الخميس، 30 أكتوبر 2014

من ضوابط الاجتهاد في أمر ما...

من ضوابط الاجتهاد في أمر ما.
ربما يكون من المفيد والضروري التذكير بأن أي عدم مبالاة في أي عمل اجتهادي، في أثناء العمل في خدمة  ثورة الحرية والكرامة، باتكاء المفرط على القاعدة "من اجتهد فأصاب فله أجران ومن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد"؛ عدم المبالاة هذا لا ينبغي المرور عليه، بسرعة، بذريعة نيل المرء على الأقل على أجر واحد، ونعتبر أن المسألة قد انتهت.
في الحقيقة، إن عدم مبالاة المجتهد، حين يجتهد، لا يعني فقط  الوقوع في الخطأ فحسب، وإنما يعني، في جملة ما يعنيه، حرمان الثورة من اجتهاد مصيب ومثمر وبناء فيما لو لم تكن عدم المبالاة تلك. بل إن العمل الاجتهادي يحتاج إلى مزيد من التحري والجهد، والمشورة، أكثر بكثير من العمل بنص مُحكم، ولا سيما إذا كان أحاديّ المدلول.
صوبت سهمك كي تصيد أُرينبًا****فـــي وسط حشـــــد للأنام تسيـر
فنجا الأرينب، لم يُصـــب بأذيّةٍ****والسهم أصبح في الصدور يغور
إن اللامبالاة عند المجتهد، في تحري الأكثر صوابًا يعني أمورًا عدة:
1-   الأنانية، فلا يتعب نفسه في سبر غور الموضوع المعني، ما دام أنه سيحصل على أجر واحد على الأقل.
2-   عدم الحصول على النتيجة المرجوة من اجتهاد مُرتجل، فالقائد العسكري، مثلًا، حين يكون أمام أمر اجتهادي في تنفيذ عمل ما، وينفذه، على عجل، حسب ما يُملي عليه رأيه، دون تريث وصبر ومشاورة، سيجد نفسه وجنوده في موقف صعب، في الغالب، ومثله المتبرع بماله، حين لا يتحرى، بدقة، الجهة التي، إن وصل إليها ماله، أنفقته، فعلًا، بما يعود على الثورة ورجالها بالخير الوفير، لا يكون قد أدى، حق ماله، ولا ينفعه استئناسه بحديث يتكلم عن وقوع الصدقة في يد سارق أو بغي أو ... فهذا في حق المتصدق الذي بذل جهدًا ليضع صدقته في يد مستحقيها، ثم اجتهد فأخطأ.
3-   من حيث لا يشعر، يكون في عمله هذا أسوة لغيره في عدم المبالاة، ومن ثم تكثر النتائج غير الصحيحة من اجتهادات متسرعة وغير مدروسة.
4-   يفقد مصداقيته بين العاملين معه، فتكرار (اجتهاداته) الخاطئة يدفعهم إلى عدم الثقة به، ولننظر، كم حجم الكارثة كبيرًا، في مجموعة فقد أفرادها ثقتهم بقائدهم.
إن أول ما ينبغي أن يراعيه المجتهد هو:
1-   أن يتأكد من عدم وجود نص محكم فيما يجتهد فيه.
2-   أن يكون على علم وخبرة في الأمر الذي يتم الاجتهاد فيه.
3-   أن يبحث عن وجود حالة مشابهة سابقة، فيستأنس بها، ويستفيد من نتائجها.
4-   أن يستشير من يراهم أهلًا وذوي خبرة في الموضوع الذي يجتهد فيه، ويُجري موازنات بين الآراء المتعددة التي قدمها المستشارون، ويختار الأنسب منها، وألا يتفرد، حتى، بهذا الاختيار.
5-   أن يضع أمامه النتائج المتوقعة، عن كل اجتهاد على حدة، وينظر أيها أقل ضررًا وسلبية، أو أيها أكثر نفعًا وإيجابية، حسب الحالة، ويتم الاجتهاد بناء على تلك الدراسة.
6-   أن يراعي الظروف الزمانية والمكانية، وأحوال الناس الذين معه، فرب اجتهاد كان مجديًا في زمن ما ولم يكن كذلك في زمن آخر، والأمر ذاته بالنسبة للمكان، والأشخاص.
ومن الجدير بالتنويه إليه، أن المرء حين يُفرط في اجتهاده، من غير أن يتقيد بضوابط ذلك الاجتهاد، فهو، في الغالب، يكون أقرب إلى المساءلة أمام الله وأمام الناس، ولا تنطبق عليه قاعدة (من اجتهد فأخطأ فله أجر، ومن اجتهد فأصاب فله أجران).
نسأل الله أن يبصرنا بالأمور جيدًا حتى لا نندم عند الزلل نتيجة التفريط أو الإفراط. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق