الثلاثاء، 22 نوفمبر 2011

رسالة إلى ولدي....

لو كنتُ مكانك يا ولدي
لَو كنْتُ مكانكَ يا ولدي       لسألتُ مُلِحّـًا عن بلـدي
عن بَـلَدٍ يُدْعى سوريّا       منْ زمنٍ يسْكنُ في كبدي
      فالسين سـلامٌ عشنـاهٌُ       والـواو ورود في الْجَددِ([1] )
       والرّاء رخـاءٌ وهنـاءٌ       واليـاء يمـانٌ في رغدِ
والألِفُ أساسٌ مِـن حُبٍ     وتـآلُفِ شعبٍ مُتَّـحِـدِ
لَو كنْتُ مكانكَ يا ولدي      لسألتُ مُلِحّـًا عن بلـدي
عن أرض كانت مخصبةً     فغَـدتْ مجدبةً لم تــلدِ
بالأمسِ احتضنتْ أبطالاً      واليومَ نراها في نكَــدِ
بالأمْس أميُّـةُ شيّـدَها       بالعـلْم وبالنّـورِ الأبدي
واليومَ يعيث بهَـا قِـرْدٌ      ويُخَـرّبُ فيهـا عن عَمْدِ
لَو كنْتُ مكانكَ يا ولدي       لسألتُ مُلِحّـًا عن بلـدي
عن دار جدودي إذ سُكنت    بكِـرامٍ مـنْ أمَـمٍ قـدد
وحّـدهمْ مسجدُ بلْدتِـهم      بالنُّـور وطـه والصّمـدِ     
لم يبقَ المسْجدُ مسجدَهـا     بل صار لأصنــامٍ جُدُدِ
وبساحِ الْمسـجدِ غلْمانٌ      تُرغـي بالكفْر وبالزّبـدِ
لَو كنْتُ مكانكَ يا ولدي       لسألتُ مُلِحّـًا عن بلـدي
سلني عن جبلٍ يَحضُنها      وعليه استلقت من أمَــد
وإليْهَـا يَرنُــو بحنانٍ      كَحُنُــوِّ الْوالِـدِ للْولَـدِ
والْيَـومَ تُرشُّ بزخّـاتٍ      منْ أيْدٍ لَيْـست ذات يـدِ
عمَـدت للجبلِ تُدَنِّسُـهُ       في يَـومِ الْجُمـعةِ والأحَدِ
لَو كنْتُ مكانكَ يا ولدي       لسألتُ مُلِحّـًا عن بلـدي
عن طفلٍ في عينيه أسًى      يشكو للـه من الرّمــد
عن طفلٍ عاش بلا أمَـلٍ     لا يَرْجو أبدَا يومَ غــدِ
عن طفلٍ شُـرّد مَرْميَـا     في الغربةِ منقطع المـددِ
بسْمتُه كانَـت مُشْرقَـةً      كبيَـاضِ الثَّلْجِ أو الْبَـرَدِ
لَو كنْتُ مكانكَ يا ولدي       لسألتُ مُلِحّـًا عن بلـدي
عن عِلْمٍ كان له صيتٌ       في الشام وليس بمُنفَـقـدِ
ولَـه حَلقـاتٌ وافِـرةٌ       لا تُدْرَكُ حصْـرًا بالعَـددِ
العـزّ ويحيى سادتُـها       وتقيّ الدين وذو الرّشَــدِ
     واليوم الشّامُ مضيّعَـةٌ        مَا بيْـنَ سفـيـهٍ أو دَدِدِ([2] )
لَو كنْتُ مكانكَ يا ولدي       لسألتُ مُلِحّـًا عن بلـدي
عن نفطٍ أيْـن موارده؟       دخلت في الجيب بلا سندِ
ذهبت آمالُ الشّعب سُدًى      كم حمَـل همومًا كاللُبَـدِ
عن زرعٍ فيم غدا يبسًـا     فتخلّى عنْـه ذوو العَضُدِ
عن عقْـد وئـام وإخاء      ما رُئِــيَ اليوم بِمُنْعقـد
لَو كنْتُ مكانكَ يا ولدي       لسألتُ مُلِحّـًا عن بلـدي
عن جيشٍ قاتل مُعْتمدًا        في الحربِ على الله الأحدِ
عن جيشٍ سطّر تاريخًا       يبْـقى نبْــراسًا للأبـد
واليوم يُقتّـل في حمصٍ      عُزْلاً بالعُـدةِ والعُــدَدِ
ومدائنُ أخرى لَـم تسلمْ      من خطف حرائر أو وأدِ
لَو كنْتُ مكانكَ يا ولدي       لسألتُ مُلِحّـًا عن بلـدي
عن أرضٍ سُلِبتْ من زمنٍ    كم مرَّ عليْها من مُــددِ!
واهتمّ النّـاس بقصتـها      ما بين شُيُـوخٍ أو مُـرْدِ
هل بِيْعتْ حقًا أم مُنِحَتْ      لُغْــزٌ محبُـوك كالزَّرد
من حاولَ كشف حقيقتها      رجمتْهُ عيونٌ من رصـدِ
لَو كنْتُ مكانكَ يا ولدي       لسألتُ مُلِحّـًا عن بلـدي
عن شعبٍ طُوّقَ مقهورًا      بالقيـدِ وحَبلٍ مِـن مسدِ
في لقمة عيش مشغـولٌ      وينَـام ذليْـلاً في كمـدِ
لو حاول رفضًا لِهـوانٍ      نَـالتْـه هراواتُ الأسـدِ
يُرْمى في السجن لآمَـادٍ      لا يُسْأل عنه من أحــدِ!
لَو كنْتُ مكانكَ يا ولدي       لسألتُ مُلِحّـًا عن بلـدي
عن أمرٍ حـلّ مُفاجَـأةً      مـا دار بتَـاتًا فـي الخلدِ
     عن ثورة شعبٍ منتفضٍ      في وجه ظلومٍ ذي ضمدِ([3] )
      لم يعبَـأ بدمَـاءٍ سالت       أنهَـارًا منْ حُــرٍّ سدَدِ([4] )
 وتمادى في حنق يهذي        مَنْ غيري يحْكمُ ذا البَـلدِ؟
أعرفتَ أخيرًا يا ولـدي      سببًا لسؤالك عن بَـلدي؟
     كي تعرف أسرارًا كُتمت     عن سيْـل خزايا مُنفصدِ([5] )
 كي تعرف أنّـك مظلومٌ      والثّـورة جاءتْ بالقَـودِ!
جاءتْ لِتـرانا أحـرارًا      من قيدِ لَئيمٍ...من وتــدِ
فالزم أقـوالَ محَـرِّكِها      وانصرها دومًا يَـا ولدي
الثلاثاء 26/ذو الحجة/1432 الموافق لـ 22/11/2011




([1]) الطرقات
([2]) العابث اللاعب.
([3]) الضمد: الحقد
([4]) السدد: المستقيم
([5]) المنفصد: السائل الجاري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق