من ذلك الإيمان المتأصل في النفس، وبذلك يختصر المجلس كثيرًا من الإجراءات ويوفر المال والجهد... في عمليات الرصد والمتابعة، أقول يوفر ولا أقول يُلغي .. فلا بد من وجود المراقبة المادية كما هو معلوم. فإن عددًا كبيرًا من الحراس ربما لا يستطيعون منع إنسان أن يسرق من مصنع، ولكن إحساسه برقابة الله له يردعه ويمتنع ذاتيًا عن ذلك. وتتمثل هذه الوسيلة أيضًا باستمرار التواصي بين أعضاء المجلس بالحق والتزامه، والصبر على صعوبة الطريق من أجل إظهاره على الباطل. وتتمثل كذلك بإشعار جميع السوريين على أن هناك رابطة من نوع خاص بين المجلس وبينهم، ويقوى هذا الإحساس بأن يبتعد أعضاء المجلس، أيا كانوا، عن أي صورة للأنانية، والتعالي، والتميز على الآخرين؛ سواء في نمط معيشتهم اليومي، أو من خلال أحاديثهم في وسائل الإعلام، فتكون العلاقة بينهم وبين الناس علاقة حب واحترام وتقدير.. لا تسمح للآخرين بأن يصطادوا من خلال تلك العلاقة صيدًا يصب في شباكهم... كما يحاول هؤلاء الآخرون إبراز ذلك في عبارات مثل: الحياة في فنادق خمس نجوم، والترفه على حساب الناس، والارتباط بمشروع أجنبي، وفي الحقيقة يمكننا أن نقول أن المجلس راعى ذلك إلى حد لا بأس به من خلال الصالة المتواضعة التي أعلن تشكله فيها...
النقطة الثالثة: دراسة الأداء والتقويم
لا بد لينجح أي عمل من أن تكون له محطات يتم فيها دراسة النتائج، ومعرفة نجاعة الوسائل المتبعة في الوصول إلى تلك النتائج، نجاحًا أو إخفاقًا، فيُصار إلى تطوير الوسائل ودعمها في حالة النجاح، وإحلال غيرها محلها في حالة الفشل أو تعديلها بما يُؤدي إلى الأفضل... ويجب أن يتم هذا على جميع محاور العمل؛ الدعائي، والإعلامي، والثقافي، والتحرك الميداني. وفي هذا المضمار يُسْتحسن؛ بل يجب على المجلس أن يُصدر بيانات عن كل محطة يُطلع فيها السوريين جميعًا بل وغيرهم من المهتمين بالشأن السوري، على معلومات تشير إلى أين وصل المجلس في طريقه إلى الهدف، وما المشجعات، وما المثبطات...وكل ما من شأنه أن يفيد اطلاع الناس عليه، ويجب أن تتجلى في هذه البيانات المصداقية، والصراحة.
وأخيرًا أسأل الله تعالى أن يأخذ بيد المجلس بمختلف لجانه وهيئاته إلى تحقيق الهدف الذي شُكّل من أجله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
محمد جميل جانودي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق