الثلاثاء، 18 يونيو 2019


بين يدي رحيل الرئيس الفذ محمد مرسي
====================
أيها الرئيس الفذ الكبير، لن يفرح شانئوك بموتك، ولن يهنؤوا وهم يرون مصر، كنانة الله في أرضه، تحضن ابنها البار بين حناياها، وهي تقول له: تعال يا ولدي وعد إلى أحشائي ثانية، فالطغاة الذين هم على ظهري، رفضوا بشدة وإلحاح جود عطائك، وأريج ورودك وأزهارك، ورفضوا التنعّم بثمار برّك وإخلاصك، وقبضوا أيديهم  عن الغرف من معين علمك، والسباحة في بحر نقائك وطُهرك وصفائك...
نعم يا أبا المصريين، بل يا أبا العرب والمسلمين، بل يا نبض الإنسانية الذي لن يُوقفه موت جسد، هو بالأصل إلى فناء..
أجل.. أنك أب لكل أولئك إلا من أبى، فإنه محروم.. وبعقدة الحسد والحقد مأزوم...
نعم يا أيها الراحل عن هذه الدنيا ودناءتها، والوافد على رب كريم، ورحمن رحيم، وممهل للظالمين ليوم عظيم...
نعم، أيها الجبل الشاهق، والعلَمْ السّامق...والله، لن يفرح شانئوك بموتك، وهل من قبل فرح طاغوت أصحاب الأخدود، بموت الغلام...أبدًا.. بل كان موته لعنة عليهم ولحظة انعتاق وفكاك للناس من قيوده الخسيسة، وجحيم ناره البئيسة.. فانطلقت حناجرهم جميعًا عن بكرة أبيهم لتهتف  "آمنّا بالله رب الغلام" وها نحن نشهد تاريخ الإيمان والكفر، والعدل والظلم، والحق والباطل، يُعيد نفسه اليوم أيها الراحل العظيم.. وستصرخ البشريّة كلها: "آمنّا برب مرسى وإخوانه ومحبيه البررة الكرام" وعندئذ يندحر طغاة الأرض وأوباشها، في كل الأرض إلى مزابل التاريخ، وجحور الفئران والجرذان، ويتبعهم خفافيشها وإمّعاتها، غير مأسوف عليهم.. وإنها لسنة لا تتخلف، إذا آن أوانها، بتقدير العزيز العلام...
نعم والله ما متّ لكن ماتت العلياء...
ما مـتَّ لكن ماتـــــتْ العليــاء===تلك التي حفـّـــــت بهـا الأرزاءُ
ما مت لكن لو سمعــنا ناعـــيـا===قلنا لهم: فرحــت به الأحيـــاء
شهـــداء أمّتنـــا مصابيح الهدى===أحياء عند ملـــيكهم كـــرمـاء
ولأنتَ يا مُرسي رمــز نــاصع===للصـــادقين ومن هـمُ أمنـــــاءُ
قد كنت يا مُرسيّ نجمًا ساطعـًا===الأرض فيك ازيّــنت وسمـــاء
بل أنت سيد من تولىّ الأمر في===ليل الورى إذ سادت الظلمــاء
ولأنتَ نــــورٌ حامـلًا للنور لمْـ===مَـا أشرقت بضيائه الأنحــــاءُ
ولأنتَ أزهى وردةٍ في روضةٍ===بأريجهـــا قد هامت الشعـــراء
لكن بعض الناس أعرض نائيًا===زكمت أنوفهم، اعتراها الـــداءُ
حسدًا تجلّى فــــي تفاهات لهم===فهــمُ وأحفـــاد القـــرود ســواء
في صدرك الميمون حق صامتٌ===لكنّــه صــــدحت به القــرّاء
يكفيك هــــــذا أن تكون نموذجًا===بك يحتذي من قومـنا الشرفاء
يكفيك هـــذا كي تكــون مُبــرَّءًا===مما، بِزورٍ، قـــــاله السفهــاء
الناس تمضي للقبور وما لهـــا=== فعلُ يشيد بــــــذكرهـا وثنـــاء
الناس تمضي للقبـور وما درى===أحد بها، وإذا دروا، فخــــواء
ومضيت أنت مُشَـــيعًا بمشاعرالـ===آلاف حزنى، هزهنّ بـــكاءُ
لم يبق حـر في الدنى إلا بــــكى===في حُرقة وبكت عليك سمـاءٌ
جفتْ دموع الأرض لا من قــلّة===لكنّهـــا، من وجدهــا، جدبـاءُ
لم يبق شخص لم يُلوّثه الخنــــا===إلا ارتـــوت من دمعه الغبراء
يبكي الرجولة ناشها ذو خــسّـــة===وأعـــانه في فعـــله اللقطــاءُ
يبكي المروءة أجهضت في مهدها===والمجهضون لها همُ الجبناءُ
يبكي الشجاعة فيك يا ليث الورى===خافتْــك، ميتًا، ثلّة حمقــــاءُ
كُره الفضيلة جامع لهم وقــــد===نالوا رضا من هــم لنـــا أعداءُ
لم يسمحوا لك أن تُوارى في الثرى===ما بين شعبكَ والنفوس ظماء
عطشى لتشرب من دما من خانها===من أرضعَـته قبيحة شمطاءُ
جادت عـــليه بما سقتـــــه ذئــابها===فبدا عليــه الحقد والبغضاءُ
منعوا ذويك بأن يروا راحاتـــــهم===حملت حبيبهم فهُــم أكفـــاءُ
وذووك هم أحرار مصر جميعُهم===لم يستطيعوا، إنهم سجنــــاء
علّمتهم في السجن ما معنى الإبــا===وإذا بهم في سجنهم عُظماءُ
علّمتهم في السجن ما معنى الفــدا===فإذا نفــوسهم لمصـر فــداءُ
قتـلوك يا مُرسيّ قتلًا فــاضحًـــًا===وعليه أهل الأرض هم شهداءُ
صار اتصالك بالشريف خــيانـة===تبّا لهم، ولِــمن لهم نصـــراءُ
صار انتـصــارُك للشـــآم مسبّةً===كم إنهم فيما مضــوا حقـــراءُ
قُوبلت بالمعـــروف نكـرانًا وذا===طبْـــع الذي من أمّــه لخنـــاءُ
وأردت أن ترقى بمصر إلى العلا===جزعوا فإنهمُ لهــــا أعــداءُ
من أجل ذلك صــرت في زنزانةٍ===جدرانها من حقــدهم صمّاءُ
وضعوك في قفصٍ إذا يومًا دعوا===ليحاكموك بما يُقال "قضاءُ"
وضعوك في قفص مخافــة وثبة===لك نحـوهم فيصيبهم إغمـــاء
لله درّك أيّــــها البَـــــــطلُ الذي===يشدو بفضلك نخـبــة علمـــاءُ
أعلى مقامك ما سموت بفضله===خلقٌ وزانك في الأنام صفـــاءُ
شهد العظــام بأن قدرك قد سما===حتى غدت من دونك الجوزاءُ
لمّا رأى الديّـــانُ صبرك لا يني===ولديــك عزم ثابت ومضـــاءُ
شاء اختيارك كي يُريحك سيدي=== من زُمرة عبثت بها الأهـواءُ
نــــادى بأن آن الأوان لــراحة===تحظى بها، ويزول عنك بـلاء
وبأنّ جنّــــــته استعدت للــذي===لم تثْــنه عــــــن دينـــه اللأواء
وبأنّه آن الأوان لمصـر سحْـــ===ــقَ عدُوّهــا، هو حيّـــةٌ رقطاءُ
فعليك يا مُرسيّ رحمة خالقي===يَـــده على أحبـــابـــــه سحــــاءُ
-------------------------------------------------------------
في إسطنبول يوم الإثنين 14 شوال 1440 و 17حزيران 2019.






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق