السبت، 18 فبراير 2012

ما لي أراك بُنيّتي تتأوّهين؟!


ما لـــي أراك بُنيّـــــتي تتـــأوهيـــــــن
شعر/محمد جميل جانودي
مَا لِـــي أراكِ بُنيّـــــتي تتـــأوَّهِيـْــــــنْ       وعَــــلى جبــــــيْــــــنِكِ حَـيْـــــــــرة الْمُــتألّميْـــــــنْ
أفْضِيْ إليّ فـإنَّ صَـدريَ واسِـعٌ       كمْ ضــمَّ فِــــي جَنَـــبَاتِــــهَ مُـــرَّ السِّـنِــيْــــــنْ
بالأمْـــسِ كانتْ بَسْمَةٌ وَرْديَّـــــــةٌ        مِنْ ثَـــــغْــركِ الوضّـاء تشفِــي الحَائرين
وعُـيُونُك النّجْـلاءُ كانَ بَـــريْــقُــــــها      يُحْــــيِـــــــي نُـــفُــــوسَ اليائسينَ القانطيْــــــنْ
كَمْ كنتِ تُهْديْنَ اللآلئ رُصّعَتْ       بِالــــدُرِّ واليَــــــاقُوْتِ والحَــــــجَـــرِ الثمِـــيـــنْ
مِنْ فِــيْــكِ تخْـــــرجُ للأنــَـامِ كأنَّــــها      نبــَضَاتُ قلبِــــــــكِ خَــــــاطبَ المُتَردّديْــــنْ
ما بَــــــــالُـكُـــــــــم مُتـحَيّــــــريْن بـِثَــورةٍ       قَدْ أَبْهَرت مَن في الدّنـَــــى منْ ثَائِرينْ
ما بَـالُكم تتخــافَـــــــتون بِــــشَـــأْنِـــها       لكِــــــــنْ أقضَّـــت مَـــضْـــجَعَ الْمُــتَــجَــبِّريْنْ
الأبْــــعَدُـونَ تَسَـــابَـقُـوا في ذِكْـرِهَـا       لَــكِـــنَّـــــــكمْ لُـــــذْتـــــمْ بِـجُـــــــــحْـرٍ صـــامتِـــيْــنْ
هــلاّ نـظَــرتُم في عُــيُون شَبَــابِهَا        كي تقْــــرؤوا صِـدق الأُبَاة الْمُخلِصـيْن
هلاّ سَـمِعْـتُم ما يَجُوبُ سَـمَاءَها       مِنْ كُــلِّ صَــوْبٍ هَـــــــاتِفــيْــــنَ مُـكَـبِّريْــــــن
هلاّ رأيْــتُم كيْفَ تَـمْضِيْ أُسْــدُهَا      نَــحْــــــــــوَ التَّـــحَـرُّر في قَـــــــــنــاةٍ لا تَلِــيْــــنْ
يُلْقَى عَـلَيهِـم مِنْ شُـواظِ عِصاـبةٍ      شَــــــــررٌ أعِـــدّ بِـــــمَــطْــبَـــــــخِ الْمُــتَزنْــدقـــيْن
يَمْضـــونَ كالسّــهْمِ المُســـدَّدِ رَمْـيُهُ      قُـــــــــــدُمــًا ولا يَــثْـــنيْــهمُ قَـــطْـــــعُ الْـــوتِــيْـــــــنْ
فِيــــــْــمَ التّــــــــــردُّدُ والنّـــفـُـوسُ يــؤزّهـــا     ظــــــــــلْــمُ الطُّــــــغـــاةِ لِــوادعِــيْنَ وآمِنِـــيْــــن؟
فِيْـــــــمَ التّــــــردُّدُ والوقـَـائعُ أسْــفَــرَتْ      عمّــا تَـــــوارى خـلْفَ زَيْـــــفِ الزائِــــفـيْـــــــن
في بابٍ وغْــــــدٍ قدْ أَنَخْتُم رَحْـلَكم      رُحْمَى لكمْ من غـافِــلينَ و جَاهِـليْـنْ!
هَلْ سُـكِّرَتْ أَبْصَارُكم عن أصْلهِ       مِنْ أَيْنَ جَاءَ؟ وَمنْ يَكُونُ؟ وَمَا يَدين؟
عُــــــودُوا إلى مَا قَــــــالَهُ عُلَمَـاؤُكُمْ        في شَــأن عُصْــبَــتِه وكانوا مُنْصِـــفين!
وسَـلُوا العِمَــادَ وشَيْــخَـــهُ وخَــلِيْــلَه       تَــجِــدوا جَوابـًا شــافِــــــــيًا فيْـــــه الْيَقِـــيْن[1]
وسَــلُوا إمـامَ الزّهْـــدِ[2] عَـمّــــا قــالَهُ     عنهم بفــضْحِ المجرميْــــــن المـــارقيـــن!
يــا أمّةَ الْـقُــرآن عُـــــــوا أحْـــوالَــكـُمْ        أحْــوالُنـــا، مِنْ سُـــوءِهـــــَـا يَــنْدى الْجَبيْنْ
هَــلْ تَــذكُريْنَ بُنَـــيّـــتي ما قُـلْــتِـــــهِ        مالي أراكِ الْــيَـــــــــومَ في الْمُتَــشَائِمــيْن؟
مالِي أراكِ حـزيْـــــــــنَـــةً وكئيــــبَــــــةً        مَا الأمْـرُ قولِي واكشِفي السرَّ الدَّفيْنْ
مَــــا لي أراك كَــــــوردة مَـــرمِـيَّـــــــــةٍ       ذبُـــَـلت...وصَــارت موطِـئًا للْعَــابِـــثِـــيْــنْ
نَظَــرتْ إلـيّ بحَـسْــرَةٍ وتَـــــنَـــهّدَتْ       جَادَت عَلَى الخـدّين بالــدَّمْعِ السّخـينْ
أَلْقَتْ جِـبَــالَ هُـمُـومها في مُهْجَتِي      ومَضَتْ تُكَفْــكِفُ دَمْــعَـهـا ولَهــا أنــيْــــنْ
قالَت: أيُـعْـقَـلُ ما أرى يا سَــيِّــدي      مــن جَـفْوةٍ أبْصَــرْتُهـا في الأقْـربِــيْــــن؟!
بَـــلْ زلّــــــةٍ، وكبيْـــــــرة وخَـــطيــْـــــــرةٍ       يَحْــتــارُ فِــــيْــهــا كلّ ذي عــقْــلٍ رَصِـيْـنْ
مَـالِي أرى مِلْيَــار شَخصٍ واقِفٍ      يَـلْهو بِـجُــرْحِــي في عِــداد المْلْتهيـــنْ؟!
لَم يسْتَمِعْ لبُــكاءِ طِفْلٍ صَــــــارِخٍ       لمّـــــا تهَــــــــــدّم فَـْـوقَـــــــــه بَيْـــــــــتٌ حـَـــــزيْــــــنْ
لَمْ يسْتَجِـبْ أبَـدًا لِصَـــرْخةِ حُــرّةٍ       هامت هـروبًا من سُـــيُـــوف الحـــاقدينْ
هَـامَتْ تجُــــــوبُ مديْنَـــةً مَنْكُــوبةً      مَهْــجُورةً، أثــرًا غَـــدَتْ منْ بَعْدِ عَـــيْـن!
لَمْ يَسْتجِب للْجُـرْحِ يثْغب نَازفــًا       أنْ ضـمِّدوني؛ لا أُرى فِي الهـَـــــالكينْ
يا سيّدي، أتريْــــدُ مِنــي بَســـمَــةً        والنَاسُ فـــــــــي بلَــدي تَموتُ ولا مُعــيْـنْ
في حِمْص تتبعها حماة وجُـلّقٌ       قـــــــــــــــِيَـــــمٌ تُـداسُ، ومَـأْتمٌ فِــي كلِّ حِــيْنْ
في الّلاذِقيّــةِ إخْـــوَتي فِيْ مِحْــنَةٍ      مَا بَيْنَ مُـرْتَحِـــلٍ ومُعْتَــــــقَـــلٍ سَجِــــــيْــــن!
في إدْلِبَ الْخضْراء نارٌ أُضْرِمَت       فـغَــــــــدت يَـبَـــــــابــًا بَـعْـــــــدَ وردِ الياسَميـــْنْ
أنَسِــيْـتَ دَرْعـَــا؟ ما أظُنُّــك نَاسِـيًا      قَــــــلْعَ الأظَــافِــــــرِ للصَّـــغَـــارِ الْحَـالِمِيْــــنْ
أنسيْـتَ دَيْـرَ الزور حين تَبَخْتَرَتْ       فيْــــــــــها طـوابِـيْـــرُ العُـــــــــتـَــاةِ المُجْـــرميـــنْ
أنسيتَ مَنْ هجروا الدّيارَ وغَادَرُوا      جِسْرَ الشّغـُـور وهُمْ إِلَـــيْهـَا في حَـنِـيْـــنْ
ما كُنتَ تَنْسى مَا ذَـكَرْتُ فَإنَّ فِي     جَنْبَــــيْــــكَ نَــفْـــسًا حُـــــــرّةً لا تَــسْــتَكِــيْـــــــنْ!
منْ أَجـْـلِ هـذا بَسْمَـِـتي غـابَتْ ولَنْ    تَحْظَـى بِهَا مِنْ قبْـلِ دَحــرِ الْمُـعْــتديْــنْ
لَـكِــنَّ نُــورَ الْــفَــجْـــــــــرِ لاحَ بِــثَــــوْرةٍ      عُظْمى فَأَبْـشِرْ... إنَّهُ النّصْرُ الْمُـبِيْنْ
الأحد 20/3/1433 الموافق لـ 12/2/2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق