الثلاثاء، 13 مارس 2012

قالها هادي مدوية بملء فيه...


قالها هادي مدويّـةً بملء فيه....
لن نترك حمص يا بشار*..... حمص لنا وليست لكم...هي عاصمة الثورة وستبقى ...قال ذلك هادي العبد الله وهو يتحدث بحرقة قلب، ويقظة ضمير.. تحدث بلسان الثوار جميعًا (وأهل حمص كلهم ثوار).. تدل على ذلك نبرات صوته، وأنفاسُه المتسارعة حزنًا على أهله وأحبابه الذين قتلتهم عصابة الخيانة والغدر... كانت نبراته وأنفاسه تبعثان برسالة صادقة إلى كل من يسمعها... ولكن هذه الرسالة تقع في آذان المتلقين بصور متباينة...
تقع في آذان أهل حمص  كلهم... شيوخهم، ونسائهم، وأطفالهم، وشبابهم، وشاباتهم... حاملة لهم العهد؛ على أننا لن نترككم وحدكم يا أهلنا، فأنتم منا ونحن منكم... الدم الدم.... فلن تموتوا قبْلنا... ولن تموت حمصُ؛ لأن فيها سيف الله وشهداء أجلاء من الصحابة... وشهداء أتوا من بعدهم... فحمص مدينة معطاء... تجود بكل شيء يرفع الإنسان ويكرمه.. حمص لن تموت لأن فيها هؤلاء النخبة الأخيار... والشهداء لا يموتون.. إنهم أحياء عند ربهم يرزقون... لن تموت حمص لأنه مازال في عنقها أمانةٌ يجب أن تؤديها، ورسالةٌ يجب أن تبلغها.. وعلى عاتقها مسؤوليةٌ يجب أن تقوم بواجبها... أما الأمانة فهي إنجاز ما عاهدت عليه أخواتها من مدن سوريا على قطع دابر الظلم والفساد من الأرض المباركة... من بلاد الشام الطاهرة... وتطيح بسدنته، وأربابه... وأما الرسالة فهي إلى جميع المقهورين والمظلومين في العالم... أن انظروا إليَّ يا أيها المستضعفون، فقد خرجت، بصبري وجهادي، وإصراري، وتضحيتي، منتصرة على الطغاة... انظروا إليهم؛ كيف يتخبطون، وبأيديهم ينتحرون... وسترونهم غدًا تحت أقدام الأحرار...فحذار من أن تتأخروا عن رفع أصواتكم عاليًا، فأنتم على الحق وظالموكم على باطل... ولن ينتصر باطل على حق... وأما المسؤولية فهي البناء... أجل البناء... ستضع أياديها بأيادي أخواتها دمشق، وحلب، وحماة، ودرعا، واللاذقية، وإدلب، والحسكة، والرقة، ودير الزور، وأيادي كل قرية وقريّة، لتبني سوريا الحرية والكرامة... سوريا الأمل والغد المشرق... سوريا العزة والإباء... سوريا العدل والإخاء والمحبة... سوريا القدوة والمثل الصالح... فكيف يموت من تنتظره هذه المهام لعظام...؟
وتقع صرخة هادي في آذان السوريين عامة لتقول لهم، لا يا إخوتي... لا تحزنوا فنحن بخير... واطمئنوا؛ فلن تخلو حمص من أبطالها... إن ماتوا ففي ثراها الطاهر يُدفنون، وإن عاشوا فمن هوائها الصافي للحرية يتنسمون ، وعلى روابيها وذراها لرايات العدل والكرامة يرفعون.... وهم في حصن حصين، يحميهم ويحميها ... لحمة هذا الحصن وسداته ذلك العشق القديم بين الأرض الطيبة والإنسان الوفي... فليست هي بمنفكة عنه، ولا هو منفك عنها... وهكذا حال حمص مع أهلها.. تبقى معهم إلى  يوم العرض على الله ليبارك سبحانه وتعالى لهم ذلك الحب الصادق..والرباط المتين..
وتقع صرخة هادي في آذان أهل النصرة والنخوة في العالم... لتقول لهم: بارك الله فيكم.. فقد تبوأتم مكانة عالية بمواقفكم النبيلة، ونصرتكم الجليّة... حتى ولو بالكلمة الصادقة، والنظرة الحانية..  لا كما يفعل الأدعياء؛ الذين قلوبهم قلوب ذئاب وجلودهم جلود حملان!!!
 وتقع صرخةُ هادي في آذان المتفرجين في العالم كله... تقع في آذانهم لتقول لهم... أنتم تتفرجون على مصائركم السوداء...التي تحفرون هوَّتها السحيقة بفؤوسكم المريبة... لن تضرونا بشيء.. وإنما تضرون ذواتكم... فأنتم تسلخون عن نفوسكم وسام التكريم الإلهي لبني آدم، هذا التكريم الذي يتجلى بسمو النفس حتى يصل بها هذا السمو إلى أن تستنكر الظلم، وتشجبه، وتأخذ على أيدي فاعليه، وتنصر المظلوم، وتقف إلى جانبه، وتُعيد الحق إليه...التكريم الذي يتجلى بأن تصرخ في وجه القاتل صرخة ترتعد منها فرائصه، وتجفف الدماء في عروقه، وتقول له: قف.. أيها القاتل...شلّت يداك... التكريم الذي يجعل الإنسان يميز بين القاتل السفاح وبين المدافع عن نفسه وعن عرضه وماله وكرامته.. فلا يخلط الأوراق بخبث.. مُسْتغفلاً الآخرين.....
وتقع صرخة هادي في آذان الطاغية وأعوانه...تقع في آذانهم وتخترقها لتصل إلى قلوبهم الغلف... لتقول لهم: لا تفرحوا .. فلن نخرج من حمص...لسببين: أولهما؛ لأن ما يربطنا بحمص أقوى من صواريخكم، وأرسخ من دباباتكم، وأمتن من قيودكم، فلن تستطيعوا قطعه لأنه روح، وأنى للحديد والطين أن ينال من الروح... وأما ثاني السببين فلأن حمص تكرهكم... هي نظيفة وتكره القذارة... وهي أمينة وتكره الخيانة... وهي كريمة وتكره المذلة والهوان... وهي بريئة نقية طاهرة وتكره الإجرام والتلوث والخبَث...افعلوا ما شئتم من جرائم.. أثخنوا في القتل... اهتكوا العرض.. انهبوا واسرقوا، اكذبوا ولفقوا...كل هذا لن يثنينا عن حبنا لحمص وحب حمص لنا...ستذهبون غير مأسوف عليكم كما ذهب غيركم... وتبقى حمص شامخة بالرغم من جراحها... وسينطبق عليكم قول الحق تبارك وتعالى: ((فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا مُنْظرين)).
محمد جميل جانودي
الثلاثاء 20/ربيع الآخر/1433 الموافق لـ 13/آذار/2012   
*جاء ذلك بحديثه لقناة الجزيرة يوم الثلاثاء 13/آذار/2012  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق