الأربعاء، 4 فبراير 2015

آه على قومي فأين سراتهم

آهٍ على قومي فأين سراتُهم..؟!
"قصة الثورة..."
ما إن تنفّس شامُـــنـا الصُّعـــداءَ****بربيــع ثــورتــه غــدا وضــاءَ
وتنفّـس الشّعبُ المغَـيَّبُ ذكْـــرُه****فـرأى لــه في العالمـــين ثنـــاءَ
وبدت بذور الخير تهجر خبْـأها****مزهـــوةً فـوق الثــرى خضراءَ
غنّت عصافير الحقول نشيــدها**** تشدو بـه فرْحـــانـــة جــــزلاءَ
غنّتْ تُرحّب بالربيـع مُحــطِّمــًا**** أقْـفاصَها، ليُـــحــررَ السُّجنــاءَ
ما كانَ هــــــذا يُجْتنى بسهـولةٍ****بل قـــدّم الأحــــرارُ فيه دمــــاءَ
بـذلوا الدمــاء رخيصـةً لشآمهم****وكســوه منها حــــلَّـةً حمـــــراءَ
فشتــاؤه قد طال قصفُ رعوده****ورياضه قــد أصبـحت جـــرداءَ
ونميرُه العـــذبُ الذي قطراتُــه****كانـــت لكلّ الظامِـــئــــين رواءَ
أضــحـى أجـــاجًا أو كسُمٍّ ناقعٍ****من ذاقَـــه ألفـــى بـهِ إعْـــيـــــاءَ
حتى إذا الأقــدار آن أوانُـــهـــا****ألْــقــت بفـــلــذات الشآم فـــــداء
في ثــــورة ميــمونةٍ ونــقــيّــةٍ****قــد أَبْــعدتْ عن ساحها الْخُبثــاءَ 
حُريـة، بــذلوا لقـــاء نـــــوالها****أرواحَهم، وتمــزقـــوا أشـــــلاء
مــدّوا أياديَهم لقطـــف ثمارها****لمّـا دنَـــتْ، ولهم بدتْ تتــــراءى
واستبشروا خيرًا بمَن منّـــاهـمُ****بالنصـــر تأيِــــيدًا لهم وعطـــاءَ
حتى رأوا سُحُبًا تراكم بعضُها****فــوق الشـآم، وأمْطـــرتْه بــــلاءَ
وإذا بغيــلان الضلالةِ أسفَرتْ****عن حقـدِهـا، كانــتْ لهم أعــــداءَ
وبكلِّ مكْـرٍ عنْــدهمْ كادوا لهمْ****واستنــفروا القَرْنــاءَ والعجْمــــاءَ
وتــدَفّــقتْ من كل حدبٍ رايـةٌ****جاء الجميع لينقـذوا "الفيحـــــاءَ"
أو هكذا زعـــــمُوا وقالوا إنهم****جاؤوا ليحموا العِرض والشرفـاءَ
ما أكثر الرايات تغــزو شامَنا****صــفـــراء أو سوداء أو بيضـــاءَ
ما أكثر العاهــات في ساحاتها**** عميـــاء أو صمّــاءَ أو بـــكمــاء
ما أكثر الدّخـــلاء داسوا بـرّنا****أو بحـــرنا، أو لوثــوا الأجـــواءَ
يتنافســون لذبحِــــنا في منّـــةٍ****من أنهــم جاؤوا لنــــا نُصــــراءَ
يا للْــوقاحة قد بـدت بشفاههـم****تحــكي قـــلوبــًا عنْــدهم ســوداءَ
لكـنّ قاصِـمةَ الظهور جميعها****شمطــــاءُ تمشي مشيةً عرجــــاءَ
لبستْ ثيـابًا ذاتَ ســحـرٍ آخــذٍ****بلبـــابِ أغـــرارٍ لنـــا سُفهــــــاءَ
سُحروا بها واستمرؤوا هذيانَها****قد حــوّلتْــهُــــمْ آلـــةً صمّــــــاءَ
وغــدوا أداةً في يـدي جـزارها****والذّبـح كان لمن عصــاه جـزاء
آه على شُبّــانِ أمــة أحمــــــدٍ****فعقـــول أكثرهم غــدت جــوفــاء
آهٍ عــــلى مستســلِمٍ ومُسَــــلِّمٍ****في شـــــأنه لدَخــيــلةٍ رعنــــــــاءَ
آهٍ عــلى قـومي فـأين سـراتُهم****كي يمنَــــعُوا داءً طمى ووبـــــاءَ
هــلّا تــذكّرتـــمْ بأن هـــلاكنا****بالظــلْم كانَ، فــبَــدِّدوا الظـلْمـــاءَ
كونوا على وسطيةٍ أوصى بها****خيرُ الأنـــام، شريعــــــةٍ غــرّاءَ
يا قادمـون إلى الشآم، رويـدَكم**** الشــــام تُكرم مُخلِــــصًا قد جاءَ
والشــامُ تُكْــرم من أتاهًا مانحًا****للمُتْـــعَبيْــــن سعــــادة وشفـــــاء
والشامُ تُـكرمُ ضيـفــها وتُجــلّه****لو أنـه ما جاء إلا مُنقــــذًا بنّـــاءِ
صــدُقتْ نواياه، وطاب كلامهُ****أعْــطـــى لأحــرار الشـــآمِ ولاءَ
لكـنّ من قد جاء يعـــلو فوقـها****سيـرى لديْــــهــا عـــزّةً وإبـــــاءَ
أو إنـــه قد جــاء يبـغــي فتنــةً****فلَسَــوف يرجـعُ خاسئــًا مُسْتــاءَ
يا أيها الغازون، ظُهرًا، شامَـنا****لا تفـرحوا، فســـترحلون مســاء
فالشام يــأبى أن يُدنّسَ أرضه****مَنْ ناصبَ الأبدالَ(1) فـــيـه عـداءَ
آجــامـــــه، مكتـظّـةٌ بأســـوده****تســقيــه من مــاء المنــــون دِلاءَ
وسينصر الرحمن ثورته التي****قد جاوزت بسمــوهــــا الجــوزاءَ
*******
محمد جميل جانودي.
الأربعاء 15/ربيع الثاني/1436 الموافق 4/شباط/2015
(1): الأبدال، هم أُناسٌ من الشام صالحون، ورد فيهم حديث بمرتبة "حسن" وهذا نصّه: (الأبدالُ بالشَّامِ، وهم أربعونَ رجلًا، كلَّما ماتَ رجلٌ أبدلَ اللَّه مَكانَه رجلًا يُسقى بِهمُ الغيثُ ويُنتصَرُ بهم على الأعداءِ ويصرفُ عن أهلِ الشَّامِ بِهمُ العذابُ).ومعنى "بهم" أي بِدعائهم، حين يتوسلون إلى الله بصلاح أعمالهم، كما فعل الثلاثة الذين سدّت عليهم الصخرة باب الغار.   



  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق