السبت، 5 نوفمبر 2011

عيد في الشام


عيد في الشام
شعر/ محمد جميل جانودي
 قالُـوا: تُعَيِّدُ والدِّماءُ تَسِيْـلُ      وبكلّ نَاحٍ صَرْخَـةٌ وعويلُ؟!
 قَالُوا: تُعَـيّدُ والبِـلادُ أسيرةٌ       والسّيْفُ فوقَ رِقَابِنَا مَسْلولُ؟!
 قالُوا: تُعيِّدُ والأيَامَى تَشْتَـكِي        مُرّ الْحَيَاةِ ولَيْلُهُـنَّ طَويْلُ؟!
 أَنّـى لِعِـيْدٍ أنْ يَحُـلَّ بِدَارِنا       والنَاسُ فيْهَـا هَارِبٌ وقتيْلُ؟
 أنّى لِعِـيْدٍ والفوَيْسِقُ جَاثِـمٌ         فَوْقَ الصُّدُوْرِ، وظِلّهُ لَثَقِيْلُ؟
 فِي الشّامِ أضْحَى آمِراً أوْ نَاهِيًا      ونَرَى الرَّعَاعَ لِمَا يُشيرُ تَمِيْلُ
 ضَحَّى الْخِيَارُ كِبَاشَهُمْ في قُرْبَةٍ      للـهِ، فيهِ رجَـاؤُهمْ مأْمُول
 وضحِيَّةُ الأَشْـرَارِ رهْطٌ فِيْهِمُ       خَيْرُ الشَّبَابِ ورُضَّعٌ وكُهُوْلُ
 فَعَلُوا عَجِيْبًـا مِنْ قَبِيْحِ جَرائمٍ      مَا قَطُّ كانَ لِمَـا أَتَوْهُ مثيْـلُ
 هُمْ يَقْـتُلُونَ الأَبْرِيَاءَ وبُوقُهُـمْ      يَشْـكُوْ بِأَنَّ الْقَـاتِلِيْنَ فُلُـوْلُ
 ظَنّـوْا بِأَنْفُسِـهِمْ ذكَاءً خَارِقًا       وسِـوَاهُمُ فِي عَقْلِهِ مَخْبُـوْلُ
 ونَسُوا بِأَنَّ اللهَ فَاضِحُ مَكْـرِهمْ     ولَنَــا بِذَلِكَ حُجَّـةٌ وَدَلِيْـلُ
 كَمْ مِنُ عُتُـلٍّ ظَـنَّ أنّ مَقَامَهُ      يُنْجِيْـهِ ثُـمَّ أَصَابَهُ التَّنْكِيْـلُ
 وثِقُـوْا بأصْحَابٍ لَهُمْ يَحْمُوْنَهُمْ      مِمَّـا يُـقَدِّرُ رَبُّنـَا ويَقُـوْلُ
فتفَرَّقُوا عَنْهُمْ وأَضْحَوا قِصَّةً        فيْهَا تَحَارُ جَهَـابِذٌ وعُقُـولُ
***** 
قالُوا: تُعَيِّدُ؛ قلتُ:لا، فَالْعِيْدُ فِي      حُرّيَّـتِيْ مُتَـعَلِّقٌ مَوْصُـوْلُ
 قالُـوا: إذَنْ هيَـا إليهَـا إنّهَا     فِيْ الشّامِ تُطْلَبُ والرّجَالُ فُحُولُ
 قالُوا: تُعَيّدُ؛ قلتُ:كيفَ وإنَّني      في حِمْصَ فِي أخَواتها مَشْغُولُ
 قالُوا:ولكِنْ حِمْصُ عَيَّـدَ أَهْلُهَا     حَـوْلَ الشّهيْـدِ وعِيْدُهمْ تهْليْلُ
 كمْ كبَّروا،كم هلّلوا،كم زغْرَدُوْا     وعَلَى الأَكُفِّ مُكَـرّمٌ مَحْمُولُ
 لَبِسُوا بَيَاضَ ثِيَابِهمْ في عِيْدِهمْ      حَمَلَتْهُمُ نَحْـوَ الْجِنـَانِ خُيُولُ
 لمّا عَلَوا صَهَـواتِهَا هتَفُوا بِهَا      طِيْـرِي بِنَا فَلَنَا هنَاكَ أُصُولُ
 نُظَراؤُهم في الشّامِ كانوا فِتْيةً      أثنى الإلـهُ عَلَيْـهِمُ ورَسُـولُ
 إنْ شِئْتَ عِيْدًا فالْتَمِسْه بِدَارِهِمْ      فَالعيْدُ فيْهِـمْ طَعْمُـهُ مَعْسُولُ
 عِيْدُ الشآمِ يَكونُ في تَحْرِيْرِهَا       من مارِقٍ فيها طَغَى ويَصُوْلُ
 ويَعُمُّ فيهِ العدْلُ كلَّ رُبُوعِهـا      ويكون فيْـها للظّـلامِ أُفُـولُ
   فأجَبْتُـهمْ: إنّي إذًا لَمُعَــيِّدٌ       سَتُدَقُّ في عُرسِ الشّهيْدِ طُبُولُ  
يوم عرفة من سنة 1432هـ الموافق لـ 5/11/2011م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق