الأحد، 14 ديسمبر 2014

أخوة الإيمان

أخوّة الإيمــان....
للإيمان حلاوة وطلاوة، ولإخُوّة الإيمان نداوةٌ وطراوة...وللإيمان، إن كان صاحبُه صادقًا، أثر في القلب لا ينمحي، مهما تناوشته الأدران، وغشته عوامل الرّان...ولإخوّة الإيمان روح تسري في عروق المتآخين، مضمخة بالعطر والمسك والرياحين، فتجعلهم يتنافسون في الحبّ والإيثار، ويتسابقون لخدمة بعضهم في الليل والنهار، حاجاتهم بسواعدهم مقضية، وخلافاتهم الدنيوية مطوية، قُوتهم لا تُقهر، ومآثرهم لا تُنكر، حبهم لبعضهم عظيم يستمد عظمته من عظمة حبهم لله، وحُبّهم لله لا يعلم أحد إلا الله مداه، ولهذا كان أحبّ شيء للشيطان هو التحريش وإفساد ذات البين، وأبغض شيء عنده هو الإصلاح بين المتخاصمَين أو المتدابرَيْن... وللسبب نفسه يحرص الأعداء على اقتلاع شجرة الأخوة من أصولها، وتتبع فروعها وذيولها، فلا يدَعون لهذا الغرض دربًا إلا يطرقونه، ولا ناعقًا بذلك إلا يتبعونه، لكنهم في حُسبانهم واهمون، وفي مسعاهم خائبون....فقد قال الله لسيدهم إبليس من قبل: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ)، فأنّى لأتباعه أن يكون لهم ما عجز أن يحوز عليه سيدهم... هيهات هيهات...    
أُخُــوّةُ الإيمــان
حلّقْ بروحك في سما الإيـمـــانِ****وانعمْ بــه في جنّــةِ الرضوان
واهنــأ بعيــشٍ في ظلال محبّـةٍ****مع إخـوة، طوبى لذي إخــوانِ
معهم تـــــــكون معلّما مُتـــعلّمًا****فهمُ منابـــع أبحــر العـــرفــانِ
وبهم تُحسُّ بأن رأســـك شامــخٌ****وبأن ركنــك أمتــــن الأركانِ
وبأن ريحَـــك طيّــبٌ ومطَـيّــبٌ****عبِقٌ بعِــطر المسك والرّيحانِ
فأخُــــوةُ الإيمان ليس كمثْــلـــها****في صقل نفسِ مُعذبٍ حيـرانِ
وأخــوةُ الإيمـــان نجْــــمٌ ساطعٌ****يهدي إلى أمن الورى وأمــانِ
هي خيــمةٌ يــأوي إليـها مُتعَــبٌ****فتقيه غــــدر الماكر الخـــوّانِ
هي موئل المُستضعفين وحصنهم****وملاذهم، هي مَورد الظمآنِ
هــيَ جَـنّةُ الدّنيا لِمن ضاقــت بـهِ****أفنـــاؤها، فتَــضُمّــهُ بحنــانِ
اللــه أحكمَ عـقــدهــــا وربــاطَهـا****بين القلوب بمُحـكــمِ القـرآنِ
حصَرَ الأُخُـــوّةَ في شبابٍ مازهم****عـلمٌ وإخلاصٌ مدى الأزمانِ
هُـمْ ثُـلّة في الآخِـرين وأمرهم****شورى،وهم حربٌ على الطّغيانِ
آخــاهمُ حبُّ الإلـــه ودينـــــــــــهِ****لا حبّ فــرعـونٍ ولا هامانِ
فإذا التقــوا فعــلى موائــدَ تستقي****شــهدًا لها من أعذب الغدران
وإذا تنَــــــاءوا فالتفــــرّقُ للجسو****مِ، وإنـما تتعـــانق الروحـان
فـالمــرء فيهــــمْ أُمّــــةٌ وبدونهــم****صفرٌ يؤول لعـــالم النسيــانِ
يغـدو مع الإخوان صرْحــًا شاهقًا****بعزيمةٍ أقوى من الصـــوّانِ
وبغيرهم هـــو ريشةٌ تـرمي بِـــها****ريحُ السّموم بحمــأة القيعانِ
إنّ الأخُــوّة نعـــمــةٌ ما فــوقــــها****من نعــمةٍ إلا رضا الرّحمن
هي نعْـــمَـة، والحاسدون لأهــلها****يسعون في إيـــذائهم بهــوانِ
يا جاهِــلون بنعْــمةٍ مُنِحَـــت لكم****من عالِمٍ بـــمصــالحِ الإنسانِ
نعمـاؤه ظهـــرت بديْــــنٍ كامــلٍ****بالقسط جــاء ودقّـــة الميزانِ
وشريعَــــةٍ غـــرّاء كان قوامُـــها****هـدْيَ الكِتـابِ وسنّةَ العدناني
لا فـــرق بين الناس في أعراقـهم****وتفاوت الأجــنــاس والبلدانِ
أكْــرمْ بِها من شِرْعــةٍ قد كرَّمتْ****أهل التُّقى والنّفــــعِ للأوطانِ
يا جــاهِـــلون بــدُرّة مكنــونَـــــةٍ****أغلى منَ الياقوتِ والمَرْجانِ
عودوا لِــرُشـدِكمُ ولا تسعـوا إلى****التقليـــد مثل البُكمِ والعميــانِ
عودوا قُبَيْلَ رحيلكم عن ذي الدنى****ووقوفِكم في حضرةِ الدّيـانِ
وقِفُــوا بصـفِّ الْمخْبِتيْــن لربِّــهم****فهُـمُ غَدوا في قبضةِ السَّجّانِ
في كلّ يــومٍ تُهمــة تُرمـى لهـــم****من غيْـر تبيـانٍ ولا بــــرهانِ
حيـــــنًا بتشويــــه لهم في قـولهم****أو فعلهــــم أو حَرْفِهمْ لمعـان
حينًا بتألـيب الأعــــادي ضــدهم****ويُخوِّفونهمُ مــنَ الطّـــوفـــانِ
في بـوق إعْـــــلامٍ وزفـرةِ حاقـدٍ****متسلحيــــن بنفخــة الثُعبـــانِ
هــي سُنّــةُ الرَّحمن في أنْ يَبتلي****أحبابَه بالنّــقصِ والحِـرْمَـــانِ
أوْ ظـلْمِ ذي رحــمٍ وهـجرِ قرابةٍ****وأذيّـــــةٍ تــأتي من السّــلطانِ
يبــلوهمُ ليرى سلامــــة صدرهمْ****من كلّ شـائبةٍ من الأضغــانِ
ما كان يُعـــنتهم ويُكرههــم على****أمْـــرٍ يُبــاعِدُهم عنِ الإحسانِ
بــلْ إنّـــهُ يَجــلُـــوهمُ ويُعِـــدّهُــمْ****لِـــدُخـــولِ جنّــتِـهِ بلا أدْرانِ
ويُقـيــمُ حـجَّتــهُ عـلى مَن رامهمْ****بالسّوءِ، أو بشراسـةِ الْعـدوانِ
فيُذيْقُهمْ منْ سوء ما اقترفوا لظًى****يصْلَونَ فيهــا شـــدّة النيْـرانِ
فهــمُ الّــذيْــنَ اسْتنفَــروا أجنادهم****حــربًا على ديـْنٍ رفيعِ الشّانِ
وعــلى الّذين اسْتمْسكوا بحبَـــالِهِ****وأبَـوا حيــاةَ الذّلِّ والقُطعــانِ
خافوا الأخُـــوّة أن تلفّ حِــبالهـا****حولَ الرّقاب لزمرةِ الشيطانِ
خافوا الهدايــةَ أن تُنوّر قلب من****ظنــوهم يومـــًا من الأعــوانِ
أو أنّ ســـحــرهم يعود عـــليهمُ****شــرّا، وينقلبُــون بالخـــسرانِ
وإذا بهم قـــد أجلبـــوا بخــيولهم****ورجالهم، وتــوافـــه النسـوانِ  
ونســوا بأنّ اللهَ نــــاصــرُ دينــهَ****مهما جرى في دورة الحدثانِ
ذا وعده، وغدًا سينجـــزُ وعــده****ووعيـــدُه للمفتـري والجــاني
السبت 21/صفر/1436 الموافق 13/كانون الثاني/2014






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق