السبت، 24 ديسمبر 2011

أبطال جبل الزاوية


أبطال جبل الزاوية
21/12/2011
شِعر محمد جميل جانودي
أغْمضْ عُيُونَكَ عَنْ سُفُوحِ الزَّاوِيَةْ       كَيْ لا تَرَى مَا قدْ جَرى مِنْ داهِيَةْ
كي لا تَرى فيْها نُفُـوسًا أُزهِقَـتْ          وهي الكريْمَةُ منْ أصولٍ ساميــة
كي لا ترى ما يستحيلُ وقُـوعه           مِـن آدَمـــيٍّ في الدُّنـى المُـتراميةْ
أغلق عيونَك عن جرائِـمَ لم يقعْ           شَبَــهٌ لهَــا فِـي بلْــدَةٍ أو نَــاحِيَــِةْ
وإذا دُعيْــتَ لأن تَـــراها مـرّةً            فانْـــظر إليْـها والبصائرُ واعِيَــة
افتحْ عيونَك واسْتَـــعِدَّ لِصدْمــةٍ           مِـنْ هَوْلِــهَا دَمُعُ العُيُونِ كَساقيةْ
دَعْ عنْكَ لَوْمِيَ يَا أخِي فِي دَعْوتي         لِتَـــرَى فَظَـائِعَ لَمْ تكُنْ بالخَافِيَةْ
لتَــرَى نِسَـاءً أُيِّمـَــتْ بشبَـابِِــهَا            وتَرى شيُوْخًا فوْقَ جَمْـرٍ جاثيةْ
وتَـرَى بُنَيَّــاتٍ برَيْـعـَانِ الصبَـا           يُنْـهَشْنَ حقْـدًا منْ ذئَــابٍ عَاوِيَةْ
كَمْ مُـرْضِعٍ قدْ أُبْعِـدَتْ عنْ طِفْلِهَا         بِِرَصَــاصةٍ كانتْ علَيْهَا قََاضِيَـةْ
كَم غَرْسَـةٍ مُخْضَـرّة قدْ أُحْرِقـَتْ           وقُطُـوفُهَـا مِنْ قَبْـلُ كانتْ دانِيَةْ
أمسكْ عَليْكَ النفسَ يوْمَ كَرِيهَــةٍ         فيها دمَـــاءُ القومِ صارتْ جاريةْ
قـومٌ كأنَّ الشمسَ بعضُ ضيائِهمْ         فَوجُوهُهُمْ بالنّــورِ كانتْ زاهيـةْ
قـومٌ كأنَّ الجُــــوْدَ ينْـهَلُ منــْهمُ         ما جادَ منه على البُطُـونِ الخاويةْ
قـَـومٌ كأنّ الّليْــــثَ دُرّبَ فيـــهمُ         فغـَدا شُجاعًا في الوطيس الحَامِيَةْ
قومٌ تربّـوا فِي الجِبـالِ فأصبَحوا          مثـــــلَ الجِبَالِ بعُشقِــــهِمْ للعَاليَةْ
ما قطُّ دانـُوا للغُـزاةِ  بـأرْضِـهِمْ           بـل لقنّوهُــم من دروسٍ قاسيـــة
حتـى أتـَى وغْـدٌ بحلّــةِ صَالِحٍ            مُتَنـــكّراً، مَنَّــاهُــــمُ بِالْعَافِـــيــَةْ
حَسبُوه منهم حين بشّ مُـخَـادعًا           ونفُـــوسُهُم فيمـا يُدجّـل راجيَــة
لكـنّ طبْـــعَ الذّئبِ كانَ قرينَــهُ            فَــأتـاهمُ غـدرًا بجُنْــدٍ عَــاتيَـــة
جُنــدٍ أتـتْ لتصبَّ حقْـدًا مُزمِنًا            فـوق الورى نَـارًا تلظّى حاميَةْ
 قََـدْ كانَ ذنْبُهُـــمُ بِـِأنْ قَـَـالُوا لََهُ           لا لِلْمَذلّةِ فـِي قِــــ لاعِ الزاويَـــة
لا لِلْمَـذَلَّـةِ فـي الْوِهَادِ وبطْنِهَـا             لا لِلْمـذَلّةِ في الرّبُوع الغَــاليَــةْ
لا لِلْْمَـذلََّةِ في نفوسٍ قََــد سَمَتْ             حتّــى ولَوْ لَمْ تَبْـقَ مِنْهـمْ باقيَـةْ
لا للمـذلّةِ فِي عَــريــــن أشاوسٍ          كانُــوا حُمَـاةً مِن غُـــزاة بَاغِيَــةْ
تبًـا لِعَيشٍ تحْـــتَ ظِلِّ مُــراوِغٍ           ومُنَـــافِقٍ ولَديْــهِ نفْـسٌ واطيَـــةْ
زأرُوا كأسْدٍ في الْحِمَى وتقدَّمُوا          كي يَدْفَعُوا عَنْهُمْ وُحُوْشًا ضَارِيَةْ
وأغـاظَ ذاك عـدُوَّهـم فرمَـاهـمُ            بسهـَامِ حِقْـــدٍ من قُـرونٍ خـاليَـة
يا أيُّــــها الْجبَـــل الأشـمُّ تحيّــةً          كانت سيوفُك في الأعادي ماضيَةْ
لمْ تُبْقِ يا جبلَ المُـروءة بُقْــعَةً         إلا وثـارت، وهْــدةً أو رابـِيَةْ
"كنصفرةٌ" شهدَت بطُولاتٍ علَتْ          ومعَـاركًا كانَـــتْ بحَـق شافيَـــة
"كَفْرُ العُوَيْدِ" وأُخْتُـهـا "كفرنبلٌ"            لهمَـــا أيَـــادٍ للكرامَــة ساعيــة
"كَفْرُ العُوَيْد"وأهْلُها لَبِسُوا الرّدَى        ونُفُـوسُـهم كانـتْ بِــذلكَ راضيَــة
أكفـانُهم كانَـتْ أُعِـــدّت مُسْبـَقًا           فَغَـدَوْا نُجُـومًا فِيْ سَمَـاءٍ صَـافيَـةْ
غصّت مساجِِــدُها بجُنْـدٍ قُـتّـلُوا           حُمِــلوا إليهْـَـا مِـن بِـقَــاعٍ نَــائيـةْ
قُتِـلُوا لأنّــهُمُ أبَـوا أنْ يُوغِـلُوا           في قتْــل أهليهِــم وصفْعِ النّاصيـةْ
لمْ يقْبَلُوا أَنْ ينْضَووا في زُمْرةٍ           قـد أجْرمَتْ، كانَـــتْ بِحـقٍّ جَانيَةْ
عَبِِقتْ دِيَـارُهُمُ بِِطِيْـبِ أَريْجهِمْ           أكْـرِمْ بِـهِ عبَــقًا بِـأرضٍ حَـانِــيَـةْ
تَحْـنُـو عَلَـى فِــلْذاتِ أكبَـادٍ لَهَـا           لكِنَّهــا تُلْقِي الْعِـــدا في الْهـاويَــةْ       
سيُسَجّلُ التاريْخُ حُسنَ صَنِيْعِهَا          وسيلْْــعَنُ التاريخُ ذاك الطاغيَـــــةْ


          

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق