الأربعاء، 18 مارس 2015

فيم الجفاء وفيم الهجر يا ولدي؟!

الأبوة حالة لا يعرفها إلا مَنْ منّ الله عليه بحقيقتها... وتدخل فيها الأمومة أيضًا.. لها قطبان، الأب والابن... وحين ينتاب أحدَهما شيءٌ ما، يظهر أثره، حالًا، على هذين القطبين.. ولاسيما الأب.. وكثيرًا ما رأيت في الآباء من يشكو ويعاني من تباريحها وآلامها... وليس بالضرورة أن يكون العقوق سببًا في ذلك... فالحياة تعقدت أمورها، وتشابكت متطلباتها، مما أدى إلى السفر أو البعد... أو إلى الانشغال القسري بما يحول بين هذين القطبين بوجه من وجوه التنائي والهجر... مما يُؤدي إلى عدم وفاء هذه الأبوة حقها... لكن معاناة البعد والجفوة تبقى كما هي، ويبقى ألمها وعذابها، أيًا كانت أسبابها...
فيم الجفاءُ وفيـــــم الهــجْرُ يا ولدي؟
فيمَ الجفاءُ وفيـــــمَ الهــجْرُ يا ولدي****يكفيْكَ بعــدًا فقـــدْ فتتَ لي كبـِـدي
إنّ البعيــد ولو دُنيــاه قــــد بُسـطتْ****يحـــسُّ في أنَّــه فقــيرُ ذات يـــــدِ
من كان يجفو أباه فهــو فــي نــــدَمٍ****يبـكي كثـيرًا عـلى مــا كانَ للأبـدِ
اسمع بُـنـيّ فــــإني لا أطيق جــوًى****فَـــلا تُجــافِ ولا تَـــكنْ بمبتعِـــدِ
لهفي عليك إذا ما غبـتَ عن نظري****يـومًا فأسعَــى لأن ألقـاك يا ولدي
لكــنّ مسعاي كم بالصـــدّ تُحبـــطه****ما كنتَ تشعرُ كم ألــقى من الكبـَدِ
لو مـــرّ يــومٌ ولمْ أبْصرْك فيه بــدا****دهـرًا طويلًا من الأحزانِ في كمدِ
عيـــني عليكَ وتستجْديْــكَ في صلة****يا بؤسَ نفسي إذا بالوصلِ لم تَجُدِ
صبّرتُ نفْـــسي على هجْـرٍ أكابدُه****كيلا أُرى جَزِعًا، قدْ فُتّ في عَضُدي
لكنْ دمُوعي جرتْ كالسيل مُنهمرا****في النَـاس فاضحةً، لا حيلة بيــدي
بكيتُ ثمَّ بكيتُ فاشتــــكَتْ مُقَـلي****في حــزنِها، أسفًا، من شــــدة الرّمـدِ
لم أبْكِ من فاقة،لم أبْكِ منْ مرض****لم أشـكُ من عِــلّةٍ قد أوهنتْ جسدي
فالروح باكيـــــةٌ والنّفسُ شاكيــة****مِنْ فقدِ مَنْ عشقت،تشكو إلى الصّمدِ
واذكُرْ سنينَ مضتْ بالأمس حافلةً****حُـبًا وعطْــفــًا وتحْــنانـــًا بــلا نفَدِ
أعطيكَ منْ راحتي،أغذوك منْ كبدي****أسقيكَ من خافقي، كأسًا مع المددِ
أحْميكَ في أضْلعــي من كل نـــازلة****أرقيكَ من مرَضٍ إنْ حـلّ أو حَسدِ
أراكَ لــي أملًا يومـــًا أشيــــخ بــه****تقيلُ لي عثرتـي، تكــون مُستـــنَدي
ومُؤنسٍا وحشتي، ومُنهـيًا سأَمي****وآخـــذا بيـدي لطــاعَـــــــة الأحَــــدِ
تُصــغي إليّ إذا حدّثتُ مُنْـــشرحًا****إصْغـــاءَ منْـتـبهٍ، ولســـتَ في شرَدِ
سعــادتي نظرةٌ في اليوم مُشـرقـة****فَجُـدْ عليّ بها تُـبْصــــرْني في رغدِ
عـدْ يا بُنــيّ إليّ إنـــــــني دنـِــفٌ**** عشْ يا بُنــيّ معي بالروح والجسدِ
عُـدْ يـــا بُنــي إليّ، إنّ لي أجـــلًا****لسوف يُدركني، لو كنْـتُ في الزّرَد
عُدْ يا بُني إليّ اليومَ قبــــل غـــــدِ****فقــد تراني رحــلتُ في صباحِ غـدِ
والدُك المحب...

الأربعاء في 27/5/1436 الموافق 18/آذار/2015

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق