الخميس، 12 أبريل 2012

حول المجلس الوطني (2)


بسم الله الرحمن الرحيم
حول المجلس الوطني(2)
منذ أن رأى المجلس الوطني السوري النور، وأخذتْ معالمه تتضح، وشجرته تمتد فروعها في الاتجاهات كافة، وبدأ العاملون المخلصون فيه بتشذيب هذه الغصون والفروع، والسعي على تعديل ما اعوج منها والصبر على هذا التعديل...
أقول: منذ ذلك الحين كانت هناك أشخاص يقفون على مسافات متباينة من المجلس، فمنهم القريب اللصيق، ومنهم ما دون ذلك ومنهم البعيد الجافي... وأخذ كل منهم  يدلي بآرائه حول المجلس أما الأول فناقد ناصح، وأما الثاني فناقد جامح، وأما الثالث فهادم فاضح...
الأول يُشكر على ما يعمل، وجزاه الله خيرًا، وهل تستقيم الأمور بغير النصح والنقد البنّاء والتوجيه السليم، وأما الثاني فمتبع هواه، ومتعب نفسَه ومرهقها، ومتلف لساعات عمره ومضيعها، وربما يستفيد منه قارئ عابر؛ لكنه هو نفسه لا يحظى من الفائدة التي يحظى بها غيره... وأما الثالث فجالب لنفسه المعرّة، ولغيره المضرة...
إلا أن الذي يثير التساؤل والدهشة هو ذلكم الصنف من الناس الذي يُخالف فعلُه قوله. فهو يصرح بلسانه أنه يريد الخير للمجلس، والنجاح والتوفيق له، ويزعم أن كل الذي يصدر منه - أيا كان - يصب في هذا الاتجاه.. لكنّ المراقب له يجده يسفّ في القول، ويبالغ في تضخيم العيب، وكثيرًا ما يلجأ إلى التخصيص حتى يُظن أن له ثأرًا شخصيًا بينه وبين ذاك المخصَّص (فردًا كان أو جماعة أو مجموعة)، ويقرأ في ثنايا كلماته وعباراته، ما يناقض تصريحه بإرادة الخير للمجلس..ولا يتعلم من درس مر به.. وإذا به ينشر ويفضح، ويذم ويقدح، كل ذلك في جزئية ما، تخص المجلس.. وبعد قليل يتبين له خطأ ما ذهب إليه، وجنوحه الكبير فيما أكد وقرر... فلا يتعظ بذلك، بل نجده يكرر الأمر في جزئية أخرى، فما يمضى على فعلته الأولى زمن يسير إلا ويعيد الكرة حول الثانية... وهكذا الأمر دواليك... وهذا العمل لا يليق ولا يجوز، وغني عن القول أنّه محظور، يجب على المؤمن أن يتحاشاه، وألا يزل في متاهاته... مع أنه ربما يكون لصاحبنا هذا في كثير من الأحيان فضل يُذكر، وسبق في الخير لا يُنكر... ولكن عمله ذاك يَحْلق ما قام به من فضائل... يحلق أجره عند الله، ويحلق ماله من سمعة طيبة عند الناس، ويحلق خيريته العامة ويحبطها..
وفي بعض الأحيان لا يُعمِل أحدهم عقله البتة، فيلقي بالتهمة جزافًا ولو فكر فيها لوجد أن وقوعها أقرب إلى الاستحالة..وأن أيًا من السامعين لا يصدقها؛ لبعدها عن الواقع، إنما قام بذلك بناءً على مواقف مسبقة من المجلس تحجب عنه إمكانية التمييز..فيسارع إلى ما زل فيه.
أخيرًا، الأمر الذي علينا أن ننتبه إليه جميعًا، هو أننا نعيش أحوالاً غير عادية، فعلى كل مخلص للثورة أن يضع قناعاته الشخصية جانبًا، ويختار أقل المواقف انعكاسًا على الثورة بالضرر، إن كان لا بد من اتخاذ موقف يُتوقع منه ضرر ما، ولا بد في هذه الحالة من الموازنة بين كون ضرره أكثرَ أم نفعه .. والأفضل أن يلتزم الصمت في حال كون الكلام غير مجد..
إن المجلس الوطني مجموعة من الناس، لا ريب أن فيهم من يخطئ، ويبتعد عن الموقع الذي ينبغي أن يظل فيه... ولا يحسن متابعته في كل صغيرة وكبيرة، وإثارة أمور غير متأكد منها، لما لذلك من آثار سلبية على أداء المجلس وعلى ثقة الناس به. وعلى العموم إن إشاعة السلبيات غير محبذة، فهي من الأمور الأمنية التي تخص المجلس، بطريقة ما، وإن التوجيه الرباني في ذلك هو أن يُرد أي تساؤل، أو أمر من هذا القبيل، إلى أصحاب الشأن، فقط، من غير إشاعة وفضح.. فهم – أي أصحاب الشأن – أقدر الناس على معالجته واستجلاب نفعه ودفع ضرره.
أمر آخر أرى من العدل الإشارة إليه، وهو أن المتتبع لأحوال المجلس وأدائه، تتبعًا موضوعيًا، يجده ينتقل - بفضل الله - من حسن إلى أحسن، وهذه الملحوظة جديرة أن تَضبط كل أقوالنا وأفعالنا حيال المجلس بما يعود عليه بالخير والفائدة.
ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا.
محمد جميل جانودي.
الخميس في 20/جمادى الأولى/ 1433 الموافق لـ 12/نيسان/2012 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق