السبت، 16 أكتوبر 2010

الخاطرة الحادية عشرة


 حق الطريق (5)
بسم الله الرحمن الرحيم

في الخواطر الأربع السابقة تمّ عرض الحقوق الأول والثاني الثالث والرابع لمن يريد الجلوس في الطرقات وهي غض البصر،وكفّ الأذى، ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذه الخاطرة ستتناول الحق الخامس: 
 
خامسًا: إغاثة الملهوف وهداية الضّال: الملهوف هو المظلوم والمكروب، والإغاثة تلبية الاستغاثة، والاستغاثة نداء يطلب فيه المستغيث النجدة والعون والمساعدة للخلاص مما يعاني.
ولما كان مستخدمو الطريق في الغالب هم من عامة الناس، فاحتمال أن يوجد فيه مستغيث هو احتمال وارد ، ولذلك كان من حق الطريق إغاثة هذا الملهوف المستغيث... فإن كان قد تعرّض لظلم من شخصٍ غيره؛ كسرقة مال، أو ضرب باليد، أو شتم وسباب، أو منع له من المرور أو الوقوف في مكان عام لحاجة له ولا يؤذي بوقوفه أحدًا، وغير ذلك من أشكال الاعتداء والظلم، فإن من واجب الآخرين أن يعملوا على رفع مظلمته، مستخدمين في ذلك الوسائل المجدية والحكيمة.. وربّما يضطر الناس إلى التحقق من دعوى المستغيث بسبب ظلم حل به من آخرين في حال وجود لَبسٍ في الأمر.. فعليهم فعل ذلك وألا يتسرّعوا، ولكن من غير إهمال أو تسويف، ومن المُجدي في هذه الحالة الاتصال بالجهات الرسمية إذا تطلب الأمر ذلك..وقد يكون الملهوف مستغيثًا بسبب لا علاقة للآخرين به، كأن تكون سيارته قد توقفت لعُطل فيها، أو أن يكون قد أصابه حادث وأصيب بجروح أو حل به مرض مفاجئ أو غير ذلك.. فمن حقه على مستخدمي الطريق تقديم العون له في إصلاح سيارته أو نقله إلى المستشفى ... وفي بعض الأحيان قد يتردد بعضهم في الإغاثة خوفًا من أن يقعوا تحت طائلة المسؤولية وهذا خوف في غير مكانه..لكن عليهم إلى جانب الإغاثة اتخاذ الإجراءات التي من شأنها أن تُخليهم من تحمّل المسؤولية. وحين تكون النية صادقة فالله يعصم من كل سوء.. وتحسن الإشارة هنا إلى ضرورة كتابة أرقام هواتف الجهات التي نذرت نفسها لتلبية نداء أي مستغيث؛ كشرطة النجدة والمرور ومقرات الإسعاف.. وأن تتكرر كتابتها مابين نقطة وأخرى تبعد عنها مسافة محددة.. ومن وسائل الإغاثة وجود مراكز إسعاف أولية تهتم بالمصاب أولاً بأول ريثما يُنقل إلى المستشفى المعني بمعالجته. 
وهداية الضال واجب أيضًا، فالذي يطرق السبل، ربما يتعرض إلى الضياع، ويتيه في مداخلها ومخارجها، وفروعها وشُعبها.. فمن حق الضال على مستخدمي الطريق أن يُرشدوه ويدلوه.. وينبغي أن تكون دلالتهم كافية ووافية.. لا يشوبها أي لبس أو حيرة.. ورُبما يحتاج الأمر إلى مرافقة التائه إلى حيث يعرف طريقه إلى غايته..ومن المفيد أن يُرسم له مخطط يعينه على الوصول إلى بغيته.. ومن وسائل الدلالة والإرشاد اللوحات التي يضعها المختصون بالإشراف على الطرقات في أماكن متعددة .. وينبغي الاختيار المناسب لتلك الأماكن.. فلا يُترك موضع يُوقِع عابرَ الطريق في حيرةٍ من غير أن توضع عليه لوحة إرشادية، كما ينبغي أن توضع اللوحة الإرشادية قبل المكان المراد التحول إليه بمسافة تُمكن مستخدم الطريق من التحول إلى طريقه المنشود بيسر....كما تشمل الهداية تنبيه المارين إلى الأماكن التي يُمكن أن يتعرضوا فيها لأخطار كوجود انزلاقات أو منحنيات ذات تقوس كبير أو احتمال هبوب عواصف أو وجود حيوانات تعرقل العبور أو عدم وجود محطات تزويد العابر بما يلزمه من وقود لسيارته أو حاجات ضرورية له. ومن الهداية أيضًا وضع لوحات تُبيّن الجهات الأربعة، ولوحات تحدد جهة القبلة للمصلين، وربما من المفيد هنا أن نذكّر بجدوى تعليم الناس كيفية الاهتداء بالنجوم ومواقعها، وكذلك الاستفادة من معالم عامة في المدينة كالمساجد والمقابر، والاتجاه العام لنهر وغير ذلك. ومن الهداية كذلك توجيه من وقع في مأزق وهو يعبر الطريق للتخلص من ذلك المأزق.. 
تلك هي بعض الأمور التي يُطلب من مستخدمي الطريق مراعاتها في إغاثة الملهوف أو هداية الضال.. ويُقاس عليها كثير وكثير.. وإن مما لا ريب فيه أن تحقق ذلك بين الناس ينشر المحبة والاحترام فيما بينهم والعيش كأنهم جسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. وصلى الله وسلم على معلم الناس الخير.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق