الخميس، 12 ديسمبر 2013

ليس بمؤمنٍ من بات شبعان وجارُه إلى جنبِه جائعٌ وهو يعلمُ

ليس بمؤمنٍ من بات شبعان وجارُه إلى جنبِه جائعٌ وهو يعلمُ
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس بمؤمنٍ من بات شبعان وجارُه إلى جنبِه جائعٌ وهو يعلمُ). هنا لن أتطرق إلى ما قاله شارحو الحديث عن (ليس بمؤمن)، فأيا كان ما قالوه، فهو في دائرة الذم ونقص الإيمان، ودخول صاحبه في دائرة المساءلة الأكيدة، والمؤاخذة الصارمة... إنما سأتوقف عند تتمة الحديث (من بات شبعان وجاره إلى جنبه جائع وهو يعلم). فهناك شرطان لتحقق (ليس بمؤمن) في المرء؛ هما: شبعه، وعلمه بجوع جاره. وهذا الحديث يُقاس عليه، بدرجة ما، ( من بات مكتسياً وجاره عار وهو يعلم) و(من بات منتعلًا وجاره إلى جنبه حاف وهو يعلم) و ( من بات منعمًا بالدفء والسكن وجاره إلى جنبه بردان في العراء وهو يعلم) و(من بات آمنا مطمئنًا وجاره إلى جنبه خائفًا قلقًا وهو يعلم) وهكذا... وفي الحقيقة لا يملك أي من الذين يرفلون بنعم الشبع والستر والسكن والدفء والأمن والطمأنينة وغيرها أي عذر أمام الله، في عدم المبادرة السريعة إلى إشباع وإكساء وتدفئة إخوانهم، الذين يقاسون مرارة الجوع والعري والبرد والخوف في مخيمات اللاجئين السوريين، ولاسيما تلك التي في لبنان والزعتري، فضلًا عن أولئك الهائمين على وجوههم في البراري والقفار وتحت الأشجار وفي المغارات والكهوف داخل سورية، فالحجة الوحيدة التي يمكنهم أن يحتجوا بها هي (عدم العلم)، ولكن الله سبحانه وتعالى فند تلك الحجة بما هيأه من وسائل للإعلام مرئية ومسموعة ومقروءة، ومن يدري ؟! فلعل الله قد هيأ، وبوضوح وجلاء، ما يُبطل حجتهم تلك لينزل بهم ما يستحقه كل بخيل جبان لا يؤدي حق الله فيما آتاه من مال ومتاع، اللهم إلا من عنده حجة خاصة يقبلها الله منه، وهؤلاء قليل...فهل يعي الأغنياء والموسرون مدلول تهديد رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم بقوله (ليس بمؤمن) فيبادروا ويدفعوا بما يستطيعون من معونات ومساعدات واجبة عليهم لإخوانهم في تلك المخيمات والفلوات؟ وهل يعي الأمر ذاته أولئك الذين يقفون حجر عثرة، ويضعون العقبات والعراقيل، تحت ذرائع واهية، في وجه كل من يريد مد يد العون للشيوخ والنساء والأطفال في تلك المخيمات، وهم يتلقون الصفعة تلو الأخرى من شتاء عات، وبرد مضن، وجوع قاتل، وعري مهلك.. ولكن أقوى تلك الصفعات هي تجاهلهم من قِبل ذوي القربى وأبناء العمومة، وأدعياء الأخوة في الدين، والانتماء إلى وطن واحد ولغة واحدة ... لقد آن الأوان لكل من يدعي الإيمان أن يصحو بفعل هذه المطرقة التي تنخلع لها القلوب، وتهلع منها النفوس، وتذهل منها العقول... مطرقة (ليس بمؤمن) فيصحو ضميره، ويحيا قلبه، وتزكو نفسه؛ فيتوجه كالريح المرسلة، لينجي نفسه من أن يقع في دائرة ما توحيه تلك المطرقة من دلالات...والويل كل الويل لمن ترك هذا الأوان يفوت من غير أن يعمل شيئًا، سواء كان من الممسكين البخلاء الساهين، أو من المعيقين المعرقلين...فجميعهم في ذلك سواء.
محمد جميل جانودي
الجمعة 10 صفر 1435 الموافق 13 كانون الأول 2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق