الخميس، 29 سبتمبر 2011


يا رُوْحَ زينب حَلِّقي بِسَمَائنَا...
شعر/محمد جميل جانودي
بَكَتِ الْعُيُونُ على البَتُوْلِ الطَّاهِرَةْ      دَمْعًا تَلأْلأَ كالْجُمَانِ النّاضِـرة
هَمَتِ الْعُيُـونُ وقدْ تفَجَّرَ حُزْنُـها      يَرْوِيْ حِكَايَة حُرّةٍ أوْ ثَـائِرةْ
يا بِنْتَ حِمْصَ إلامَ أنْـتِ فـريدةٌ     فيكِ العُقُولُ بِمَا انفَرَدْتِ لَحَائِرَةْ
رِفْقًا بِنَـا يَا بِنْتَ حِمصَ فَـرَكْبُنا     يَمشي الْهُوَيْنى في دُروبٍ جَائِرة
حَـثّ الشّبَابُ خُطَاهُمُ في ثَـوْرةٍ      غَرّاءَ في وَجْهِ الذّئابِ الْغادرةْ
فِيْ وَجهِ منَ سلبَ الأنَامَ حُقُوقَهمْ      وفِعَـالُهمْ في كل قُبْـحِ سَافِرةْ
حثَّ الشَّبَـابُ خُطَـاهمُ تَحْـدُوهمُ     قِيَمُ التّحَرّرِ منْ عُصُورٍ غَابِرَةْ
رامُوا الثُرَيَّـا كي يَطَالُوا نَجْمَهـا      فرَأَوْكِ مِنْ فوقِ الثُريّا ظَاهِرةْ
عَجِبُوا منَ النّورِ الْمُسَطّرِ في الدّجَى     فَتَسَاءَلُوا عنْ سِرِّ شمسٍ بَاهِرَةْ
مَنْ هـذِهِ كَيْفَ ارْتَقتْ لِمقَـامِها؟      أنّى لها بينَ العُيونِ السَّاهِرة!؟
مَنْ هَـذه؟ مَـنْ لَخَّصَتْ بجَبيْنِهَا      ما سَوفَ تُبْدِعُهُ الْجُمُوعُ الهَادِرةْ
نَظَرُوا إِلَيْهَا ثُمَّ غَضُّـوا طَرْفَـهمْ      فَرنَتْ إليهِم بالحَقِيَقَةِ جَاهِـرةْ
لا تَعْجَبُوا يَا إِخْـوتيْ أَنَـا مِنْكُمُ      أختُ الشّهيْد وقدْ قضى بِمُظاهَرةْ
أَنَا زَيْنَبُ الْحُصْنيّ بنْتُ ديَـارِكُمْ      بِنتُ الْبُطُوْلَةِ والدّيَـارِ الْعَامِرةْ
أنَا مَنْ رُمِيْتُ بِما ادّعَوا مِنْ فِرْيَةٍ      وسَعَيْتُ فيْما سُمِّيَتْ بِمُـؤامَرةْ
أَنَا مَنْ أتَـاهَـا حَاقـِدٌ مُتَوَحِّشٌ       فاغْتَالَهَا وقْتَ العِشَاءِ الآخِـرةْ
ذَنْبيْ بِـأَ نّي أُخْتُ لَيْثٍ غَاضِبٍ      قادَ التّظَاهُرَ في أَتُـوْنِ الْهَاجِرةْ
جَـاؤوا إلَيَّ وحِصْنُهمْ دبّـابَـةٌ      ويَقُـوْدُهمْ مِسْخٌ لأُمٍّ فـاجِـرةْ
وَنُزِعْتُ من أحْضَانِ أَهْلِي عُنْوَةً     فَوَجَدْتُ نفسيَ في صَحَارَى مُقْفِرةْ
وتسابَـقَ الأوْغَـادُ في تَعْذِيبِهِمْ      ليَ بالسّياط وفي مَشاهدَ سَاخِرةْ
يَتَضَـاحَكُونَ كأنَّهُمْ في حفْـلةٍ       ويُعَرْبِدونَ كأنّـهمْ في مَخْمَـرةْ
بِسُيُوفِهِمْ قُطِّعْتُ إِرْبًا وانْبَرَتْ       روْحِي لِتشْهَدَ ما جَرَى فيْ الْمَجْزَرةْ
حتّى إِذا ما أيْـقَـنَـتْ وتوثّقتْ        منْ سـوءِ أَفْعَـالٍ لهمْ مُسْتَقْـذَرَةْ
صَعَدَتْ إلى الرَّحْمنِ تَشْكو مَا بِها       فَـغَدَتْ بثَـوبِ حَنَـانِـه مُتَدَثّرَةْ
وغَدَوتُ طَيْرًا فِي ريَاضِ جِنَانهِ     ونَعِمْـتُ فِي خَيْراتِها الْمُتَكاثِـرةْ
وأتَيْتُـكُم في حُلْيتي وعَبَـاءَتي     حَتَّى أكُونَ مُعِيْـنَـةً ومُنـاصِرَة
فامْضُوا ولا تَتَرَاجعُوا يَا إخْوتي     إنّي لَكُمْ بالنّصْـرِ جِئْتُ مُبَـشِّرةْ
قُـولوا لأمّيْ أنّ تَاجَ شَهَـادَتي      يَأتي لَهَـا ولِوالِـدِي بِالمَغْفِـرةْ
هُبّي عَـليْـنا يا نسَـائمَ جَنَّـةٍ      في لَيْلَـةٍ جاءتْكِ زَيْنَبُ صابِرَةْ
ما كانَ بـِدْعًا يَا جِنَانَ الْخُلْدِ أنْ       تتَـزيَّني، فَلَقَدْ أتَتْكِ الطَّـاهرَةْ
زُفّتْ إِلَيْكِ عَروسُ حِمصَ بليلَةٍ       سوداءَ مظْلِمةٍ فَصَارَتْ مُقْمِـرةْ
يَا رُوحَ زَيْنبَ حلّقي بِسَمَـائِنـا      فَنُسُـورُ ثَوْرَتِنـا إِلَيْهَـا طائِرةْ
يا رُوحَ زيْنبَ غرِّدي بهِضَابِنا         فأُسُـودُ ثَوْرتنـَا عَلَيْها زائِرَة
إنَّ الزَّيَـانِبَ في الشآم كثـيرةٌ         يَبْغينَ صدَّ فِرَنْجـةٍ وأكاسِرةْ
كمْ زيْنَبٍ في سَاحِ ثَوْرتِنَا قضتْ       كمْ زيْنبٍ في الرَّكْبِ كَانَتْ حَاضِرَةْ
كَمْ زَيْنَبٍ مِثْلِ ابْتِهَالٍ والعُلا([1])        كانَتْ بِقَافِلَةِ الشّهيْدِ مُسافِرة؟!
يَا آلَ زينبَ أَبْشِروا إنَّ المَلائِـ       ئِكَ حَوْلَ زينبَ يَمنةً أو ميْسَرةْ
يا شَعبَ زَيْنبَ، إنَّ زينبَ ترتَجي     إقْـدَامَكُمْ، كُونُوا لِزَيْنَبَ مَفْخَرةْ
يَا أُخْتَ زَيْنبَ إنّ مَوْعِدَها غدًا         لُقيَاكِ في جنَّـاتِ عَدْنِ الآخِرةْ
يَاَ شعْبَ سُورِيّا الأبِيّـةِ أنْصِتُوا        لِوَصِيَـةٍ من زَيْنبٍ مُتَـواتِرةْ
كُونوا حُمَاةَ الثّورة الكُبْرَى فقَدْ        لاحَتْ بَشَائرُ نَصْرِها في الْقاهِرةْ
وبِتُونُسَ الْخَضْرَاءِ يَوْمَ تلألتْ         وبها اسْتَضَاءَتْ لِيْبِيَـا مُسْتبْشِرةْ
وهُنـاكَ في اليَمَنِ السّعيْدِ أحبَّةٌ        مأْسُــورةٌ لِقُـلُوبِنـا أو آسِرة             
يا شَعْبَ سُوريّا الْمؤصّلَ مَنْبِتًا        أهْدِيْ الضّفَـائرَ بالدِّماءِ مُعَطَّرةْ
هَذي الضَّفَـائِرُ كُنْتُ قَدْ خَبّأْتُها       بينَ الدّمَــا، أنْعِمْ بِهَا مِنْ سَاتِرَةْ
  مِنْهَا اصْنَعُوا حَبْلَ النَّجَاةِ لِغَارِقٍ      يَرْجُو الخَلاصَ مِنَ الوُحُوشِ الكاَسِرةْ
  وبِهَا اشْنُقُوا أعْتَى الطّغاةِ وركْبَهُمْ     مِنْ حِقْدِهم تغْـدُوْ الشآمُ مُحَرّرةْ     
السبتُ فِي 26/شوّال/1432 الموافِق لـ 24/ أيلول/2011


([1]) عُلا ياسر جبلاوي وابتهال الخويلد الأولى طفلة صغيرة من اللاذقية كانت في السيارة مع أبيها فأطلقت عليها النار فقتلت، والثانية ابتهال أصيبت برصاصة فأدى ذلك إلى بتر ساقها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق